المخدرات الرقمية: المفهوم وإشكالية التجريم والعقاب

24 أبريل 2023
ادريس القبلي الجامعة القانونية المغربية الافتراضية

المخدرات الرقمية: المفهوم وإشكالية التجريم والعقاب

أصبحت شبكة الأنترنت تمثل وجه المجتمع المعلوماتي الجديد من خلال ما تنشره من قيم وتقاليد وثقافة خاصة، وبما تقدمه كذلك من قوة كبيرة للنخبة التي تدير هذه الشبكة، إذ التطور التكنولوجي الذي شهده العالم المعاصر تدخل في أعماق المجتمع وحمل معه بوادر تأثير اجتماعي وتطور حضاري وغزو ثقافي[1].

فتسارع الحياة في المجتمع الافتراضي أدى إلى استحواذ هذا الأخير على حياة العديد من الأفراد، الأمر الذي سمح بظهور العديد من التفاعلات والنشاطات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية[2]، فالتطور الذي عرفته كل التكنولوجيات وخاصة مجال الاتصال والمعلوماتية يمكن القول معه أن كل شيء تقليدي أصبح يقابله شيء تقني أو رقمي[3].

لذا نجد أن قوى الشر وفكرها انتبهت إلى مزايا شبكة الانترنت التي يمكن الاستفادة منها في تنفيذ أفكارها الإجرامية بدرجة عالية من الأمان والسرية والسرعة[4]. فقد ظهرت في الساحة مشاكل عديدة ومتنوعة كالمخدرات والإدمان التي انتقلت ممن جانبها الملموس كالحقن والشم والتدخين وتناول الحبوب والمهلوسات إلى نوع جديد اصطلح عليه بالإدمان الرقمي، وهذا مصطلح جديد كما هو معلوم، فهو ليس نتاج الطبيعة أو نتاج عمليات كيميائية معقدة داخل المعامل، بل هو نتيجة التطور الهائل في الوسائط التكنولوجية التي باتت اليوم وسيلة سهلة الحصول لدى الجميع عبر الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر[5].

إذ أصبح الانتقال إلى الأوكار الإجرامية من طرف المتعاطين لشراء المادة المخدرة أو تعاطيها سلوكا تقليديا قديما بخلاف التقنية الرقمية الجديدة التي أفرزت وكرا جديدا لتعاطي المواد المخدرة يتميز بمميزات شبكة الانترنيت[6]، فرغم قدم مشكلة المخدرات إلا أنها لا تزال تلقي بظلالها إلى اليوم خاصة مع ما أنتجته الثورة الرقمية من ميلاد مخدر جديد يعرف بالمخدر الرقمي، إذ أصبحت الدول تواجه مخدر أكبر خطورة من سابقه الذي لم تتمكن من القضاء عليه [7].

وتعتبر المخدرات الرقمية مصطلحا تجاريا تم تبنيه من طرف مروجيه لاستقطاب الشباب لاستخدامها، فهي ليست تقليدية من حيث جوهرها ومكوناتها وشكلها وطرق تعاطيها، حيث يتم فيها تحويل المادة المخدرة والمؤثرة على النواحي العقلية من شكلها المادي أو السائل أو الغازي إلى شكل جديد، من خلال تحميلها في أوعية إلكترونية رقمية على شكل أسطوانات أو ملفات، بحيث يشكل الملف أو الأسطوانة الجرعة المخدرة، فتعطي نفس تأثير المخدرات التقليدية على عمل الدماغ وتفاعلاته الكيميائية والعصبية[8].

