وسائل الإثبات في منازعات الصفقات العمومية تعليق على قرار محكمة النقض عدد 325 الصادر بتاريخ 14 مارس 2019، في الملف الإداري عدد 2099/4/2017

23 نوفمبر 2023
وسائل الإثبات في منازعات الصفقات العمومية تعليق على قرار محكمة النقض عدد 325 الصادر بتاريخ 14 مارس 2019، في الملف الإداري عدد 2099/4/2017

القاعدة

صفقة عمومية-خصوصية مسطرة الإثبات.

إذا كان إثبات الالتزام في إطار الصفقات العمومية تحكمه مسطرة خاصة، تقتضي حصر قيمة الأشغال المنجزة والإدلاء بالكشف الحسابي النهائي، موقع ومقبول من طرف جميع الأطراف، فإن ذلك يعد تدبيرا ووقاية للحفاظ على المال العام، وعدم صرف الاعتمادات المخصصة للصفقة دون احترام هذه الضوابط، إلا أن هذه الشكلية في الإثبات لا يمكن أن تمتد إلى مرحلة المنازعة القضائية سيما وأن المدعي ما فتئ يعيب على الإدارة عدم تعاونها، في هذا الشأن لإعداد هذه الوثائق، وبالتالي يحق له اللجوء إلى القواعد العامة في الإثبات، والمحكمة لما لجأت في إطار التحقيق إلى الأمر بخبرة في الموضوع، وتأكد لما من التقرير المنجز بها أن هناك أشغالا أخرى ثبت إنجازها من طرف المطلوب في النقض، وأنه يستحق عنها تعويض وقضت على النحو الوارد في منطوقها، تكون قد استندت إلى حقائق ومعطيات واقعية أثبتتها الخبرة، وجاء قرارها معللا تعليلا سليما. – رفض الطلب

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

حيث يستفاد من أوراق الملف، ومن القرار المطعون فيه بالنقض رقم794 الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 20/02/2017 في الملف رقم 13/7207/2016 المطعون فيه بالنقض، أنه بتاريخ 10/12/2014 تقدم المدعي بدعوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط عرض فيه أنه أبرم عقدا مع مندوبية وزارة الشباب والرياضة لجهة الرباط سلا زمور زعير، من أجل إنجاز أشغال طوبوغرافية وهندسية بنيابة مقر المندوبية وكذا قاعة علال الفاسي والبنايات الملحقة، وأنه قد أنجز هذه الأشغال وداخل الأجل المتفق عليه، غير أنه بعد قيامه بأشغال المسح والهندسة للموقع المحدد من طرف صاحبة المشروع تبين أن المساحة الإجمالية التي تم تحديدها هي 5360 م م وليس مساحة 3000 م م التي حددتها صاحبة المشروع في عقد الصفقة، وقد طالب المدعى عليه بأداء الفرق إلا أنها امتنعت عن ذلك، والتمس من المحكمة الحكم عليها بأدائها قيمة الفرق المحدد في 2360 م م والتي تبلغ 87.792,00 درهم حسب الفاتورة عدد {…..} وكذا الحكم له بتعويض عن التماطل حدده في مبلغ 80.000 درهم مع النفاذ المعجل والصائر، وبع قيام المحكمة بخبرة في الموضوع أصدرت حكمها على الدولة المغربية ووزارة الشباب والرياضة لفائدته مبلغ 87.792 درهم وبعقوبة عن التماطل قدرها 7000 درهم وتحميلها الصائر ورفض باقي الطلبات فاستأنفه الوكيل القضائي للمملكة، وبعد استيفاء المحكمة للإجراءات المسطرية اللازمة قضت بتأييد الحكم المستأنف بمقتضى قراراها المشار إليه أعلاه وهو القرار المطعون فيه بالنقض.

في شأن الوسيلة الأولى المتعلقة بعدم ارتكاز القرار على أساس المتجلي في التصريح بالمديونية بناء على سند تسليم لا حجية له:

حيث أن الطاعن يعيب القرار بخرقه لقواعد الإثبات في ميدان الصفقات العمومية، إذ أن عدم إثبات المطلوب في النقض استحقاقه للمبالغ المطالب بها عبر الإدلاء بكشف حسابي نهائي موقع من طرف جميع الأطراف الإدارية يدل على كون الدعوى منتفية الإثبات المعتد به قانونا،خاصة وأن الاجتهاد القضائي ما فتئ يؤكد على أن الوثيقة الحاسمة في تحديد الوضعية النهائية والمالية للصفقة هو الكشف الحسابي النهائي، المقبول والموقع عليه من طرف جميع الأطراف وأن القرار المطعون فيه بعدم مراعاته لهذه القواعد يكون غير مرتكز على أساس وعرضة للنقض.

لكن حيث إنه إذا كان إثبات الالتزام في إطار الصفقات العمومية تحكمه مسطرة خاصة تقتضي حصر قيمة الأشغال المنجزة والإدلاء بالكشف الحسابي النهائي موقع ومقبول من طرف جميع الأطراف فإنما كان ذلك تدبيرا ووقاية للحفاظ على المال العام، وعدم صرف الاعتمادات المخصصة للصفقة دون احترام هذه الضوابط، إلا أن هذه الشكلية في الإثبات لا يمكن أن تمتد إلى مرحلة المنازعة القضائية سيما وأن المدعي ما فتئ يعيب على الإدارة عدم تعاونها في هذا الشأن لإعداد هذه الوثائق، وبالتالي يحق له اللجوء إلى القواعد العامة في الإثبات، والمحكمة لما لجأت في إطار التحقيق إلى الأمر بخبرة في الموضوع، وتأكد لما من التقرير المنجز بها أن هناك أشغالا أخرى ثبت إنجازها من طرف المطلوب في النقض، وأنه يستحق عنها تعويض وقضت على النحو الوارد في منطوقها، تكون قد استندت إلى حقائق ومعطيات واقعية أثبتتها الخبرة، وجاء قرارها معللا تعليلا سليما وما بالوسيلة على غير أساس.

في شأن الوسيلة الثانية المتعلقة بعدم ارتكاز القرار على أساس المتجلي في التصريح بالمديونية بناء على خبرة معيبة:

حيث يعيب الطاعن القرار بتبنيه في قضائه لخبرة معيبة لمخالفتها مقتضيات المادة 63 من قانون المسطرة المدنية لعدم تضمين تقرير الخبرة لتصريحات وأقوال الأطراف كما لم يتضمن التصريح الكتابي المدلى به من طرف ممثله هذا فضلا على أن الخبير لم يقم بعملية التمييز ولم يتحقق من كون الخدمات أنجزت فعلا على المساحة التي حددتها في 5630 م م والقرار باعتماده على هذه الخبرة المعيبة يكون عرضة للنقض.

لكن، حيث إن تقرير الخبرة وإن لم يتضمن تصريحات ممثلة الوكالة القضائية، فإن الخبير قد أرفقها بتقريره، وبالتالي أصبحت تشكل جزءا منه، هذا فضلا عن كون هذه التصريحات الكتابية ذات طبيعة قانونية وأن الخبير غير ملزم وباعتبارها كذلك بالتعرض إليها في التقرير كما أن عملية التمييز ليست الوسيلة الوحيدة للوصول إلى النتيجة المرجوة منها، إذ يمكن الحصول عليها بوسائل علمية أخرى، بل بمجرد القيام بالعمليات الحسابية كما أورد ذلك الخبير في خلاصة تقريره، والمحكمة حينما وقفت على موضوعية المعطيات التي ارتكزت عليها الخبرة وبنت عليها قضاءها تكون قد بنته على أساس سليم وما بالوسيلة على غير أساس.

