الحماية القانونية والقضائية للمحضون ” دراسة في ضوء شروط استحقاق الحضانة وأسباب سقوطها “

16 أغسطس 2020
الحماية القانونية والقضائية للمحضون ” دراسة في ضوء شروط استحقاق الحضانة وأسباب سقوطها “

الحماية القانونية والقضائية للمحضون

” دراسة في ضوء شروط استحقاق الحضانة وأسباب سقوطها “

تمهيد :

تعتبر الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي، الخلية الأساسية للمجتمع[1] واللبنة الأولى في بنيانه، وإيمانا بأهمية هذه المؤسسة داخل النسيج المجتمعي، ووعيا بدورها في عملية التنشئة الاجتماعية، باعتبارها الحاضنة التي يتلقى فيها الفرد قيمه ومبادئه الأساسية، فقد عملت جل التشريعات سواء ذات المصدر الإلهي أو الوضعي، على سن الأحكام و المقتضيات القانونية التي تنظم العلاقة بين أفرادها، بشكل يضمن استقرارها ويعزز تماسكها ويؤهلها لمقاومة كل تيارات الهدم والانحلال .

إلا أنه بالرغم من العناية الشرعية والتشريعية التي تحظى بها الأسرة، فإنها لم تسلم من ظاهرة التفكك الأسري وآثارها التي تنعكس سلبا على كل مكوناتها، وخصوصا الأطفال[2] باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل المنظومة الأسرية، وأول من يتأثر بتعسف أحد الوالدين أثناء استعمال حقه في حل ميثاق الزوجية .

فغالبا ما يكون الطلاق أو التطليق حلا لإنهاء علاقة زوجية فاشلة، إلا أن الواقع المعاش أثبت أنه في الكثير من الأحيان يصبح هذا الحل (الطلاق أو التطليق ) بداية لصراع حاد, بل حرب ضروس بين الطليقين.

ولاجدال في أن الحق  في الحضانة, هو إحدى واجهات هذا الصراع، بل إنه يعد صلب العديد من النزاعات القضائية، نزاعات يستبيح فيها الطليقين كل الوسائل سواء الشرعية أو غير الشرعية من أجل استحقاق الحضانة أو إسقاطها عن مستحقها، بل إن الأمر يمتد في كثير من الأحيان إلى استعمال الأطفال كورقة ضغط  لتحقيق هذه الغاية، دون مبالاة أو استحضار لمصلحتهم .

وأمام هذا الصراع الدفين بين الطليقين، ونظرا لعدم قدرة الطفل على حماية نفسه وتدبير شؤونه في ظل هذا الوضع، ومراعاة لوضعه الجسماني والنفسي، عمل المشرع المغربي على غرار العديد من التشريعات المقارنة، على سن مجموعة من المقتضيات القانونية, غايتها ضبط شروط استحقاق الحضانة وبيان أسباب سقوطها, وهي المقتضيات التي تناولها المشرع من خلال الباب الثالث من القسم الثاني المعنون بالحضانة, وذلك ضمن المواد من 173 إلى 179 من مدونة الأسرة.

وباستقراء مقتضيات هذا الباب، تتضح فلسفة المشرع المغربي الرامية أساسا إلى  تحقيق المصلحة الفضلى للمحضون وتعزيز مركزه القانوني داخل الأسرة والمجتمع، وهي الفلسفة المستقاة  من الشريعة الإسلامية، “القران الكريم والسنة النبوية “، وكذا “الاتفاقيات الدولية” التي صادق عليها المغرب وعلى وجه الخصوص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989[3]،هذه الأخيرة التي تنص في ديباجتها على ما يلي:إن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها.

