سلطات المحكمة في نطاق الدعوى المدنية

28 مايو 2020
سلطات المحكمة في نطاق الدعوى المدنية

سلطات المحكمة في نطاق الدعوى المدنية

مقدمة:

إن المحكمة ملزمة بالفصل فيما يعرض عليها من دعاوي وفي سبيل تحقيق ذلك تجد نفسها مقيدة بالعديد من المبادئ التي تحكم نطاق الدعوى المدنية لعل أهمها هو مبدأ الطلب القضائي، الذي يلزم المحكمة بالبت فيما طلب منها دون تجاوز، فهي مقيدة بموضوع الطلب وسببه وأطرافه كما تم تحديدها من طرف الخصوم.

كما أن مبدأ ثبات النزاع والذي يقصد به أنه بمجرد افتتاح الدعوى لا يمكن تغيير إطارها وعناصرها، يعتبر مبدأ عاما يحكم الدعوى المدنية أيا كانت درجتها، كما يشكل إطارا مرجعيا لتقييد سلطة المحكمة والخصوم معا وإن بشكل أقل. وتجد هذه القاعدة أساسها وسندها في إلزام المشرع للخصوم بضرورة بيان موضوع الدعوى ووقائعها ووسائلها بحيث يصبح المدعي وليس المحكمة فقط أسير هذا الطلب.

وتلعب هذه القاعدة دورا أساسيا أيضا في تحديد نطاق الاستئناف، باعتبارها مرجع ومبرر منع تقديم الطلبات الجديدة في الاستئناف. وإلى جانب الطلب القضائي فأن الأثر الناقل للطعن خاصة الطعن بالاستئناف يعتبر أيضا أحد محددات نطاق الدعوى المدنية إلى جانب مبادئ أخرى، كمبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ ثبات النزاع.

لذلك سنحاول من خلال هذا المقال بحث كيف يحدد الأثر الناقل نطاق الدعوى المدنية من خلال الوقوف عند نتائجه وقيوده والاستثناءات الواردة عليه، غايتنا في كل ذلك إبراز سلطة المحكمة والدور الذي تقوم به في هذا الإطار خاصة ما يتعلق بتعديل نطاق الدعوى وهو الشيء الذي يتضح من خلال حق التصدي الذي تتمتع به المحكمة.

إذا كان الخصوم يحددون نطاق نزاعهم بداية من خلال الطلب القضائي فإن هذا التحديد لا يمكن أن يبقى كذلك لغاية فصل المحكمة في الطلب، ذلك أن الدعوى تتحرك وهي تسير إلى نهايتها وفي تحركها عناصر تطورها هذا التطور الذي يكشف مكامن الخلل يتعين إصلاحها أو عدم إدراك حقيقة الحماية المطلوبة أو قصورها الأمر الذي يقتضي إضافة طلبات أخرى، لذلك كان ضروريا السماح بإمكانية تعديل نطاق الدعوى المدنية، مما حذا بالتشريعات لإقرار ما يسمى بالطلبات العارضة.

وأنه سواء تعلق الأمر بقضاء الدرجة الأولى أو قضاء الدرجة الثانية فإن المحكمة تتمتع بسلطة إزاء نطاق الدعوى المدنية تمكنها من تعديله انطلاقا من تقديرها لمجموعة من المفاهيم ومراقبتها لتحقيق الشروط التي يستلزمها المشرع أحيانا لتعديل ذلك النطاق من جانب الخصوم أو الغير.

من هنا يبرز الاشكال الأساسي للموضوع والمتعلق بتحديد سلطة المحكمة في علاقتها بنطاق الدعوى المدنية من ناحية إمكانية التعديل، وهل فعلا سلطة المحكمة تقف عند مبدأ الطلب المقرر تشريعيا أم أن واقع الدعوى وظروفها وإلزامية البت في النزاع وتحقيق العدالة والحماية القضائية المطلوبة يدفع المحكمة لتعديل نطاق الدعوى المدنية متجاوزة المبادئ التقليدية التي كانت تتحكم في الدعوى المدنية حتى عهد قريب والتي بدأت التشريعات تهجرها لتأثيرها السلبي على الحق الموضوعي كنتيجة مباشرة للتمسك بالشكلية؟

ولبحث ذلك سوف نتناول هذا المقال من خلال مبحثين:

(المبحث الأول) نخصصه لتحديد نطاق الدعوى المدنية و(المبحث الثاني) نحدد فيه سلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة كوسيلة لتعديل نطاق الدعوى المدنية.

المبحث الأول: تحديد نطاق الدعوى المدنية.

الأصل أن يتحدد نطاق الدعوى أمام محاكم الدرجة الأولى بالطلب القضائي الذي تبدأ به الخصومة، فينظر إلى عناصر الدعوى التي يتضمنها هذا الطلب أي أشخاص الدعوى وموضوعها وسببها، وتدور الدعوى حول هذه العناصر دون غيرها فلا يجوز –بعد بدء الدعوى- تغيير أي منها، وترجع هذه القاعدة إلى الرغبة في عدم تعقيد القضية بطلبات تقدم فيها بعد بدئها مما يؤخر سيرها أو كذا إلى الرغبة في عدم مفاجأة الخصم لخصمه بطلبات جديدة تقدم بعد أن يكون قد استعد للدفاع في نطاق الطلب الأصلي.

كما أن هذا الطلب تترتب عليه مجموعة من الآثار سنحاول التركيز على تلك التي لها علاقة بسلطة المحكمة خاصة التزام المحكمة بالبت في الطلب تحت طائلة اعتبار الأمر إنكارا للعدالة، وأيضا التزام المحكمة بالبت في حدود الطلب وعدم تجاوزها بالحكم بما لم يطلب أو أكثر مما طلب.

لكن مع ذلك فإن سلطة المحكمة في نطاق الدعوى المدنية تتغير معالمها ويمكن إعادة تحديدها بطريقة مختلفة كنتيجة للأثر الناقل المترتب عن الطعن بالاستئناف، والذي ينقل النزاع أمام محاكم الدرجة الثانية بقصد البت فيه بشكل شمولي يهم الجانب الواقعي والقانوني مع الأخذ بعين الاعتبار ما ورد في مقال الطعن.

بالإضافة إلى مقال الطعن فإن تحديد الأثر الناقل لنطاق الدعوى المدنية يتم أيضا من خلال قيود هذا الأثر كالتقيد بطلبات الخصوم وصفتهم ومصلحتهم، وكذا من خلال عدم قابلية النزاع للتجزئة والأحكام التمهيدية التي لها خصوصية فيما يخص الطعن وأيضا حق التصدي الذي يمنح المحكمة سلطة البت في نزاع لم تستنفذ بشأنه محكمة الدرجة الأولى ولايتها.

ولبحث ذلك سوف نتناول في المطلب الأول الطلب القضائي كمحدد لنطاق الدعوى المدنية. وفي المطلب الثاني نناقش دور الأثر الناقل في تحديد ذلك النطاق.

المطلب الأول: الطلب القضائي كمحدد لنطاق الدعوى المدنية.

إن من شأن إقرار المشرع والفقه والقضاء لمبدأ تقيد المحكمة بحدود الدعوى المدنية أن يثير التساؤل حول الكيفية التي يتحدد بها ذلك النطاق الذي يجب على المحكمة التقيد به.

وتقتضي الإجابة على هذا التساؤل الوقوف عند الطلب القضائي من خلال تعريفه وبيان ماهيته بشكل دقيق يتم معه استبعاد بعض الطلبات التي لا تعد طلبات قضائية بالمعنى المقصود حقيقة، والتي لا تكون المحكمة ملزمة بالبت فيها وأيضا الطلبات التي يتم التنازل عنها أو تركها بعدم التأكيد عليها في الطلبات الختامية التي تشكل صلب اهتمام المحكمة وهي تبت في النزاع، إضافة إلى استعراض العناصر المكونة له من موضوع وسبب وأطراف والتي تشخص مبدأ تقيد المحكمة بحدود الطلب.

كما سنبحث الآثار التي تترتب على الطلب القضائي والتي تجعل المحكمة مقيدة في بتها في النزاع بعناصر الطلب كما تم تحديدها.

وللإحاطة بذلك سوف نتناول هذا المطلب من خلال فقرتين نخصص الأولى لمفهوم الطلب القضائي وعناصره، على أن نبحث في الفقرة الثانية آثار الطلب القضائي.

الفقرة الأولى: مفهوم الطلب القضائي وعناصره.

يعتبر الطلب القضائي بمثابة الإجراء الأولي الذي يلزم استيفاؤه بغية عرض النزاع على المحكمة، كي تتمكن هذه الأخيرة من نظر موضوع الطلب والتقرير بشأن موافقته للقانون أم لا، فالمحكمة لا تتعرض لفض المنازعات تلقائيا ويبقى هذا لازما ليس فقط بالنسبة للمنازعات الشخصية أو المرتبطة بمصلحة خاصة بل هو مشترط حتى عندما يكون الادعاء متعلقا بمصلحة عامة مع بعض الاستثناءات فقط. وعليه فإنه وباعتباره أحد محددات نطاق الدعوى المدنية ارتأينا بيان ماهيته بتعريفه وبيان عناصره وكذلك الأثار التي تتريب عليه خاصة تلك المرتبطة بسلطة المحكمة.

أولا: مفهوم الطلب القضائي.

الطلب القضائي هو العمل الذي يطلب به الشخص من القضاء الحكم بما يدعيه قبل شخص آخر.[1]

كما عرفه البعض بأنه الإجراء الذي يتقدم به الشخص إلى القضاء عارضا عليه ما يدعيه طالبا الحكم له به.

ومن خلال التعريفين أعلاه يمكن القول بأن ما يثار من مسائل فرعية ذات طبيعة إجرائية أمام المحكمة مثل طلب التأجيل أو طلب إجراء خبرة لا يعد طلبا قضائيا لأنها ليست طلبات مطروحة لذاتها وإنما بغرض الفصل في الموضوع.

وبالنسبة للفقه الفرنسي فإنه عرف الطلب القضائي بأنه الوسيلة التي بواسطتها يستطيع الشخص اللجوء إلى القضاء للاعتراف بحقه أو حمايته.

