حماية المستهلك العقاري بين الإكراهات الواقعية والتدابير الوقائية المتطلبة

9 مايو 2022
حماية المستهلك العقاري بين الإكراهات الواقعية والتدابير الوقائية المتطلبة

حماية المستهلك العقاري بين الإكراهات الواقعية والتدابير الوقائية المتطلبة

الدكتورة أمال لكرد

دكتوراه في القانون الخاص

باحثة في الشؤون القانونية والحقوقية

لا شك أن المنتوج العقاري يشكل أهمية بالغة بالنسبة للأفراد والمؤسسات على حد سواء، فهو ثروة مضمونة بالنسبة للأفراد تمكنهم من الرقي والاستقرار المجتمعيين من جهة، ورافعة مهمة للعملية الائتمانية وبالتالي منشطة للدورة الاقتصادية من جهة أخرى، الشيء الذي يعطي للعقار قيمته الحقيقة. ولذلك فإن الاهتمام بسوق الإنعاش العقاري من شأنه أن يساهم بشكل كبير في دعم الاستقرار الاجتماعي ويوفر القدرة التنافسية للمقاولات والشركات على حد سواء.

غير أن الأزمة التي يعيشها السوق العقاري والذي أفصحت عنها الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين بموجب بلاغ صادر عنها، تطرح أكثر من سؤال حول الوضعية القانونية والاقتصادية للمستهلك العقاري خاصة وأن الفيدرالية المذكورة دقت ناقوس الخطر بخصوص العديد من الجوانب ذات الصلة بالثروة العقارية إنتاجا واستهلاكا.

فقد أصدرت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين بلاغا ضمنت فيه الوضعية المتأزمة التي يمر منها القطاع العقاري بالمغرب عموما والأزمة التي يعرفها المنعشون العقاريون على وجه الخصوص. ومما جاء في البلاغ المذكور أن التضخم الذي تعرفه أثمنة مواد البناء وما نتج عنه من تباطؤ في أشغال البناء يهدد بشكل خطير مصالح مستهلكي السوق العقاري المستقبليين من جهة، واليد العاملة في سوق الإنعاش العقاري من جهة ثانية، والتوازن الذي يحكم المهنة برمتها من جهة أخرى. وبناء على ذلك فقد قررت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين أن تتخذ مجموعة من التدابير التي تراها كفيلة بتدارك الوضع المتأزم الذي يشهده سوق العقار، وهي التدابير التي قسمتها إلى ثلاثة تدابير أولها متعلقة بالترافع القضائي والمؤسساتي عن مصالح المنعشين العقاريين، وثانيها تدابير ذات بعد إداري من أجل دعم الوضعية الهشة لمستهلكي المنتوج العقاري، وأخيرا تدابير من شأنها حماية مهنة الإنعاش العقاري من كل المضاربات والاحتكارات التي يعرفها المجال العقاري. وقد أشار البلاغ إلى أن الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين تتوقع تباطأ في نشاط الإنعاش العقاري بما نسبته 50% بعد عيد الفطر.

ونظرا لكل ذلك فإن التساؤل الذي يطرحه الكشف عن هذا الواقع يتمحور حول واقع وآفاق التوازن الذي القائم بين المنعش العقاري كمنتج ومشتري العقار كزبون مستهلك، وما إذا كان لهذا الواقع أي تأثير على اختلال التوازن المذكور، بما يثيره الجواب عن ذلك من ملامسة للمسؤولية القانونية عن الوضعية الهشة التي أصبح المستهلك العقاري يعيشها منذ بداية فترة انتشار وباء كوفيد 19 وما واكبه من ركود اقتصادي في كافة المجالات؟

إن الجواب عن هذا التساؤل، يفترض منا البحث في قدرة المنعشين العقاريين على الوفاء بالتزاماتهم اتجاه الدولة من خلال توفير الخدمة المنوطة بهم من قبلها والمتجسدة في تقدير الخدمات والمنتوج العقاري بما يناسب القدرة الشرائية لكل فئة من فئات المستهلكين، على أن يتم النظر في انعكاسات الأزمة التي كشف عنها بلاغ الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقارين على الوضعية القانونية الهشة للمستهلك العقاري.