فالمخدرات الرقمية أحدث وسائل الإدمان النفسي، حيث تعتمد على التأثير على العقل والحواس عبر دخولها إلى الأذن في صورة نغمات موسيقية وتحدث تأثيرا سلبيا على ذبذبات المخ الطبيعية، فقد تؤدي إلى حالة من الاسترخاء أو من النشاط الزائد أو حالة من الهدوء العميق وغيرها من التأثيرات[9]، وتزداد خطورة الأمر إذا كان لا يمكن توجيه أي اتهام ضد متعاطي و مروج هذه المخدرات باعتبار الأفعال المرتكبة غير منصوص على تجريمها في ظل القانون الجنائي، كما لا يمكن تطبيق أي عقوبة عليها ما لم تكن محددة سلفا، ترجمة لمبدأ الشرعية الجنائية، فأغلب القوانين الجنائية المنظمة لزجر الإدمان على المخدرات تورد بين طياتها جداول تحدد فيها المواد التي تعد مخدرات و مؤثرات عقلية، و بالنتيجة فإنه ومن منطلق مبدأ الشرعية، تجد المخدرات الرقمية نطاقا واسعا من الإباحة وأرضا خصبة لإمكانية انتشارها في المجتمع[10].

لذلك فإن بحثنا سينصب على تسليط الضوء على مفهوم المخدرات الرقمية، وبيان مدى كفاية أحكام التشريع الجنائي في تجريمها والإحاطة بها.

الفقرة الأولى: مفهوم المخدرات الرقمية

المخدرات الرقمية والتي يطلق عليها أيضا “القرع على الأذنين” حسب البعض[11] هي عبارة عن مجموعة من الأصوات والنغمات التي يعتقد أنها قادرة على إحداث تغييرات دماغية، تعمل على تغييب الوعي أو تغييره على نحو مماثل لما تحدثه عملية تعاطي المخدرات الواقعية، فهي عبارة عن سلسلة من الملفات الصوتية يتم الاستماع لها على نحو معين، من خلال الاعتماد على سماعات الأذن، وتؤدي إلى إحداث آثار الهلوسة، أو تعديل الحالات المزاجية والعاطفية والبيولوجية لدى من يستمع لها، وتعديل قدرات الفرد على التركيز والتأمل والانتباه ، وتعتمد هذه الملفات الصوتية على عمل تزامن بين الصوت وموجات دماغية معينة، وتكوين النتائج النهائية بعد سماع هذه الملفات، من خلال دخول الفرد في حالة تشبه حالة متعاطي المخدرات التقليدية .

فهي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعتين بكل من الأذنين، بحيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمنى على سبيل المثال وترددات اقل في الأذن اليسرى[12]، وأحيانا تترافق مع مواد بصرية وأشكال وألوان تتحرك وتتغير وفق معدل مدروس تمت هندستها لتخدع الدماغ عن طريق بث أمواج صوتية مختلفة التردد بشكل بسيط لكل أذن، ولأن هذه الأمواج الصوتية غير مألوفة يعمل الدماغ على توحيد الترددات من الأذنين للوصول إلى مستوى واحد ويصبح بالتالي كهربائيا غير مستقر، وحسب نوع الاختلاف في كهربائية الدماغ يتم الوصول لإحساس معين يحاكي إحساس أحد أنواع المخدرات أو المشاعر التي تود الوصول إليها كالنشوة[13]، فهي ذات تأثير على الذبذبات الطبيعية للمخ .

وظهور المخدرات الرقمية لم يكن وليد مصادفة أفضت إلى إيجاد هكذا تقنية في محيط العالم الافتراضي، وإنما هي نتاج سلسلة من التجارب التي كانت تجري بداية لغايات طبية نبيلة هدفها تخفيف معاناة المرضى من خلال محاولة المزاوجة بين اختصاص الطب والموسيقى[14]، وهي في الحقيقة طريقة قديمة كان الهدف منها إحداث بعض الطبوع الايقاعية من خلال بعض الأواني لتحدث نغما موجها لشخص ما يعاني اضطرابات نفسية أو وجدانية وهي موجودة منذ القدم.

وتقنية المخدرات الرقمية تعتمد في الأساس على تقنية “النقر بالأذنين” التي اكتشفها العالم الفيزيائي الألماني ” هاينريش ويلهيلم دوف” سنة 1839، الذي اكتشف فكرة القرع على الأذنين والتي اعتبرها شكلا من أشكال الطب البديل، معتمدا فيها على الموسيقى لحث الدماغ على الاسترخاء والصفاء الذهني، وإحداث بعض التأثيرات المرغوبة، التي تؤثر على موجات دماغ الشخص، بسبب اختلاف الترددات الخاصة بكل أذن من الأذنين، من حيث القوة والضعف، وهذا ما يؤدي إلى وجود شعور وإحساس معين بسبب ذلك[15].