في شأن الوسيلة الثالثة المتعلقة بعدم ارتكاز القرار على أساس المتجلي في الحكم بالتعويض عن التماطل:

حيث يعيب الطاعن القرار بتبنيه للحكم الابتدائي الذي قضى وفق الطلب بالرغم من عدم ثبوت الدين المطالب به والمبرر للحكم بالتعويض عن التماطل وبعدم إثبات الضرر المبرر لذلك وبالتالي يكون غير مرتكز على أساس وعرضة للنقض.

لكن، حيث أنه من الثابت من وثائق الملف أن المطلوب في الطعن يستحق الدين الذي طالب به، وأن الإدارة لم تنازع فيه وأنها لم تسدده رغم المطالبة به، وهو ما يشكل ضررا للمطلوب في الطعن وأن القرار المطعون فيه لما قضى بهذا الجزء من الطلبات بما جاء في تعليله.

“وحيث فيما يخص التعويض عن التماطل فعلى عكس ما أثاره المستأنف عليه سبق أن تقدم بتاريخ 25/08/2009 بطلب تسوية مستحقاته موضوع الملف الحالي إلى مندوب الشبيبة والرياضة بتاريخ 03/09/2009 بموضوع الرسالة المذكورة، مما تكون معه موجبات الحكم لفائدة المستأنف عليه بتعويض عن التماطل قائمة….”

يكون قد بني على أساس قانوني سليم وما بالوسيلة على غير أساس.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب.

التعليق على القرار

تندرج النازلة موضوع قرار محكمة النقض الذي بين أيدينا في إطار منازعات العقود الإدارية والمرتبط أساسا بوسائل الإثبات المعتمدة في الصفقات العمومية وبالضبط صفقات الأشغال المنجزة لفائدة الدولة،  وتتركز المنازعات المتعلقة بوسائل الإثبات هذه في الغالب حول مدى إنجاز مشروع الصفقة العمومية كما هو متفق عليه ومدى تقيد المقاول نائل الصفقة ببنود العقد من جهة، وكذلك مدى التزام الإدارة صاحبة المشروع بأداء ما يترتب بذمتها له نظير عمله من جهة أخرى  وتحريره من الإلتزام بعد نهاية الصفقة العمومية.

وتبقى العقود الإدارية كأعمال تقوم بها الإدارة  بغير طريق إرادتها المنفردة عموما خاضعة لمبدأ المصلحة العامة الذي يعد الهدف الأساسي الذي تروم الإدارة تحقيقه من جراء ابرام هذه العقود وإنجاز الصفقات العمومية، وهو نفس المبدأ الذي يجعل الإدارة كمتعاقد في موقع أقوى من موقع المتعاقدين في عقود القانون الخاص، بحيث يخول للإدارة بموجب هذا المبدأ مجموعة من الصلاحيات والامتيازات في مقابل الأفراد الذين تتعاقد معهم، وذلك تحت ذريعة حماية المصلحة العامة كمهمة أساسية موكلة للإدارة، فإذا كان مبدأ العقد شريعة المتعاقدين هو المبدأ الأساسي المؤطر بكسر الطاء للعقود في القانون الخاص فإن مبدأ المصلحة العامة يبقى المبدأ الذي تخضع له العقودالإدارية والصفقات العمومية في القانون العام[1].

وتحقيقا لهذا المبدأ فإن المشرع يمنح الإدارة مجموعة من الامتيازات عند ابرام عقود الصفقات العمومية من خلال إعداد مجموعة من الشروط المسبقة الالزامية التي يبقى المتعاقد خاضعا لها دون إمكانية التفاوض على تغييرها، وتعرف هذه الشروط بدفتر الشروط الإدارية العامة وهي مجموعة من البنود الإلزامية التي غالبا ما تضمنها الإدارة مجموعة من القواعد الشكلية لتنفيذ الصفقة العمومية، كما هو الشأن بالنسبة إلى دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000،[2] وتضم بنود هذه الدفاتر غالبا مجموعة من القواعد والشكليات التي يجب اتباعها من طرف المقاول نائل الصفقة من بداية المشروع إلى نهايته، والتي يمكن أن تنظم كذلك بعض الوسائل المتعلقة بالإثبات التي يتم اعتمادها للتأكد من التزام طرفي العقد بتنفيذ التزاماتهما عند التنازع.

والواقع أن هذه الشروط تجعل الصفقة العمومية بمثابة عقد إذعان تقل بموجبه حرية الطرف المتعاقد مع الإدارة وتجعلها تتلخص أساسا في قبول التعاقد أو عدم قبوله، مع خضوعه وتقيده بالشروط الإدارية العامة في حالة القبول، وتحاول الإدارة من خلال هذه القيود توفير أكبر ضمان ممكن لتنفيذ الصفقة العمومية مع بقائها صاحبة اليد العليا في تنفيذ وإتمام العقد.

 ويطرح الإشكال بشكل جلي عندما تحاول الإدارة تمديد هذه القيود والشروط  كي لا تقتصر فقط على المتعاقد نائل الصفقة، بل في الغالب ما تحاول الإدارة من خلال دفاتر الشروط الإدارية العامة تقييد حرية القضاء كذلك عند البث في منازعات الصفقات العمومية من خلال مجموعة من الشكليات المرتبطة بوسائل الإثبات المنصوص عليها بدفتر الشروط الإدارية العامة، وهو الأمر الذي لا يتناسب مع ما درج عليه القضاء الإداري من دور إيجابي متميز في المنازعات الإدارية تجعله يختلف عن القضاء العادي من عدة جوانب بالنظر لعدم وجود تقنين خاص بالقانون الإداري، مما يجعل القاضي الإداري أكثر حرية في المنازعات الإدارية ويجعل الاجتهاد القضائي الإداري أحد أهم مصادر القواعد القانونية في القانون العام.

وهو الأمر الذي يفتح المجال واسعا  لقبول كافة وسائل الإثبات التي يراها مناسبة، أو العمل على استنباط بعض القرائن القضائية واعتبارها متساوية مع بقية الأدلة الأخرى التي قد تكون كتابية، هذا بالإضافة إلى تدخل القاضي الإداري أثناء تحضير الدعوى والتحقيق فيها[3].

أولا: عناصر الإثبات التي تعتمدها الإدارة في الصفقات العمومية.

بالرجوع لدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000 نجده ينص على مجموعة من المقتضيات و الشكليات المختلفة، سواء كانت مرتبطة بقواعد  يتقيد بها  نائل الصفقة في تعامله مع الإدارة صاحبة المشروع أثناء تبادل المراسلات والوثائق، أو متعلقة بوسائل إثبات بعض التصرفات القانونية أو الوقائع المادية، أوالمرتبطة بتنفيذ عقد الصفقة العمومية، وما يتصل به من ضمانات ممنوحة للإدارة فيما يتعلق بمراقبة الأشغال وإلزام صاحب الصفقة بالقيام بالإصلاحات الضرورية، وحق الإدارة في فسخ العقد وإحالة الصفقة على مقاول آخر عند اللزوم، وهي كلها مقتضيات وضعها المشرع قصد ضمان تنفيذ الصفقة العمومية وبالتالي ضمان تحقيق المصلحة العامة التي تعد الهدف الأساسي من ورائها[4].

فقد نصت المادة 08 من  دفتر الشروط الإدارية العامة على أنه” إذا وجه المقاول في الحالات المنصوص عليها في هذا الدفتر للشروط الإدارية العامة، وثيقة مكتوبة إلى صاحب المشروع أو السلطة المختصة أو الوزير، وجب عليه داخل الأجل المحدد إذا تم التنصيص عليه أن يودعها لدا المرسل إليه مقابل وصل أو أن يبعثها إليه بواسطة رسالة مضمونة بإفادة بالاستلام، ويكون التاريخ المبين في الوصل أو الإفادة بالاستلام  وسيلة إثبات فيما يتعلق بالأجل”[5].