وبناء على ذلك فإننا نقترح التطرق لجوانب هذا الموضوع من خلال مبحثين على النحو التالي:

المبحث الأول: تراجع قدرة المنعشين العقاريين على توفير المنتوج العقاري وأثرة على المسؤولية المدنية

المبحث الثاني: التدابير الكفيلة بحماية المستهلك العقاري من اضطرابات السوق العقاري

إن البحث عن الصيغة السحرية لإيجاد التوازن المطلوب بين المنتج العقاري والمستهلك العقاري، لن يمر إلا عبر إيجاد آليات مدروسة تعتمدها الدولة وتدمجها في صلب سياساتها العمومية، بما يحقق نوعا من الحماية للطرف الضعيف الذي هو المستهلك ويضمن المزيد من الانتعاش للسوق العقاري، فتستفيد مداخيل المالية العمومية كنتيجة حتمية لذلك كله

المبحث الأول: تراجع قدرة المنعشين العقاريين على توفير المنتوج العقاري وأثرة على المسؤولية المدنية

تشير الأرقام المعلنة بشأن أثمنة مواد البناء إلى وجود أزمة حقيقية تجتاح السوق العقاري، ذلك أن ثمن كل مادة من المواد المذكورة عرف ارتفاعا غير متوقع من قبل العديد من المنعشين العقارين الذين يشتغلون في تجهيز البقع الأرضية وإقامة البناءات العقارية المخصصة لكل من الاستعمال السكني أو المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي.

وهكذا فقد كان النصف الثاني من سنة 2020 بداية للتغيير الذي طرأ على أثمنة مواد البناء إسوة بالتضخم الذي عرفته أثمنة مختلف المواد. فعلى سبيل المثال فقد عرف ثمن الكيلو الواحد من الحديد ارتفاعا بلغت نسبته حوالي 50% مقارنة مع الثمن المسجل خلال فترة ما قبل كوفيد 19، نفس الأمر بالنسبة لكل من الألومينيوم بنسبة 23%، الخشب 25% والصباغة 18% [1].

وقد تفاقمت الوضعية المذكورة بفعل الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي وخاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما أنتجته من انعكاسات سلبية كان من نتائجها ارتفاع أثمنة الطاقة، ما ساهم في حدوث تضخم في مختلف القطاعات الاقتصادية[2] والتي من بينها قطاع الإنعاش العقاري الذي تأثر بشكل كبير بالأزمة المزدوجة الناتجة عن كل من ارتفاع أثمنة المحروقات وتعثر سلاسل التوريد على المستوى العالمي[3].

فالعاملان المذكوران أثرا بشكل سلبي على أثمنة المواد الأولية اللازمة لعملية البناء[4]، ما اضطر أغلب الفاعلين في قطاع الإنعاش العقاري إلى التراجع عن مشارعهم العقارية أو التوقف عن إتمامها أو تباطؤ السير فيها؛ وقد عزا العديد من المراقبين ذلك إلى ارتفاع تكلفة البناء والتشييد الذي تزامن مع استمرار نفس نسب الضرائب وعدم مبادرة المؤسسات البنكية وجهات التمويل إلى تقديم تحفيزات للمنعشين العقاريين وخاصة على مستوى نسبة الفائدة وكذا جدولة وإعادة جدولة الديون بما يتناسب مع الظرفية الاقتصادية والمناخ المالي العالمي.

إن ما تمت الإشارة إليه يشكل، بصورة جلية، إكراهات موضوعية خارجة عن إرادة مقدمي المنتجات العقارية، الشيء الذي يدفعنا للتساؤل حول الآثار القانونية الناتجة عن تخلف المنعشين العقاريين عن الوفاء بالتزاماتهم اتجاه زبنائهم، خاصة وأن هؤلاء الأخيرين باعتبارهم أطرافا ضعيفة يبقون بدورهم عرضة لتقلبات السوق الشيء الذي يبعث عن التساؤل حول الصيغة الأكثر مناسبة لإيجاد توازن بين طرفي المعادلة العقارية.

