التحرش في أماكن العمل ” التحرش المعنوي نموذجا “

4 يونيو 2020
التحرش في أماكن العمل ” التحرش المعنوي نموذجا “

التحرش في أماكن العمل ” التحرش المعنوي نموذجا “

 

مقدمة :

يعتبر حق الشغل من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الإنسان طيلة حياته ، ويأتي هذا الحق مباشرة بعد الحق في الحياة نظرا لأهميته القصوى ، لذا قامت جل التشريعات بتأطيره بقواعد قانونية ملزمة ومقتضيات لا يمكن الاتفاق على مخالفتها ، كما أن العمل عنصر هام وفعال في عملية الإنتاج ، بل من هذا أنه بدون عمل الإنسان تقف عجلة الإنتاج[1] ، ونظرا للأهمية القصوى التي يكتسيها حق الشغل ، عملت معظم الدول على توفير الجو الملائم لممارسة هذا الحق ، وذلك عن طريق إنشاء مجموعة من المعامل والمصانع ، وكذا إحداث المقاولات ، باعتبارها مكانا يتوافد عليها العديد من الأجراء ، وبالتالي فلا يجادل أحد فيما قد تعرفه هذه المقاولات من ممارسات وتصرفات لا أخلاقية ، وذلك راجع إلى احتكاك الأجراء مع المشغلين وكذا مع بعضهم البعض ، بسبب تعارض المصالح بين الطرفين ، هذه التصرفات من شانها التأثير على السير العادي للمقاولة ، كما أنها تمس بكرامة وحقوق الطبقة العاملة ، وتتنوع الأشكال التي قد تظهر بها ، ولعل أهمها التحرش الجنسي المعنوي ، هذا الأخير الذي يعد الأكثر انتشارا بحكم الصور المتعددة التي قد يظهر بها [2].

وتعد ظاهرة التحرش المعنوي في العمل ، ظاهرة قديمة ارتبط وجودها بوجود العمل ، وبالتالي فهي تجسد اكبر الآلام الاجتماعية لا سيما بالنسبة للأجير ، لأن هذا الأخير قد يفقد عمله بسبب هذا النوع من العنف ، لأنه من الصعب تحمل ما يتعرض له من مضايقات معنوية في مكان عمله ، وهكذا فالتحرش المعنوي المرتبط بالعمل يتمثل في مجموعة من الأفعال والتصرفات التي تشكل انتهاكا لكرامة الأجير وتهديدا لمستقبله المهني [3].

كان التحرش المعنوي في أماكن العمل يعبر عنه بعدة مصطلحات ، بحيث يختلف باختلاف الدول التي تعاني من الظاهرة ، إذ كان يطلق عليها في الدول الانجلوسكسونية مصطلح Mobbing  أي سوء المعاملة ، بينما الولايات المتحدة الأمريكية استعملت مصطلح bullying  ، إلا أن الاختلاف في تسمية الظاهرة لا يترتب عنه اختلاف في المعنى ، وهكذا عرف التحرش المعنوي في أماكن العمل ، اهتماما في السبعينيات من القرن الماضي في أمريكا ، أما دول شمال أوروبا وألمانيا فلم تول اهتمامها للموضوع إلا في بداية التسعينيات من نفس القرن [4].

إن كلمة التحرش غالبا ما نقرنها مباشرة بالتحرش الجنسي ، هذا الأخير الذي يعد مفهوم جديدا بالنظر إلى النص عليه قانونا ، رغم أن هذه هي الأخرى ليست وليدة اليوم ، بل كانت موجودة منذ زمن ، لكن سبب عدم التصدي لها يكمن بالأساس في كون الأجير المتحرش به يفضل التزام الصمت ، وذلك بهدف الحفاظ على شغله نظرا لارتفاع نسبة البطالة ، إضافة إلى صعوبة إثبات هذا النوع من العنف ، في حين أن هناك تحرش أكبر من حيث الآثار التي يتسبب فيها من التحرش الجنسي ، وهو المتمثل في التحرش المعنوي الذي لم يتطرق له المشرع بشكل صريح لا في مقتضيات مدونة الشغل ، ولا في نصوص القانون الجنائي ، رغم أنه كان يعمل جاهدا على توفير الحماية اللازمة للأجراء ، وخاصة ما يتعلق بالجانب الأخلاقي لهؤلاء ، ويتضح ذلك بجلاء سواء من خلال بعض الظهائر[5] السابقة أو من خلال بعض المواد من مدونة الشغل الحالية ، بحيث نجد المشرع قد تحدث عن المحافظة على حسن الآداب والأخلاق ، وعلى مراعاة أمور الحشمة والوقار واللياقة العمومية في المحلات الصناعية والتجارية ، كما أكد أيضا على صيانة الأعراض والتشبث بمكارم الأخلاق في القانون السابق من خلال الفصل 35 من ظهير 2 يوليوز 1947 المتعلق بسن ضابط للخدمة والعمل ، علاوة على ما أورده القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل[6] ، بحيث جاء في بعض موادها[7] أن المشغل ملزم باتخاذ التدابير اللازمة لحماية صحة وسلامة الأجراء وصيانة كرامتهم .

لكن بالرغم من هذه المجهودات المبذولة من طرف المشرع في مجال الحماية الاجتماعية ، لا زالت فئة الأجراء تعاني من بعض المشاكل في مكان عملها في ظل غياب ظروف شغل ملائمة ، كما هو الشأن بالنسبة لظاهرة التحرش المعنوي التي تعرفها المقاولات ، إذ كان على المشرع عوض اهتمامه المحتشم بموضوع التحرش المعنوي المرتبط بالعمل ، أن يقوم بتنظيمه بشكل صريح شأنه شأن باقي الموضوعات التي عالجها .

وبسبب ما يخلفه التحرش المعنوي المرتبط بالعمل من نتائج ثقيلة على الصحة النفسية والجسدية للأجراء ، عملت بعض التشريعات المقارنة على سن مقتضيات قانونية تمنع هذه التصرفات في آماكن العمل ، ذلك حماية لهذه الفئة ، ومن بين هذه التشريعات نجد التشريع السويدي ، الذي أولى اهتماما بالغا لظاهرة التحرش المعنوي التي تعرف انتشارا واسعا في أماكن العمل في هذا البلد ، بحيث نظم المشرع هذا النوع من العنف منذ 1953 باعتباره أحد الظواهر التي تهدد الصحة النفسية للأجراء ، ولكونه السبب في انتحار 10 إلى 15 في المائة من الأجراء في السويد[8] ، وعليه يمكن القول أن السويد كانت أولى دول العالم التي تصدت للتحرش المعنوي في العمل بالنظر إلى تاريخ تنظيمه .

وعلى غرار المشرع السويدي ، أخذ المشرع الفرنسي كذلك بالتحرش المعنوي المرتبط بالعمل ، بحيث بادر في البداية إلى منع ظاهرة التحرش الجنسي عندما تبنى قانون التحديث الاجتماعي سنة 2002 ، الذي جاء به المشرع من أجل تغيير مجموعة من القوانين في فرنسا ، وعلى رأسها مدونة الشغل ، بحيث تم تمديد الحماية لتشمل ضحايا ظاهرة التحرش المعنوي وذلك بموجب قانون 17 يناير 2002 ، وعليه أصبح التحرش المعنوي الذي يعرف انتشارا واسعا في معظم المقاولات ، يعتبر جريمة سواء من منظور مدونة الشغل الفرنسية أو القانون الجنائي الفرنسي[9] .

يكتسي موضوع التحرش المعنوي في أماكن العمل أهمية بالغة خاصة على المستوى الاجتماعي والقانوني.

فمن الناحية الاجتماعية يتسبب التحرش المعنوي المرتبط بالعمل في عدة نتائج تؤثر سلبا على الصحة الجسدية والنفسية للأجير ضحية هذا النوع من العنف ، بحيث قد تسبب له هذه الأفعال حالة مرض نفسي يحول دون استمراره في عمله[10] ، خاصة وأننا نعلم أهمية الشغل في ظل ارتفاع نسبة البطالة ، كما قد يكون الأجير ضحية هذه التصرفات والأفعال أللأخلاقية هو المعيل الوحيد لأسرته ، مما يستلزم حمايته من هذه التصرفات حتى يستطيع مواصلة إعالة عائلته .

أما من الناحية القانونية فتتجلى أهمية بحث موضوع التحرش المعنوي المرتبط بالعمل ، في كونه عبارة عن نداء موجه للمشرع المغربي لتنظيم هذه الظاهرة بهدف حماية الطبقة العاملة مما قد يعرض صحتها النفسية والجسدية للخطر .

وقصد تناول هذا الموضوع بشكل دقيق فإنه وبالضرورة فرش ما تنطوي عليه التحرش المعنوي من إشكالات إلا أي حد توفق المشرع المغربي لبسط أجنحة الحماية القانونية للأجيرات عقب تعرضهن للتحرش المعنوي ؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية تساؤلات فرعية أهمها :

–  ما المقصود بالتحرش المعنوي المرتبط بالعمل ؟

– ما هي أطراف التحرش المعنوي المرتبط بالعمل  ؟

ولدراسة هذه الإشكالية والتساؤلات الفرعية تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي مع مقاربة على المستوى العملي ببعض الاجتهادات القضائية المقارنة ، نظرا لعدم وجود اجتهادات قضائية وطنية كما سبق الذكر ، وعليه سنتناول موضوع التحرش المعنوي المرتبط بالعمل من خلال تقسيمه إلى مبحثين على النحو التالي :

المبحث الأول  : حماية الأجيرة من العنف المعنوي وصيانة حقها في الكرامة.

المبحث الثاني : تحديد التحرش المعنوي المرتبط بالعمل.

 

المبحث الأول : حماية الأجيرة من العنف المعنوي وصيانة حقها في الكرامة

لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص ، في أي طرف ، ومن قبل أية جهة كانت خاصة أو عامة ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة  معاملة قاسية أو لا إنسانية ، أو حاطة بالكرامة الإنسانية ، كما أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ومن قبل أي أحد ، جريمة يعاقب عليها القانون[11] .