هذه الآلية (تقنية الرنين الأذني- (Binaural Beats استخدمت لأول مرة عام 1970 من أجل علاج بعض المرضى النفسيين لاسيما الاكتئاب الخفيف والقلق وذلك عند رفضهم العلاج الدوائي، حيث كان يتم تعريض الدماغ إلى تذبذبات كهرومغناطيسية تؤدي لفرز مواد منشطة كالدوبامين، وبيتا أندروفين، وبالتالي تسريع معدلات التعلم وتحسين دورة النوم وتخفيف الآلام وإعطاء إحساس بالراحة والتحسن[16].

والمخدرات الرقمية تعمل حسب البعض[17] على تزويد السماعات بأصوات تشبه الذبذبات والأصوات المشوشة، وتكون قوة الصوت ما بين 1000 إلى 1500 هيرتز، لكي تسمع منها الدقات. الجانب المؤثر من هذه النغمات يكون عبر تزويد طرفي السماعة بدرجتين مختلفتين من الترددات الصوتية، ويكون الفارق ضئيلا يقدر ب 30 هيرتز، لذلك يشدد على أنه ينبغي أن تكون السماعات ذات جودة عالية ومن نوع “ستيريو” كي تحقق أعلى درجات الدقة والتركيز، لأن الفارق بين طرفي السماعة هو الذي يحدد حجم الجرعة، فكلما زاد الفارق زاد “ dose ” الجرعة المعطاة.

فعند الاستماع لهما بالأذنين معا سينتج صوت ثالث (أو نبض سريع) لدى أذني المستمع، مع أن هذا الصوت الثالث (أو النبض) لم يتم إرساله أصلا، ويحصل التأثير الدماغي نتيجة الاختلاف بين ما تسمعه الأذن اليمنى عن اليسرى، فيتلقى الدماغ والجملة العصبية في عمومها نسبة تردد صوتي يمثل الفارق بين الترددين المسموعين، مما يتسبب في رد فعل عصبي، قد يؤدي إلى غياب الوعي أو الهلوسة، وفقدان التركيز أو الارتخاء أو الشعور بالنشوة والإثارة وما شاكل ذلك من الأعراض التي قد تختلف من شخص لآخر وحسب موجات التردد التي يتلقاها[18] .

وبذلك تبقى المخدرات الرقمية عبارة عن ملفات صوتية ذات مدد محددة تعتمد على تقنية النقر المزدوج للأذنين أي التأثير السمعي مع إمكانية وجود الصوت والصورة معا، من خلال طرح صوتين متقاربين بترددات مختلفة في كل أذن مما يؤدي إلى تحفيز العقل البشري وتغيير موجاته حيث يكون تأثيرها شبيه بتأثير المخدرات التقليدية.

الفقرة الثانية: القصور التشريعي في مواجهة جريمة تعاطي وترويج المخدرات الرقمية

يدل التطور التشريعي لأي مشكلة في المجتمع على ضعف تأثيرها أو قوتها ، ويدل عدم وجود تشريع يحكم التعامل مع مشكلة ما على عدم وجود هذه الأخيرة أو ضعف تأثيرها على المجتمع، وعلى العكس من ذلك يدل تواتر التشريعات بشأن المشكلة والتشدد في العقوبات على تنامي تأثيرها في المجتمع وزيادة حجمها[19].

وانطلاقا من التنظيم التشريعي المغربي لمكافحة الإدمان على المخدرات[20] فإن أول ما يستأثر بالانتباه هو التنصيص على أن المخدرات مادة، أي أنها شيء مادي ملموس، بينما في حالة المخدرات الرقمية فهي عبارة عن ملفات صوتية، فكيف سيتم تعريف هذه الملفات الصوتية على أنها مواد مخدرة عندما يتم تجريمها بينما هي ليست بمادة وهي في الأصل غير ملموسة. فالقوانين تحصر المخدرات في كونها مواد طبيعية أو تركيبية -كيميائية- ،والمخدرات التقليدية يتم تحديدها في جداول من قبل الجهات المختصة التي تضيف أي مواد أخرى ترى أنها مخدرة ليتم اعتبارها مجرمة، وبالتالي تبقى هذه التسمية غير دقيقة قانونا حسب البعض[21]، ويبقى أن اختيار التعامل معها يرجع أكثر إلى حقيقة أنه تعبير فرض نفسه بسرعة كبيرة في الاستخدام القانوني.