ويعتبر الطلب القضائي وسيلة تمكين المحكمة من بسط يدها على النزاع من أجل الشروع في نظره والبت فيه فبدونه لا يمكن للمحكمة أن تتعرض تلقائيا لفض النزاعات بين الناس وتحقيق التطابق بين المراكز القانونية والواقعية.[2]

ثانيا: عناصر الطلب القضائي.

الطلب القضائي أيا كانت صورته سواء كان طلبا أصليا أو طلبا عارضا له مجموعة من العناصر التي تكون ذاتيته.[3]  وهي عناصر تكون محددة بدقة بواسطة مقال مكتوب لذلك نجد المشرع استلزم كتابة المقال في الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية.

ذلك أن الطلب القضائي باعتباره وسيلة لاستعمال الحق في الدعوى فإنه يتضمن ادعاء قانونيا يطرح على المحكمة بهدف الحصول على الحماية القضائية، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية معتبرة بأنه ليس هناك أي طلب قضائي بدون ادعاء قانوني، هذا الادعاء يتكون من موضوع وسبب وأطراف، وهي عناصر استلزم المشرع المغربي توافرها من خلال مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية. وسنحاول لوقوف عندها وإن بشيء من الاقتضاب اقتضته طبيعة المقال.

  • موضوع الطلب: يعتبر من العناصر الهامة التي تحدد نطاق الدعوى المدنية وتوضح معالمها ويقصد به المحل المطلوب حمايته قضائيا، فقد يهدف المدعي إلى مجرد الحصول على حكم يقرر وجود حقه أو إنشاء مركز قانوني جديد أو إلزام خصمه باتخاذ إجراء معين أو القيام بأداء. كما أن موضوع الطلب قد يكون عبارة عن حماية وقتية أو تنفيذية أو اتخاذ إجراء تعجز الإرادة الفردية وحدها عن اتخاذه.[4]

ويذهب جانب من الفقه إلى تعريف موضوع الطلب، ليس بما يطلبه المدعي في عريضة دعواه ولكن ما حكم له به، فقد عرفه الأستاذ فالين بقوله: “موضوع الطلب هو ما يذكر من طلبات في منطوق الحكم إن قُضي له”.[5]

لكن اعتماد هذا القول يجعل موضوع الطلب غير محدد منذ بداية الدعوى إلى غاية صدور الحكم بحيث لا يتحدد إلا به بمقال الدعوى تحديدا نافيا للجهالة، وذلك حتى تستطيع المحكمة الوقوف على موضوع النزاع.

  • سبب الطلب القضائي: وهو الواقعة القانونية التي يستند إليها المدعي لتبرير ادعاءاته أو مجموعة الوقائع المكونة للحق أو المركز القانوني المطلوبة حمايته. وهذا السبب يقدمه المدعي إلى القاضي الذي يقوم بتقديره وإعطائه وصفا قانونيا يسمح له بإنزال حكم القانون عليه محققا بذلك الحماية القضائية المطلوبة.[6]

فلا يقصد إذن بسبب الدعوى النص القانوني أو القاعدة القانونية التي يستند اليها المدعي في دعواه، وإنما يقصد به الوقائع القانونية المنتجة التي يتمسك بها المدعي في دعواه، كسبب لدعواه بصرف النظر عن التكييف القانوني.

  • أطراف الطلب القضائي: الخصوم عنصر أساسي من عناصر الدعوى المدنية وهم بالنسبة لها وسيلة وغاية في آن واحد فهم يمارسون دورا إيجابيا في مباشرة إجراءاتها إذ تبدأ الدعوى بإرادتهم ويملكون تسييرها ويحددون موضوعها بما يقدمون من طلبات ودفوع وأدلة، فضلا عن هذا هم الأشخاص الذين تنصرف إليهم آثار هذه الإجراءات وآثار الحكم الصادر فيها. وعليه فكل طلب قضائي يحتوي على خصمين على الأقل مدعي ومدعى عليه.

فالمدعي هو الشخص الذي يتقدم بالطلب إلى المحكمة يدعي فيه أن حقا من حقوقه تعرض للتعدي والمساس من قبل الغير.[7]

اما المدعى عليه أو المطلوب في الدعوى وهو في الغالب له صفة سلبية هي صفة المدين أو المسؤول عن الحق المدعى به، فهو من قدم الطلب في مواجهته.

الفقرة الثانية: أثر الطلب القضائي.

تترتب على الطلب القضائي مجموعة من الآثار القانونية منها ما يتعلق بالمحكمة ومنها ما يتصل بأطراف النزاع ومنها ما يرتبط بموضوع الدعوى، وسنقتصر على الجانب المتعلق بسلطة المحكمة بحيث نتناول التزام المحكمة بالفصل في الطلب وكذا التزامها بأن لا تفصل فيما لم يطلب منها.

أولا: التزام المحكمة بالفصل في موضوع الطلب.

  • يجب على المحكمة ألا تتعمد عدم الفصل في الطلب: إن من بين أهم الآثار التي تترتب على تقديم الطلب بالنسبة لمحكمة الموضوع هو التزامها بالفصل فيه وإلا اعتبر ذلك إنكار للعدالة سواء وجد نص يعالج موضوع النزاع أم لم يوجد. وقد فرض المشرع المغربي هذا الالتزام صراحة من خلال مقتضيات المادة 2 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على:

” لا يحق للمحكمة الامتناع عن الحكم أو اصدار قرار ويجب البت بحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة”.

  • ماهية الطلب الذي يتعين على المحكمة الفصل فيه: تلتزم المحكمة بالفصل في جميع الطلبات المعروضة عليها سواء كانت أصلية أو عارضة لكن نطاق هذا الالتزام يقتصر فقط على الطلبات الختامية.

وعليه فإنه لا يدخل في نطاق هذا الالتزام الطلبات السابقة التي لم يتمسك بها المدعي في ملتمساته النهائية أو تلك التي تنازل عنها، وقد أقر المشرع المغربي ذلك صراحة في الفصل 11 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه: “يحدد الاختصاص الانتهائي استنادا إلى مبلغ الطلب المجرد الناتج عن آخر مستنتجات المدعي باستثناء الصوائر القضائية والفوائد القانونية والغرامات التهديدية والجبائية.”

  • مدى الزامية بت المحكمة في الطلب الاحتياطي: يتحدد نطاق الدعوى المدنية من خلال الطلب الأصلي والمحكمة تكون ملزمة بالإجابة عن هذا الطلب والبت فيه. لكن في بعض الأحيان نجد أن المدعي يتقدم بطلب أصلي ويضيف طلبا احتياطيا، وهنا نتساءل حول ما إذا كانت المحكمة ملزمة بالبت في الطلب الاحتياطي تحت طائلة اعتبار الأمر إنكارا للعدالة أم أن الأمر ليس إلزاميا في كل الحالات؟

يمكن القول بأن الطلب الاحتياطي هو طلب يرتبط بالطلب الأصلي ويلازمه أثناء سير الدعوى ويكون بديلا له يحل محله عند رفضه.[8] ومن خلاله يمكننا القول بأن الطلب الاحتياطي يبقى طلبا جامدا و لا تنظر المحكمة إليه، فهو لا يتحرك إلا في حالة رفض الطلب الأصلي فعدم استجابة المحكمة لهذا الأخير يفرض عليها أن تبت في الطلب الاحتياطي و توضيحا لهذه النقطة التي تعتبر في الوقت ذاته إجابة على التساؤل الذي طرحناه أعلاه نميز بين حالتين:

  • استجابة المحكمة للطلب الأصلي: في هذه الحالة المحكمة غير ملزمة بالبت في الطلب الاحتياطي ولا يمكن النعي على حكمها بإنكار العدالة بدعوى أنها لم تبت في الطلب الاحتياطي وبأن المدعي يرغب في النتيجة التي طلبها بموجب الطلب الاحتياطي لأن القانون افترض أن كامل مصلحته تتحقق بإجابة الطلب الأصلي. كما أن المحكمة لا يمكنها تجاوز الطلب الأصلي والبت مباشرة في الطلب الاحتياطي وإن هي فعلت كان حكمها معرضا للطعن.
  • رفض المحكمة للطلب الأصلي: وفي هذه الحالة كون المحكمة ملزمة بنظر الطلب الاحتياطي، وعدم بتها فيه يكون سببا للنعي على حكمها لأنها لم تبت في أحد الطلبات المقدمة إليها وفق الأوضاع الشكلية المطلوبة.

وكخلاصة لما سبق فإن رفض المحكمة للطلب وعدم بتها في الطلب الاحتياطي هو الذي يعتبر إنكارا للعدالة.

  • يجب على المحكمة ألا تغفل الفصل في الطلبات: ويشكل هذا مظهرا من مظاهر التزام المحكمة بالبت في الطلب. وتتحقق هذه الصورة واقعيا في الحالة التي تغفل فيها المحكمة الفصل في أحد الطلبات المعروضة عليها إما سهوا أو عن طريق الغلط. وقد تنبه المشرع المغربي لهذه الحالة ونص عليها في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية الذي فتح باب الطعن بإعادة النظر إذا تعلق الأمر بحكم غير قابل للتعرض أو الاستئناف ومما جاء فيه: “يمكن أن تكون الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك في الأحوال الآتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها بالفصل 379 المتعلقة بمحكمة النقض: -إذا بت القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البت في أحد الطلبات “.

ثانيا: التزام المحكمة بالفصل في حدود الطلب: من بين الآثار التي يرتبها الطلب القضائي أيضا تقييد سلطة المحكمة بحيث تكون هذه الأخيرة ملزمة بالفصل فقط فيما طلب منها بحيث لا ينبغي أن تتجاوز حدود الطلب. لقد أقر المشرع المغربي قاعدة الحكم وفق الطلب كمبدأ عام بموجب المادة 3 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على: “يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ لها أن تغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات”. ويقصد بذلك أن المحكمة لا يمكنها أن تقضي للخصوم بأشياء لم يطلبوها أو بأكثر مما طلبوا وإلا تعرض حكمها للطعن.