المطلب الأول: صيانة حق الأجيرة في الكرامة ومناهضة العنف الموجه ضدها

لقد احتلت المرأة اليوم حيزا هاما من النقاشات التي تعرفها الساحة الوطنية والدولية ، خصوصا بعدما أصبحت تشغل عدم مناصب يفعل تكوينها العلمي والمهني ، مما سمح لها بولوج عالم الشغل ، فإذا كانت الألفية التي نعيشها هي ألفية العولمة والتكنولوجيا ، فقد ساهمت في إبراز الدور الفعال الذي تلعبه المرأة في كافة المجالات باعتبارها شريكا يساهم في التنمية الاقتصادية ورغم الايجابيات الناجمة عن عمل المرأة ، إلا أنها قد تصطدم بمجموعة من الأمور الخطيرة التي تقلل من حقها في الكرامة كالعنف الممارس ضدها في الشغل [12].

الفقرة الأولى : حق الأجيرة في الكرامة

يعتبر حق الكرامة الإنسانية من حقوق الإنسان في إكرام الله تعالى الإنسان بنعم لا تعد ولا تحصى ، وفضله على كثير من مخلوقاته[13] ، قال تعالى في كتابه الكريم : ” ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفصيلا “[14].

ويبقى الحق في الكرامة من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها أو حرمان الإنسان منها ، فهي كلية ومتساوية بين جميع أفراد الشعوب ، لأن الإنسان في حاجة للتخلص من التمييز بكافة أشكاله وطرقه ، إضافة إلى ضرورة مكافحة حالات الظلم التي تواجهه المرأة ، وانتهاك حقوقها في المجتمعات فالجميع بحاجة إلى حقوق مدنية واجتماعية واقتصادية ، ومن أهم هذه الحقوق هو الحق في الكرامة الإنسانية .

ويعتبر هذا الحق أحد الحقوق المكرسة بمقتضى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، حيث جاء في ديباجته أنه : ” لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم “ ، وأضافت المادة الأولى من نفس الإعلان : ” يولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا ، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء “[15].

كما تم الاعتراف بهذا الحق في الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية ، حيث استهلا كلاهما بنفس الجملة : ” حيث أن الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة الدولية وبحقوقهم المتساوية التي لا يمكن التصرف فيها بأي شكل ، استنادا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة أساس الحرية والعدالة والسلام في العالم ، وإقرار منها بانبثاق هذه عن الكرامة المتأصلة في الإنسان “.

وحيث إن هاتين الاتفاقيتين قد صودق عليهما من طرف المغرب ، وأضحى احترامها إلزاميا ، مما دفع بالتشريع المغربي إلى مراعاتهما بشكل يحمي كرامة الإنسان عامة وكرامة الأجيرات خاصة ، ذلك لأن المشغل قد يشتغل بموقفه باعتباره الطرف القوي في العلاقة الشغلية مع الأجيرة ، ليعتدي على حقها في الكرامة الذي يكفله الدستور في الفصل 22 منه : ” … ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير ، تحت أي ذريعة معاملة قاسية ، أو لا إنسانية ، أو حاطة بالكرامة الإنسانية …”[16].

حاجة الأخيرة إلى أجر تعيش به وأفراد أسرتها، يجعل من مكان العمل بمثابة المجال الخصب للنيل من كرامتها، ولذلك وضعت مدونة الشغل كرامة الأجراء والأجيرات كهدف

من أهدافها الأساسية ، من خلال النص في ديباجته على عدم جواز ممارسة العمل في ظروف تنقص من كرامة الأجير والأجيرة ، والتزام المقاولة باحترام كرامة من يستغلون بها ، كما نصت في مادتها 24 على :  ” وجوب اتخاذ المشغل كافة التدابير اللازمة لحماية كرامة الأجراء والسهر على مراعاة حسن السلوك والأخلاق الحميدة واستتباب الآداب العامة داخل المقاولة “[17].

حيث إن صيانة كرامة الأجيرة يقتضي الحفاظ على مكارم الأخلاق ومراعاة كل ما من شأنها صيانة الأعراض ، وهذا ما أكده الفصل 35 من ظهير 2 يوليوز 1947 والذي جاء فيه على أن  : ” أصحاب معامل الصناعة والتجارة أن يحافظوا على التشبث بمكارم الأخلاق وعلى مراعاة ما من شأنه على العموم صيانة الأعراض “[18].

وعلى العموم ، فإنه بالرغم من كل هذه المقتضيات التي سعت منذ سنوات إلى حماية كرامة الأجيرة من جميع الأشغال المخالفة للآداب العامة والأخلاق الحميدة ، فإن المشرع المغربي لم يمنح الأمر الأهمية المستحقة ، مما يزيد معه احتمال المس بكرامة وأخلاق الأجيرة أكثر تحققا خاصة أمام الاستغلال التجاري أجسد النساء الذي أصبح أحد الركائز الأساسية المعتمد عليها المراكمة أرباح الرأسماليين الدين يعتبرون الربح فقط المحرك الرئيسي لهم[19].

الفقرة الثانية : مناهضة العنف ضد المرأة العاملة

أضحى العنف أحد أهم الحقائق في عصرنا هذا ، حيث أصبحت مجتمعات اليوم تعيش حالة القلق والحيرة إزاء هذه الظاهرة التي تفشت في مختلف الأوساط والشرائح ، وعلى مستوى المؤسسات باختلاف طبيعتها اقتصادية كانت أو تربوية ، في الملاعب والشوارع والأحياء ، فباتت تهدد أجيالا ومستقبل الأمم ، فالعنف عموما يهدف إلى المس بحرمة الشخص وكرامته ، ويستهدف الجسد أو قدرة الشخص على اتخاذ قرارات حرة ومستقلة ، فيجسد عبر كل تجلياته انتهاكا لحق الفرد في الاحترام والسلامة الجسدية والنفسية ، كما يمس بحريته ويمكن أن يهدد حقه في الحياة[20] .

ونجحت البلدان الإسلامية والدول الغربية في 15 مارس 2013 إبان انعقاد الدورة السنوية 57 للجنة وضع المرأة بهيئة الأمم المتحدة ، في تجاوز اختلافات وجهات نظرها ، واتفقت على إعلان هيئة الأمم المتحدة الذي يدين العنف ضد النساء : ” بعد مرور أسبوعين من المفاوضات ما بين ممثلي 193 من الدول الأعضاء ، فبدأت إيران وليبيا والسودان وبلدان مسلمة أخرى بتضمين هذا الإعلان فقرة تؤكد على عدم وجود أية عادة أو تقليد أو اعتبار ديني يبرر العنف ” ( لوموند ، 15 مارس 2013 ) ، وأساس هذا الاتفاق هو تقرير البنك الدولي الذي كشف على أن نساء كبيرات من بين اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و 44 سنة يفارقن الحياة بسبب العنف أكثر مما يفارقنها بسبب أمراض الحمى أو السيدا أو السرطان [21].

ومع صدور دستور فاتح يوليوز 2011 ، الذي ينص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب ، وعلى مبدأ المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق ، وعلى الحق في السلامة الجسدية والمعنوية لجميع الأفراد[22] ، وعلى مبدأ المناصفة وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ، التزمت الحكومة في برنامجها الحكومي بتقوية السياسات العمومية الخاصة بمحاربة العنف ضد النساء تطبيقا للفصل 34 من الدستور ، وبوضع الآليات والتدابير القانونية والمالية المتطلبة لذلك والتعزيز المؤسساتي والجغرافي لمراكز الاستماع وللمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف[23] ، ويندرج ضمن هذا السياق قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ، الذي وضع من قبل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية بشراكة مع وزارة العدل والحريات ، وعرض على مجلس الحكومة بتاريخ 7 نونبر 2013 ، ليخرج بعد ذلك إلى الوجود قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 ( 22 فبراير 2018 ).

وتعرف المادة الأولى من هذا القانون العنف ضد المرأة بأنه : ” كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة “.

وإذا كانت بعض التنظيمات النسائية تربط ظاهرة العنف ضد النساء بما تسميه التمييز ضد المرأة عند الرجل فيه المسؤول الأول عن معاناة النساء ، فإن بعض التنظيمات الأخرى ترى أن هذه الظاهرة ترجع إلى جوانب متعددة فجانب منها يعد صورة من صور العنف المسلط على المجتمع ككل من قبل قوى الاستغلال والنفوذ ، وجانب أخر له أسباب مرتبطة بثلاث خلفيات[24] ، إحدى هذه الخلفيات هي الخلفية الاقتصادية التي تقوم على غياب العدالة الاجتماعية ، وانعدام برامج حقيقية تهدف إلى التوزيع العادل للثروات ، إضافة إلى اتساع الفوارق الاجتماعية ، كل هذه العوامل أنتجت ظروفا صعبة ، خاصة بالنسبة للأجيرات حيث أن المرأة دائما ما تكون هي الضحية الأولى ، خاصة إذا ما ارتبط الأمر بالعمل الذي تجني منه قوت العيش .

ويكتسي موضوع العنف ضد المرأة العاملة أهمية خاصة من حيث أنه أصبح موضوعا على طاولة البحث والتدقيق والمساءلة والإدانة والتنديد في العقد الأخير من القرن الماضي ، وذلك بفضل نضال الحركة النسائية عبر العالم ، فقد تفاقمت الاختلالات الجسدية والنفسية الناتجة عن العنف الممارس ضد النساء[25] ، ويشكل العنف ضد المرأة في أماكن العمل في العقد الأخير نسبة %61 ، حيث بلغ عدد الأجيرات المعنفات في الوسط المهني 280 ألفا سنة 2009 ، حسب بحث وطني أجرته المندوبية السامية للتخطيط حول انتشار العنف ضد النساء [26].

ويتمثل العنف في أماكن العمل في كل وضعية واقعية تتعرض فيها المرأة العاملة للاضطهاد والتعذيب أو الإكراه الجسدي أو النفسي خلال تنفيذها لعملها، فالعنف في العمل يستهدف كل السلوكيات العنيفة سواء كانت مادية أو معنوية كالسب والقذف.

ويقصد بالعنف المادي أو الجسدي كل الأفعال والسلوكيات التي تلحق إضرارا جسدية تؤثر بشكل مباشر على السلامة البدنية للمرأة ، من ضرب إلى جرح إلى كسر إلى بتر عضو من أعضاء الجسم إلى الحرق أو الحرمان من الأكل إلى الحبس في مكان معين والإغلاق بالأقفال [27]، ويستعمل في العمل بهدف تخويف الأجيرات وخاصة اللواتي في وضعية غير مستقرة .