إن الحديث عن المسؤولية المدنية الناتجة عن تخلف قيام المدين بما هو ملزم به لا تتحقق شروطه إلا في ظل وجود ظروف مساعدة على الوفاء بالالتزام المتفق عليه؛ ومن هذا المنطلق لنا أن نضع تحت المجهر الظروف التي أعلنت عنها الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين من أجل إعطائها التكييف القانوني المناسب باعتباره مدخلا أساسيا للقول بما إذا كانت هناك أسباب موجبة لتحميل المنعشين العقاريين مسؤوليتهم المدنية عن تخلفهم في الوفاء بالتزاماتهم اتجاه مستهلكي العقار.

فبحسب مختلف ما أثاره بلاغ الفدرالية المذكورة، يمكن القول أن أغلب العوامل المشار إليها تدخل في خانة ما هو خارج عن إرادة الفاعلين العقاريين إذ لولا وجود تلك العوامل لكان تنفيذ التزاماتهم أمرا محتوما، غير أن مجمل ما أثير من أسباب من شأنها أن تكون أساسا لعدم تنفيذ الالتزام الملقى على عاتقهم. فالأسباب المذكورة تبقى، حسب وجهة نظرنا، خارجة عن إرادة الملتزمين بتقديم المنتوج العقاري.

ففي ظل هذا الواقع، وفي سياق الحديث عن المسؤولية المدنية نستحضر أحكام الفقرة الأولى من الفصل 95 من ق ل ع التي تنص على أنه: “لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي، أو إذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه”.

فارتفاع أثمنة مواد البناء واستمرار تحصيل الضريبة على الأراضي غير المبنية وارتفاع مصاريف التسجيل في مصالح وزارة المالية وكذا رسوم التقييد في المحافظة العقارية، وتزامن ذلك مع حلول أجل تسليم العقارات لأصحابها يجعل هذا التسليم متعسرا في ظل وجود هذه المعيقات، وما ينتج عنه من تخلف المنعشين العقاريين عن التسليم يجعلنا نذهب إلى القول بأن أحكام انعدام المسؤولية المدنية الناتجة عن القوة القاهرة [5] متحققة في ظل الواقع الحالي[6]؛ خاصة وأن كل ما أشير إيه من معيقات إما يدخل في خانة فعل السلطة أو يؤول إلى فعلها الشيء الذي يجعل منه صورة من صور القوة القاهرة حسب ما هو مقرر بموجب الفقرة الأولى من الفص 269 من ق ل ع، ويزيد من هذا الاعتقاد كون الظروف التي يمر منها الاقتصاد العالمي لم يكن من المتوقع حدوثه أو من الممكن دفعه الشيء الذي يُبقي فرضية القوة القاهرة النافية لقيام المسؤولية المدنية حاضرة بقوة ما دامت شروط الفقرة الثانية من الفصل 269 من ق ل ع غير متحققة.

إن الوقوف على عدم قدرة المنعشين العقاريين على الوفاء بالتزاماتهم، حسب ما أورده بلاغ الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، يشكل نقطة محورية للتفكير في بعض مظاهر حماية مصالح المستهلك العقاري، الأمر الذي يكون معه مناسبا بسط المقال فيه من خلال المبحث الثاني.

المبحث الثاني: التدابير الكفيلة بحماية المستهلك العقاري من اضطرابات السوق العقاري

إن الحديث عن حماية مصالح المستهلك العقاري في سياق الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها سوق الإنعاش العقاري، لا يرتبط بالمسار القانوني والقضائي للعلاقة الرابطة بين مورد الخدمة العقارية ومستهلكها، وإنما عبر التدابير الممكن تبنيها للحد من الآثار المترتبة عن تراجع قدرة المنعشين العقاريين عن الوفاء بالتزاماتهم.

وهكذا فقد وضع بلاغ الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين بعضا من الحلول التي نراها مناسبة للظرفية الاقتصادية والتي من بينها المطالبة بإيقاف تطبيق الضريبة على الأراضي غير المبنية وهو مقترح نراه معقولا، خاصة وأن التضخم الذي عرفته أثمنة المواد الأولية للبناء كان له تأثير سلبي على القدرة الشرائية للمستهلك العقاري الذي يملك أراضي غير مبنية وبالتالي أصبح عاجزا عن تشييد البناءات في الأراضي التي اقتناها بغرض بناءها. إذ يبدو من المجحف إلزام هذه الفئة من المستهلكين بأداء ضريبة عن أرض بقيت بدون بناء نتيجة لظروف خارجة عن إرادة مالكها.