بناء على ما تقدم نطرح الإشكالية التالية:

هل استطاع المشرع المغربي من خلال تنظيمه لشروط استحقاق الحضانة وأسباب سقوطها بلوغ الهدف الأسمى من مؤسسة الحضانة ألا وهو المصلحة الفضلى للمحضون؟ وهل تمكن القضاء الأسري المغربي من تنزيل المقتضيات القانونية الواردة في هذا الباب بالشكل الذي ينسجم والفلسفة التشريعية الوطنية والدولية؟

وهي الإشكالية التي سنجيب عنها وفق خطة البحث التالية:

المطلب الأول : الشروط القانونية لاستحقاق الحضانة

المطلب الثاني : الموجبات القانونية لإسقاط الحضانة

 

المطلب الأول : الشروط القانونية لاستحقاق الحضانة

المقصود بالحضانة في اللغة مصدر من حضن يحضن حضنا، والحضن ما دون الإبط إلى الكشح أو الصدر والعضدان وما بينهما[4]، أما في الاصطلاح فقد عرفها الكساني بأنها:” تربية الطفل ورعايته والقيام بجميع أموره في سن معينة ممن له الحق في الحضانة “[5]، كما عرفها المشرع المغربي في المادة 163 من مدونة الأسرة بقوله: “الحضانة حفظ الولد مما قد يضره، والقيام بتربيته ومصالحه “[6]، وهو تقريبا نفس التعريف الذي أخذ به المشرع الجزائري حيث عرف بدوره الحضانة في المادة 62 من قانون الأسرة الجزائزي بكونها: “رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا”[7]، ومنه قوله تعالى في محكم كتابه ” قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا [8].

ولكي تمارس الحضانة بشكل جيد، وحتى تحقق الأهداف السامية التي كانت وراء تقرير أحكامها (المصلحة الفضلى للمحضون) ربطها المشرع بشروط محددة ورد النص عليها ضمن مقتضيات المادة 173 من مدونة الأسرة، وباستقراء هذه الشروط يتضح أنها تنقسم إلى قسمين: شروط عامة يلزم توفرها في كل شخص سواء كان ذكرا أو أنثى (الفقرة الأولى) وشروط خاصة بالمرأة الحاضنة دون غيرها (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى : الشروط القانونية العامة لاستحقاق الحضانة

المقصود بالشروط القانونية العامة لاستحقاق الحضانة أو الشروط المشتركة، تلك الشروط الواجب توفرها في كل حاضن، سواء كان ذكرا أو أنثى[9]، ولقد أشار المشرع المغربي إلى هذه الشروط من خلال المادة 173 من مدونة الأسرة و التي تقضي بما يلي: شروط الحاضن :

أولا : الرشد القانوني لغير الأبوين .

ثانيا : الاستقامة و الأمانة .

ثالثا : القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه .

             إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون، سقطت حضانته و انتقلت إلى من يليه.

من خلال نص المادة أعلاه, يتضح بأن المشرع المغربي قد حدد مجموعة من الشروط العامة الواجب توافرها في الحاضن لكي يستفيد من هذا الحق, وهي الشروط التي سنتولى بسطها بشيء من الشرح و التفصيل، مع بيان موقف القضاء المغربي منها:

أولا:  الرشد القانوني لغير الأبوين

يتوقف إسناد الحضانة للحاضن من غير الأبوين على كمال الأهلية، بمعنى أن يكون الحاضن من غير الأبوين ذكرا كان أو أنثى راشدا قادرا على القيام بشؤون نفسه ليتسنى تكليفه قانونا برعاية شؤون غيره (المحضون)[10]،وهو ما أكده المشرع من خلال المادة 171 من مدونة الأسرة أثناء تحديده لمستحقي الحضانة بقوله “تخول الحضانة للأم، ثم للأب، ثم لأم الأم  فإن تعذر ذلك، فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية “.