أما العنف المعنوي أو النفسي له أوصاف متعددة ذات طابع السب والشتم أو تعابير وإشارات أو مواقف تؤثر على السلامة النفسية للأجيرة .

ويعتبر هذا النوع من العنف من أخطر الوسائل الماسة بالكرامة الإنسانية ، وحسب البحث الوطني حول انتشار العنف ضد النساء ، تتعرض امرأة واحدة في الوسط المهني من بين 5 نساء في الوسط الحضري ، وواحدة من كل 20 امرأة بالوسط القروي للعنف النفسي ، بمعدل بلغ 13.4 % على المستوى الوطني [28].

وهناك أيضا العنف الاقتصادي، وهو كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية يحضر، أو من شأنه أن يضر بالحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية للمرأة[29].

إذ يبقى حضور المرأة في الحياة العامة مطبوعا ومتأثرا بمدى تمتعها بالحق في الشغل ، ونوعية اندماجها في الإنتاج الاقتصادي الذي وإن كان يوفر لها استقلالية مالية ، فإنه لا يخلو من الاستغلال والتمييز في الترقية ، وضعف ضمانات تطبيق القواعد الحمائية للمرأة وظروف عملها ، وكما يتجلى العنف الاقتصادي في قطاع الإنتاج الفلاحي الذي يعرف استغلالا للمرأة القروية التي لا تستخدم إلا كيد عاملة موسمية وبشكل غير منظم ، مع التمييز في الأجر مقارنة مع أجور الرجال ، والذي لا يصل حتى إلى الحد الأدنى للأجر ، علما أن 40% من السكان النشطين في الوسط القروي نساء[30] .

وعالج المشرع المغربي إشكالية العنف ضد المرأة بصفة عامة ، بما فيها المرأة العاملة ، أولا في الفصل 22 من الدستور الذي أكد أنه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة ، إضافة إلى أن قانون 103.13 الذي جاء لتكريس هذا المبدأ الدستوري ، الذي عالج موضوع العنف ضد المرأة في جميع مواده ، خاصة المادة 5 ( الفصل 1-1-503 ) ، الذي شدد من عقوبة العنف في صورة التحرش الجنسي إذا ما صدرت عن زميل في العمل أو أشخاص مكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها [31].

ويلاحظ أن مدونة الشغل لم تتطرق بشكل مباشر للعنف الموجه للمرأة العاملة ، حيث جاءت بمقتضيات حمائية عامة ، جاء في تصديرها : ” …العمل ليس بضاعة، والعامل ليس أداة من أدوات الإنتاج، ولا يجوز في أي حال من الأحوال، أن يمارس العمل في ظروف تنتقص من كرامة العامل “.

وجدير بالذكر أن هناك نوعا رابعا من أنواع العنف وأشكاله، والذي قد تتعرض له الأجيرة أثناء ممارسة العمل وفي المؤسسة التي تشتغل بها وهو العنف الجنسي.

المطلب الثاني : التحرش الجنسي والتحرش المعنوي إهدار لكرامة الأجيرة

رغم المكانة السامية التي تحظى بها النساء سواء في الإسلام الذي كرمها أحسن تكريم ونهى عن إيذائها بقوله سبحانه وتعالى : فلا يؤذين “[32].

إضافة إلى المواثيق والاتفاقيات الدولية التي جاءت بمجموعة من المضامين والمبادئ التي تهدف إلى حماية المرأة من كل تعسف أو تحرش قد يطالها ، لكن رغم كل ذلك لا زالت المرأة تعاني من معاملة دونية [33]، وتتعرض للضغوطات من المشغلين والتحرش بنوعيه الجنسي والمعنوي ، وهو من الوسائل التي استغلها المشغلون لتسريح العاملات ودفعهن لفسخ عقد الشغل من جانبهن ، ونتيجة للمضايقات الجنسية أو النفسية المستمرة ، فإن المرأة تضطر إلى ترك عملها لتقبل أعمالا أقل من مستواها وكفاءتها وأقل مما كانت تتقاضاه من أجر في عملها السابق [34].

الفقرة الأولى : التحرش الجنسي بين خطورة الفعل وصعوبة الإثبات

إن لخاصية الأنوثة تأثيرا بالغا على شكل الظروف التي يمارس فيها النساء عملهن خارج البيت ، حيث لا يقف هذا التأثير عند اعتباره معيارا للتمييز من حيث الأجر ، بل يتعداه إلى الاعتداء على الوقار والكرامة الإنسانية للمرأة ، تلك هي معضلة التحرش الجنسي في أماكن العمل .

فبعد أن كانت الظاهرة تمر تحت غطاء من التستر والصمت ، أصبح من الممكن الاعتياد على فضحها من طرف النقابات والهيئات النسائية[35] ، وذلك نظرا لخطورة التي يتسم بها هذا الفعل ، والضغوطات التي تعاني منها العاملات بسببه .

ويعرف جانب من الفقه التحرش الجنسي بأنه : ” كل سلوك ذي مضمون جنسي يصدر من الرجل أو المرأة تجاه الجنس الأخر بدون رضاه أو لرضاها ، سواء كان فعلا أو إظهارا لصور أو كلام “[36] ، أما البعض الأخر من الفقه فيرى أنه : ” يعتبر تحرشا جنسيا كل سلوك ذي دلالة جنسية : كالألفاظ والعروض والحركات والاتصالات والاقتراحات بشكل من شأنه أن يخلق إزعاجا لدى ضحية هذا التحرش ، وذلك في الحالة التي يصدر فيها سلوك عن شخص يسيء استعمال سلطته التي تخولها له مهمته أو وضعيته “[37].

أما بعض الفقه المغربي فيرى أن التحرش الجنسي هو ” كل ضغط ذو غاية جنسية “[38].

ومدونة الشغل المغربية لم تتحدث عن هذه الظاهرة إلا باحتشام شديد ، وذلك من خلال ( المادة 40 ) التي جعلته من الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجير من طرف المشغل أو رئيس المقاولة ، مع وضع إمكانية التقاضي بيد المتضرر في حالة إثبات التحرش والمطالبة بالتعويض [39].

إضافة إلى أن المشرع المغربي خطا خطوات مهمة للحد من استفحال الظاهرة من خلال تجريم التحرش الجنسي بمقتضى الفصل 1-503 من القانون الجنائي الذي ينص على أنه : ” يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة من خمسة ألاف إلى خمسين ألف درهم ، من أجل جريمة التحرش الجنسي ، كل  من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أية وسيلة أخرى مستغلا السلطة التي تخولها له مهامه ، لأغراض ذات طبيعة جنسية ” ، كما تم تغيير وتتميم الفصل 1-503 أعلاه بمقتضى المادة 2 من قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء .

إضافة إلى أنه تمت إضافة الفصلين 1-1-503 و 2-1-503 بمقتضى المدة 5 من القانون السالف الذكر ، وقد تطرق الفصل 1-1-503 إلى التحرش الجنسي في إطار العمل : “يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ، ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 2000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحالات التالية :

  • في الفضاءات العمومية أو غيرها ، بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسي أو لأغراض جنسية.
  • بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو الكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية.
  • تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها ” ، إضافة إلى الفصل 2-1-503 الذي حدد عقوبة جريمة التحرش الجنسي في ثلاث سنوات وغرامة من 5.000 إلى 50.000 درهم إذا ارتكب التحرش الجنسي ممن له ولاية أو سلطة على الضحية.

بعد عرض المقتضيات التشريعية التي اهتمت بحماية الأجيرة من هذه الظاهرة اللاأخلاقية فإنه يلاحظ ندرة القرارات التي تناولت هذا الجانب الحمائي ، سواء الزجرية أو المادة الاجتماعية ، ومن بينها حكم صادر عن ابتدائية الدار البيضاء[40] في قضية تتلخص وقائعها من خلال جلسة البحث التي عقدتها المحكمة بتاريخ 21-12-2006 ، أكدت الأجيرة نادية أن وضع مكتبها أمام المرحاض إهانة عملية لها ، وأكدت أن المشغل كان يتحرش بها جنسيا بأفعال وأقوال ذات طابع جنسي ، ولكن المشغل أنكر ما تدعيه الأخيرة من أنه تحرش بها مدعيا أنها سيدة متزوجة ، وعند الاستماع إلى الشاهد الذي يعمل بالشركة ذاتها مدة 5 سنوات ، أكد أن ما يقوله المشغل للأجيرة لا يوجهه إلى باقي العاملات .

وهكذا اقتنعت المحكمة بقيام واقعة التحرش واعتبر أنه بعد الاستماع إلى أقوال الشهود وما راج من نقاش بين الأطراف أن التحرش الجنسي تابت في حق المشغل، وبالتالي قضت المحكمة بتعويض الأجيرة المتحرش بها عن الإشعار : 4145 درهم، وعن الإعفاء : 46.720 درهم، وعن الطرد التعسفي 95.000 درهم [41].

ورغم أنه يمكن إثبات واقعة التحرش الجنسي بكل وسائل الإثبات، حيت يتم الرجوع عادة إلى وسائل الإثبات العادية المقبولة في المادة الجزائية من شهادة الشهود واعتراف وغيره من الوسائل المتعارف عليها[42]، إلا أنه يبقى من الصعب إثبات الواقعة ، ومن بين الأشياء والحالات التي تجعله صعب الإثبات نذكر ما يلي :

  • إن المتحرش عادة ما يخطط لجريمته تخطيطا محكما.
  • إن التحرش الجنسي داخل العمل يجعل من مشكل الإثبات أكثر صعوبة ، حيث يلاحظ أنه يكون أكثر صعوبة إذا ما كان التحرش في أماكن مغلقة كمكان العمل ، لذلك تبقى الوسائل التكنولوجية الحديثة الأمر الأنسب لإثباتها ، أي الاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي لرد الاعتبار للمرأة الأجيرة ، رغم أن هذا الأمر أيضا يتسم بالصعوبة نظرا لأن الأجيرة لا تعلم ولا تدري بالضبط في أي وقت ستتعرض للتحرش الجنسي.
  • أنه إذا كان إثبات التحرش المادي أمرا صعبا، فإن إثبات التحرش اللفظي من شأنه أن يكون مستحيلا.
  • أنه بناء على المقتضيات التشريعية فإن الإثبات يفسر لصالح المتهم، وتبعا لذلك فإن عدم اقتناع المحكمة اقتناعا وجدانيا تاما بقيام جريمة التحرش الجنسي من شأنه إفلات الجاني من الجريمة[43].