كما كان من مقترحات الفدرالية أيضا تمديد آجال رخص البناء لمدة سنة على الأقل نظرا لضبابية الرؤية بخصوص مآلات الوضع الاقتصادي؛ ونرى أن العلة في ذلك هي إعفاء مالكي الأراضي غير المبنية والتي حصل أصحابها على رخص بناء وكانوا ينتظرون الظروف المناسبة لكل واحد منهم للشروع في البناء من تكاليف زائدة يمكن أن تترتب عن مطالبتهم بتجديد الرخص المذكورة في وقت فوجئوا فيه بتغير الظروف الاقتصادية لسوق المواد الأولية للبناء. وبناء على ذلك فإننا نعتقد أن هذا المطلب يبقى مبررا نظرا لما شهدته القدرة الشرائية للأفراد من مساس لا يجعلها قادرة على مواجهة تضخم الأسعار.

ونظرا لما للمصاريف المالية التي تتطلبها المعاملات العقارية من تأثير على إحجام المستهلك العقاري على اقتناء العقار، فإن المطالبة بتخفيض رسوم التسجيل وواجبات المحافظة العقارية بنسبة 50% من شأن الاستجابة لها تشجيع المترددين في اقتناء العقارات في ظل الوضعية الحالية على حسم خياراتهم بما يساهم في إنعاش السوق العقاري وتوفير السيولة فيه. ويعتبر في نظرنا هذا المقترح أكثر وجاهة لأنه يعبر عن تحمل الدولة لمسؤوليتها اتجاه الوضعية الاقتصادية المتدهورة للمواطن وللقطاعات الاقتصادية على حد سواء؛ خاصة وأن المستحقات ذات الصلة بهذا المطلب يمكن أن تندرج في سياق التضامن الذي يؤطره الفصل 40 من دستور المملكة[7] الذي يؤسس لمساهمة المواطنين في التكاليف العامة كل على حسب استطاعته وامكانياته.

ومن المقترحات التي يجب أن تدعم الفلسفة الحمائية للمستهلك العقاري، ما يتعلق بالقروض البنكية. ففي هذا الإطار ندعو إلى ضرورة وضع أسس شفافة ومتناسبة مع الظرفية الاقتصادية لتمكين المستهلك العقاري من السيولة اللازمة لولوج السوق العقارية وفق ما يتناسب والوضع المادي لكل فرد على حدة، وخاصة على مستوى دعم نسب الفائدة بالنسبة لمختلف القطاعات التي ينتمي لها المستهلك العقاري من جهة، ومن جهة أخرى على مستوى تمكين المقترض العقاري من تسهيلات أثناء مسطرة الحصول على القروض البنكية.

وفي مقابل هذه المقترحات الرامية إلى توفير نوع من الحماية الحقيقية للمستهلك العقاري، يمكن أن تترتب عن الوضعية الاقتصادية الحالية والمتسمة بصفة الحرجة بالنسبة للقدرة الشرائية للمستهلك، والتي تشكل المناخ الخصب لتخلف المنعشين العقاريين عن الوفاء بالتزاماتهم، نزاعات قانونية وقضائية متعددة الأوجه قاسمها المشترك هو إرغام المنعشين العقاريين على الوفاء بالتزاماتهم، الشيء الذي سيدفعهم إلى إثارة العديد من الدفوعات التي تُظهر عجزهم عن الوفاء بما التزموا به داخل الآجال المتفق عليها، باعتبار هذا العجز تجليا من تجليات الأزمة المالية و الاقتصادية.

وكنتيجة لذلك، فإننا نرى أن المقاربة القائمة على المنازعات القانونية والقضائية لن تجدي نفعا في ظل الوضع الحالي، الأمر الذي يتطلب دعم المقاربة الحمائية باعتبارها مدخلا أساسيا لدعن القدرة الشرائية للمستهلك العقاري، وبالتالي دعم سبل انتعاش السوق العقاري.

وكخلاصة لما سبق، فإنه يمكن القول أن البحث عن الصيغة السحرية لإيجاد التوازن المطلوب بين المنتج العقاري والمستهلك العقاري، لن يمر إلا عبر إيجاد آليات مدروسة تعتمدها الدولة وتدمجها في صلب سياساتها العمومية، بما يحقق نوعا من الحماية للطرف الضعيف الذي هو المستهلك ويضمن المزيد من الانتعاش للسوق العقاري، فتستفيد مداخيل المالية العمومية كنتيجة حتمية لذلك كله.