يرى أحد الباحثين[22] أنه على مستوى التشريع المغربي يقع التساؤل عن مدى إمكانية استيعاب ظهير 21/05/1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها لمتابعة شخص ثبت إنتاجه واتجاره في المخدرات الرقمية مثلا؟ ويعتبر[23] أنه ليس هناك ما يمنع من إعمال الفصل الثاني من ظهير 21/05/1974 المذكور، طالما أنه يتحدث عن المواد والنباتات المعتبرة مخدرات، على نحو يسمح معه بإدراج الذبذبات الصوتية الإلكترونية كمواد رقمية مخدرة . غير أن الاشكال سوف يطرح بالنسبة لعدم تصنيف هذه المواد ضمن الجداول المتعلقة بالمخدرات، وهو ما يتطلب تدخلا تشريعيا لسد هذا الفراغ، باعتبار أن نية المشرع في الظهير المذكور إنما انصرفت لتجريم المخدرات التقليدية الملموسة والمحسوسة ولم يكن يخطر بباله أنه ستتحول إلى مواد مسموعة وغير مرئية بفعل الثورة التكنولوجية الرقمية والهائلة.

ويبقى هذا الرأي في شقه الأول غير سليم مادام أن مبدأ الشرعية الجنائية يجعل الأفعال لا تدخل تحت طائلة التجريم إلا من خلال وجود نص قانوني سابق يجرم الأفعال ويخلع عنها صفة المشروعية ويخرجها من دائرة الإباحة إلى نطاق التجريم، فتحديد المشرع للمخدرات على سبيل الحصر يعني أن من استهلك مادة غير تلك التي ذكرها المشرع في الجدول المرفق بالظهير لا يعد مجرما استنادا للمبدأ المذكور، وبناء على ما سبق فإننا لا نرى المعاقبة على تعاطي المخدرات الرقمية بموجب ظهير 1974 حلا قانونيا على الأقل في ظل التشريع الحالي.

وفي هذا السياق ف، اعتبار مبدإ الشرعية هو الذي دفع بالقضاء إلى استبعاد إدانة المتهم من أجل استهلاك أو التعامل بمادة لم تكن تعتبر مخدرة في ظل القانون الجاري به العمل ولم تكن من ضمن المواد المنصوص عليها في الجدول الملحق بالقانون المعني بتجريم التعامل بالمواد المخدرة.

فقد جاء في إحدى قرارات[24] محكمة النقض المصرية  أنه:” إذا صدر التشريع وقد خلت جداوله من النص على إحدى المواد كجوهر مخدر رغم أنها في قانون سابق كانت تعتبر كذلك، فإنها في ظل القانون الجديد لا تعتبر مؤثمة مادام أن القانون الجديد قد ألغى القانون السابق الذي كان يؤثمها، و أصبح حيازتها فعلا مباحا، وحتى إذا صدر قانون لاحق يؤثمها و يرجع تاريخ إعماله إلى تاريخ إعمال التشريع الجديد لأنه لا يجوز تأثيم فعل بقانون لاحق لأن القوانين الجنائية لا ينسحب أثرها إلى الأفعال التي لم تكن مؤثمة قبل إصدارها”.

كما أن الدفع بكون المادة التي تم تعاطيها ليست بالمخدر ، لا يمكن إبدائه لأول مرة أمام قضاء النقض، إذ جاء في إحدى قرارات[25] الصادرة عن المجلس الأعلى سابقا( محكمة النقض حاليا): ” لكن حيث إن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع بأن ما استهلكه ليس بمادة مخدرة فإن المحكمة المطعون في قرارها بتأييدها للحكم الابتدائي تكون قد تبنت علله وأسبابه، وأنه بالرجوع إلى هذا الأخير يتبين أنه لما اعتمد فحوى محضر الضابطة القضائية المتضمن لاعتراف الطاعن بالمنسوب إليه واطمئنان المحكمة لذلك بحكم سلطتها التقديرية في تقييم الأدلة المعروضة عليها يكون مرتكزا على أساس من الواقع والقانون…”.