والمقصود بالرشد القانوني وفقا لمقتضيات المادة 209 من مدونة الأسرة “البلوغ من العمر 18 سنة شمسية كاملة”، فالحاضن في هذه الحالة يكون متمتعا بأهلية الأداء، أي بإمكانه ممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته[11]، وهذا خلافا لمدونة الأحوال الشخصية المنسوخة[12]، التي كان الفصل 98 منها يشترط لأهلية الحضانة البلوغ فقط[13]،وذلك انسجاما مع أحكام الفقه المالكي بهذا الخصوص[14].

وبخلاف ما عليه الأمر بالنسبة للحاضن من غير الأبوين، فالرشد القانوني غير مطلوب بالنسبة للحاضن من الأبوين، وهو استثناء يفرضه وجوب الانسجام مع مقتضيات أخرى في مدونة الأسرة، والمقصود هنا المادتين 20 و 21 اللتان تجيزان زواج من لم يبلغ بعد سن الرشد القانوني (زواج القاصر)، وعليه فمتى أبرم عقد الزواج من طرف قاصر، رتب هذا العقد بالنسبة إليه جميع آثاره الشرعية[15]، تطبيقا للمادة 22 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي: “يكتسب المتزوجان طبقا للمادة 21 أعلاه، الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات …”، ومن ضمن هذه الحقوق التي يكتسبها الزوج القاصر ذكرا كان أو أنثى التقاضي بشأن ما يتصل بالحضانة وما يرتبط بآثارها.

وجدير بالتنبيه إلى أن الرشد القانوني لا يتحقق فقط ببلوغ الحاضن 18 سنة شمسية كاملة بل لابد من تمتعه بكامل قواه العقلية، لأن الرشد مرتبط بالعقل والعقل مناط التكليف[16]، فمن فقد عقله فقد رشده، والعقل معناه ألا يكون الحاضن مصابا بجنون أو عته أو سفه (أي خاليا من عوارض الأهلية)، إذ لا يمكن تصور منح الحضانة لشخص مختل عقليا أو مجنون لأنه هو نفسه يحتاج لمن يتولى شؤونه ويرعاه، كذلك الأمر بالنسبة للسفيه الطائش الذي لا يحسن في المال التدبير ولا يصونه عن التبذير، لأنه يخشى منه إتلاف مال المحضون، ولأن الحضانة ولاية وليس السفيه من أهلها[17]، لذلك يستحيل عليه القيام بشؤون غيره، خاصة إذا كان هذا الغير طفلا صغيرا يحتاج بحكم طبيعته لعناية خاصة[18]، وفي هذا الصدد جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بفاس ما يلي: “إن خلو الملف مما يقدح في أهلية المدعي لحضانة ابنته يخوله الحق في حضانتها استنادا للمادة 171 من مدونة الأسرة وهو أولى في ذلك من الجدين للأم[19]“.

وبالرغم من أن المشرع المغربي لم يدرج شرط العقل ضمن شروط استحقاق الحضانة الواردة في المادة 173 من مدونة الأسرة، كما فعل في الفصل 98 من مدونة الأحوال الشخصية المنسوخة، إلا أنه شرط تقضي به القواعد العامة، ومن ذلك ما نصت عليه المواد الخاصة بأسباب الحجر على الأفراد[20].

وفضلا عن ضرورة تمتع الحاضن بقواه العقلية ورشده القانوني، لابد من توفره أيضا على الاستقامة والأمانة.

ثانيا : الاستقامة و الأمانة

تفيد الاستقامة في اللغة الاعتدال في السلوك، و تفيد الأمانة الثقة و الصدق، وهما خصلتان تترجمان لجانب من الأخلاق الفاضلة داخل المجتمع[21]، ومعناه أن لا يخشى من الحاضن على المحضون، أي يجب أن يكون الحاضن أمينا على المحضون دينا وصحة وخلقا، فإن اتضح أن الحاضن مستهترا لا يؤتمن منه على الطفل لسبب من الأسباب فإنه لا يكون أهلا للحضانة[22].