ويجدر الإشارة إلى أن قلة القرارات القضائية لا يعني انعدام الظاهرة أو عدم تواجدها بمؤسسات الشغل المغربية ، وإنما سبب ندرة الأحكام والقرارات هي المعيقات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها المرأة ، إضافة إلى إشكالية الإثبات التي تواجه ضحايا التحرش وغياب المقتضيات الحمائية للشهود على ارتكاب الفعل ، مما يؤدي إلى تنامي الظاهرة في الخفاء بعيدا عن بسط يد القضاء لينالها بالتنظيم والمراقبة[44] .

الفقرة الثانية : التحرش المعنوي ضد المرأة وعبء إثباته .

إن التحرش المعنوي هو ظاهرة قديمة، ولا تزال مستفحلة إلى يومنا هذا في ميدان العمل، إلا أن التسمية تعتبر جديدة نوعا ما ، وهو يتخذ أشكالا مختلفة .

وعرفه Henz Lyman  : التحرش المعنوي هو شكل من الإرهاب النفسي الذي يظهر في تتابع لمدة طويلة نسبيا ، لأقوال وتصرفات معادية إذا أخذت هذه الأخيرة بمفردها كانت بسيطة ، أما تكرارها فقد يخلف أثارا مدمرة ” ، وتعرفه ماري فرانس أرغويان : ” التحرش المعنوي هو ممارسة متكررة تؤدي إلى تدهور ظروف العمل ، بإمكانها أن تحدث اعتداء على حقوق الأجير أو على شرفه أو تدهور صحته الجسمية والعقلية ، أو إعاقة مستقبله المهني .

وتعرف الوكالة الأوروبية للأمن والصحة التحرش الجنسي في العمل ” هو سلوك غير طبيعي مكرر موجه ضد موظف أو مجموعة من الموظفين ، والذي من شأنه أن يولد خطرا على الأمن والصحة ، ويأخذ هذا السلوك شكل احتقار أو إضعاف الشخص المتحرش به أو تهديده أو التعامل معه بشكل غير عادل “[45].

مما سبق من التعريفات فإن التحرش المعنوي يجب أن ينطوي على سلوك متكرر يهدف إلى الإضرار بالأخر ، ويمتد خلال فترة زمنية ما ، وإن اختلفت في صياغة أوجه الضرر المتحقق في فعل التحرش المعنوي .

وفي الواقع ليس هناك تعريف عام شامل جامع مانع لكل حالات التحرش المعنوي ، فيمكن أن تخضع له كل الوقائع  والتصرفات المتعلقة بهذا النوع من التحرش ، لأن كل حالة من حالات التحرش المعنوي تختلف عن غيرها حسبما كشف عنه الاجتهاد القضائي للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض الفرنسية ، إذ جاء فيه : ” أن التحرش المعنوي هو فعل يقدم عليه مدير مؤسسة من أجل إخضاع الأجراء لضغط مستمر ، أو لتوجيه مؤاخذات لهم لا تنتهي ، أو لإعطاء أوامر وأوامر مضادة بنية إحداث تفرقة بين الأجراء تنتهي بتهميش أجير معين واحتقاره[46] ، كما ذهبت نفس المحكمة إلى ” اعتبار التحرش المعنوي قائما لما يقترح على الأجيرة وظائف أقل من مستوى إطار بالمقاولة كمنصب موظفة استقبال الزبناء ” ( محكمة النقض الفرنسية ، الغرفة الاجتماعية ، قرار 128/2010 ، رقم 4261608 النشرة الإخبارية لمحكمة النقض BICC ، عدد 724 )[47] .

ومدونة الشغل قد نظمت التحرش الجنسي وأغفلت التحرش المعنوي ، والتحرش المعنوي أخطر بكثير من التحرش الجنسي لأنه يجعل الأجيرات يعانين في صمت بسبب إهدار كرامتهن كل يوم من قبل المشغل أو من ينوب عنه إلى أن تنتهي علاقة الشغل بين الطرفين باستقالة ” مزعومة ” أو مغادرة تلقائية للعمل ” ملفقة ” ، ويعتبر التحرش المعنوي في الدول المتقدمة ( فرنسا مثلا ) جريمة يعاقب عليها المشغل جنائيا[48] .

إلا أن الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض المغربي جاء في أحد قراراته : “…لكن حيث أن الثابت من تعليل القرار المطعون فيه أن الطالبة باعتبارها مشغلة قامت بتغيير عمل المطلوبة ( الأجيرة ) من مساعدة ممرضة إلى مجرد منظفة للمستودع والمراحيض والزجاج رغم أن ورقة أداء الأجور المتعلقة بشهر ابريل 2008 والمدلى بها بجلسة 8/7/2009 من طرف المطلوبة بالمحكمة الابتدائية يفيد أن عملها هو مساعدة طبية وليس منظفة أو عون خدمة ، ولا يجوز إدخال تغيير جوهري على طبيعة العمل الذي اعتادت الأجيرة ( المطلوبة ) القيام به بالإرادة المنفردة للطالبة ودون موافقة المطلوبة ( الفصل 230 من ق.ل.ع )[49].

وحيث أن محكمة الاستئناف لما خلصت في قرارها المطعون فيه إلى أن قيام الطالبة بتغيير عمل المطلوبة يشكل إخلالا ببنود عقد العمل، ويعتبر إنهاء تعسفيا لهذا العقد ، فإنها تكون قد عللت قرارها بما فيه الكفاية لتبرير ما انتهى إليه ، ولا تتحمل المطلوبة أية مسؤولية فيما نسب إليها من مغادرة العمل بسبب ذلك ، وتبقى الوسيلة بلا أساس …”[50].

وسبق أن قررت الغرفة الاجتماعية لمحكمة النقض في قرار سابق بتاريخ 26/11/1996، تحت عدد 2254 ( غير منشور )، أن فصل الأجير مشوب بالتعسف لكون المشغل مارس تحرشا معنويا، وهو ما اعتبرته محكمة النقض المغربية طراد تعسفيا غير مباشر[51].

وفي خصوص إثبات التحرش المعنوي فإنه يقع على من يدعيه مبدئيا ، لأن من الصعب على المشغل إثبات أنه بريء تماما مما نسب إليه من فعل أو أفعال التحرش المعنوي ، لأنه من الصعب على المدعي عليه إثبات وجود شيء غير موجود أصلا ، أي إثبات واقعة سلبية ، لذلك فإن الأجيرة هي الملزمة مبدئيا بإثبات وجود التحرش المعنوي المرتكب في حقها ، طبقا لمبدأ البينة على من ادعى ، لمن التحرش المعنوي كالتحرش الجنسي يكون إثباته صعبا وثقيلا على الأجيرة ، لأن المشغل لا في التحرش الأول ولا في الثاني يحتاط لنفسه بعد ارتكاب فعلته ولا يترك وراءه أدلة أو بصمات تدينه وتثبت ارتكابه للتحرش[52] .

يبدو من خلال معالجة موضوع حماية حقوق المرأة ، وكذا خطر التمييز ضدها ومناهضة أشكال العنف الموجهة للأجيرة ، يبدو أن المشرع المغربي استطاع أن يحقق لها حماية نسبية في ميدان الشغل على مستوى النص القانوني ، حيث ساوى بينها وبين الرجل في حق اللجوء إلى العمل وممارسته والاستفادة من كل الحقوق المترتبة عن عقد الشغل ، ومنع التمييز ضدها سواء قبل إبرام عقد الشغل أو أثناء تنفيذه أو عند انتهائه ، إضافة إلى سن مقتضيات قانونية لحماية النساء من العنف الموجه ضدهن .

إلا أن القضاء الفعلي على التمييز والعنف ضد المرأة ، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص على أرض الواقع لا زالت تعترضه مجموعة من العقبات والعراقيل لا بد من تجاوزها ، بعضها يتعلق بصياغة النصوص القانونية لمدونة الشغل وانعدام تفعيلها على أرض الواقع ، والبعض الأخر يتعلق بالنظرة السائدة في المجتمع المغربي حول مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية نتيجة التأثر بالعادات والأعراف السائدة بهذا الخصوص[53].

المبحث الثاني : تحديد التحرش المعنوي المرتبط بالعمل.

إن ظاهرة التحرش المعنوي ظاهرة دولية ارتبطت في أساسها بأماكن العمل ، لكن ليست الظاهرة الوحيدة التي تعرفها المقاولات بشتى أنواعها ، بل هناك مشاكل أخرى يتعرض لها الأجراء لا تقل أضرارها عما يخلفه التحرش المعنوي على الصحة النفسية والجسدية للضحية ، من بينها التحرش الجنسي والإرهاق المهني والعنف النفسي ، هذه المشاكل تجعل مرد ودية هؤلاء في تراجع مستمر بفعل تراجع ظروف الشغل ، نظرا لكون هذه الأخيرة تؤثر على التوازن النفسي والجسدي لديهم[54] .

لا يمكن تحديد مفهوم التحرش المعنوي في العمل دون تحديد أطراف هذه الظاهرة ، بحيث أن فعل التحرش يرتكبه شخص أو عدة أشخاص ضد شخص أخر أو عدة أشخاص ، وبالتالي يمكن تحديد أطراف ظاهرة التحرش المعنوي في المتحرش والضحية ، وهكذا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين ، نتعرض في المطلب الأول لتحديد ظاهرة التحرش المعنوي في العمل عن بعض المفاهيم المشابهة لها ، ونخصص المطلب الثاني لتحديد أطراف هذه الظاهرة .

المطلب الأول : تمييز التحرش المعنوي عن بعض المفاهيم المشابهة

يتعرض الأجراء بالإضافة إلى التحرش المعنوي ، إلى عدة مشاكل أخرى في عملهم من بينها التحرش الجنسي والإرهاق المهني ، بالرغم من أنه يبدو للوهلة الأولى أن هذه المفاهيم تتشابه فيما بينها ، لكونها من بين العديد من المشاكل التي يعيشها الأجراء في مكان العمل ، حتى أنه يمكن التسليم بوجود قاسم مشترك بينها كونها تقع داخل أسوار المقاولات ، لكن المتمعن في الأفعال والتصرفات المشكلة لكل من التحرش المعنوي والتحرش الجنسي ، هذا الأخير الذي تعاني منه النساء أكثر من الرجال حسب بعض الدراسات [55]، يستشف الاختلاف الواضح بينهما ، وهذا ما سيتم توضيحه في هذا المطلب .