       بحيث يحاول دفتر الشروط الإدارية العامة تحديد قواعد توجيه الوثائق والمراسلات من طرف المقاول إلى الإدارة  أثناء إنجاز الصفقة العمومية  والتي تفقد معه هذه الوثائق حجيتها في الإثبات في حالة عدم التقيد بهذه القواع.

كما نظمت المادة 16 قواعد وشروط إرجاع الضمان النهائي والمؤقت لصاحب الصفقة بحيث نصت على أنه “يرجع الضمان المؤقت لصاحب الصفقة أو يفرج تلقائيا عن الكفالة التي تقوم مقامه بعد أن ينجز صاحب الصفقة الضمان النهائي.

ويرجع الضمان النهائي، ما عدا في حالات تطبيق المادة 70[6]،ويدفع الاقتطاع الضامن أو يتم الإفراج عن الكفالات التي تقوم مقامهما وذلك بعد رفع اليد الذي يسلمه صاحب المشروع داخل الثلاثة 3 أشهر الموالية لتاريخ التسلم النهائي للأشغال وذلك:

-إذا أوفى صاحب الصفقة في تاريخ التسلم النهائي بجميع التزاماته اتجاه صاحب المشروع.

– إذا أثبت صاحب الصفقة دفع التعويضات التي قد يكون مدينا بها، تطبيقا للقانون رقم 81-7  المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو الاحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 254-81-1 بتاريخ11  من رجب 1402) 6 ماي 1982 ( بسبب الأضرار الملحقة بالأملاك الخاصة عند تنفيذ الأشغال.

– إذا سلم صاحب الصفقة فعلا تصاميم جرد المنشآت المنفذة”[7].

بحيث أن قيام الإدارة بإرجاع الضمان النهائي هنا  يقوم كوسيلة قوية في الإثبات بأنه قد أوفى صاحب الصفقة في تاريخ التسلم النهائي  بالتزاماته اتجاه صاحب المشروع.

كما نصت المادة 70 :  على مجموعة من الإجراءات القسرية التي يمكن للإدارة تطبيقها على صاحب الصفقة عند اخلاله بالعقد “فإذا لم يتقيد المقاول إما ببنود الصفقة أو بأوامر الخدمة الصادرة إليه من لدن صاحب المشروع، توجه له السلطة المختصة إعذارا للامتثال لها داخل أجل يحدد بمقرر يبلغ إليه بواسطة أمر بالخدمة، ولا يمكن أن يقل هذا الأجل عن خمسة عشر 15 يوما من تاريخ تبليغ الإعذار، ما عدا في حالة الاستعجال التي تكون للسلطة المختصة وحدها صلاحية تقديرها، وإذا انصرم الأجل المذكور ولم يقم المقاول بتنفيذ التدابير المقررة، يجوز للسلطة المختصة القيام بما يلي:

  • إما أن تأمر بالقيام بالتنفيذ المباشر على نفقة المقاول، ويمكن أن يكون هذا التنفيذ المباشر جزئيا.

– إما أن تفسخ الصفقة على حساب المقاول وتبرم صفقة جديدة مع مقاول آخر أو مع تجمع مقاولين لإتمام الأشغال وفقا لمسطرة طلب العروض”[8].

وبموجب هذه المادة فالإدارة في سبيل اتمام المشروع وضمان حماية المصلحة العامة التي يروم تحقيقها عقد الصفقة تملك حق الفسخ الأحادي للصفقة والاستعانة بمقاول آخر أو مجموعة مقاولين لإتمام المشروع دون حاجة اللجوء إلى منع أداء المستحقات المالية للمقاول كوسيلة ضغط لإتمام أو إنجاز المشروع.

وبخصوص التسليم النهائي للصفقة فقد نظمته المادة 68 :  إذ نصت على أنه”ما لم ينص على خلاف ذلك في دفتر الشروط المشترات أو دفتر الشروط الخاصة، يعلن عن التسلم النهائي سنة بعد تاريخ محضر التسلم المؤقت، وخلال هذه الفترة يخضع المقاول لالتزام الضمان التعاقدي المنصوص عليه في المادة67  أعلاه، بالإضافة إلى ذلك، يوجه صاحب المشروع إلى المقاول بعد عشرة أشهر من تاريخ التسلم المؤقت على أبعد تقدير، قوائم مفصلة عن الشوائب أو العيوب المسجلة، باستثناء تلك الناتجة عن الاستعمال الطبيعي، أو الإسراف في الاستعمال أو الأضرار الناتجة عن فعل الأغيار، ويضرب للمقاول أجل شهرين لإصلاحها وفق الشروط المنصوص عليها في الصفقة، ويرجع إلى صاحب المشروع قوائم الشوائب أو العيوب، متممة بتفصيل عن الأشغال المنجزة، ويسلم صاحب المشروع حينئذ، بعد التحقق من أن الأشغال قد أنجزت بدقة، وبعد انصرام مدة الشهرين المذكورة، محضرا عن التسلم النهائي للأشغال.

وإذا لم يقم المقاول بإصلاح الشوائب أو العيوب داخل الآجال المحددة، لا يعلن عن التسلم النهائي إلا بعد الإنجاز التام للأشغال المطابقة، وفي حالة عدم إنجاز هذه الأشغال بعد شهرين من نهاية فترة الضمان التعاقدي، يعلن صاحب المشروع مع ذلك عن التسلم النهائي بعد هذه الفترة مع إسناد تنفيذ الأشغال إلى أي مقاولة من اختياره على نفقة المقاول ومع تحمله تبعات ذلك، ويشكل التسلم النهائي نهاية تنفيذ الصفقة”[9].

وبالرجوع لقرار محكمة النقض أعلاه نجد أن دفاع الإدارة ذهب إلى أنه بموجب الفقرة الرابعة من المادة 68 فإن صاحب المشروع بعد أن يتأكد أن الأشغال قد انجزت بدقة يسلم محضرا عن التسليم النهائي للأشغال، بحيث تبقى وسيلة الإدارة في إثبات إنجاز الأشغال  من طرف المقاول هي محضر التسليم النهائي للأشغال، وذلك لكون  إثبات الالتزام في إطار الصفقات العمومية تحكمه مسطرة خاصة، تقتضي حصر قيمة الأشغال المنجزة والإدلاء بالكشف الحسابي النهائي، موقع ومقبول من طرف جميع الأطراف، بحيث تحاول الإدارة هنا اللجوء إلى المقتضيات المنصوص عليها بدفتر الشروط الإدارية العامة والتي وضعت أساسا لصالح الإدارة ضمانا لتنفيذ المشروع، وذلك لحصر نطاق وسائل الإثبات المعتمد عليها، بحيث يبقى الإثبات مقتصرا على  الوثائق والأوراق الإدارية المنصوص عليها بدفتر الشروط الإدارية العامة والتي يتم صياغتها ووضعها وتسليمها من طرف الإدارة ذاتها.

والواقع أن هذه الأوراق الإدارية سواء أكانت معدة للإثبات أو العكس فهي تعتبر من القرائن المكتوبة، بحيث يقدر القاضي الإداري مدى اقتناعه مما يستخلصه منها من بيانات على ضوء الظروف المحيطة   بها،والعناصر المستمدة من الملف[10]، فقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي من خلال حكمه بتاريخ 27 يناير 1964 إلى “أن إثبات المغالاة في تقدير المبالغ الخاضعة للضريبة إذ يقع على عاتق المدعي فإنه إذا قدم أوراق حساباته والتي بمراجعتها اطمأن المجلس إلى صحتها قد اعتد بها في تأييد الادعاء[11]”.