ويدخل في نطاق هذا الشرط (الاستقامة والأمانة) أن لا يكون الحاضن فاسقا حتى لا يتعدى فسقه إلى المحضون فينشأ على خلقه، وتبعا لذلك يكون التعاطي للفساد أو الخيانة الزوجية أو السكر العلني أو السرقة أو غيرها من الجرائم الماسة بالآداب و الأخلاق العامة، مما ينتفي معه شرط الاستقامة والأمانة ويقتضي عدم إسناد الحضانة لمن يتصف بهذه الأوصاف وهو بالفعل ما أكده القضاء المغربي في العديد من القرارات والأحكام القضائية التي ترفض إسناد الحضانة في غياب تحقق الاستقامة والأمانة ومن ذلك ما جاء في قرار محكمة الاستئناف بفاس, والذي يقضي بأن مقترفة البغاء ليست أهلا للحضانة حيث قضى بما يلي:” إدانة المستأنفة من أجل التحريض على الفساد وإعداد منزل للدعارة ينفي عنها شروط استحقاق حضانة ابنتها من أمانة و استقامة كما يشترط الفصل 173 من مدونة الأسرة و هما شرطان لازمان من المستأنفة لاستحقاق الحضانة[23].

كما أن تعاطي الحاضنة للخيانة الزوجية والسكر العلني يعتبر من الأمور التي يسقط بها شرط الاستقامة ويترتب عليه بالتالي عدم إسناد الحضانة أو إسقاطها بعد إسنادها، فقد اعتبرت محكمة النقض أن” إدانة الحاضنة من أجل جنحتي الخيانة الزوجية والسكر العلني يعتبر منافيا لشرط الاستقامة والأمانة ومسقط للحضانة[24] “.

وما قيل عن الفساد والخيانة الزوجية يسري أيضا على السرقة الموصوفة فالقضاء لا يتوانى في حرمان الحاضن من الحضانة كلما ثبتت في حقه جريمة السرقة، وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي:” إن الاستقامة والأمانة شرطان يجب توفرهما في الحاضن طبقا للمادة 173 من مدونة الأسرة، والمحكمة لما استنتجت من الحكم الجنائي عدد 32/01 القاضي بإدانة الطاعنة بالحبس من أجل جناية السرقة الموصوفة دليلا على سوء سلوكها يخشى معه على المحضونين إذا بقيا عندها، بحيث يتأثر بأفعالها، ورتب على ذلك الحكم بنزعهما منها والحكم بإسقاط حضانتها[25] “.

والجدير بالتنبيه أن إتيان أحد الجرائم التي تم ذكرها أعلاه (الفساد، الخيانة الزوجية…)، لا يخدش الاستقامة عند المرأة الحاضنة فقط، بل يشمل أيضا الأب الذي يجب أن يحرم من الحضانة كلما ثبت في حقه التعاطي للفساد والخيانة الزوجية، بل أكثر من ذلك نرى الاستقامة لا تتحقق في الأب متى كان مدمنا على التعاطي للكحول أو القمار، أو كان مصدر كسبه عمل غير مشروع كالاتجار في المخدرات مثلا، فكل هذه الممارسات اللامسؤولة يكون لها تأثير سلبي على البيئة السليمة داخل البيت الذي يعيش فيه المحضون، مما يتعين معه مراعاتها عند إسناد الحضانة أو تغييرها، مثلما ينبغي أيضا مراعاة شرط القدرة عل تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه .

ثالثا: القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه

 يشترط في الحاضن أن يكون قادرا ماديا ومعنويا على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه وهي الشروط التي جمعها ابن عاصم الغرناطي في تحفته بقوله[26]:

وشرطها الصحة و الصيانة *** والحرز والتكليف والديانة

والملاحظ أن هذا الشرط تتفرع عنه شروط أخرى سنتولى تفصيلها في شيء من الإيجاز:

1 : القدرة على تربية المحضون وصيانته

تقتضي الحضانة حفظ الولد مما قد يضره، والقيام بتربيته ومصالحه، لذلك يتعين على الحاضن أن يكون له من القدرة البدنية ما يمكنه من القيام بشؤونه وشؤون المحضون، فإن كان عاجزا لمرض أقعده أو لتقدمه في السن (دخوله في أرذل العمر) سقط حقه في استحقاق الحضانة، و في هذا الصدد فقد سبق لمحكمة النقض أن قضت في أحد قراراتها بأن: كبر سن الجدة بدون عجز لا يبرر إسقاط حضانتها[27]، كما أن اشتغال الحاضن بشؤون غيره بأن كان ممن يمارسون شغلا يستمر الليل والنهار، كالحارس والخادمة المنزلية في الغالب أو بأن كان كثير الأسفار لا يستقر بمكان معين فإنه لا يكون أهلا للحضانة[28]، وهو نفس التوجه الذي اعتمدته محكمة النقض في أحد قراراتها ومفاده أن: اعتماد المحكمة على تبرير الحاضنة انتقالها خارج أرض الوطن قصد العمل لضمان نفقة ولديها نظرا لامتناع الطاعن عن الإنفاق على ولديه، دونما مراعاة أن الحضانة تتعلق برعاية المحضون وخدمته و حسن تربيته ومراقبته تعليل فاسد نقض الحكم – نعم-[29].

ولا يكفي مجرد التوفر على القدرة البدنية بل يجب أن يكون الحاضن أهلا لرعاية المحضون في دينه وصحته وخلقه، حيث تقتضي التربية الدينية، تنشئة المحضون على السلوك القويم الذي لا اعوجاج فيه، أي الالتزام بالقواعد المأمور بها دينيا[30]، ويجد هذا الشرط سنده القانوني في كل من المادة 54 من مدونة الأسرة والتي حدد من خلالها المشرع حقوق الأطفال على أبويهم بما فيها ” التوجيه الديني و التربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل“، وكذلك الفصل الثالث من الدستور المغربي والذي ينص على أن ” الإسلام دين الدولة “، والذي بناء عليه تحفظ المغرب على مقتضيات المادة 14 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين[31].

من هذا المنطلق وجب على الحاضن المحافظة على الهوية الإسلامية للطفل المسلم الموجود تحت حضانته، بحيث يجب عليه أن يوفر له جوا يساعد على ترسيخ هذه الهوية، وهو نفس التوجه الذي اعتمدته محكمة الاستئناف بخريبكة حينما قضت بأن:” قيام الحاضنة بتسليم البنت لمؤسسة خيرية بالديار الإيطالية من شأنه المساس بتربيتها الدينية، التي تعتبر شرطا لاستحقاق الحضانة[32].

وبما أن التربية الدينية من الواجبات الملقاة على عاتق الحاضن، يطرح التساؤل حول كيفية التعامل مع الحاضن إذا كان على غير دين المحضون؟

من خلال استقراء مواد مدونة الأسرة لا نجد أي مقتضى ينص على ضرورة اعتناق الحاضن(ة) للديانة الإسلامية ليكون أهلا للحضانة، بخلاف ما كان عليه الأمر في مدونة الأحوال الشخصية المنسوخة والتي ينص الفصل 108 منها على ما يلي:” إذا كانت الحاضنة على غير دين المحضون ولم تكن أما، لم يكن لها الحق في الحضانة إلا في الخمس سنوات الأولى من عمر المحضون، فإذا كانت الحاضنة أما صحت حضانتها بشرط أن لا يتبين استغلالها للحضانة لتنشئة المحضون على غير دين أبيه “.

ونظرا للفراغ التشريعي الذي يعتري مدونة الأسرة بخصوص اشتراط الإسلام في الحاضن، نجد أن الآراء الفقهية لم تستقر على رأي موحد، فبعض الفقه يرى بأنه لا حضانة للكافرة على الصغير المسلم وذلك لأمرين أولهما أن الحضانة ولاية ولم يجعل الله ولاية الكافر على المسلم[33] مصداقا لقوله سبحانه وتعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا[34]، وثانيهما أنه يخشى على دين المحضون من الحاضنة غير المسلمة لحرصها على تنشئته على دينها، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه[35].