و ترتيبا على ذلك فإن مواجهة ومكافحة المخدرات الرقمية تستلزم تدخلا تشريعيا سريعا من قبل المشرع المغربي بغاية تجريم إنتاج المخدرات الرقمية أو ترويجها أو تداولها واستعمالها ووضع العقوبات اللازمة التي تحقق ذلك، وفي اعتقادنا أن منهج التعامل التشريعي مع تجريم ظاهرة المخدرات الرقمية يجب أن ينطلق أساسا من معيار التجريم، فإذا كانت المادة هي المعيار فإنه يكون من اللازم إصدار نص تشريعي جديد يجرم الظاهرة، أما إذا كان معيار التجريم هو التأثير على العقل فإن مفهوم المادة سيتم أخده بمفهومه الواسع ، و يبقى ظهير 1974 صالحا لإضافة تعديلات تشريعية عليه تضيف المخدرات الرقمية إلى جانب المواد المخدرة الطبيعية أو التركيبية ولما لا إضافة هذا النوع من المخدرات إلى قائمة المواد المخدرة المنصوص عليها في الجدول المرفق بالظهير المذكور؛ وتفاديا لما يصطلح عليه بالتضخم التشريعي، فإننا نميل إلى توسيع دائرة المشمولات بصفة التجريم واعتبار المخدرات الرقمية نوعا من أنواع المخدرات ما دامت تصل بمستهلكها إلأى نفس درجة فقدان الوعي الذي توصله إليه المخدرات العادية أو التقليدية.

إلا أن تجريم هذا السلوك يحتاج لتدخل العلم لتحديد نوع المؤثرات الصوتية التي تحدث الآثار المضرة بالإنسان والمجتمع وكون هذه النغمات الصوتية قد تتداخل مع الأنغام الموسيقية التي تثير الفرح أو الحزن، والأشجان ومختلف العواطف عند الاستماع لها، فهناك مقطوعات موسيقية تثير الحزن والانطواء، وهناك تلك التي تثير الفرحة والبهجة في نفس من يستمع لها، لذا فإن هذا النوع من المقاطع الموسيقية حتى يكون محلا للتجريم، يجب أن يتم تحديد أوصافه الفنية بدقة وطريقة الاستماع إليه وآثاره[26].

إذ في ظل غياب توصيف علمي محدد يوضح ويرفع اللبس عنها فإنه لا يمكن تطبيق مقتضيات الظهير السالف الذكر، إضافة إلى عدم وجود الركن الشرعي للجريمة وعدم التوسع في النص الجنائي فإن هذا النوع من الاجرام يبقى في منئ عن المتابعة الجنائية ما لم يصدر نص صريح وواضح بهذا الصدد، كما تطرح أيضا إشكالية الإثبات ، ففي المخدرات التقليدية هناك الإقرار و التحليل المخبري أو عبر المضبوطات التي ترصد مع المتعاطي لها ، أما في مسألة المخدرات الرقمية فالمسألة مغايرة تماما، كما أن من بين الإشكالات القانونية الأخرى التي يمكن أن تواجه سلطات التحقيق و الحكم، تتمثل في أنه لا يمكن للملف الصوتي التأثير في المتعاطي إلا بوجود السماعات الخاصة لذلك، و بالتالي تبقى عدم إمكانية محاسبة من روج لهذه الملفات قائمة، كونها لم تكن جريمة لولا وجود السماعات، فيفلت المروج من العقاب[27].


[1] محمد مرسي محمد مرسي: إدمان المخدرات الرقمية عبر الأنترنيت وتأثيرها على الشباب العربي، الندوة العلمية ” المخدرات الرقمية وتأثيرها على الشباب العربي ” 2016 ص 2 دون توثيق أخر.

[2] لينا محمد الأسدي: القصور التشريعي في مواجهة المخدرات الرقمية (دراسة في ظل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العراقي رقم 50 لسنة 2017 النافذ)، ص 2 دون توثيق اخر.