  • مضمون التزام المحكمة بالت فيما طلب منها: ويقصد بذلك أن المحكمة لا يجوز لها أن تقضي بما لم يطلب منها أو أكثر من المطلوب وإلا كان حكمها محلا للطعن، بحيث جاء في قرار لمحكمة النقض “كما أنها-أي المحكمة- لما قضت بالإفراغ دون أن يكون قد قدم إليها طلب بهذا الشأن تكون قد قضت بغير مطلوب وهو الأمر الذي يبرر إعادة النظر في قضائها، من طرف نفس المحكمة عملا بالفقرة الأولى من الفصل 402 ق.م.م[9].

وجاء في قرار أخر:” حيث يعيب الطاعن القرار بخرق الفصل 3 من قانون المسطر المدنية لكون المحكمة قضت بإفراغه والحال أن المكري لم يقدم إليها أي طلب بهذا الشأن أدى عنه الواجبات القضائية. حقا فقد تبين صحة ما ينعاه الطاعن وأن المكري لم يسبق له أن قدم أي طلب بإفراغ المكتري واكتفى فقط بالدفاع ضد طلبات هذا الأخير الرامية إلى المنازعة في صحة الإنذار وأن المحكمة لما صرحت مع ذلك بإفراغ المكتري كنتيجة للبت في دعواه تكون قد خرقت المقتضيات المذكورة أعلاه وعرضت قرارها للنقض“.[10]

والملاحظ من خلال القرارين القضائيين المشار اليهما أعلاه أن محكمة النقض تعتبر الحكم بما لم يطلب سببا للطعن بإعادة النظر وأحيانا أخرى تعتبره سببا للنقض.

  • الحكم بأقل مما طلب ومدى اعتباره حكما بما لم يطلب: من المعلوم أن المحكمة ليست ملزمة بالاستجابة لطلبات المدعي جملة وتفصيلا بمعنى أنها ليست ملزمة بالقضاء له بكل ما يطلبه فقد تقضي بالاستجابة لبعض الطلبات فقط دون الأخرى فهل قضاء المحكمة بأقل مما طلب يشكل سببا للطعن في هذا الحكم بدعوى أنه قضى بما لم يطلب. يذهب البعض من الفقه إلى أن قضاء المحكمة بجزء من المطلوب فحسب أو في بعض الطلبات المتعددة في الدعوى دون الأخرى يعتبر فعلا قضاء بما لم يطلب.[11]

أما إذا تعلق الأمر بطلبات متعدد فإن بت المحكمة في طلب واحد باعتباره جزءا من الطلبات المقدمة يعتبر إغفالا لهذه الطلبات وليس قضاء بما لم يطلب ما لم يتبين من الحكم أو القرار أن المحكمة قد رفضت باقي الطلبات. وقد يتعلق الأمر بطلبات اختبارية حيث يطلب المدعي الحكم بأحد الطلبين، وفي هذه الحالة فإن قضاء المحكمة وبتها في أحد الطلبين لا يعتبر قضاء بما لم يطلب كما لا يمكن اعتباره إغفالا للفصل في الطلب الذي لم يتم البت فيه.

المطلب الثاني: الأثر الناقل كمحدد لنطاق الدعوى أمام قضاء الدرجة الثانية.

يتحدد نطاق الدعوى بداية أمام محاكم الدرجة الثانية من خلال مقال الطعن الذي ينقل النزاع أمام هاته المحاكم بقصد البت فيه مرة ثانية وبشكل شمولي يهم الجانب الواقعي والقانوني على اعتبار أن الأمر يتعلق بدرجة ثانية للتقاضي مع الأخذ بعين الاعتبار ما ورد في مقال الطعن وذلك كله نتيجة لما يصطلح عليه بالأثر الناقل. ذلك أن استئناف الحكم يقتضي حصر نطاق النزاع في حدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة لكن ذلك ليس مطلقا بل ترد عليه بعض القيود والاستثناءات التي تخص مبدأ الأثر الناقل سواء في اتجاه الحد من سلطات محكمة الاستئناف أو توسيعها، كما هو الشأن بالنسبة لحق التصدي.

وكما هو معلوم فأن الأثر الناقل يبقى أحد أهم محددات عناصر النزاع أو نطاق الدعوى المدنية أمام محاكم الدرجة الثانية، انطلاقا من كونه يلزم هاته الأخيرة بالبت في حدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة وما وقع بشأنه الطعن من طلبات على الحالة التي كانت عليها مانحا للمحكمة سلطة إعادة تقدير النزاع واقعيا وإبداء رأيها القانوني في الموضوع على ضوء ما قدم أمام محكمة أول درجة غير متقيدة بقضاء هاته الأخيرة.

ونظرا لهذه الأهمية يتعين علينا بيان ماهية الأُثر الناقل والنتائج التي يرتبها علما بأن عدم إدراك مفهومه بشكل صحيح تترتب عنه العديد من المشاكل الإجرائية كما يقتضي الأمر أيضا بحث قيوده واستثناءاته والتي تسهم في ضبط وتحديد نطاق الدعوى بشكل أدق في أحوال معينة خروجا على ما ترتبه كقاعدة عامة.

الفقرة الأولى: تعريف الأثر الناقل وقيوده.

سنحاول في هذه الفقرة الوقوف عند تعريف الأثر الناقل وبيان القيود الواردة عليه والتي تسهم في ضبط وتحديد معالم ونطاق الدعوى أمام محكمة الاستئناف بشكل دقيق بعيدا عن التحديد العام المترتب عن الأثر الناقل.

أولا: تعريف الأُثر الناقل.

نظم المشرع المغربي الاستئناف كطريق من طرق الطعن في الباب السابع من القسم الثاني من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 في الفصول من 134 إلى 146. إلا أنه بالرجوع لتلك المقتضيات نجد أن المشرع المغربي لم يورد أي تعريف للأثر الناقل، اللهم ما تعلق ببعض الإشارات كتلك الواردة بالمادة 146 من ق.م.م، المنصوص عليها بالفصلين 143 و144 من نفس القانون الأمر الذي يمكن معه القول بأن تعريف الأثر الناقل هو من عمل الفقه والقضاء الأمر الذي حذا بالفقه وسدا لذلك الفراغ إلى تعريفه بأنه نقل النزاع من المحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف بكل عناصره الواقعية والقانونية.[12]

وفي نفس المعنى سار القضاء المغربي حيث جاء في قرار لمحكمة النقض: “الاستئناف ينشر الدعوى من جديد أمام محكمة الدرجة الثانية ويبقى الحق للأطراف في إثارة كل الدفوع التي يرونها لصالحهم أمام المحكمة المذكورة[13].

ثانيا: قيود الأثر الناقل.

إذا كان الأثر الناقل يرتب نقل النزاع من المحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف، فهو مرهون بإرادة الخصوم فهم الذين يرسمون حدوده ولهم الحرية في إخراج المسائل التي لا يرون عرضها على المحكمة كنتيجة له وذلك من خلال تقيد محكمة الاستئناف بطلبات المستأنف وصفة الخصم ومصلحته.

  • تقيد محكمة الاستئناف بطلبات المستأنف: ويبدو ذلك من خلال قاعدتين أساسيتين تحكمان مبدأ الأثر الناقل فهو من ناحية يقتصر على المسائل التي قدمت أمام محكمة أول درجة وتم الفصل فيها ومن ناحية أخرى فإنه من بين ما فصلت فيه محكمة أول درجة يقتصر الأثر الناقل على ما تم الطعن فيه بالاستئناف فقط. ذلك أن الاستئناف لا ينقل إلا الطلبات التي كانت محلا للطعن ومحاكم الدرجة الثانية لا تفصل إلا فيما طلب منها. وتوضيح ذلك يكون كالتالي:

 

  • لا تنقل أمام محكمة الاستئناف كقاعدة سوى الطلبات الموضوعية التي فصلت فيها محكمة أول درجة؛ وهذا القيد يترتب على طبيعة خصومة الاستئناف باعتبارها خصومة الدرجة الثانية واحتراما لمبدأ التقاضي على درجتين فإنه لا يجوز لها أن تنظر في الطلبات التي قدمت أمام محاكم أول درجة دون أن تفصل فيها لما في ذلك من تفويت لدرجة من درجات التقاضي على الخصوم.
  • الاستئناف لا يطرح على محكمة الاستئناف إلا عناصر الحكم التي تم الطعن فيها ومعنى ذلك أنه حتى وإن كان الطلب مما فصلت فيه محكمة أول درجة فإنه لا يطرح على محكمة الاستئناف إلا إذا عبر المستأنف عن رغبته في الطعن فيه. وهذه القاعدة هي تطبيق لمبدأ أعم هو مبدأ الطلب الذي يفيد بأن المحكمة لا تتعرض إلا لما يرفعه إليها الخصوم من وجوه النزاع وهذا ما ذهب إليه القضاء المغربي على الرغم من عدم وجود نص في قانون المسطرة المدنية؛[14] حيث جاء في قرار لمحكمة النقض: “لكن حيث إن محكمة الاستئناف كدرجة ثانية للتقاضي يقتصر نظرها على ما تناولته أسباب الاستئناف من طلبات ولا يجوز لها أن تفصل في طلبات كانت معروضة أمام المحكمة الابتدائية ولم تطرح عليها من خلال المقال الاستئنافي[15].
  • التقيد بصفة الخصم ومصلحته:
  • التقيد بصفة الخصم: والمقصود به أنه إذا تعدد الخصوم فإنه يمكن الطعن من بعض المحكوم عليهم أو ضد بعض المحكوم لهم دون إلزامية إدخال جميع الأطراف من حيث المبدأ. وهذا الطعن لا يفيد إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع في مواجهته تطبيقا لمبدأ نسبية الطعن وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في أحد قراراتها[16]؛ والذي يستفاد منه أن الشخص المستأنف ليس ملزما بأن يدخل في استئنافه جميع الأطراف الذين كانوا في المرحلة الابتدائية بل بإمكانه أن يقصر استئنافه على البعض منهم دون الآخرين ونتيجة ذلك أن تطابق أطراف الدعوى في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية ليس أمرا إلزاميا من الناحية الإجرائية.
  • التقيد بمصلحة الخصم المستأنف: من المبادئ المتفق عليها إجرائيا هي أن الطعن بالاستئناف لا يضر بمركز الطاعن، بحيث ليس لمحكمة الاستئناف أن تحكم لصالح المستأنف عليه وتلحق ضررا بالمستأنف نتيجة الاستئناف الذي أقامه.[17] وأساس ذلك القيد أن محكمة الاستئناف استمدت سلطتها في الفصل في الحكم المستأنف لحكم محكمة الدرجة الأولى تحقيق مصلحته وعليه إذا حكمت محكمة الدرجة الثانية بما يضر بمصلحة الطاعن تكون قد فصلت فيما لم يطلب منها وهو ما لا يجوز. وعلى العموم فإن قاعدة عدم الإضرار بمصلحة لا يمكن المساس بها ما لم يكن هناك استئناف فرعي من المستأنف عليه، ففي هذه الحالة يمكن لمحكمة الدرجة الثانية أن تسوء مركز الطاعن ما كان عليه أمام محكمة أول درجة. وتقيد محكمة الاستئناف بمصلحة الطاعن هو تطبيق لمبدأ من المبادئ الأساسية وهو مبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات فلا يستفيد من الاجراء إلا من باشره ولا يحتج به إلا على من اتخذ في مواجهته.
الفقرة الثانية: استثناءات الأثر الناقل وحق التصدي.