وقد  تكون الأوراق الإدارية قائمة على تصرف قانوني أو واقعة مادية، وقد تتعلق بالعاملين لدى الإدارة أو بغيرهم ممن تربطها بهم علاقة أو صلة، سواء أكانت علاقة تعاقدية كما هو الشأن في النازلة التي بين أيدينا أو غير تعاقدية، وقد تأخذ تلك الأوراق صورة قرار إداري أو عقد إداري، وقد تكون من قبيل التعليمات والمنشورات الإدارية الداخلية لتنظيم سير العمل، وقد تكون الورقة غير مقيدة بشكل أو نموذج معين، أو قد تكون محررة على نماذج معدة سلفا لدى الإدارة لإثبات بعض الوقائع الإدارية،[12]وقد عرف الدكتور كمال وصفي الورقة الإدارية بكونها “ كتابة في حوزة الإدارة ذات تاريخ قابل للإثبات بالطرق المعتبرة في القانون الإداري، وتدل على واقعة إدارية معينة[13]”.

والواقع أن الإثبات يفترض وجود واقعة قانونية يترتب عليها أثر، بحيث تكون هذه الواقعة محددة ومنتجة ومتعلقة بالحق المطالب به، وهي شروط يجب توفرها في الواقعة المدونة حتى ترقى إلى مستوى الورقة الإدارية[14]، وإلى كنا أمام مجرد محررات ومدونات وسجلات عادية تتضمن قيودا ووقائع ليست من متعلقات النظام القانوني[15]، والأصل العام أن الورقة الإدارية وثيقة ثابتة إلى أن يثبت عكسها وتأسيسا على ذلك فعلى القاضي أن يعزز هذه الورقة بأدلة أخرى، ومن ثم فكلما تظافرت الوشائج والعرى الأخرى كلما تكاملت منظومة الإثبات واقتربت من اكتشاف الحقيقة[16].

وتزداد قوة إثبات الورقة الإدارية في الأوراق المنظمة مسبقا كالاستمارات التي تملأ وتوقع من قبل ذي العلاقة، حيث يتموضع كل شيء في مكانه ويقترب الموظف المشرف على هذه الاستمارات من صفة موثق[17].

وأهمية الورقة الإدارية في الإثبات يمكن أن يختلف من حالة إلى أخرى، فإذا وجدت وسائل متعددة يمكن من خلالها إثبات واقعة مادية أو تصرف قانوني فإن الورقة الإدارية تكون إحدى وسائل الإثبات التي تنضاف إلى وسائل أخرى يمكن أن تعززها كما يمكن أن تناقضها، لكن ذلك لا ينفي وجود حالات معينة تعد فيه الورقة الإدارية أساس الإثبات، فالمرجع الأساسي مثلا في حياة الموظف المهنية هو ملف الخدمة، باعتباره الوعاء الطبيعي لكل ما يتعلق بماضي خدمته وأحواله من جهة الكفاءة والصلاحية للوظيفة، كما أن إثبات مدة الخدمة السابقة للموظف يعتمد أساسا على واقع السجلات والملفات.

وهو ما أكدته محكمة القضاء الإداري في مصر بقولها “إن طريق الإثبات بالكتابة في مجال القضاء الإداري هو الطريق الأصلي في الغالب، ومرد ذلك إلى النظام الإداري في ذاته الذي يفرض على موظف الدولة كل فيما يخصه إثبات ورصد كل ما يتعلق بأعمال الإدارة العامة في أوراق ومعاملات خاصة يرجع إليها عند اللزوم، وإيجاد ملف خاص لكل موظف يحتوي على كافة ما يخصه من أوراق ومستندات منذ دخوله في خدمة الحكومة حتى آخر حياته الوظيفية، وقد يستعاض عن الإثبات بالكتابة بإحدى الطرق الأخرى الجائز قبولها في القضاء الإداري إلا في المجالات التي ينص فيها الشارع صراحة على ضرورة التقيد بالكتابة كوسيلة للإثبات”[18].

وقد يعمل المشرع في حالات معينة من خلال القوانين واللوائح إلى تحديد وسائل خاصة بالإثبات للوقائع الإدارية وعندها يكون القضاء ملزما بالأخذ بهذه الوسائل، فالقاضي لا يستطيع قبول إثبات المرض إلى بإجراءات تقديم الإجازة المرضية واعتمادها بالطرق الخاصة كالعرض على لجنة طبية في المواعيد وطبقا للإجراءات التي تنص عليها القوانين واللوائح، ونفس الأمر بالنسبة لتقدير العجز بين العمال وأرباب العمل[19]، أما بالنسبة للوقائع الغير إدارية فالقاضي الإداري يقبل إثبات هذه الوقائع بجميع طرق الإثبات حيث يجوز إثبات التعسف في استعمال السلطة بكل طرق الإثبات، وكذلك الأمر بالنسبة للأخطاء الشخصية وكافة التصرفات التي تجري خارج نطاق المجال الإداري أو مخالفة لنظامه[20].

ويمكن استنادا إلى هذا التحليل أن نميز بسهولة بين الحالات التي يكون فيها القاضي الإداري ملزما باعتماد الأوراق الإدارية في الإثبات وهي الحالات المتعلقة بوقائع إدارية، على أن المشرع قد يعفينا من اعتماد هذا المعيار بالتنصيص على وسائل الإثبات المتعلقة بكل واقعة إدارية  على حدة وهو الأمر الذي يبدو صعبا في ظل كثرة الوقائع المرتبطة بالعمل الإداري، وعدم تقنين القانون الإداري على غرار القانون المدني والقانون الجنائي، بحيث يبقى عنصر تميز هذا القانون وقوته مستمدين من حرية القاضي الإداري وقدرته على خلق قواعد قانونية جديدة.

 وبالرجوع لقرار محكمة النقض موضوع التعليق فالكشف الحسابي النهائي كوثيقة تمسكت بها الإدارة في الإثبات وهي المشار إليها في الفقرة الرابعة من المادة 68 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة التي نصت على أن “ صاحب المشروع بعد  أن يتأكد أن الأشغال قد انجزت بدقة يسلم محضرا عن التسليم النهائي للأشغال”، هذه الوثيقة لا يسري عليها ما يسري على وسائل الإثبات التي أشرنا إليها سابقا، والتي يبقى القضاء ملزما بالأخذ بها، بحيث أن واقعة إنجاز الأشغال التي لا تعتبر واقعة إدارية بل واقعة مادية  يمكن معاينتها بشتى الوسائل  وكالتزام يقع على عاتق المقاول غير مؤطرة بعلاقة نظامية تربط بين الإدارة والمدعى عليه نائل الصفقة، كما هو الشأن بعلاقة الإدارة بموظفيها بل يتعلق الأمر بعلاقة عقدية، بحيث ينبري مبدأ التوازن في العلاقة  بين الطرفين وتغيب الإرادة المنفردة للإدارة بما لها من سلطة رغم وجود الشروط الاستثنائية غير المألوفة في العقد الإداري[21]، فإذا كانت الإدارة تتوخى تحقيق المصلحة العامة من خلال إنجاز الصفقة العمومية، فإن الطرف الآخر للعقد يهدف من خلال عملية التعاقد هذه إلى تحقيق مصلحته الخاصة، بحيث أن النزاع بين الطرفين هنا ينصب حول حقوق والتزامات اتفقا عليها عن طريق آلية التعاقد.

ومن المفيد القول بأن بعض الوقائع المادية التي تحدث في إطار العلاقة النظامية بين الموظف والإدارة يوكل أمر إثباتها إلى جهة محايدة غير الإدارة المعنية، فإثبات مرض الموظف مثلا يتم من خلال الشواهد الطبية التي تسلم من طرف طبيب محلف تشرف عليه الإدارة المكلفة بمرفق الصحة، وإثبات واقعة الولادة أو الوفاة  يتم من خلال السجلات الرسمية[22] التي تسلم الشواهد المتعلقة بها من طرف القطاع المختص، لذلك فإن حصر عملية إثبات الوقائع المادية في العلاقة التعاقدية  والتي يعتبر فيها المقاول المتعاقد على خلاف الموظف العمومي متحررا من تبعيته للإدارة  في الوثائق والأوراق الإدارية المعدة من طرف الإدارة ذاتها والمنصوص عليها بدفاتر الشروط الإدارية العامة يعد تعسفا في حق المقاول، وينال من مبدأ الحياد الذي يجب أن يحيط بوسائل الإثبات عند التنازع.