[3] ميهوب علي/ بن مسعود حياة: الأنثروبولوجيا الجنائية في مجال الإدمان الافتراضي ” المخدرات الرقمية نموذجا”، مجلة المفكر للدراسات القانونية والسياسية العدد 6- جوان 2019 ص 83.

[4] أحمد جلول/ فوزي فرحات: المخدرات الرقمية- خطورتها وسبل الوقاية منها، مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، العدد1 مجلد 8 مارس 2020 ص 66

[5] صبيحة بوخدوني/ الزهرة بن عاشور: الإدمان على المخدرات الرقمية وعلاقتها بالانحراف والجريمة لدى الشباب، مجلة انسنة للبحوث والدراسات عدد 11 – 2020 ص 116.

[6] أبو سريع أحمد عبد الرحمن: استخدام الأنترنيت في تعاطي المخدرات الرقمية، ديسمبر 2010 ص 5، دون توثيق اخر.

[7] مسعودة عمارة: التحدي الالكتروني وخطر الإدمان الرقمي، المجلة المصرية للدراسات القانونية والاقتصادية، عدد 8 سنة 2016، ص 101

[8] عادل الصاوي محمود الصاوي: الأحكام الفقهية المتعلقة بالمخدرات الإلكترونية في ضوء معطيات الأطباء واجتهادات الفقهاء دراسة بينية معاصرة، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد 40 يناير 2023 ص 536.

[9] مصبح عمر عبد المجيد: الإشكالات الجزائية في تكييف المخدرات الرقمية، مجلة القانون والمجتمع، عدد 9 ص 2015

[10] غازي حنون خلف: المخدرات الرقمية نمط مستحدث وقصور في المواجهة التشريعية، مجلة رسالة الحقوق، العدد 3 سنة 2018 ص 21

[11] خولة موسى عبد الله الهياس: استغلال وسائل تقنية المعلومات في ارتكاب جرائم المخدرات وخاصة الرقمية في ضوء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الاماراتي، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، العدد9 /يونيو 2018 ص 176

[12] صبيحة بوخدوني: م.س، ص 119

[13] عمر عبد المجيد مصبح: م.س، ص 220

[14] غازي حنون خلف: م.س، ص 22

[15] حمود عفيفي عفيفي حسن: المخدرات الرقمية ومدى مشروعية استخدامها دراسة فقهية مقارنة، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد 40، يناير 2023 ص 231

[16] مسعودة عمارة: م.س، ص 109

[17] عمر عبد المجيد مصبح: م.س، ص 220

[18] غازي حنون خلف: م.س، ص 23

[19] ممدوح عبد الحميد عبد المطلب: جرائم تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية دراسة مقارنة، مجلة الحقوق- جامعة الكويت مجلد 29 عدد 1 سنة 2005 ص 214

[20]يتعلق الأمر بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 بتاريخ 28 ربيع الثان 1394 (221 مايو 1974) يتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات…، ج.ر عدد 3214 بتاريخ 14 جمادى الأولى 1394 (5 يونيه 1974) ص 1525.

[21] عمر عبد المجيد مصبح: م.س، ص 219

[22] عبد العزيز البعلي: المخدرات والمؤثرات العقلية بين القصور التشريعي والاجتهاد القضائي دراسة علمية مقارنة : مطبعة الرشاد- الطبعة الأولى  2021 ص 129

[23] عبد العزيز البعلي، نفس المرجع بصفحته

[24] قرار محكمة النقض س 13 رقم 91 من 361 أورده مجدي محب حافظ:” قانون المخدرات معلقا عليه بالفقه وأحكام النقض والدستورية العليا حتى 1993، الطبعة الثانية 1994، ص 11.

[25] قرار عدد 9/2097 في الملف الجنائي عدد 16487/6/9/2005 الصادر بتاريخ 7/11/2007، مجلة الملف عدد 14- سنة 2009 ص 314

[26] نوال أحمد سارو الخالدي: المسؤولية الجنائية الناشئة عن تعاطي المخدرات الرقمية، دون توثيق اخر، ص 255

[27] مسعودة عمارة: م.س، ص 119