تعتبر الأحكام التمهيدية وعدم قابلية النزاع للتجزئة من أهم استثناءات الأثر الناقل حيث يمتد هذا الأثر لشمول الأحكام التمهيدية التي تعتبر مستأنفة بالرغم من أن المستأنف لم يبد رغبته في ذلك كما أن عدم القابلية للتجزئة تفرض على الخصوم مقاضاة أشخاص معينين لم يرغبوا إدخالهم في الدعوى كما أن حق التصدي يمنح المحكمة حق البت في نزاع لم يبت فيه ابتدائيا وهو ما يشكل مخالفة للأثر الناقل الذي يقتصر فقط على نقل ما تم البت فيه.

أولا: استثناءات الأثر الناقل.

  • الأحكام التمهيدية: تناول المشرع المغربي الأحكام التمهيدية في الفصل 140 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه: “لا يمكن استيناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الآجال. ويجب أن لا يقتصر مقال الاستيناف صراحة على الحكم الفاصل في الموضوع فقط بل يتعين ذكر الأحكام التمهيدية التي يريد الطعن فيها بالاستيناف“.

وهو من خلال هذا المقتضى لم يسمح بالطعن فيها مباشرة بل أوجب أن يتم ذلك الطعن إلى جانب الحكم الفاصل في الموضوع وهو ما سار عليه القضاء أيضا حيث جاء في قرار لمحكمة النقض: “حيث أن الحكم الابتدائي لم يفصل في جوهر الدعوى المتمثل في المطالبة بمنح تعويض عن الأضرار اللاحقة بالمدعي بل اقتصر بالت في المسؤولية والأمر بإجراء خبرة الغرض منها معرفة هذه الأضرار فلم يقض والحالة هذه إلا بما من شأنه التمهيد للفصل في التعويض المطالب باستحقاقه والمكون وحده جوهر النزاع. وحيث أن الحكم المطعون فيه كان خارقا لمقتضيات الفصل 140 من ق.م.م لما قبل استئناف الحكم الابتدائي الذي لم يكن إلا حكما تمهيديا غير فاصل في جوهر الدعوى“.[18]

  • عدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة: ومعني ذلك أن الأثر الناقل يشمل النزاع بكامله عندما يكون موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة وذلك حتى لو تم تحديد الاستئناف بحيث تم قصره على بعض عناصر الدعوى أو على بعض جوانب الحكم المستأنف فقط. وهو ما ذهب اليه بعض الفقه المغربي معتبرا أن عدم القابلية للتجزئة يقصد به عدم التجزئة المطلق الذي يجعل الفصل في النزاع لا يحتمل غير حل واحد؛[19] وفي هذا الصد جاء في قرار للمحكمة النقض: “إن محكمة الاستئناف كانت محقة إذا قررت في صدد استئناف تقدمت به شركة ضمان أن هذا الاستئناف لا ينحصر أثره بالشركة المستأنفة وحدها بل يشمل جميع الأطراف في القضية بحيث يستطيع الإفادة منه الخصم المسؤول شخصيا عن الضرر وذلك لكون النزاع مما لا يقبل التجزئة ولا يحتمل إلا حلا واحدا بالنسبة للكافة[20]. وعليه فإن عدم القابلية للتجزئة تعتبر استثناء على الأثر الناقل بحيث أن التحدي الذي يرتبه الأثر الناقل لنطاق الدعوى أمام محكمة الاستئناف انطلاقا من المقال الاستئنافي الذي يتقدم به الخصم لا يعتد به بل إن هذا النطاق يعرف تغييرا سواء بالنسبة لموضوع الدعوى أو لأطرافها بحيث يمكن لمحكمة الاستئناف ألا تقتصر فقط على ما تم الطعن فيه أمامها بل أمكنها أن تتناول جوانب من النزاع لم تكن محل طعن كنتيجة لعدم قابلية النزاع للتجزئة كما يكمن لقضائها أن يشمل أشخاصا آخرين لم يتم شمولهم بالاستئناف نتيجة لاتحاد المراكز القانونية التي تكون في بعض الأحيان مستمدة من مصدر واحد ولا يمكن ترتيب أكثر من أثر على ذلك.

ثانيا: حق التصدي.

يعتبر حق التصدي استثناء من مبدأ الأثر الناقل ذلك أنه إذا كان هذا الأخير هو الذي يحكم نطاق الدعوى في الاستئناف إلا أن محكمة الدرجة الثانية قد تضرب بالأثر الناقل المحدود للاستئناف عرض الحائط بحيث تمد يدها إلى النزاع إذا ما تم الطعن أمامها في حكم فرعي لم ينه النزاع بأكمله من خلال التصدي للفصل في موضوع النزاع ككل ولو لم تكن محكمة الدرجة الأولى قد فصلت فيه. وسوف نبحث حق التصدي من خلال نقطتين نبحث في الأولى التنظيم التشريعي له على أن نخصص الثانية لتناول مدى تأثير حق التصدي على نطاق الدعوى من خلال إبراز سلطة المحكمة بخصوصه وكذا علاقته بمبدأ لا يضار أحد بطعنه.

  • موقف المشرع المغربي من حق التصدي: أقر المشرع المغربي لغرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية وأيضا لمحكمة الاستئناف بمقتضى الفصل 146 من قانون المسطرة المدنية كما تم تعديله بالقانون رقم 10.35 الذي جاء فيه: ” إذا أبطلت أو ألغت غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف الحكم المطعون فيه، وجب عليها أن تتصدى للحكم في الجوهر إذا كانت الدعوى جاهزة للبت فيها”.

وقد عرفه الأستاذ عبد العزيز حضري بأنه: ” الإمكانية المتاحة لمحكمة الاستئناف للبت في مجموع النزاع عند عجز الأثر الناقل للاستئناف عن تحقيق هذه الغاية فهو إذن نظام يهدف إلى توسيع سلطات قضاة الاستئناف”.[21]

كما أن الأستاذ صابر عرفه في أطروحته بأنه: “التزام محكمة الاستئناف بالبت في الشق من الطلب الذي لم يبت فيه ابتدائيا إن هي قامت بإلغاء أو إبطال الحكم السابق غير الفاصل في الموضوع وكانت القضية جاهزة للبت فيها”[22].

فمن خلال مقتضيات الفصل 146 والتعريفين المشار اليهما أعلاه يتبين أنه لإعمال حق التصدي يجب توافر شرطين:

  • الشرط الأول: أن تكون محكمة الدرجة الثانية ألغت أو أبطلت الحكم المستأنف
  • الشرط الثاني: أن تكون الدعوى جاهزة للبت فيها.
  • تأثير حق التصدي على نطاق الدعوى المدنية وعلاقته بمبدأ لا يضار أحد بطعنه:
  • تأثير حق التصدي على نطاق الدعوى المدنية: إن المشرع قد استلزم صراحة كون القضية جاهزة حتى يكون بإمكان محكمة الاستئناف التصدي للموضوع فإن التساؤل يطرح حول متى تعتبر القضية جاهزة بمفهوم الفصل 146 من ق.م.م؟

من خلال استقراء مواقف محكمة النقض بغية الوقوف على تحديد ذلك تبين أنها قد اعتمدت في أول الأمر معيار البت في الدفوع الموضوعية المناقشة من لدن الأطراف دون النظر في الشكل فقط للقول بأن القضية جاهزة.[23] إلا أنه سرعان ما تراجعت محكمة النقض عن ذلك المعيار مؤكدة أن اعتبار الدعوى جاهزة للبت فيها أم لا، يخضع لتقدير محكمة الاستئناف دون تمييز بين ما إذا كان الحكم الابتدائي بت في موضوعها أم اقتصر على التصريح بعدم قبولها شكلا باعتبار أن كون الدعوى جاهزة أمام محكمة الاستئناف ليس هو بت محكمة الدرجة الأولى في الموضوع وباعتبار نظام التقاضي على درجتين لا يعني وجوب الحكم في موضوع الدعوى خلال مرحلتي القضاء معا[24]. الشيء يتضح معه أن محكمة النقض أقرت بأن المحكمة تتمتع بسلطة تقديرية بخصوص شرط من شروط إعمال حق التصدي.

  • علاقة حق التصدي بمبدأ لا يضار أحد باستئنافه: ويتجلى ذلك من خلال الحالة التي تقضي فيها محكمة الدرجة الأولى بحكم منه للنزاع أمامها لكن من غير بت في الموضوع كحالة الحكم بعدم القبول ثم يتقدم المدعي باستئنافه فهل محكمة الاستئناف ملزمة في هذه الحالة إما بتأييد الحكم الابتدائي أو إلغائه وإعادة النزاع مرة ثانية إلى محكمة الدرجة الأولى عملا بمبدأ لا يضار أحد باستئنافه أم أن بإمكانها النظر في النزاع والبت فيه ولو ألحق ذلك ضررا بالمستأنف انطلاق من حق التصدي.