وقد يرى البعض أنه يمكن القول بأن وسيلة الإثبات التي تمسكت بها الإدارة هنا وهي الكشف الحسابي النهائي قد تم التنصيص عليها من قبل المشرع  من خلال نص تنظيمي وهو المرسوم رقم 1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000 المصادق على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، مما يجعله يدخل في زمرة وسائل الإثبات التي قيد بها المشرع القضاء وبالتالي  يتوجب على القاضي الإداري أخذها بعين الاعتبار عند البث في النزاع[23].

لكن بالرجوع للتعليل الذي ذهبت إليه محكمة النقض في القرار أعلاه نجد أن المحكمة لم تناقش مدى حجية الكشف الحسابي النهائي كوسيلة من وسائل الإثبات بشكل عام، أو كورقة إدارية بشكل خاص، بل أقرت بكون إثبات الالتزام في إطار الصفقات العمومية تحكمه مسطرة خاصة وهي التي نظمها دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، لكنها رفضت التقيد بهذه الضوابط الشكلية حسب تعبير المحكمة في الإثبات وتمديدها إلى مرحلة المنازعة القضائية، فهي لم تناقش مدى حجية الكشف الحسابي النهائي في الإثبات وهو الغائب هنا ضمن وسائل الإثبات، لكنها رفضت جعله الوثيقة الوحيدة والحاسمة في الإثبات، فالإدارة هنا لم تعزز موقفها من خلال الكشف الحسابي النهائي كوسيلة من وسائل الإثبات منصوص عليها بدفتر الشروط الإدارية العامة بل أرادت تعزيز موقفها بكون غياب هذه الوثيقة يقوم كدليل قاطع أو كقرينة على عدم إنجاز الأشغال من طرف المقاول طبقا لما هو متفق عليه بالعقد، وهو ما رفضته المحكمة، فإذا كان الكشف الحسابي النهائي وسيلة من وسائل الإثبات المنصوص عليه بدفتر الشروط الإدارية العامة فإن غيابه ضمن وسائل الإثبات لا يمكنه أن يغل يد المحكمة ويقيد حريتها في الاستعانة بالوسائل العامة في الإثبات.

فقد ذهبت المحكمة في تعليلها إلى أن “تقديم الكشف الحسابي النهائي كشكلية في الإثبات لا يمكن أن يمتد إلى مرحلة المنازعة القضائية، وبالتالي يحق لها اللجوء إلى القواعد العامة في الإثبات، والمحكمة لما لجأت في إطار التحقيق إلى الأمر بخبرة في الموضوع، وتأكد لما من التقرير المنجز بها أن هناك أشغالا أخرى ثبت إنجازها من طرف المطلوب في النقض، وأنه يستحق عنها تعويض وقضت على النحو الوارد في منطوقها، تكون قد استندت إلى حقائق ومعطيات واقعية أثبتتها الخبرة، وجاء قرارها معللا تعليلا سليما”.

وقد كانت القاعدة التقليدية في إجراءات الخصومة عادة هي تكريس سلطة الخصوم في توجيهها، فهم اللذين يسيرون الإجراءات ويقدمون الأدلة، أما القاضي فدوره سلبي، وهو ما يسمى بحياد القاضي، وهكذا تكون الخصومة كمباراة بين الخصوم يحكمها القاضي الذي يراقب سير المباراة ويعلن نتيجتها في النهاية[24].

ولكن الاتجاه الحديث في الفقه قد أقر بحقيقة أن القضاء وظيفة عامة، ولا يمكن أن يترك نشاطه لهوى الأفراد، لذا زود القانون المصري القاضي بدور إيجابي، في توجيه سير الخصومة وتحقيق الدعوى، فيخوله مراقبة أعمال الخصوم وفرض جزاءات عليهم، كما يخوله سلطة اختصام الغير من تلقاء نفسه، إذا رأى ذلك لمصلحة العدالة، أو لإظهار الحقيقة، وسلطة وقف الخصومة، كما خوله سلطة إجراء تحقيق أو استجواب للخصوم من تلقاء نفسه، أو إجراء خبرة وهكذا لم يعد توجيه اجراءات الخصومة احتكارا للخصوم وإنما يشاركهم فيه القاضي.

وبمقتضى هذا المبدأ فهناك علاقة مباشرة بين القاضي ووسائل تحقيق الدعوى، وهو ما يؤدي بطريقة أفضل إلى استرعاء نظره إلى النقاط الرئيسية في الدعوى وتنويره بوقائعها[25].

ثانيا: عناصر الإثبات المعتمدة من طرف القاضي الإداري في الصفقات العمومية.

إذا كانت الإدارة في وسائل الإثبات المرتبطة بمنازعات الصفقات العمومية تحاول جاهدة الاحتكام إلى دفاتر الشروط الإدارية العامة باعتبارها صمام الأمان لضمان إنجاز المشروع، وحماية المصلحة العامة، فإن حرية القاضي الإداري في المنازعات الإدارية عموما  وانفتاحه على مختلف وسائل الإثبات المفيدة في المنازعة المعروضة عليه غالبا ما يتعارض مع مساعي الإدارة في هذا السياق، وتعتبر القرائن من وسائل الإثبات الأكثر مرونة التي يمكن أن يستعين بها القاضي الإداري في البحث عن الحقيقة، وقد عرف الدكتور كمال وصفي القرينة بكونها “وقائع معينة معلومة وثابتة تؤكد وتشهد على وقائع أخرى مترتبة عليها وغير ثابتة بذاتها”[26]، وقد عرفتها المادة 449 من قانون الالتزامات والعقود المغربي بكونها “دلائل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة”.

وإذا أردنا تطبيق هذه القاعدة على النازلة موضوع قرار محكمة النقض يمكننا القول أن ماهو ثابت هنا هو غياب الكشف الحسابي النهائي للصفقة العمومية موقع عليه من طرف جميع الأطراف، وما هو غير ثابت بذاته هو عدم التزام المقاول ببنود الصفقة  وعدم إنجازه للأشغال المنصوص عليها في العقد بالشكل المتفق عليه.

والأصل في القرائن أنها تقبل إثبات العكس، لكن الشارع قد يرى إعطاء القرينة قوة أكبر، وذلك لاعتبارات أساسية متعلقة بالنظام العام، بحيث تجعل من الخطر إباحة مناقشتها فيحرم إثبات العكس[27]، والاستثناء ألا يطعن في القرائن إلا بالزور، وذلك بالنظر لحرية القاضي الإداري في تقدير الدليل، حيث أن صلاحية القاضي الإداري في التقدير تكفي المشرع مؤونة سن تشريع بهذا الصدد لتحديد قوة وسائل الإثبات، حيث أن القضاء الإداري بالإضافة لكونه قضاء مشروعية فهو قضاء ملاءمة كذلك، فإذا كانت كل الأوراق الإدارية لا تقبل إلا الطعن بالزور فإن القاضي الإداري عندها يفقد مرونته في تقدير وسائل الإثبات[28].

والأصل أن القاضي الإداري له تقدير واسع في استنباط القرائن، بسبب انخراطه وإحاطته بظروف عمل الإدارة، لذلك فالقرائن تعد في مقدمة وسائل الإثبات المعتمدة من طرف القاضي الإداري، بل إن المستندات والأوراق في حد ذاتها ليست إلا قرائن مكتوبة تترابط مع بعضها لإثبات الوقائع، وهي في الآن نفسه قابلة لإثبات العكس، فالقاضي الإداري يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في وزن وتقدير ما يقدم إليه من أدلة وعناصر، دون أن يكون لأي منها حجة أو قوة محددة في الإثبات طالما أن المشرع لم يحدد ذلك، ومن ثم فإن تقدير الأدلة متروك أصلا لوزن واقتناع القاضي من حيث إثباتها ومدى حجيتها، دون الالتزام بدليل دون آخر، أو الاعتداد بقوة معينة لدليل محدد، وذلك فيما عدا بعض الحالات الاستثنائية  التي نص فيها القانون على دليل معين بشأن واقعة محددة، مثل مسألة إثبات كفاءة الموظف من خلال التقارير، أو إثبات مرض الموظف من خلال الشواهد الطبية، وإثبات واقعة الولادة أو الوفاة بالسجلات الرسمية[29].