الفقرة الأولى : التحرش المعنوي والتحرش الجنسي

لقد تطرق المشرع المغربي لتنظيم التحرش الجنسي ، وذلك بالنص على عدم المساس بكرامة الأجراء ، ومراعاة حسن السلوك والأخلاق داخل المقاولة ، وذلك بموجب الفصلين 24[56] و 40 [57]من مدونة الشغل[58] ، كما نص صراحة على التحرش الجنسي في الفصل 1-503[59] من مجموعة القانون الجنائي المغربي ، إلا أن المشرع لم يحدد المقصود بالتحرش الجنسي ، بل اكتفى بتحديد الأساليب والوسائل التي من شانها تحقيق أغراض ذات طبيعة جنسية ، ولعل التقنية التشريعية استلزمت هذه العمومية حتى يترك للقضاء السلطة التقديرية في تكييف الفعل الذي من شأنه أن يعتبر تحرشا جنسيا .

وهكذا حاول بعض الفقه[60] تعريف ظاهرة التحرش الجنسي ، بحيث اعتبرها كل سلوك ذو مضمون جنسي ، يصدر من رجل أو امرأة تجاه الجنس الأخر بدون رضاه ، سواء كان ذلك فعلا أو حركة أو إظهار لصور أو كلام ، كما عرفته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب على أنه : ” شكل من العنف البدني أو المادي أو المعنوي والسيكولوجي الذي يمس بالكرامة والشرف وبحرية المرأة ، هذا العنف يمكنه أن يتجلى في تلميحات شفوية مباشرة أو غير مباشرة على شكل مزاح أو تنكيت أو دعوات أو أية مقترحات لها هدف جنسي ، كما يمكنه أن يتجلى في تلميحات على شكل إشارة أو نظرة أو تقديم صور لها طابع جنسي ، أو اللمس الذي يمتد إلى القرص والمداعبة والاغتصاب ” .

أما التحرش المعنوي فهو مجموعة من التصرفات والمضايقات التي تمس بكرامة الأجراء لكنها ليست ذات طابع جنسي ، والملاحظ أن ظاهرة التحرش الجنسي تتطلب توفر سلطة فعلية للمتحرش على المتحرش بها أو الضحية ، بينما لا يشترط هذا العنصر في ظاهرة التحرش المعنوي ، بحيث يمكن أن تصدر المضايقة عن أجير ضد زميله في العمل وليس رب العمل [61]، هذا بالإضافة إلى أن التصرفات المشكلة للتحرش المعنوي يجب أن تتكرر على الأقل مرة في الأسبوع ولمدة لا تقل عن ستة أشهر[62] ، بخلاف التحرش الجنسي فتصرف واحد ذو طبيعة جنسية يكفي لتحقيق الفعل الجرمي [63].

أما المشرع الفرنسي فقد بادر إلى تنظيم التحرش المعنوي والتحرش الجنسي في كل من القانون الجنائي وقانون الشغل، فبخصوص التحرش المعنوي، فقد نظمه في الفصول 1-1153L و 2-1152 L من مدونة الشغل، وكذا الفصل 2-222.33 من القانون الجنائي، أما التحرش الجنسي فنظمه بمقتضى الفصل [64]1-1153 L من مدونة الشغل ، المتعلق بمنع كل أنواع التحرش الجنسي ، كما منع بمقتضى الفصل [65]2-1153 L معاقبة الأجير أو طرده أو اتخاذ أي إجراء ضده بسبب رفضه للتحرش الجنسي .

كما نص على حماية كل أجير أدلى بشهادته في الموضوع من كل معاقبة أو طرد وذلك بموجب الفصل 3-1153 L، هذا بالإضافة إلى ما جاء في الفصل 33-222 من القانون الجنائي الفرنسي [66].

أما المشرع المغربي فلم  ينص في مقتضيات مدونة الشغل على الإجراءات الحمائية للشهود الذين عاينوا فعل التحرش سواء الجنسي أو المعنوي ، لكن رغم ذلك فالعمل القضائي حاضر بخصوص التحرش الجنسي ، كما هو واضح من خلال بعض القرارات الصادرة في الموضوع ، كما هو الشأن بالنسبة للقرار عدد 758 الصادر عن محكمة النقض[67] ، والذي جاء فيه : ” قيام الأجير بالتحرش الجنسي بزميلة له في مكان العمل ، بإرساله لها رسالة هاتفية مخلة بالآداب يعد خطأ جسيما يبرر فصله عن العمل ، وأن صدور حكم ببراءته من جريمة التحريض على الفساد لا يمنع المشغل من إثبات ارتكابه الفعل المعد خطا جسيما ، والذي يثبت بجميع وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود ” ، وكذا القرار رقم 672 الصادر عن نفس المحكمة[68] ، والذي جاء فيه الخطأ الجسيم المنسوب للأجير والمتمثل في التحرش الجنسي تم إثباته بتصريحات مجموعة من الشهود المفصلة والمحددة لبعض التصرفات التي تفيد أنه كان يتحرش بمجموعة من الأجيرات ، وبالتالي فإن فصله بسبب هذا الخطأ استخلصته المحكمة في إطار سلطتها التقديرية واعتبرته مبررا للفصل ، علاوة على ذلك أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارا يتعلق بتعرض المشغلة للتحرش الجنسي من طرف احد أجرائها[69] .

الفقرة الثانية : التحرش المعنوي والإرهاق المهني

تعد العلاقات الشخصية أهم مصادر الضغط النفسي في العمل ، فالعلاقة مع الغير أساسية للتوازن الجسدي والذهني لكل إنسان ، وعلاقة الرئيس بمرؤوسه والمتميزة بالسلطة الإدارية ، يمكن أن تكون مرهقة بشكل خاص ، ويعتبر الإرهاق إحدى النتائج المترتبة عن فشل هذه العلاقات ، وهو نوع من عدم التوازن بين الطلبات الخارجية والداخلية للشخص ، وبالتالي فهو تجربة ذاتية[70] .

ويختلف الإرهاق المهني عن التحرش المعنوي ، في كون الأول لا يتضمن سوء النية أو القصد ، في حين أن القصد في الثاني يهدف من خلاله المتحرش إلى تحطيم الشخص المتحرش به ، إلا أن الإرهاق أيضا يمكن أن يصبح مصدرا لتحطيم شخصية الأجير ، وإرباك توازنه الجسدي والنفسي ، إذا تم استعمال الإكراه ضد الأجير المرهق حتى يصل هذا الأخير إلى درجة الاكتئاب ، لارتباط الإرهاق المهني بسوء ظروف الشغل ، وبالتالي فالتحرش المعنوي هو الحد الأقصى للإرهاق ، لذا نجد هذا الأخير حاضرا بقوة في ظاهرة التحرش المعنوي[71] ، والإرهاق كما سبق الذكر هو عملية تكيف مع حدث خارجي ، الهدف منها تهيئ الجسم إما لمجابهة الخطر أو الهرب منه ، وبالتالي فهو استجابة ذاتية يمكن أن تكون ايجابية أو سلبية ، أما في حالة التحرش المعنوي فالوضعية عكس ذلك ، قد تكون أمام نفس السلوك الذي أدى إلى الإرهاق لكن جواب الضحية ليس ماديا ، لأن واقعة التحرش المعنوي تؤثر على الصحة النفسية للضحايا[72] .

وتجدر الإشارة إلى أن فئة النساء هن الأكثر تعرضا للإرهاق ، ويعزى ذلك إلى كثرة العمل والأدوار التي تقوم بها الأجيرات ، وهو أحد عوامل الإرهاق الأكثر انتشارا ، وما يجعل المرأة الأجيرة تقوم بعدة أدوار هو تلك النظرة السلبية التي ينظرها الرجال للنساء ، ذلك أن هذه النظرة تدفع المرأة الأجيرة إلى مضاعفة جهودها كي ترقى إلى قرينها الرجل ، وهذا ما يشكل سببا أخر للضغط النفسي ، أضف إلى ذلك الإزعاج الذي قد تسببه لهن العلاقة مع الزملاء من الرجال إذ تصبح مقاومتهم قوية خاصة عندما لا تشكل النساء الأجيرات إلا نسبة قليلة من العاملين بالمؤسسة [73].

وخاصة القول ، إذا كان الإرهاق مرتبط بظروف الشغل التي قد تسوء في بعض الأحيان ، فإن التحرش المعنوي كما قال أحد الباحثين ، يختلف عن باقي أشكال الضغط المتعلقة بالعمل ، لأنه يستهدف تحطيم شخصية الأجير والمس بكرامته والمخاطرة بمستقبله المهني.

المطلب الثاني : تحديد أطراف التحرش المعنوي المرتبط بالعمل

للحديث عن ظاهرة التحرش المعنوي لا بد من تحديد أطراف هذا النوع من العنف ، وبما أن هذه المقتضيات تتم في مكان العمل ، فإن هذه الأطراف تتمثل في جل الحالات في كل من الأجير والمؤاجر ، نظرا لكون كل واحد منهما يسعى إلى تحقيق مصلحته الخاصة[74] ، فالأول يسعى إلى استقرار وضعه أو تحسينه داخل المقاولة ، بينما يسعى الثاني إلى رفع أرباحه وتخفيض تكلفة الإنتاج ، وبالتالي هذا التضارب في المصالح يجعل العلاقة بين الأجير والمشغل في توتر مستمر ، بحيث يحاول المشغل التخلص من أحد الأجراء ، وذلك باستعمال مختلف الوسائل غير المقبولة الماسة بالكرامة الإنسانية ، بهدف دفعه إلى ارتكاب الخطأ أو تقديم الاستقالة ، كما يلجأ أحد الأجراء إلى استعمال هذه التصرفات ضد مشغله ، وهكذا سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين ، نتطرق في الفقرة الأولى إلى المتحرش ، ونتعرض في الفقرة الثانية للضحية.