وجاء في أحد قرار محكمة النقض “إن الحكم الاستئنافي الذي قضى بعدم استحقاق المدعية للشفعة رغم كون الحكم الابتدائي قضى بعدم قبول دعواها شكلا فقط وهي المستأنفة وحدها لا يكون قد خرق القاعدة القانونية التي تقول بأنه لا يضار أحد باستئنافه ما دامت محكمة الاستئناف بفتحها المجال للمستأنفة كي تقدم دفوعها قد حلت بذلك محل المحكمة الابتدائية للنظر في جوهر النزاع[25].

المبحث الثاني: سلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة كوسيلة لتعديل نطاق الدعوى المدنية.

إذا كان الطلب الأصلي يعتبر وسيلة لتحديد نطاق الدعوى المدنية من حيث الموضوع والسبب والأطراف بشكل يخدم مبدأ ثبات النزاع الذي يمنع أي تغيير في الدعوى فإن جل التشريعات المقارنة ومحاولة منها للتخفيف من حدة ذلك المبدأ تبنت نظرية الطلبات العارضة و التي بواسطتها يمكن مبدئيا تغيير عناصر الطلب القضائي من موضوع وسبب وأطراف لكن التساؤل المطروح هو هل الخصوم يتمتعون بحرية مطلقة في تقديم هذه الطلبات أم أن التشريعات تضع قيودا لضبطها وتنظيمها بشكل يبعد ويقلل من إمكانية استخدامها بشكل تعسفي يناقض الأهداف التي من أجلها تم السماح بها وهذا التقييد يتضح فعلا من خلال الشروط التي وضعتها التشريعات لقبول هذه الطلبات والتي يبقى أهمها هو شرط الارتباط الذي يضمن وحدة الدعوى أو النزاع ولا يسمح إلا بالطلبات العارضة المرتبطة بالطلبات المقدمة في الدعوى بشكل يمنع استخدام هذه الوسيلة لعرض نزاع جديد لا علاقة له بذلك المعروض على القضاء.

كما أن الأمر المتهم هو أن تقدير هذه الشروط والتأكد من توافرها هو أمر موكول لسلطة المحكمة التي تتمتع بسلطة تقديرية في هذا الصدد تجعل أمر تعديل نطاق الدعوى المدنية تتحكم فيه المحكمة بشكل كبير فالخصوم يملكون فقط المبادرة لتقديم الطلبات العارضة أما أمر قبولها وتأثيرها على نطاق الدعوى المدنية فهو موكول للقضاء. والأمر لا يقتصر فقط على قضاء الدرجة الأولى بل يشمل حتى قضاء الدرجة الثانية ما دام أن تطور القانون الاجرائي أصبح يقر إمكانية تقديم هذه الطلبات أمام محاكم الاستئناف.

وعليه سنتناول هذا المبحث من خلال مطلبين نخصص الأول لسلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة كوسيلة لتعديل الطلب الأصلي على أن نبحث في المطلب الثاني أثر الطلبات العارضة على نطاق الاستئناف.

المطلب الأول: سلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة كوسيلة لتعديل الطلب الأصلي.

تشكل الطلبات العارضة وسيلة بيد الخصوم لإمكانية تعديل نطاق الطلب الأصلي المقدم للقضاء بحيث يمكن بواسطتها تعديل هذا النطاق سواء من حيث الموضوع أو السبب أو الأطراف فهي تمتد لتشمل كافة عناصر الطلب كما أنها إمكانية بيد أطراف الدعوى بحيث يمكن للمدعى عليه أيضا بل يمكن للغير ذلك إذا أراد الانضمام للدعوى فيتقدم بمقال التدخل لكن إذا كان هذا الامتداد لهذه الطلبات من حيث الآثار فإن ذلك يشكل تهديدا حقيقيا لكيان النزاع الذي يمكن أن تقحم فيه نزاعات أخرى لا علاقة لها به وهنا تفرض المسألة نوعا من الرقابة لضمان حسن استخدام هذه الوسيلة الإجرائية وهو ضمان في نفس الوقت لتحقيق أهدافها التي أرادها لها المشرع. وهذه الرقابة لا يمكن أن تمنح إلا للمحكمة التي تراقب وتقدر الشروط التي وضعتها التشريعات لقبول هذه الطلبات بشكل يتبين معه أن تعديل نطاق الدعوى وإن كانت وسائله بيد الخصوم فإن تحقيقه واقعا لا يكون إلا إذا ارتأت المحكمة ذلك.

سنحاول الوقوف عند الطلبات العارضة وشروطها في الفقرة الأولى، تم ننتقل لتوضيح سلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: الطلبات العارضة وشروط قبولها.

أولا: الطلبات العرضة وأنواعها.

  • تعريف الطلبات العارضة: لم يعرف المشرع المغربي الطلبات العارضة وإنما تناول بعض أنواع هذه الطلبات (كإدخال ضامن) في الفصل 103 من قانون المسطرة المدنية، (والتدخل الإرادي) في الفصل 111 و112 من نفس القانون؛ وأشار إلى أخرى (كالطلبات المقابلة) و (الطلبات الاضافية) بمناسبة تناوله لاختصاص المحاكم ضمن الفصول 15 و22 بالنسبة للطلبات المقابلة والفصل 23 فيما يخص الطلبات الإضافية.

وأمام هذا الفراغ التشريعي حاول الفقه إعطاء مفهوم عام لهذه الطلبات حيث عرفها البعض بأنها تلك الطلبات المتفرعة عن الخصومة الأصلية.[26]

أما الفقه الفرنسي فقد عرفها بأنها طلبات قضائية تبتدئ أثناء نظر الدعوى القائمة أمام المحكمة تبعا لها ويكون من شأنها تغيير نطاق الدعوى الأصلية من حيث الموضوع أو الأطراف أو السبب.

وكما هو ملاحظ فإن التعريف الذي أورده الفقه الفرنسي يوضح فعلا مفهوم الطلبات العارضة ويتجلى ذلك خاصة من خلال توضيح الأثر المترتب على هذه الطلبات وهو تغيير نطاق الدعوى الأصلية.

  • أنواع الطلبات العارضة: تقدم القول بأن الطلبات العارضة هي الطلبات التي تبدى أثناء سير الدعوى وهي تقدم إما من المدعي (الطلبات الاضافية) كما تبدى من طرف المدعى عليه (الطلبات المقابلة أو المضادة) بالإضافة إلى ذلك هناك (التدخل) وكذا (إدخال الغير في الدعوى).
  • الطلبات الإضافية: بعد أن يرفع المدعي طلبه الأصلي المولد للخصومة قد تظهر الحاجة إلى إجراء إضافة أو تغيير أو تعديل في أي عنصر من العناصر الموضوعية للطلب الأصلي والوسيلة لذلك هي الطلب الأصلي والتي من شأنها أن تعدل نطاق الدعوى من حيث الموضوع أو المحل أو السبب.[27]
  • الطلبات المقابلة: ويقصد بها الطلبات التي يتقدم بها المدعى عليه ردا على طلب المدعي ويهدف بمقتضاها إلى الحصول على حكم ضد هذا الأخير، فهو يطلب –بجانب رفض طلب المدعي- الحكم له بإعداء معين يؤدي إلى تحسين مركزه القانوني؛ وتسمى هذه الطلبات بدعاوي المدعى عليه لأنها تشتمل في الواقع على دعوى أخرى مرفوعة من المدعى عليه في مواجهة المدعي. وهي بذلك تؤدي إلى تغيير موضوع الدعوى واتساع نطاقه.[28]
  • التدخل: هو أن يطلب شخص من الغير أن يصبح طرفا في خصومة قائمة. وهو نوع من أنواع الطلبات العارضة يطلب فيه شخص غريب عن الدعوى أن يتدخل فيها للدفاع عن حقه الذي يمكن أن يتأثر بالحكم الذي يصدر فيها. وقد تعرض المشرع المغربي للتدخل الإرادي في الفصل 111 من ق.م.م حيث نص على “يقبل التدخل الإرادي ممن لهم مصلحة في النزاع المطروح”.
  • إدخال الغير: يندرج إدخال الغير بناء على طلب الأطراف ضمن الطلبات العارضة وهو إجبار شخص من الغير على أن يتدخل في دعوى قائمة ليصبح الحكم الذي يصدر فيها حجة عليه وذلك بناء على طلب أحد الأطراف. وقد تناول المشرع المغربي إدخال الغير بالتنظيم في الفصول من 103 إلى 108 ق.م.م.

ثانيا: شروط قبول الطلبات العارضة.

إن أول ما يسترعي الباحث في نطاق القانون الإجرائي هو ذلك الخلاف بين القوانين الإجرائية بصدد قبول الطلب العارض وذلك بالرغم من اتفاقها من حيث المبدأ على جواز تقديم هذه الطلبات بمناسبة الدعاوي القائمة. ولكم مما لا شك فيه أن هناك شروطا معينة ينبغي توافرها من أجل قبول هذه الطلبات ذلك أنه إذا كان الإدعاء يكون بطريق أصلي بواسطة مقال افتتاحي واستثناء بصفة عارضة أو تابعة للدعوى الأصلية من أجل التيسير على المتقاضين وتفادي تضارب الأحكام إلا أنه ومع ذلك فإن اجتماع هذه الطلبات مع الطلبات الأصلية في دعوى واحدة وما يمكن أن يترتب على ذلك من تعقيد في المساطر وتأخير في الأحكام نتيجة تماطل الأطراف. كلها عوامل جعلت أغلب التشريعات تضع ضوابط تحكم تقديم هذه الطلبات كي لا يؤدي اتساع نطاق الخصومة إلى ضياع معالم الدعوى الأصلية.