وعلى هذا الأساس قضى مجلس الدولة اللبناني بأن تقاعس الإدارة عن وضع الوثائق المتعلقة بالوقائع تحت تصرفه يشكل قرينة قوية على صحة سرد هذه الوقائع من قبل المدعي[30].

كما أن سكوت المدعي إزاء دفع أدلت به الإدارة يعبر عن اعتراف ضمني بصحة هذا الدفع إذا كانت أوراق الملف لا تتضمن دليلا معاكسا[31].

وفي قرار محكمة النقض الذي بين أيدينا فقد ذهبت هذه الأخيرة إلى أن نائل الصفقة ما فتئ يعيب على الإدارة عدم تعاونها في شأن إعداد الوثائق الإدارية الضرورية ولاسيما الكشف الحسابي النهائي للصفقة، مما يمكن معه القول بإعمال مبدأ القرينة القضائية[32] وهي استنتاج  وقائع غير ثابتة بذاتها انطلاقا من وقائع أخرى معينة معلومة وثابتة أن الإدارة غير سليمة النية بخصوص أداء ما يتوجب عليها نظير تنفيذ الصفقة العمومية.

وكما قلنا سابقا فالورقة الإدارية التي أرادت الإدارة الارتكاز على غيابها كقرينة على عدم إتمام تنفيذ العقد من طرف نائل الصفقة هي بحد ذاتها قرينة كتابية، والقرينة الكتابية سواء كانت موجودة أو غائبة كما هو الشأن بالنسبة للكشف الحسابي النهائي في هذه النازلة، فالقاضي الإداري يحق له أن يتجه لتأسيس حكمه إلى مختلف الأمارات والشواهد والدلائل التي تظهر من مختلف أوراق الملف مع استخدام مختلف القواعد العامة في الإثبات، بما في ذلك إجراءات التحقيق كسماع الشهود والخبرة ودعوة الخصوم، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في هذا القرار بالاتجاه إلى الأمر بإجراء خبرة في الموضوع، فاقتصار القاضي في تأسيس حكمه على ما يبديه الخصوم أمامه  من أقوال وما يقدمونه من أدلة وما يترتب على ذلك من ضرورة عرض أدلة كل من الخصمين على الأخر لمناقشتها ودحضها، يؤدي إلى منع القاضي من القضاء بعلمه الشخصي[33].

ويمكن تعريف الخبرة كإجراء من إجراءات التحقيق  بكونها عملية استشارة أهل الفن في إثبات مسألة واقعية منتجة في الدعوى، ويرى بعض الفقهاء أن الخبرة شهادة فنية فهي صورة من صور الشهادة[34]،وليست دليلا يصنعه القاضي بنفسه، وكما هو الشأن لكثير من موضوعات القانون الإداري فالمشرع لم يضع تقنينا خاصا للخبرة كإجراء قضائي في المنازعات الإدارية، ويمكن القول أن المشرع المغربي قد نظم هذا الإجراء بطريقة ضمنية من خلال الإحالة المنصوص عليها بالمادة 07 من قانون 41-90 المنشأ بموجبه محاكم إدارية على قانون المسطرة المدنية، حيث نصت المادة 07 على أن “تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خالف ذلك”[35]، وقد نظم المشرع المغربي الخبرة كإجراء بمقتضى النصوص من 59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية، في حين تم تنظيم  وسائل الإثبات من خلال المادة 404 من قانون الإلتزامات والعقود وهي إقرار الخصم، والحجة الكتابية، وشهادة الشهود، والقرينة، واليمين والنكوص عنها[36]، وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 59 من قانون المسطرة المدنية على أنه “يجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني كما يمنع عليه الجواب على أي سؤال يخرج عن اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون”[37].

وتبقى دعوى القضاء الشامل وهي التي تندرج في إطارها معظم منازعات العقود الإدارية مجالا خصبا للخبرة  في المنازعات الإدارية، لكونها تنطوي على حقوق شخصية متنازع عليها وذلك بعكس دعوى المشروعية أو دعوى الإلغاء التي يخاصم فيها القرار الإداري ويتم مراقبة مدى التزامه بالقانون، مما يجعل اللجوء إلى الخبرة في هذه الدعوى شبه منعدم، والأصل أن القاضي الإداري يبقى حرا في إجراء الخبرة أو رفضها حتى ولو لم يطلبها أحدالخصوم انسجاما مع الدور الإيجابي الذي يضطلع به وبسبب تعلق الدعوى الإدارية بالنظام العام[38].

وقد ذهبت محكمة النقض في القرار الذي بين أيدينا إلى أن “المحكمة لما لجأت في إطار التحقيق إلى الأمر بخبرة في الموضوع، وتأكد لما من التقرير المنجز بها أن هناك أشغالا أخرى ثبت إنجازها من طرف المطلوب في النقض، وأنه يستحق عنها تعويض وقضت على النحو الوارد في منطوقها، تكون قد استندت إلى حقائق ومعطيات واقعية أثبتتها الخبرة، وجاء قرارها معللا تعليلا سليما”.

 فإذا كان دفتر الشروط الإدارية العامة قد حدد مسطرة إجراء عملية الاستلام النهائي، ومنها تقديم الكشف الحسابي النهائي موقع ومقبول من طرف جميع الأطراف، فإنه لم يحدد ولا يمكنه أن يحدد داخل العملية التعاقدية الأحكام الواجب إعمالها لفض الخلافات التي قد تنشأ بين المقاول والإدارة، بمناسبة إجراء هذه العملية، لذلك فقد تمتنع الإدارة عن القيام بإجراء التسليم النهائي بدعوى عدم امتثال المقاولة لأمر الإدارة بإصلاح بعض العيوب التي تظهر خلال فترة الضمان، أو بسبب عدم توافق الإدارة والمقاولة على حصر الكشف الحسابي النهائي أو للاختلاف حول كميات الأشغال ونوعها ومدتها كما هو الشأن بالنسبة للقرار الذي بين أيدينا[39].

ومعلوم أن عدم حصول عملية الاستلام النهائي يبقي بعض التزامات المقاولة سارية وحائلا دون استرداد الضمانات التي بذمتها في إطار عقد الصفقة كالضمانة النهائية وهو الأمر الذي يرهق كاهلها بالفوائد[40].

ومنعا لتعسف الإدارة في ممارسة سلطتها اتجاه المتعاقد معها بإبقائه تحت قيد الالتزام تذرعا بعدم استيفاء بعض الشكليات التي وضعتها فإن القضاء الإداري غالبا ما يتدخل للحيلولة دون ذلك، فإذا كان المشرع قد منح الإدارة في إطار عقود الصفقات العمومية مجموعة من الامتيازات في مقابل المتعاقدين معها فإن الإدارة ملزمة باستعمال تلك الامتيازات بما يخدم المصلحة العامة فقط ولحمايتها دون تجاوز ذلك، وتقدير ذلك لا تنفرد به الإدارة لوحدها بل يمنح للقاضي الإداري سلطة مراقبة تصرفات الإدارة واستعمالها لسلطاتها في إطار العقود الإدارية.