الفقرة الأولى : المتحرش أو مرتكب فعل التحرش المعنوي

يعتبر مرتكب فعل التحرش المعنوي المرتبط بالعمل شخصا ينتمي إلى المقاولة ، بحيث يمكن أن يكون أجيرا أو مشغلا[75] ، إذ يختلف الهدف من المضايقة أو التحرش باختلاف وضعية المتحرش ، فإذا كان هذا الأخير مشغلا فإنه غالبا ما يسعى إلى دفع الأجير لارتكاب خطأ جسيم أو الضغط عليه بهدف مغادرته لمكان العمل أو تقديم استقالته ، وذلك باستعمال مختلف الوسائل من بينها تلك التصرفات اللاأخلاقية التي يتكون منها التحرش المعنوي ، كإثقال كاهل الأجير المستهدف بالعمل ، أو تغيير منصبه داخل المقاولة من مسؤول عن وحدة إنتاجية مثلا إلى أجير عادي ، زد على ذلك بعض العبارات التي يتلفظ بها المشغل والتي تمس بكرامة الأجير ، بحيث من شأنها أن تترك أثرا على صحته النفسية والجسدية ، خاصة أن هناك بعض المشغلين أو رؤساء المقاولات يجدون توازنهم في إذلال الأجراء وإهانتهم [76]، وذلك باستغلال السلطة المخولة لهم قانونا لتسيير المقاولة ، ومن هنا تظهر أهمية تدخل المشرع المغربي للحد من هذه التجاوزات في السلطة ، أضف إلى ذلك أنه قد يقوم المتحرش بهذه التصرفات المشينة لأنه تعرض لها في طفولته ، ويحاول الانتقام من أحد الأجراء[77] ، كما قد يلجأ في بعض الأحيان إلى استعمال الكذب كوسيلة لإخفاء بعض المعلومات المهمة التي تساعد الضحية في عملها ، وغيرها من الوسائل الأخرى التي يلجأ إليها المشغل للتخلص من أحد أجرائه دون حصوله على تعويض .

كما قد يكون المتحرش أو مرتكب فعل التحرش أحد الأجراء ، وهنا أيضا يختلف الهدف من هذا التحرش بحسب ما إذا كان المتضرر منه أو الضحية مشغلا أم أجيرا ، بحيث قد يلجأ أحد الأجراء إلى القيام ببعض التصرفات التي من شأنها أن تمس بكرامة مشغله ، وخاصة إذا تعلق الأمر بامرأة مشغلة ، بحيث قد يرفض المتحرش طريقة تسييرها للمقاولة ، أو عدم قبوله أن تكون للمشغل سلطة عليه ، كما قد يتصرف بهذه السلوكات ضد رئيس جديد ، هذا بالإضافة إلى أنه يمارس نوع من العنف ضد أجير أخر زميله في العمل ، إما لتنافسهما على منصب واحد أو فقط لإهانته والحط من كرامته أمام زملائه ، لأن المتحرش يحاول أن ينقص من قيمة الضحية وإضعاف قدراتها ، لأنه غالبا ما يكون عديم الإحساس ، ولا يكثرت بما يعيش الأخر من معاناة نتيجة هذه التصرفات المشكلة للتحرش المعنوي[78] ، يتبين من خلال ما سبق أن هذه التصرفات يمكن إرجاعها إلى بناء شخصية المتحرش سواء كان هذا الأخير مشغلا أم أجيرا[79] .

الفقرة الثانية : الضحية في التحرش المعنوي

تقتضي دراسة موضوع الضحية أولا تحديد هذا المفهوم ووضعه في إطاره الصحيح ، وبالتالي يمكن تعريفها بأنها : ” صاحب الحق الذي تصيبه الجريمة أو تجعله عرضة للخطر ” [80]، كما عرفها الفقه الفرنسي بأنها : “الشخص الذي تأذى في سلامته الشخصية بواسطة عامل أجنبي تسبب في ضرر ظاهر معترف به من طرف أغلبية المجتمع ” [81].

إلا أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن الضحية المقصودة تتميز بنوع من الخصوصية ، ألا وهي كون ضحية التحرش المعنوي من الأجراء أو أحد المشغلين نظرا لكون هذه الظاهرة جد حاضرة بين الرئيس والمرؤوس ، وكونها لا تنحصر دائما في هذه العلاقة ، بل نجدها كذلك بين الأجراء سواء كانوا رجالا أو نساءا ، لأنه غالبا ما تشتغل النساء إلى جانب الرجال وكذا الأحداث[82] ، داخل مقاولة واحدة كل حسب مركزه في هذه الأخيرة ، وفي هذا الإطار قد أشار أحد الباحثين[83] إلى أن النساء الأجيرات والأجراء الأحداث من أكبر ضحايا التحرش المعنوي في علاقة الشغل ، ومن هنا تظهر أهمية الحماية القانونية لهذه الفئة من المجتمع ، لأنه بالرغم من وجود مجموعة من النصوص التي تسعى إلى حماية الأجراء والمحافظة على حقوقهم ، إلا أن هذه النصوص لا تشمل حمايتهم من شتى أنواع الممارسات والتصرفات اللاأخلاقية ، كما هو الحال بالنسبة للتحرش المعنوي ، لذا يجب على المشرع أن يضع نصوصا قانونية زجرية لتحقيق هذه الحماية[84] .

لقد خص المشرع فئة معينة من الأجراء بحقوق وحماية تتماشى وبنيتها الفيزيولوجية ، ألا وهي المرأة الأجيرة والأجير الحدث ، باعتبار هذه الفئة كانت تعرف استغلالا أكثر من غيرها ، من هذه الحقوق مثلا منع تشغيل النساء والأحداث في أشغال لا تتناسب مع بنيتهم وعدم قدرتهم على تحمل الأعمال الشاقة والخطيرة ، وكذا العمل خلال الليل ومنع تشغيلهم لساعات طويلة بأجرة قليلة ، ومن بين النصوص الخاصة بهذه الفئة من الأجراء نجد المادة 147 من مدونة الشغل والتي جاء في فقرتها الأولى على أنه : ” يمنع على أي شخص أن يكلف أحداثا دون الثامنة عشرة سنة بأداء ألعاب خطيرة ، أو القيام بحركات بهلوانية ، أو إلتوائية أو أن يعهد إليهم بأشغال تشكل خطرا على حياتهم ، أو صحتهم أو أخلاقهم …”[85] ، ويتضح من خلال هذه المادة أن المشرع أقر الحماية للأجير الحدث ، وذلك لصغر سنه وبنيته الفيزيولوجية التي تحتاج إلى الرعاية ، وتكريسا لهذه الأخيرة خولت المادة [86]144 من نفس المدونة للعون المكلف بتفتيش الشغل سلطة المراقبة ، والتأكد من أهلية الحدث الصحية والبدنية والنفسية من أجل مزاولة المهام المسندة إليه ، وهكذا إذا تبين من خلال الفحص أن الشغل يتجاوز القدرات البدنية للأجير الحدث ، فإنه يحق للعون المكلف بتفتيش الشغل أن يأمر بإعفاء الحدث وذلك دون إخطار[87] ، وهناك سؤال يطرح نفسه في هذا الصدد هو هل يحق لمفتش الشغل أن يعرض الأجير الحدث ضحية التحرش المعنوي على الفحص الطبي ؟ .

لا يمكن للعون المكلف بتفتيش الشغل أن يعرض الأجير الحدث، أو أي أجير أخر ضحية هذه الظاهرة على الفحص الطبي، وذلك راجع إلى عدم وجود نص قانوني يجرم التحرش المعنوي ، بخلاف الوضع في ظل التشريع الفرنسي الذي يعطي الحق للعون المكلف بتفتيش الشغل ، بعرض الأجير ضحية التحرش على الفحص الطبي ، بل أكثر من هذا قد نص المشرع الفرنسي على طبيب الشغل والطب العام وكذا الطب النفسي كآلية للوقاية من التحرش المعنوي في مكان العمل .

خاتمة :

يتميز قانون الشغل بكونه قانونا حمائيا وتقدميا ، بحيث ظل هاجس التشريعات الاجتماعية هو تكريس وتعزيز الضمانات الحمائية للطبقة الشغيلة ، باعتبارها طرفا ضعيفا في عقد الشغل ، إلا أن هذه الضمانات الحمائية قد تصطدم بواقع يعكس عدم كفايتها أو عدم مسايرتها للمشاكل التي تظهر على مستوى الواقع بسبب التطورات التي يعرفها المجتمع بصفة عامة والمقاولات بصفة خاصة ، ولعل أهم مظاهر قصور قانون الشغل بالمغرب هو أنه رغم مروره بعدة مراحل ، فإن مدونة الشغل لم تستطع أن تأتي بحلول واضحة لبعض المشاكل التي يعيشها الأجراء ، منها ظاهرة التحرش المعنوي في العمل هذه الأخيرة التي تخلف نتائج وخيمة تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للأجراء ضحية هذا النوع من العنف وتعرض مستقبلهم المهني للخطر ، وعليه يتضح أن المقتضيات الحمائية المقررة للأجراء ، تظل عاجزة عن تحقيق الهدف المتوخى منها ، ولعل أبرز مظاهر هذا العجز يتجلى في الخروقات التي لا زالت تعرفها أماكن العمل .

ويتبين من خلال الواقع المعاش أن مفهوم التحرش المعنوي كفكرة لم تنضج بعد لدى معظم أفراد المجتمع المغربي، بحيث أن كلمة التحرش المعنوي هي كلمة مبهمة لدى هؤلاء، وخاصة الأجراء منهم نظرا لضعف مستواهم الدراسي والمعرفي ، وهنا تظهر أهمية تدخل بعض الفاعلين كالجمعيات الحقوقية وذلك عن طريق القيام بحملات تحسيسية لتوعية وتحسيس الأجراء بخطورة الظاهرة ، بالإضافة إلى تدخل المشرع من الناحية القانونية ، لأن العلاقة بين الأجير ومشغله وباقي الزملاء في العمل يجب أن تنبني على الاحترام المتبادل والتعاون فيما بينهم ، خاصة أن المقاولة في الآونة الأخيرة تبنت مفهوما جديدا وهو المقاولة المواطنة ، أي أن الأجير يعتبر نفسه جزءا من المقاولة التي يشتغل فيها ، وليس مجرد عامل يتقاضى أجرا مقابل عمله ، وعلى هذا الأساس يجب حمايته ماديا ومعنويا مما قد يتعرض له من مضايقات معنوية ، لهذا يجب على المشرع أن يبادر إلى سن قانون خاص للتخفيف من استفحال ظاهرة التحرش المعنوي المرتبط بالعمل ، سواء بإدراج نص جديد ضمن مقتضيات مدونة الشغل ، أو بإضافة مصطلح التحرش المعنوي في العمل ضمن لائحة الأخطاء الجسيمة كما فعل بالنسبة للتحرش الجنسي في المادة 40 من مدونة الشغل .