لذلك فإنه لقبول الطلبات العارضة ينبغي توافر الشروط العامة التي يتعين توافرها لقبول الطلبات القضائية عموما وهي (المصلحة والصفة والأهلية)؛ إضافة إلى شروط خاصة تشمل عنصر (الارتباط) بالإضافة إلى (ضرورة تقديم هذه الطلبات قبل قفل باب المرافعة) وأن (يكون الطلب العارض من اختصاص المحكمة التي تنظر الطلب الأصلي).

الفقرة الثانية: سلطة المحكمة بخصوص الطلبات العارضة.

تتمتع محكمة الموضوع اتجاه الطلبات العارضة بقدر من السلطة يضيق ويتسع بحسب شروط التي تنظمها بحيث نجد أن سلطة المحكمة إما سلطة رقابة تتمثل في مراقبة مدى تحقق الشروط التي يضعها المشرع لقبول الطلب العارض؛ وتكون في أحوال أخرى سلطة تقديرية يكون بموجبها لمحكمة الموضوع إما قبول الطلبات العارضة أو رفضها إلى ما تتمتع به المحكمة من سلطة أثناء البت في الطلب العارض بين ضمه إلى الطلب الأصلي أو تأخير البت فيه.

أولا: سلطة الرقابة.

تتجلى سلطة الرقابة التي تتمتع بها محكمة الموضوع بخصوص الطلبات العارضة في بحث مدى توافر ما استوجبه النص أو المشرع أو المشرع من شروط في هذا النوع من الطلبات بحيث تراقب مدى تحقق الارتباط بين الطلب الأصلي والطلب العارض وكذا التأكيد من اختصاص المحكمة بالبت في الطلب العارض بالإضافة إلى مراقبة أداء الرسوم القضائية.

وإذا تبين للمحكمة توافر تلك الشروط فإنها تكون ملزمة بنظر الطلب العارض وإصدار حكمها فيه. وبالفعل فقد سارت المحاكم المغربية في هذا الاتجاه بحيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط: “وحيث أن الطلب المقدم من المدعى عليها بواسطة دفاعها لا ينضم تحت هذه الطلبات ولا يندرج تحت نوع من أنواعها ولا يتصل بصلة مع الدعوى الأصلية فإنه يكون الحكم الذي قضى بقبوله ابتدائيا خاطئا ويتيع ورفض الطلب المضاد على حالته[29].

ثانيا: سلطة المحكمة التقديرية.

وتتجلى هذه السلطة التقديرية في أن المحكمة بإمكانها ألا تأذن بتقديم الطلب العارض إذا رأت فيه أنه يعوق سير الدعوى أو يضر بدفاع المدعى عليه ضررا جديا ولا يسلب المحكمة هذه السلطة التقديرية أن يرضى الطرف الآخر بتقديم الطلب أو لا يتعرض على تقديمه لأن ذلك يعود لتقدير المحكمة ويعتبر خاضعا لسلطتها.

كما تتجلى السلطة التقديرية للمحكمة أثناء البت في الطلب العارض، ذلك أن المشرع المغربي إذا كان قد سمح بتقديم الطلبات العارضة كوسيلة لتعديل نطاق الدعوى المدنية إلا أنه قد ذلك بضرورة أن تؤخر تلك الطلبات الفصل والبت في الطلب الأصلي إذا كان جاهزا إذا نجده منح المحكمة صلاحية البت في الطلبات الأصلية متى كانت جاهزة للحكم فيها وذلك حتى لا تتخذ الطلبات العارضة كوسيلة للمماطلة والتسويف وهو ما أشار إليه المشرع في الفصل 113 من ق.م.م “لا يمكن أن يؤخر التدخل والطلبات العارضة الأخرى الحكم في الطلب الأصلي إذا كان جاهزا”. لكن بالموازاة مع ذلك نجده منح المحكمة سلطة تقديرية بخصوص طلبات إدخال الغير في الدعوى بشكل يعتبر استثناء من القاعدة المنصوص عليها في الفصل 113 بحيث أن المحكمة لها كامل الصلاحية للبت في الطلب الأصلي إذا كان جاهزا أو أن تؤجله بالرغم من ذلك لتبت فيه وفي طلب إدخال الغير في الدعوى بحكم واحد، بحيث جاء في الفصل 112 ق.م.م: ” يجوز للمحكمة في حالة طلب إدخال الغير في الدعوى أن تحكم في الطلب الأصلي منفصلا إذا كانت القضية جاهزة أو أن تؤجله لتبت فيه وفي طلب إدخال الغير في الدعوى بحكم واحد”.

فالمشرع المغربي استعمل عبارة يجوز التي تدل على الجواز والاختيار بحسب ما تراه المحكمة المعروضة عليها تلك الطلبات. وعلى العموم يمكن القول بأن المحكمة تتمتع بسلطة الفصل بين الطلب العارض والطلب الأصلي بالبت في فهذا الأخير إذا كان جاهزا وتتجلى تلك السلطة في كون المحكمة هي التي لها سلطة تقدير متى يكون الملف جاهزا وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض بحيث جاء في أحد قراراتها: “الدعوى المقابلة هي خصومة جديدة يشترط لقيامها وصحتها ما يشترط لقيام وصحة الدعوى الأصلية وأنها إذا كانت مرتبطة بالنزاع الأصلي مسطريا فإن هذه الرابطة يمكن أن تضع لها المحكمة حدا بالفصل في الدعوى الأصلية وإرجاء النظر في الدعوى المقابلة[30].

المطلب الثاني: أثر الطلبات العارضة على نطاق الاستئناف.

يشكل الحفاظ على ثبات النزاع أمام قضاء الدرجة الثانية أحد المبادئ المستقر عليها إجرائيا وحتى إذا تم التخفيف من صرامته أمام قضاء الدرجة الأولى من خلال السماح بتقديم الطلبات العارضة فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لقضاء الدرجة الثانية.

ولعل أهداف الاستئناف كطعن عادي ينظر إليه باعتباره وسيلة لإصلاح ومراجعة الأحكام الابتدائية هي التي تؤسس لذلك حيث تفرض عرض النزاع بنفس الحالة التي كان عليها دون أي تغيير.

كما أن مبدأ التقاضي على درجتين يشكل هو الأخر أحد دعامات مبدأ تباث النزاع لكن الملاحظ هو أن تطور القانون الاجرائي أخذ يهجر هذه القاعدة ويسمح بإمكانية تغيير النزاع أمام محاكم الاستئناف وتقديم طلبات جديدة حيث تم إقرار بعض الاستثناءات بداية ليتم بعد ذلك السماح بتقديم الطلبات العارضة دون تحديد لحالات بيعنها مع وضع شروط ومعايير لذلك أسندت للمحكمة بطبيعة الحال سلطة مراقبتها وتقديرها بحسب ظروف القضية المعروضة عليها. ولتحديد أثر الطلبات العارضة على نطاق الاستئناف سنبحث مدى إمكانية تقديم الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف في الفقرة الأولى على أن نتناول المفهوم الجديد للاستئناف وأثره على نطاق الدعوى المدنية في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: تقديم الطلبات العارضة في الاستئناف.

إذا كان المشرع المغربي قد سمح بتقديم الطلبات العارضة أمام محاكم الدرجة الأولى في الباب الرابع من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية فإنه سكت عن الأمر أمام محاكم الدرجة الثانية. كما أن القواعد العامة في المجال الإجرائي لا تسعفها في بلورة توجه معين ذلك أنه إذا كان مبدأ التقاضي على درجتين يمنع تقديم طلبات جديدة في الاستئناف. فإن مبدأ حرية الدفاع واحترام حقوقه تسمح إلى حد ما بإمكانية توسيع طاق الدعوى وتمكين الخصم من إبداء دفاعه ولو كان في شكل طلبات مقابلة أو مضادة. لكن بغض النظر عن ذلك نجد أن الفصل 350 من قانون المسطرة المدنية الوارد في الباب الثالث من القسم السادس المتعلق بالمسطرة أمام الاستئناف تحيل على مقتضيات الفصول من 108 إلى 123 حيث جاء فيه: “تطبق أمام المحكمة المرفوع إليها الاستئناف مقتضيات الفصل 108 وما يليه إلى الفصل 123”.

وهي فصول تناولت مواصلة الدعوى والتنازل كما أنها تعرضت للطلبات العارضة؛ وهنا يطرح التساؤل هل فعلا سمح المشرع المغربي بتقديم الطلبات العارضة أمام محكمة الاستئناف من خلال هذه الإحالة؟

وإجابة على هذا التساؤل يمكن القول بأن المشرع المغربي حين أورد الفصل 350 من ق.م.م فهو يقصد بذلك السماح بتقديم الطلبات العارضة أمام محاكم الدرجة الثانية وذلك استنادا لما يلي:

  • أن الفصل 350 ق.م.م وإن ورد تحت عنوان مواصلة الدعوى والتنازل فهو كان واضحا فيما تضمنه من مقتضيات، بحيث جاءت الإحالة صريحة وشاملة لمجموعة من النصوص وبالتالي فإنه لا يمكن استثناء أي نص من هذه النصوص وإخراجه من الإحالة بدون موجب.
  • أن حرية الدفاع في القضية تسمح بتقديم تلك الطلبات حتى في الاستئناف بحيث لا يمكن حرمان الخصم من الدفاع عن حقه حتى ولو اقتضى الأمر تقديم طلب عارض في شكل طلب مقابل أو مضاد.
  • أن مبدأ حسن سير العدالة وحسم النزاع كلها تبرر قبول تقديم الطلبات العارضة في الاستئناف عوض تقسيم النزاع ما بين قضاء الدرجة الأولى وقضاء الدرجة الثانية.

إضافة إلى ذلك فإن القضاء المغربي وفي العديد من قرارته يقر جواز تقديم الطلبات العارضة في الاستئناف.

جاء في قرار لمحكمة النقض: “مادام أن المقال الاستئنافي للدعوى يرمي إلى استرجاع ما أخذته الطاعنة من إيرادات في نطاق حادثة شغل ما يكون معه الطلب الإضافي المقدم من طرفها في مرحلة الاستئناف له ارتباط وثيق بالطلب الأصلي، ويدخل في إطار مقتضيات الفصل 143 من ق.م.م فقرته الأخيرة والقرار الذي قضى بعدم قبول الطلب يكون قد خرق مقتضيات الفصل 143 من قانون المسطرة المدنية[31].