[1]C.JAIDANI: Matériaux de construction: la flambée des prix pèse lourdement sur plusieurs secteurs,  article publié sur  https://fnh.ma/article/actualite-economique/materiaux-de-construction-la-flambee-des-prix-pese-lourdement-sur-plusieurs-secteurs . date et heure de consultation : 27-04-2022 à 14 :30h

[2] Haut-commissariat du plan, Rapport sur l’évolution de l’inflation au Maroc, 08-04-2022. Rapport consultable sur le site web : https://www.hcp.ma/Evolution-de-l-inflation-au-Maroc date et heure de consultation 03-05-2022 à 17:03 h.

[3] عزت المندوبية السامية للتخطيط، التضخم في الأسعار إلى عدة عوامل منها التأثيرات الخارجية عامل الجفاف وهو ما سينعكس سلبا على الأثمنة على المستوى الوطني، مضيفة أن هذا الارتفاع في الأثمنة سيبقى متوقعا في المنظور القريب، وقد أكدت في هذا السياق أن ارتفاع المواد الأولية المستوردة والأزمة في منطقة البحر الأسود بتزامن مع الارتفاع المهول في ثمن برميل النفط، كل ذلك سيعزز من نسبة التضخم خلال سنة 2022 وذلك بنسب عالية نسبيا.

للمزيد من التفاصيل المرجو مراجعة التقرير السابق.

[4]  قامت المصالح الخارجية لوزارة الصناعة والتجارة بإجراء تحقيق بشأن أثمنة المواد الأولية للبناء، فخلص التحقيق المذكور إلى أن بعض المواد شهدت ارتفاعا مهولا في الأسعار، وعلى سبيل المثال فأثمنة الزجاج ارتفعت بحوالي 189%، وأثمنة النحاس ب 61%، بينما أثمنة الألومينيوم فقد ارتفعت بحوالي 51%، فيما أثمنة الإينوكس فقد زادت بحوالي 39%، أما أثمنة الخيوط الكهربائية فقد وصلت إلى زيادة قدرها 32%، وفيما يتعلق بكل من الخشب والحديد فقد ارتفعت أثمنتهما على التوالي بما نسبته 25%  و19%,

Wadie El Mouden: HAUSSE DES PRIX DES MATÉRIAUX DE CONSTRUCTION: LES RÉSULTATS DE L’ENQUÊTE MENÉE PAR LE MINISTÈRE DE L’INDUSTRIE,publié sur le site web :

https://fr.le360.ma/economie/hausse-des-prix-des-materiaux-de-construction-les-resultats-de-lenquete-menee-par-le-ministere-de-257306 date et heure de consultation 03-05-2022.

[5] عرف المشرع المغربي القوة القاهرة في الفقرة الأولى من الفصل 269 من ق ل ع بقوله: “القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف، والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا”

[6]  إن القول بكون الظروف المذكورة تدخل في خانة القوة القاهرة يفترض أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا، وهنا نطرح السؤال حول ما إذا كانت قدرة المقاولة العقارية قد أصبحت عاجزة عن تنفيذ الالتزام أم لا؟ وللجواب عن هذا التساؤل يمكن استدعاء المقتضيات القانونية المنظمة لأحكام التوقف عن الأداء بالنسبة للمقاولات وما يترتب عن ذلك من مباشرة المساطر الجماعية في حق كل مقاولة أصبحت عاجزة عن الدفع.

[7]  ينص الفصل 40 من دستور 2011 على ما يلي:

” على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.

ونرى أن هذا المقتضى الدستوري يشكل أساسا تقوم عليه المقاربة الواقعية في تحميل المواطنين لمختلف الأعباء الملقاة على عاتقهم بما في ذلك التكاليف المتطلبة من أجل تنمية البلاد، ولعل ازدهار القطاع العقاري يعتبر من أظهر الصور التي تعبر عن التنمية الشاملة التي تتطلبها البلاد، خاصة في ظل هذه الوضعية الاقتصادية الراهنة التي تتساوى مع مفهوم الآفات من حيث الآثار التي تنتجها على المستوى الواقعي.