بالإضافة إلى ضرورة تدخل المشرع المغربي لتنظيم ظاهرة التحرش المعنوي في أماكن العمل ، يتعين أيضا على مختلف الهيئات والأجهزة التي يمكنها التدخل لوقاية الأجراء من هذا النوع من العنف ، وذلك عن طريق التنسيق فيما بينها سواء كانت أجهزة تنتمي إلى المقاولة أو خارج عنها ، والتعاون لكشف مختلف الخروقات والتصرفات المشكلة للتحرش المعنوي المرتبط بالعمل ، وذلك باستعمال مختلف الوسائل الضرورية المتاحة لها لتحقيق تلك الوقاية ، لأنه لا يجب الظن بأن هذه الظاهرة ستختفي بمجرد وضع مقتضيات قانونية تمنع ارتكابها في أماكن العمل ، فغالبا لا تستطيع هذه المقتضيات الحد من عدد الحالات التي تعرضت للتحرش المعنوي ، والدليل على ذلك أن بعض الدول قد أحاطت الظاهرة بتنظيم قانوني منذ 1953 ، لكنها لم تستطيع الحد من الظاهرة ، ففي السويد مثلا قد تضاعف عدد المصابين بأمراض نفسية من جراء تعرضهم للأفعال والتصرفات المشكلة للمضايقات المعنوية ما بين سنة 1996 – 1998 ، وارتفاع ضحايا هذا النوع من العنف بنسبة % 56 سنة 1998.

وإسهاما منا في تسليط مزيد من الضوء على موضوع التحرش المعنوي المرتبط بالعمل، ورغبة في التصدي لهذه الظاهرة وسد الثغرات القانونية المرتبطة بها، فيمكن استحضار العديد من الاستنتاجات والمقترحات التي توصلنا إليها من خلال هذا المقال، والتي نتمنى أن يأخذها المشرع المغربي بعين الاعتبار لمساعدته على تحويل التفاتته المحتشمة بخصوص موضوع التحرش المعنوي ، إلى التفاتة صريحة وصارمة من شأنها التخفيف من حدة استفحال هذه الظاهرة في أماكن العمل ، ولكي يشتغل الأجراء في ظروف ملائمة للشغل ، نلخص هذه المقترحات فيما يلي :

  • اغناء الترسانة القانونية ، وذلك بسن قوانين خاصة بالتحرش المعنوي المرتبط بالعمل ضمن مقتضيات مدونة الشغل.
  • تجريم الظاهرة بمقتضى القانون الجنائي.
  • سن مقتضيات خاصة بحماية الشهود في مدونة الشغل.
  • اعتماد حملات تحسيسية موازية لعملية الإنتاج التشريعي في هذا الباب تهدف إلى توعية الأجراء بخطورة الظاهرة.
  • إعطاء مفتش الشغل صلاحيات واسعة لكشف مختلف الخروقات المرتبطة بالشغل.
  • إعطاء طبيب الشغل صلاحية إحالة الأجير ضحية التحرش المعنوي على الطب النفسي.
  • تعزيز دور الجمعيات الحقوقية في هذا المجال.
  • تكريس ثقافة الاحترام المتبادل كوسيلة في أفق تنمية العلاقة التعاقدية بين المشغل والأجير.

علاوة على هذه الإجراءات ، يجب كذلك وضع خطوات وقائية لتحسين الصحة النفسية منها :

  • توفير خدمات نفسية شاملة للكشف المبكر والرعاية.
  • دمج الصحة النفسية داخل أنشطة الرعاية الصحية الأولية.
  • تزويد جميع المهنيين بالمهارات المتعلقة بالصحة النفسية

 

الإحالات :

[1] . بن عزوز بن صابر : ” مبادئ عامة في شرح قانون العمل الجزائري دراسة مقارنة “، دار الجامعة الجديدة للنشر ، طبعة 2010، ص : 7.

[2] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل ” . مذكرة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ، تخصص قانون الأعمال ، جامعة محمد الخامس الرباط . كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال ، السنة الجامعية 2014-2015 ، ص : 1.

[3] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل “، مرجع سابق، ص : 1.

[4] . سناء بوجلود : ” المرض النفسي للأجير وأثره على عقد الشغل ” ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال ، الرباط ، السنة الجامعية 2013-2014 ، ص : 56.

[5] . ظهير 2 يوليوز 1947 المتعلق بسن ضابط للخدمة والعمل القديم المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1825 بتاريخ 1947/10/17.

[6] . ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 ( 11 سبتمبر 2003 ) ، بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل ، الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 ( 8 ديسمبر 2003 ) ، ص : 3969.

[7] . تنص المادة 24 من مدونة الشغل في فقرتها الأولى  على أنه : ” يجب على المشغل بصفة عامة ، أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم ، وكرامتهم ، لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته ، وأن يسهر على مراعاة حسن السلوك والأخلاق الحميدة ، وعلى استتباب الآداب العامة داخل المقاولة ” .

  • انظر أيضا المادتين 147 و 181 من مدونة الشغل.

[8] .RAVISY PHILLIPE : le harcèlement moral au travail. Edition Delmas.2000.p.12.

[9] . Laila SALAH-EDDINE : le harcèlement moral au travail. Analyse sociologique. Thèse de doctorat. Sciences humaines et sociales. Université PARIS-DESCARTES.2008.P.89.

[10] . عندما يتعرض أجير ما للتحرش المعنوي في مكان عمله ، فهو غالبا ما لا يستطيع متابعة العمل بسبب ما تعرض له من أفعال أثرت على صحته النفسية والجسدية مما يضطره إلى التوقف عن العمل ، هذا الأخير الذي قد يتحول إلى فصل تعسفي إذا طالت مدته ، وهكذا يجب وضع مقتضيات زجرية لحماية هذه الفئة من الأجراء .

[11] . الفصل 22 من الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 ، بتاريخ 29 يوليوز 2011 ، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011 .

[12] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي ” ، رسالة لنيل ماستر حقوق الإنسان ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2018-2019 ، ص : 48.

[13] . هدى برهان : ” حق الكرامة الإنسانية من حقوق الإنسان “، مقالة الكترونية.

[14] . سورة الإسراء، الآية 70.

[15] . محمد بنحساين : ” حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ” ، وفق أخر المستجدات القانونية ، مطبعة تطوان ، 2015، ص : 49.

[16] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 50.

[17] . محمد بنحساين : ” حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ” ، وفق أخر المستجدات القانونية، مرجع سابق ، ص : 80

[18] . بن خوية هدى : ” الحماية القانونية للمرأة الأجيرة ” ، بحت لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، ماستر القانون المدني والأعمال ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2013-2014 ، ص : 51.

[19] . رشيدة المساوي : ” حماية الأجيرة في التشريع المغربي على ضوء العمل القضائي “، ص : 44.

[20] . سكينة بوجدرية : ” الآليات الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة  ، خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف – نموذجا –” ، بحث لنيل دبلوم الماستر لحقوق الإنسان ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2015-2015 ، ص : 1.

[21] . إليزابيث كريميو : ” وضعية المرأة في العالم ، ترجمة حنان القصبي ومحمد الهتلي ” ، دار توبقال للنشر ، الطبعة الأولى ، 2015 ، ص : 205.

[22] . الفصل 22 من الدستور

[23] . ربيع الكرامة : ” قراءة تحليلية نقذيه لمشروع القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء “، 2014، ص : 11.

[24] . جميلة المصلي : ” الحركة النسائية في المغرب المعاصر، اتجاهات وقضايا “، مركز الجزيرة للدراسات، الدار العربية للعلوم الناشرون، الطبعة الأولى 2013، ص : 104.

[25] . نادية النحلي : ” الحق في الصحة بالوسط المعني في مدونة الشغل “، الناشر جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة أليت ، الرباط ، 2009 ، ص : 104.

[26] . لمياء العنصري : ” صحة وسلامة المرأة الأجيرة ، أي حماية في ظل مدونة الشغل ” ، بحث لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ، تخصص قانون الأعمال ، جامعة محمد الخامس اكدال ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط ، السنة الجامعية 2012-2013، ص : 89.

[27] . بشرى العلوي : ” العنف المسلط على المرأة يعد انتهاكا لحقوق الإنسان ” ، مجلة الودادية الحسنية للقضاة ، العدد الأول ، ابريل 2009 ، ص : 181.

[28] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 55

[29] . المادة الأولى من قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

[30] . لمياء السوسي : ” عمل المرأة وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية ” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، وحدة التكوين والبحث قانون الأسرة المغربي والمقارن ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2010-2011، ص : 166-167.

[31] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 56

[32] . سورة الأحزاب، الآية 152.

[33] . خديجة بوعود : ” منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل – دراسة مقارنة – بحث لنيل دبلوم الماستر القانون المدني والأعمال ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2015-2015، ص : 58.

[34] . جميلة العماري : ” مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي ” ، مطبعة سليكي اخوين ، الطبعة الثالثة ، 2012 ، ص : 128.

[35] . نادية النحلي : ” الحق في الصحة بالوسط المعني في مدونة الشغل “، مرجع سابق، ص : 98.

[36] . طبيح عبد الكريم : ” العنف ضد النساء في المجتمع المغربي ، أية حماية ( نموذج القانون الجنائي ) ” ، أعمال اليوم الدراسي المنظم من طرف الجمعية المغربية لحقوق النساء حول ” العنف ضد المرأة ” ، 24 يونيو 1995 ، بالدار البيضاء ، ص : 22.

[37] . ابن نفيسة والرازي نجاة : ” العنف ضد المرأة أية حماية قانونية ” ، الدار البيضاء ، ص : 30.

[38] . أحمد حميوي : ” الوسيط في قانون الشغل المغربي ” ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، 2013 ، ص : 329.