وعليه فإن القضاء يبحث مسألة الارتباط الوثيق بالطلب الأصلي لتقرير قبول الطلب العارض إضافيا كان أو مقابلا الأمر الذي يتضح معه أن المسألة تتعلق فقط بتوافر شروط قبول الطلبات العارضة.

كما أن المشرع سمح بإمكانية تعديل السبب أمام محكمة الاستئناف الأمر الذي يتبين معه بأن هذا التعديل لا يمكن أن يتم إلا بواسطة طلبات إضافية أو تعديلية.

جاء في قرار لمحكمة النقض: “إن إضافة سبب جديد في المرحلة الاستئنافية لا يعد إضافة طلب جديد مادام السبب المضاف في المرحلة الاستئنافية هو التعويض عن الضرر الذي لحقهم بسبب تحفيظ المطلوبين العقار في اسمهم دون اسم موروث الطاعنين[32].

والملاحظ أن محكمة النقض في قرارها هذا ترى بأن تغيير السبب أمام محمة الاستئناف يبقى شيئا مقبولا؛ فاعتبرته بمثابة أضافة سبب جديد وليس لإضافة طلب جديد وذلك حتى يتسند إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 143 من قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: المفهوم الجديد للاستئناف وأثره على نطاق الدعوى المدنية.

إذا كان مفهوم الاستئناف كدرجة ثانية للتقاضي من خلال ما تناولناه من قبل يمنع إبداء طلبات جديدة في الاستئناف ما عدا بعض الاستثناءات التي أوردتها التشريعات المقارنة في قوانينها الإجرائية للتخفيف من مبدأ المنع فإن تطور نظام الاستئناف وظهور العديد من المبادئ الهامة التي أحاطت به وشكلت عائقا أمامه يحول دون أداء المهام التي شرع من أجلها بهدف حماية الحق الموضوعي.[33] وكذلك ظهور مبادئ جديدة بدأت تفرض نفسها بفضل التغييرات الاجتماعية والاقتصادية لعل أبرزها تطور النزاع كلها دفعت باتجاه صياغة مفهوم حديث للاستئناف بهدف إضافة إلى مراقبة أحكام أول درجة إلى حسم النزاع نهائيا أمام محاكم الدرجة الثانية ولقد ظهرت بوادر هذا المفهوم في القانون الفرنسي، ورتبت أثرا على نطاق الدعوى المدنية. وعلى مبدأ الأثر الناقل سنحاول بيانها وذلك فيما يخص نطاق الدعوى من حيث الموضوع وكذلك من حيث الأشخاص.

أولا: توسيع نطاق الدعوى من حيث الموضوع.

ويتجلى ذلك من خلال الخروج عما هو متعارف عليه من مبدأ منع تقديم طلبات جديدة في الاستئناف والسماح بتقديم طلبات مقابلة لأول مرة أمام محاكم الدرجة الثانية بحيث جاءت المادة 567 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الجديد تنص على ذلك صراحة[34]. وتؤكد بذلك ما ورد في المادة 64 التي تعرف الطلب العارض تبقى واجبة التطبيق على جميع درجات التقاضي ولا تشكل أي تعارض مع مقتضيات المادة 567.

وعليه فإنه بموجب المادة 567 أصبح في الإمكان تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف وإن لم يسبق عرضها أمام محكمة أول درجة المهم هو أن تتوافر الشروط التي وضعها المشرع للاستفادة من تلك المقتضيات.

ولعل أبرز شرط اشترطه المشرع الفرنسي لقبول الطلبات المقابلة في الاستئناف هو توافر صلة كافية بين الطلب الأصلي والطلب المقابل ومعنى ذلك أنه إذا كان الطلب المقابل لا يتصل بالطلب الأصلي بأية رابطة ويحمل بين طياته طلبا جديدا بموضوع جديد فإنه لا يجوز تقديمه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لأننا سنكون أمام مسألة تتعلق بالاختصاص المطلق، بحيث لا يمكن القفز على الدرجة الأولى للتقاضي واللجوء مباشرة إلى الدرجة الثانية.

ثانيا: توسيع نطاق الدعوى من حيث الأشخاص.

  • أثر التدخل على نطاق الدعوى: سمح المشرع الفرنسي بإمكانية التدخل الهجومي في مرحلة الاستئناف لكل من له مصلحة ولو لم يكن طرفا أو ممثلا في الحكم الابتدائي وذلك بمقتضى المادة 554 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي ويترتب على ذلك أن يظهر في الاستئناف شخص جديد ليست له في النزاع أية صفة قبلية حتى لحظة تدخله ويشكل ذلك خروجا عن قاعدة التقيد بصفة الخصم.

ونفس الشيء بالنسبة للمشرع المغربي الذي نجده هو الأخر سمح بإمكانية التدخل الهجومي في الفصل 144 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه: “لا يقبل أي تدخل إلا ممن يكون لهم الحق في أن يستعملوا التعرض الخارج عن الخصومة”.

  • أثر التدخل على المراكز الإجرائية:

يترتب على قبول التدخل أمام محاكم الدرجة الثانية تغير في المراكز الإجرائية للخصوم بحيث يمكن للطرفين في خصومة الاستئناف أن يصبحا مدعى عليهما معا مع أن أحدهما كان مدعيا والأخر مدعى عليه. كما أن الغير بتدخله يكتسب مركزا إجرائيا فيصير خصما في الدعوى التي تدخل فيها. كما أن الغير بتدخله يكتسب مركزا إجرائيا فيصير خصما في الدعوى التي تدخل فيها. وهذا التغيير في المراكز الإجرائية يستتبع حتما تمكين المدعى عليهما في المرحلة الاستئنافية اللذين وجه لهما المتدخل الهجومي طلبات معينة من امكانية الدفاع بكافة الأوجه المتاحة شكلا وموضوعا.

  • تأثير التدخل على نطاق الاستئناف من حيث المضمون[35]:

يطرح التساؤل في هذه النقطة حول مدى جواز تقديم طلبات مقابلة في الاستئناف؟

يجيب الأستاذ عبد العزيز حضري على هذا السؤال في أطروحته؛ بأن الموقف التشريعي لا يخرج عن حلين إما إقرار حق المتدخل في تقديم طلبات جديدة وحق أطراف الاستئناف في مواجهتها بطلبات جديدة كذلك وإما منع التدخل الهجومي تماما واستبعاد كل طلب جديد ناتج عن تدخل الغير ولا سبيل لحلول وسطى تقر التدخل وتمنع المتدخل من تقديم طلبات جديدة وإلا انعدمت فائدة التدخل أو تقر حق المتدخل في تقديم طلبات جديدة وتمنع أطراف الاستئناف من مواجهتها بطلبات مقابلة. [36]

وخلص إلى أن السماح للمتدخل بإبداء طلبات جديدة مرتبطة بادعاءات الخصوم والسماح لهؤلاء بمواجهتها هو الحل الذي يكفل للجميع حدا أدنى من المواجهة صيانة لحقوق الدفاع.

وقد أقر القضاء المغربي وعلى رأسه محكمة النقض إمكانية تقديم طلبات جديدة في الاستئناف من طرف المتدخل معتبرا بأن التدخل الارادي في الدعوى مخول قانونا لكل من له مصلحة في النزاع المعروض على المحكمة وهو كما يكون انضماميا يكون أيضا اختصاميا يأخذ فيه المتدخل صفة المدعي ويحق له أن يتقدم من جانبه بطلبات مستقلة وخاصة به حتى المرحلة الاستئنافية.[37]

  • تأثير إدخال الغير على نطاق الدعوى:

أجاز المشرع الفرنسي إمكانية إدخال الغير في الدعوى أمام محكمة الاستئناف وذلك في المادة 555 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الجديد واشترط لذلك شرطا وحيدا هو تطور النزاع.

أما المشرع المغربي فموقفه يكتنفه بعض الغموض يسير في اتجاه منعه كما ذهب إلى ذلك الأستاذ عبد العزيز حضري في أطروحته[38]

أما بالنسبة للقضاء المغربي فإنه بدأ يواكب الأفكار الجديدة في القانون الاجرائي؛ وهو ما يتجلى من خلال قرار محكمة النقض الذي جاء فيه: “لما أثارت المحكمة من تلقاء نفسها عدم قبول إدخال البائعة في الدعوى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لخرقه مبدأ التقاضي على درجتين والحال أن الطرف المدخل والمقررة لفائدته القاعدة المذكورة لم يدفع به أمام المحكمة تكون قد بنت قرارها على أساس غير صحيح وعرضته للنقض“.[39]

والملاحظ هو أن محكمة النقض إذا كانت في قرارات سابقة ترفض إدخال الغير لأول مرة في الاستئناف على اعتبار أنه يشكل خرقا لقاعدة التقاضي على درجتين فإنها في هذا القرار غيرت توجهها وأصبحت تشترط ضرورة تمسك الطرف صاحب المصلحة بقاعدة التقاضي على درجتين لإمكانية رفض لإدخال الغير في الاستئناف. الأمر الذي يمكن معه القول بأن قاعدة التقاضي على درجتين لم يعد ينظر إليها كقاعدة متعلقة بالنظام العام مادام يتعين التمسك بها من طرف الخصوم ولا تثيرها المحكمة تلقائيا.

 خاتمة:

لقد حاولنا من خلال هذا المقال المخصص لسلطات المحكمة في نطاق الدعوى المدنية، دراسة جانب مهم في هذه الدعوى يتعلق بمدى ثبات أو تغير نطاقها انطلاقا من تدخل المحكمة والسلطة التي تمتع بها في هذا الاطار وانطلاقا أيضا من فرضية هل الحياد السلبي للمحكمة ما زال يفرض نفسه؛ بنفس القوة أم أن تطور الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية بدأ يسير في اتجاه منح المحكمة دورا أكثر إيجابية يسمح لها بتعديل هذا النطاق وذلك من خلال مناقشة الإشكاليات والتساؤلات التي تطرح وتثار بخصوص إقرار أو نفي هذه السلطة وذلك في ضوء التشريع المغربي ومواقف الفقه والقضاء.