وقد درج القضاء الإداري المغربي على الاستعانة بكافة وسائل الإثبات الممكنة فيما يتعلق بالمنازعة في عملية الاستلام النهائي للصفقة، فقد جاء في الحكم، عدد459 بتاريخ 04/07/2006 الصادر عن المحكمة الإدارية لفاس “حيث أنه في غياب إنجاز محضر التسليم النهائي لوجود نزاع بين الطرفين، ومادام أن المدعية قد أنجزت الأشغال موضوع الصفقة حسب تقرير الخبير المنتدب فتكون بذلك محقة في المطالبة برفع اليد عن مقتطع الضمان وعن الضمانة النهائية ولو في غياب محضر التسليم النهائي للأشغال”[41].

كما ذهبت المحكمة الإدارية لمكناس في الحكم ، رقم 508/05/03 بتاريخ 23/12/2005 إلى أنه “وحيث أن الثابت من أوراق الملف أن المدعية أنجزت الأشغال المتعلقة ببناء إعدادية ابن رشد تحت إشراف وتتبع الجهة المدعى عليها وأن هذه الأشغال قد تم تسليمها بدون تحفظ أو اعتراض، وانطلقت الدراسة في الإعدادية بعد تدشينها، وحيث أن تمسك المدعى عليها بكون المدعية لازالت لم تحصل بعد على محضر الاستلام النهائي يتعارض مع تحقق هذه الواقعة حكما بعد مرور أجل السنة عند ابرام محضر التسليم المؤقت”[42].

وقد عملت محكمة النقض على تتويج هذا الإجتهاد القضائي من خلال قرار الغرفة الإدارية عدد 26 بتاريخ 12/01/2005 الذي جاء فيه، ” لكن حيث أن واقعة إعمار الشقق موضوع الصفقة بالرغم من كونها تعتبر مؤشرا لقيام موجبات التسليم النهائي فإنها قرينة على إنجاز الأشغال من طرف المقاولة وبالتالي تقوم معها إلزامية التسليم النهائي من طرف الإدارة، الذي لا يمكن أن يظل معلقا على أي وقت تختاره الإدارة بحجة عدم قيام المقاولة ببعض الإصلاحات التي يطلبها الآمر، وهي تملك صلاحية القيام بها بواسطة الغير على نفقة المقاولة إن وجدت، والحال أنه تم مرور أربع سنوات بين تاريخ التسليم المؤقت وتاريخ الدعوى، وأن قواعد العدالة توجب تقييد كل التزام في مدد معقولة وفقا للسير العادي للأمور وطبيعة العمل ذاته”[43].

يتضح جليا من خلال هذه الأحكام والقرارات مدى المرونة التي يتمتع بها الاجتهاد القضائي الإداري في بناء قناعاته بخصوص تقدير مدى انجاز الأشغال المتعلقة بالصفقة العمومية أو عدمه، وذلك باعتماده لمختلف وسائل الإثبات الممكنة سواء كانت عبارة عن قرائن يتم الاستنتاج من خلالها أو من خلال إجراءات قضائية يتم اللجوء إليها عند التحقيق في النازلة، ومن الجدير الإشارة إلى أن القاضي الإداري وعلى عكس قواعد الإثبات في القانون المدني الذي يجيز إثبات الوقائع المادية بكل الوسائل، ولا يجيز إثبات التصرفات القانونية إلا بما هو محدد قانونا كالكتابة أو قواعد الشكل الرسمية[44]، فإنه في مجال الخصومة الإدارية كل وسائل الإثبات تقف غالبا على نفس الدرجة من حيث قوتها الثبوتية سواء تعلق الأمر بوقائع مادية أو تصرفات قانونية، إلا في حالات نادرة[45].

ومن المعلوم أن عملية التسليم النهائي للصفقة تتم  بشكل صريح كمبدأ عام في مواجهة طرفي العقد بموجب محضر يوقعانه، كما نصت على ذلك الفقرة الرابعة من المادة 68 من مرسوم رقم 1087-99-2 الصادر في 04/05/2000 بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، “ويسلم صاحب المشروع حينئذ، بعد التحقق من أن الأشغال قد أنجزت بدقة، وبعد انصرام مدة الشهرين المذكورة محضرا عن التسلم النهائي للأشغال”، فمن حق المقاول على الإدارة أن تقوم بإجراء الاستلام النهائي عند نهاية مدة الضمان إذا ما كانت الأعمال سليمة، إما لأنها كانت كذلك منذ أول الأمر، أو متى أصبحت كذلك بعد أن ينفذ المقاول ما تطلبه الإدارة من إصلاحات، فإذا رفضت الإدارة الاستلام، فإنها تتعرض للمسؤولية التعاقدية، ومن حق المقاول أن يلجأ إلى قاضي العقد، لإثبات أن الأعمال في حالة تسمح باستلامها، وذلك لأن للمقاول حقا مكتسبا في أن يتم الاستلام النهائي حتى يمكنه الحصول على المقابل المتفق عليه من ناحية، وأن يتحرر من التزامه بالتنفيذ من ناحية أخرى[46].

وإذا كان الأصل في تسلم الأشغال أن يكون صريحا فإن مجلس الدولة الفرنسي قد أجاز الإستلام الضمني وذلك بشرط إثبات أن الأشغال كانت في حالة تسمح باستلامها نهائيا، بحيث يترتب عن الاستلام النهائي نتائج حاسمة فيما يتعلق بانقضاء الصفقة العمومية أو عقد الأشغال العامة وما يولد من التزامات، ويمكن إجمال تلك النتائج في ما يلي:

أولا: انتقال الملكية وتحمل تبعة الهلاك إلى الإدارة، يؤدي الاستلام النهائي بعكس الاستلام المؤقت إلى انتقال ملكية الأعمال إلى الإدارة نهائيا، وبالتالي فإن الإدارة منذ تاريخ هذا الاستلام، تتحمل نتيجة هلاك تلك الأعمال.

ثانيا: يتحلل المقاول من واجب الصيانة الذي يقع على عاتقه في الفترة ما بين التسليم المؤقت والتسليمالنهائي، وبالتالي لا تملك الإدارة أن تكلف المقاول بشيء من هذا القبيل بعد التاريخ السابق.

ثالثا:لا تملك الإدارة بعد الاستلام النهائي أن تحتج بمخالفة المقاول للعقد، أو أنه لم يحترم شروطه في التنفيذ ولا تستطيع  أن  تطالب بالتعويض عن شيء من هذا القبيل[47]، فقد  نصت المادة 69[48] من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000  على أنه “بعد انصرام أجل الضمان، يحرر المقاول من التزاماته التعاقدية، باستثناء الالتزامات المشار إليها في الفقرة “ب” من المادة[49]67 مع مراعاة دعوى الضمان لصالح صاحب المشروع المنصوص عليها في الفصل 769 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان  1331،12 أغسطس 1913  بمثابة قانون الالتزامات والعقود”[50].


[1]– تجدر الإشارة أن المشرع المغربي لم يضع تعريفا محددا للعقد الإداري، وهو أمر ليس بغريب بالنظر لعدم وجود تقنين خاص بالقانون الإداري على غرار القانون المدني، لكن الاجتهاد القضائي الإداري  درج على ضرورة وجود مجموعة من الشروط الأساسية في العقد لإمكانية القول بكونه عقدا إداريا وهي:

– أن يكون أحد طرفي العقد شخصا من أشخاص القانون العام.

– أن يتضمن العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.

– أن يتعلق موضوع  العقد بإدارة أو تسيير مرفق عمومي.

[2] – مرسوم رقم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة،المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية رقم:4800 بتاريخ 01/06/2000.

3- بن داني يوسف، مدى استقلالية قواعد الإثبات في القانون الإداري عن نظرية الإثبات في القانون الخاص، مجلة القانون، تصدر عن معهد العلوم القانونية والإدارية، المركز الجامعي أحمد زبانة بظيزان، المجلد 07/العدد01-2018، ص،167،https://www.asjp.cerist.dz/en/article/71895.