[39] . جميلة العماري : ” مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي ” ، مرجع سابق، ص : 128-129.

[40] . حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ، بتاريخ 07/05/2007 ، منشور على موقع :

http://www.ensan.net/news/202/articale/3749/2008-04-27.html.

[41] . عبد الواحد موالدة : ” حماية الأجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل ” ، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء الفوج 34 ، موسم التكوين 2007-2009 ، ص : 30

[42] . خديجة بوعود : ” منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل ، دراسة مقارنة ” ، مرجع سابق ، ص : 58.

[43] . غزلان الثاني : ” حماية المرأة الأجيرة في مدونة الشغل المغربية ” بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، ماستر القانون المدني والأعمال ، جامعة عبد المالك السعدي . كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، السنة الجامعية 2012-2013 ، ص : 69.

[44] . عبد الواحد موالدة : ” حماية الأجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل ” ، مرجع سابق ، ص : 30.

[45] . نادية بنحمزة : ” التحرش المعنوي في العمل ” ، مقالة الكترونية ، موقع الجمهورية اليوم ، 12 نونبر 2017 ، الجزائر .

[46] . محكمة النقض الفرنسية، الغرفة الاجتماعية، قرار 10/11/2009، رقم 4532107، النشرة الإخبارية لمحكمة النقض BICC عدد 720.

[47] . إدريس فجر : ” دور القضاء في حماية الحريات الأساسية المرأة المتحجبة نموذجا ، منبر الدراسات والتعليق على الأحكام القضائية ، العدد 2 ، ص : 256.

[48] . إدريس فجر : ” دور القضاء في حماية الحريات الأساسية المرأة المتحجبة نموذجا ، مرجع سابق ، ص : 253.

[49] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 63.

[50] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 63.

[51] . إدريس فجر : ” دور القضاء في حماية الحريات الأساسية المرأة المتحجبة نموذجا ، مرجع سابق ، ص : 252.

[52] . إدريس فجر : ” القضاء والسلطة والسياسة أي دور للقضاء في حماية الأجيرة المتحجبة ” ، الطبعة الأولى ، 2014، ص : 262.

[53] . نجوى العويطي : ” الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي” ، مرجع سابق ، ص : 64-65.

[54] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل “، مرجع سابق، ص : 21.

[55] . نادية النحلي : ” الحق في الصحة بالوسط المهني في مدونة الشغل “، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 9 فبراير 2009. ص.94.

[56] . تنص المادة 24 من مدونة الشغل على أنه : يجب على المشغل بصفة عامة ، أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم وكرامتهم ، لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته ، وأن يسهر على مراعاة حسن السلوك والأخلاق الحميدة ، وعلى استتباب الآداب العامة داخل المقاولة.

يجب عليه أيضا اطلاع الأجراء كتابة ، لدى تشغيلهم على المقتضيات المتعلقة بالمواضيع التالية ، وعلى كل تغيير يطرأ عليها :

  • اتفاقية الشغل الجماعية ومضمونها عند وجودها.
  • النظام الداخلي.
  • مواقيت الشغل.
  • أساليب تطبيق الراحة الأسبوعية.
  • المقتضيات القانونية والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة ، وبالوقاية من خطر الآلات.
  • تواريخ أداء الأجر، ومواقيته، ومكان أدائه.
  • رقم التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
  • الهيئة المؤمنة ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية.

[57] . تنص المادة 40 من مدونة الشغل على أنه : يعد من بين الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجير من طرف المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة ، ما يلي :

  • السب الفادح.
  • التحرش الجنسي.
  • التحريض على الفساد.

وتعتبر مغادرة الأجير لشغله بسبب أحد الأخطاء الواردة في هذه المادة في حالة ثبوت ارتكاب المشغل لإحداها، بمثابة فصل تعسفي،

[58] . ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 رجب 1424 ( 11 سبتمبر 2003 ) ، بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل ، الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 ( 8 ديسمبر 2003 ) ، ص : 3969.

[59] . ينص الفصل 1-503 من مجموعة القانون الجنائي على أنه : يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين وبالغرامة من خمسة ألاف إلى خمسين ألف درهم من أجل جريمة التحرش الجنسي كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل إكراه أو أية وسيلة أخرى مستغلا السلطة التي تخولها له مهامه لأغراض ذات طبيعة جنسية .

[60] . مشار إليه في : موالدة عبد الواحد : حماية الأجيرة على ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل ، بحث نهاية التمرين ، الفوج 34 المعهد العالي للقضاء، 2007-2009 ، ص : 26 .

[61] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل ” مذكرة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية نخصص قانون الأعمال ، جامعة محمد الخامس الرباط ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال ، السنة الجامعية 2014-2015 ، ص : 22-23 .

[62] .

Loïc LEROUGE : les différences de traitement juridique du harcèlement moral dans le secteur privé et la fonction publique : les rapprochements possibles R.D.S.n709 ، mai 2012 ، DAL ، p.483.

[63] .

BEATRICE LAPEROU-SCHNEIDER : L’éclipse du harcèlement sexuel ، commentaire conseil constitutionnel ، 4 mai 2012 ، DAL.P.715.

[64] .

Art. L.1153-1 : Les agissements de harcèlement de toute personne dans le but d’obtenir des faveurs de nature sexuelle à son profit ou au profit d’un tiers sont interdits ، ( Anc.art L.122- 46).

[65] .

Art. L.1153-2 : aucun salarié ، aucun candidat  à un recrutement ، à un stage ou à une période de formation en entreprise ne peut être sanctionné ، licencié ou faire l’objet d’une mesure discriminatoire ، directe ou indirecte ،notamment en matière de rémunération ، de formation ، de reclassement ، d’affectation ، de qualification ، de classification ، de promotion professionnelle ، de mutation ou de renouvellement de contrat pour avoir subi ou refusé de subir des agissements de harcèlement sexuel ، ( Anc.art.122-46).

[66] .

Art .222-33-22 : Le fait de harceler autrui par des agissements répétés ayant pour objet ou pour effet une dégradation des conditions de travail susceptible de porter atteinte à ses droits et à sa dignité، D’altérer sa santé physique ou mentale ou de compromettre son avenir professionnel ، est puni d’un an d’emprisonnement et de 15000 euros d’amende.

[67] . القرار رقم 758 الصدر بتاريخ 2 يونيو 2011 في الملف الاجتماعي عدد 96/1/2010 عن محكمة النقض، ( منشور في مجلة قضاء محكمة النقض العدد 75 )، ص : 314.

[68] . القرار رقم 672 الصادر بتاريخ 9 مايو 2013 في الملف الاجتماعي عدد 1494/5/1/2012 عن محكمة النقض، ( منشور في مجلة قضاء محكمة النقض العدد 76)، ص : 267.

[69] . القرار رقم 3173 الصادر بتاريخ 18/7/2013 عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قرار غير منشور.

[70] . KHAOUTHER KHALDI : op.cit.p.53.

[71] . CHRISTOPHE PAPINEAU : op.cit.p.187.

[72] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل “، مرجع سابق، ص : 25.

[73] . نادية النحلي : ” الحق في الصحة بالوسط المهني في مدونة الشغل “، مرجع سابق، ص : 96.

[74] . محمد بلموح :  ” عقد الشغل بين التعديل الجوهري لعناصره والتغيير في شروط العمل ، مذكرة نهاية الدراسة قصد نيل الماستر في العلوم القانونية ، تخصص قانون الأعمال ، السنة الجامعية 2010-2011 ، ص : 6.

[75] . Denis HANOT : harcèlement au travail de quel droit ؟ Quelle procédures et lois utiliser pour sanctionner les illégalités dans les secteurs privé et public ؟ Édition L’Harmattan 2002.p.21.

[76] . KHAOUTHER KHALDI : op.cit.p.61.

[77] . Marie France HIRIGOYEN : op.cit.p.149.

[78] . CHRISTOPHE PAPINEAU : op.cit.p.17.

[79] . Marie-France HIRIGOYEN : op.cit.p.76.

[80] . محمد الحسيني كروط : ” المجني عليه في الخصومة ” ، دراسة تحليلية مقارنة على ضوء علم المجني عليه ، مطبعة ووراقة الفضيلة ، الطبعة الأولى 2011، ص : 64.

[81] . FRITZ.R.PEACH : Problèmes fondamentaux et situation de la victime. Rev Int de droit pénale. 1967. p.131.

[82] . إذا كانت أنواع الضحية وفقا للمفهوم التقليدي تختلف باختلاف الجرائم ، وعليه نجد ضحايا القتل العمد والقتل الخطأ ، وضحايا السرقة والنصب ، وضحايا العنف ضد النساء والأطفال وغيرها من الجرائم الأخرى ، فإن الأنواع المقصودة هنا لا ترتبط بنوع الجريمة لأن هذه الأخيرة هي واحدة وهي التحرش المعنوي في مكان العمل ، بل بقصد بهذه الأنواع ما إذا كانت الضحية أجيرا أو امرأة أجيرة أو أجيرا حدثا أو مشغلا .

[83] . KHAOUTHER KHALDI : op.cit.p.42.

[84] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل “، مرجع سابق، ص : 29.

[85] . نادية زوجي : ” التحرش المعنوي المرتبط بالعمل “، مرجع سابق، ص : 29

[86] . تنص المادة 144 من مدونة الشغل على أنه : يحق للعون المكلف بتفتيش الشغل، أن يطلب في أي وقت عرض جميع الأجراء الأحداث الذين تقل سنهم عن 18 سنة، وجميع الأجراء المعاقين، على طبيب بمستشفى تابع للوزارة المكلفة بالصحة العمومية، قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم، لا يفوق طاقتهم، أو لا بتناسب مع إعاقتهم.

يحق للعون المكلف بتفتيش الشغل ، أن يأمر بإعفاء الأحداث والأجراء المعاقين من الشغل دون إخطار ، إذا أبدى الطبيب رأيا مطابقا لرأيه ، وأجرى عليهم فحص مضاد بطلب من ذويهم .

[87] . ياسين الصيوتي : ” الأجير الحدث على ضوء مدونة الشغل ” ، بحث نهاية التمرين ، المعهد العالي للقضاء ، دورة 2009-2010 ، الرباط ، ص : 35.