يبدو أن تدخل المشرع من أجل تدعيم سلطة المحكمة في الدعوى المدنية والخروج عن القيود التي تضعها المبادئ التقليدية التي تقيد سلطة المحكمة والتي لم تعد لها نفس الاثار الإيجابية التي كانت لها في ظل الظروف التاريخية التي نشأت فيها أو شكلت مناخا مناسبا لظهورها يبقى أمرا لازما وتدخله هذا قد يكون ما للتوضيح أو ملء الفراغ أو لمواكبة تطور القانون الاجرائي وهو ما يبدو من خلال الاقتراحات التالية:

  • يتعين على المشرع أن يولي اهتماما أكبر للطلبات العارضة على مستوى التنظيم التشريعي.
  • يتعين على المشرع أن يتدخل لتوضيح حق التصدي ونطاقه ومتى يتم اللجوء اليه، وهو ما سيسهم في تجنب الخلط القائم بينه وبين الأثر الناقل وما يترتب على ذلك من مشاكل إجرائية
  • يتعين على القضاء أن يتملك الجرأة اللازمة لإقرار قبول الطلبات العارضة في الاستئناف بشكل صريح تماشيا مع المفهوم الجديد للاستئناف.
  • أن المشرع يتعين عليه التدخل لإقرار سلطة المحكمة في الأمر بإدخال الغير في الدعوى تلقائيا كلما اقتضت مصلحة العدالة ذلك.
لائحة المراجع:

مراجع عامة:

  • اللعبي محمد الطلبات والدفوع في قانون المسطرة المدنية مقال منشور بمجلة القضاء والقانون السنة الحادية عشر ماي- يونيو 1970 العددان 9_10
  • العبدلاوي العلوي إدريس “القانون القضائي الخاص” الجزء الثاني الدعوى والأحكام مطبعة النجاح الجديدة طبعة 1986
  • مارسيل فالين، مجلة القانون العام والعلوم السياسية، مشار إليه في مجلة قضايا الحكومة المصرية السنة الرابعة يناير 1960
  • نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية،
  • عبد الكريم الطالب ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية” مطبعة المعارف طبعة أبريل 2013
  • أمينة مصطفى النمر “الدعوى وإجراءاتها منشأة المعارف بالإسكندرية”
  • الكشبور محمد “تأصيل قاعدة لا يضار أحد باستئنافه” مقال منشور بمجلة المناهج عدد مزدوج 7-8
  • عبد السلام بناني ومن معه “التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء”
  • عبد العزيز حضري استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي الجزء الثاني أثار الاستئناف مطبعة الأمنية الرباط الطبعة الأولى 2009
  • نجيب إبراهيم سعد: “القانون القضائي الخاص” منشأة المعارف بالإسكندرية 1972
  • لمعكشاوي محمادي: “الوجيز في الدعوى وإجراءاتها القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية” مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2010.

أطروحات:

  • عبد العزيز حضري ” القواعد الموضوعية لاستئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي مساهمة في نظرية جديدة للطعن بالاستئناف” أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص الجزء الثاني، السنة الجامعية 2003/2004.
  • محمد صابر “الأثر الناقل لاستئناف الأحكام المدنية في القانون المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق نوقشت بكلية الحقوق بمراكش بجامعة القاضي عياض، السنة الجامعية 2009-2010.
  • محمد نعيم عبد السلام ياسين: “نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلامية وقانون المرافعات المدنية والتجارية” أطروحة دكتوراه بجامعة القاهرة الجزء الثاني
الإحالات

[1]  اللعبي محمد الطلبات والدفوع في قانون المسطرة المدنية مقال منشور بمجلة القضاء والقانون السنة الحادية عشر ماي- يونيو 1970 العددان 9_10 ص 419.

[2]  محمد نعيم عبد السلام ياسين: “نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلامية وقانون المرافعات المدنية والتجارية” أطروحة دكتوراه بجامعة القاهرة الجزء الثاني ص 40- 41.

[3]  وهو ما ذهب إليه القضاء المغربي حيث جاء في قرار محكمة النقض: “الدعوى المقابلة هي خصومة جديدة يشترط لقيامها وصحتها ما يشترط لقيام وصحة الدعوى الأصلية”. قرار رقم 1233 صادر بتاريخ 7 ماي 1986 في الملف رقم 83/599. أشار إليه محمد منقار بنيس، قرارات الغرفة المدنية المتعلقة بقانون المسطرة المدنية مطبعة الأمنية ص 147 وما بعدها

[4]  العبدلاوي العلوي إدريس “القانون القضائي الخاص” الجزء الثاني الدعوى والأحكام مطبعة النجاح الجديدة طبعة 1986 ص 60.

[5]  مارسيل فالين، مجلة القانون العام والعلوم السياسية، مشار إليه في مجلة قضايا الحكومة المصرية السنة الرابعة يناير 1960 ص 125.

[6]  نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية، م س، ص 490.

[7]  عبد الكريم الطالب ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية” مطبعة المعارف طبعة أبريل 2013 ص 200.

[8]  عبد الكريم الطالب م ج، ص 200.

[9]   قرار رقم 1896 صادر بتاريخ 11/10/1984 ملف مدني 78343 مجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الثاني ص 259-260.

[10]  قرار المجلس الأعلى عدد 812 صادر بتاريخ 15 فبراير 1982 في الملف المدني 91837 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية الجزء الثاني 1983-1991 ص 83.

[11]  أمينة مصطفى النمر “الدعوى وإجراءاتها منشأة المعارف بالإسكندرية” ص 240.

[12]  عبد الكريم الطالب “الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية”، م س، ص 277.

[13]  قرار رقم 70 صادر بتاريخ 24/05/1977، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 128، ص 100.

[14]  أما ما أورده المشرع في الفصل 142 من ق.م.م من إلزام المستأنف بتحديد موضوع طلبه في مقال الاستئناف باعتباره من البيانات الإلزامية فإنه يتعلق بالشكليات الواجب توافرها في مقال الاستئناف ولا علاقة له بالأثر الناقل.

[15]  قرار رقم 752 صادر بتاريخ 24/11/1982 في الملف المدني عدد 82110 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية الجزء الثاني ص 11- 12.

[16]  قرار رقم 1119 صادر بتاريخ 08/05/1985 في الملف المدني عدد 95664 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الثاني ص 228.

[17]  الكشبور محمد “تأصيل قاعدة لا يضار أحد باستئنافه” مقال منشور بمجلة المناهج عدد مزدوج 7-8 ص 115 وما بعدها.

[18]  قرار رقم 45 صادر بتاريخ 10/01/1979 في الملف رقم 77/63014 منشور بقرارات الغرفة المدنية المتعلقة بقانون المسطرة المدنية لمحمد منقار بنيس، مطبعة الأمنية ص 14.

[19]  عبد السلام بناني ومن معه “التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء” ص 543.

[20]  قرار رقم 5622 صادر بتاريخ 03/11/1964 أشار إليه عبد السلام بناني ومن معه م، س، ص 543-544.

[21]  عبد العزيز حضري ” القواعد الموضوعية لاستئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي مساهمة في نظرية جديدة للطعن بالاستئناف” أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص الجزء الثاني، السنة الجامعية 2003/2004، ص 644.

[22]  محمد صابر “الأثر الناقل لاستئناف الأحكام المدنية في القانون المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق نوقشت بكلية الحقوق بمراكش بجامعة القاضي عياض، السنة الجامعية 2009-2010، ص 289.

[23]  قرار رقم 617 صادر بتاريخ 13/09/1978 في الملف المدني عد 66284 منشور بمجلة المحاماة عدد 18 ص 157.

[24]  قرار رقم 1287 صادر بتاريخ 11/06/1990 في الملف عدد 2428/89 منشور بمجلة الاشعاع عدد 4 دجنبر 1990 ص 97.

[25]  قرار صادر بتاريخ 13/12/1983 تحت عدد 1652 في الملف العقاري، عدد 1525 منشور بمجلة المعيار عدد 11، ص 73 وما يليها.

[26]  عبد السلام بناني ومن معه “التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء” ص 495.

[27]  نجيب إبراهيم سعد: “القانون القضائي الخاص” منشأة المعارف بالإسكندرية 1972 ص616.

[28]  لمعكشاوي محمادي: “الوجيز في الدعوى وإجراءاتها القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية” مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2010، ص 129.

[29]  قرار محكمة الاستئناف بالرباط مجلة القضاء والقانون ع 140-141.

[30]  قرار رقم 1233 بتاريخ 7/02/1986 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، الجزء الثان 1992 ص 333.

[31]  قرر رقم 352 صادر بتاريخ 06/04/2000 في الملف 04/1187 منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقالات عدد 10، ص 177 وما بعدها.

[32]  قرار صادر بتاريخ 02/06/1998 تحت عدد 3649 منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في المسطرة المدنية لعبد العزيز توفيق ص 54.

[33]  نبيل إسماعيل عمر “نطاق الطعن بالاستئناف في قانون المرافعات المصري والفرنسي دراسة تحليلية دار الجامعة الجديدة طبعة 2008 ص 11.

[34]  Article 567 :  “les demandes reconventionnelles sont également recevables en appel”

[35]  ويقصد بالمضمون هنا موضوع الدعوى وسببها.

[36] عبد العزيز حضري استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي الجزء الثاني أثار الاستئناف مطبعة الأمنية الرباط الطبعة الأولى 2009 ص222.

[37] قرار رقم 54 صادر بتاريخ 02/03/1979 ملف مدني عدد 55336 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 28 السنة السادسة دجنبر 1981 ص 154.

[38]  عبد العزيز حضري استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي الجزء الثاني أثار الاستئناف مطبعة الأمنية الرباط الطبعة الأولى 2009 ص232.

[39]  قرر صادر بتاريخ 27/02/2003 تحت عدد 597 ملف مدني عدد 880-2002 منشور بمجلة المرافعة عدد 14 و15 ص 161.