[4]– يمكن من زاوية أخرى النظر إلى دفتر الشروط الإدارية العامة للصفقة العمومية  ليس  فقط كقيد موضوع  من طرف الإدارة  لمراقبة المقاول نائل الصفقة وتقييده، بل يمكن النظر إليها كذلك كمقتضيات وضعت لحماية المصلحة العامة  ومراقبة الإدارة المشرفة على المشروع كذلك، وضمان عدم انحرافها عن الهدف الأساسي للصفقة وهو تحقيق المصلحة العامة.

[5] –  المادة 08 من مرسوم رقم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة،المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية رقم:4800 بتاريخ 01/06/2000.

[6]– نصت الفقرة الأولى من المادة 70 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000  على  أنه “إذا لم يتقيد المقاول إما ببنود الصفقة أو بأوامر الخدمة الصادرة إليه  من لدن صاحب المشروع، توجه له السلطة المختصة إعذارا للامتثال لها داخل أجل يحدده بمقرر يبلغ إليه بواسطة أمر بالخدمة.

[7] – المادة 16 من مرسوم رقم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة،المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية رقم:4800 بتاريخ 01/06/2000.

[8] – المادة 70 من مرسوم رقم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة،المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية رقم:4800 بتاريخ 01/06/2000.

[9] – المادة 68 من مرسوم رقم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة،المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية رقم:4800 بتاريخ 01/06/2000.

– برهان خليل زريق، نظام الإثبات في القانون الإداري،الطبعة الأولى،2009،مطبعة الداودي، دمشق، ص:106.[10]

– حكم مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 27 يناير 1964 أوردهبرهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 108.[11]

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 112.[12]

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 114.[13]

14- يمكننا القول هنا أن محضر التسليم النهائي للأشغال كوثيقة تمسكت بها الإدارة   للإثبات في قرار محكمة النقض الذي بين أيدينا،  تتوفر فيه الشروط  أعلاه المطلوبة في الورقة الإدارية ، بحيث يبقى هذا المحضر  وسيلة  تهدف إلى إثبات واقعة  قانونية  متعلقة بحق يراد إثباته.

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 124.[15]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 124.[16]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 124.[17]

– حكم محكمة القضاء الإداري المصري، الصادر بتاريخ 16 يونيو 1970، أورده برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 128.[18]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 135.[19]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 135.[20]

[21] – إذا كانت الشروط الإدارية العامة في الصفقات العمومية  بمثابة قواعد ثابتة غير قابلة للنقاش يتم التنصيص عليها بموجب  قرار تنظيمي لتحديد مجموعة من القواعد التي تعمل على ضمان تنفيذ المشروع وتحقيق المصلحة العامة، فإن الشروط الخاصة للصفقة تبقى أكثر مرونة  بحيث تضم  تعريفا دقيقا للأطراف المتعاقدة وهويتهم، وآجال التنفيذ  ووسائل الأداء، كما تضم الإلتزامات المتبادلة  التي تثبتها الصفقة على أساس عقد الإلتزام الذي يوقعه نائل الصفقة تعبيرا عن إرادته  وموافقته على إبرام العقد.

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 146.[22]

[23]– من المفيد الذكر بأن الدستور المغربي نص في فصله 118 بأن “كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة”، مما يفتح المجال لرقابة القضاء الإداري على  مشروعية المراسيم  التي تسري عليها صفة القرار الإداري التنظيمي  وبالتالي اعتبارها جزءا لا يتجزأ من القرارات الإدارية المعبرة عن إرادة السلطة الإدارية  وعدم اعتبارها نصوصا تشريعية.

[24]– وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص:644.

[25]– وجدي راغب فهمي، مرجع سابق، ص: 645.

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 137.[26]

[27]– إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، القواعد العامة لوسائل الإثبات، طبعة 1981، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص،137.

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 141.[28]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 146.[29]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 146.[30]

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 147.[31]

[32] – ذكر الأستاذ  إدريس العلوي العبدلاوي  بأن القرائن نوعان، نوع يستنبطه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى المعروضة عليه، ويعتبر استنتاجات فردية في حالات خاصة، ونوع يستنبطه المشرع نفسه مما يغلب وقوعه عملا في طائفة معينة من الحالات، فيبني عليه قاعدة عامة ينص عليها في صيغة مجردة، والنوع الأول هو القرائن القضائية، والنوع الثاني هو القرائن القانونية، إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص،129.

[33]-إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص،39.

-برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 241.[34]

35- المادة 07 من قانون 41-90 المنشأ  بموجبه محاكم إدارية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 225.91.1 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414، 10 سبتمبر  1993.

[36] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص،54.

– المادة 59 من قانون المسطرة المدنية، صيغة محينة بتاريخ 22 يوليو 2021. [37]

– برهان خليل زريق، مرجع سابق، ص 244.[38]

– محمد القصري، القاضي الإداري  ومنازعات الصفقات العمومية، المجلة العربية للفقه والقضاء، العدد 46 بحوث ودراسات، مدونة المنبر القانوني، ص:129.[39]

– محمد القصري، مرجع سابق، ص:129.[40]

– حكم المحكمة الإدارية بفاس، عدد459 بتاريخ 04/07/2006،أورده محمد القصري، مرجع سابق، ص،130.[41]

– حكم المحكمة الإدارية بفاس، رقم 508/05/03 بتاريخ 23/12/2005،أورده محمد القصري، مرجع سابق، ص،130.[42]

– قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، عدد 26 بتاريخ 12/01/2005، أورده محمد القصري، مرجع سابق، ص،131.[43]

[44]– ذكر الأستاذ إدريس العلوي العبدلاوي،  في كتابه وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، بأن الأدلة المطلقة هي التي تقبل لإثبات جميع الوقائع سواء كانت تصرفات قانونية أو وقائع مادية وهي الكتابة والإقرار واليمين الحاسمة، أما شهادة الشهود والقرائن فهي من الأدلة المقيدة  بمعنى أنها تقبل لإثبات الوقائع المادية دائما ولكنها لا تقبل لإثبات التصرفات القانونية في جميع الأحوال، إدريس العلوي العبدلاوي،  مرجع سابق، ص،56.

45- بن داني يوسف، مرجع سابق، ص،168

46 – سليمان محمد الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، دراسة مقارنة، الطبعة الخامسة 1991، مطبعة جامعة عين شمس، ص،821.

– سليمان محمد الطماوي، مرجع سابق، ص، 822.[47]

48-المادة 69 من من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000، جريدة رسمية رقم، 4800 بتاريخ 01/06/2000.

[49]– نصت الفقرة ب من المادة 67  من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة المصادق عليه بموجب المرسوم  1087.99.2 بتاريخ 04 ماي 2000 على أنه “يتوجب على المقاول التقيد بالتزام يدعى التزام الإنهاء التام، يقوم بمقتضاه على نفقته بتدارك جميع الاختلالات التي أشار إليها صاحب المشروع، بحيث تكون المنشأة مطابقة للحالة التي كانت عليها عند التسلم المؤقت، أو بعد إصلاح الشوائب والعيوب التي تمت معاينتها خلال التسلم المؤقت”.

[50]– نص الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود على أن “المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل، يتحملان المسؤولية إذا حدث خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أوغيره من الأعمال التي نفذاها، أو أشرفا على تنفيذها، انهيار البناء كليا أو جزئيا، أو هدده خطر واضح بالانهيار بسبب نقص المواد، أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض، المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على إنجاز عملياته، لا يضمن إلا عيوب تصميمه، تبدأ مدة العشر سنوات من يوم تسلم المصنوع، ويلزم رفع الدعوى خلال الثلاثين يوما التالية ليوم ظهور الواقعة  الموجبة للضمان ، وإلا كانت غير مقبولة.