أما البعض الآخر, فيرى بأنه لا يشترط أن تكون الحاضنة مسلمة على المشهور من المذهب[36]، بل للذمية من الحضانة ما للمسلمة إن لم يخشى على المحضون منها ويمنع عليها أن تغذيه خمرا أو خنزيرا فإن خيف عليه من ذلك ضمت إلى أناس مسلمين[37].

وفي رأي “د.محمد الكشبور”[38] أن عدم ظهور مثل هذا المقتضى في مدونة الأسرة، لا يعفي من تطبيقه، لأنه من المبادئ الفقهية الواجبة التطبيق اعتمادا على الإحالة الواردة في المادة 400 من مدونة الأسرة[39].

ومن جانبنا نؤيد رأي “د.محمد الكشبور” لوجاهته وانسجامه مع أحكام الفقه المالكي الذي يرجع إليه في كل أمر مسكوت عنه في مدونة الأسرة .

2 : الرعاية الصحية والأخلاقية

تعتبر الرعاية الصحة حق للطفل على أبويه، وهو بالفعل ما أشارت إليه المادة 54 من مدونة الأسرة في فقرتها الخامسة التي تلزم الأبوين “باتخاذ كل التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا“.

فالرعاية الصحية للمحضون، شرط يقتضي أن يكون الحاضن خاليا من الأمراض المعدية التي قد تكون سببا في نقل المرض للمحضون، فلا حضانة للمريض مرضا منفرا كالجذام والبرص، أو معديا كالسيدا ومرض السل ومرض التهاب الكبد بنوعيه (C  وB )[40]، وقد سبق للمشرع المغربي أن نص في الفصل 98 من مدونة الأحوال الشخصية المنسوخة على أن من شروط الحضانة:” السلامة من كل مرض معد أو مانع من قيام الحاضن بالواجب”.

والجدير بالتنبيه أن تقرير الخلو من الأمراض المعدية، يجب إثباته بشهادة طبية، على غرار ما هو معمول به في إبرام عقد الزواج[41].

أما فيما يخص الرعاية الخلقية للمحضون فهي مرتبطة بتوفر شرط الاستقامة السابق ذكره فعندما تتوفر الاستقامة في الحاضن تكون قد توفرت الظروف الملائمة لتنشئة المحضون على خلق مستقيم، ونظرا لأهمية هذا الشرط فقد تم التنصيص عليه في الفقرة السادسة من المادة 54 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه: ” يجب على الأبوين الحرص على تربية المحضون على السلوك القويم و قيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل “.

وبالموازاة مع واجب الحاضن القائم على الرعاية الصحية والأخلاقية للمحضون يجب عليه كذلك مراقبة تمدرس المحضون.

3 : مراقبة تمدرس المحضون

يعتبر الحق في التعليم من الحقوق الأساسية للطفل، ولذلك نجد غالبية المواثيق الدولية والقوانين الوطنية للدول تنص على إلزامية التعليم ومجانيته بالنسبة للطفل وخصوصا في مراحله الأولى، وهو ما تؤكده المادة 28 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 التي تنص على ما يلي:” تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم”، وفي إطار ملائمة التشريع الوطني للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل فقد نص الدستور المغربي في فصله 31 على أن:” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في :

“الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة “.

ويعتبر حق الطفل في التعليم من بين أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة، حيث اعتبرت المادة 54 من مدونة الأسرة أن من الحقوق الواجبة للأطفال على آبائهم: التعليم و التكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وعلى الآباء أن يهيئوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني “.

غير أن ذهاب الطفل إلى المدرسة لا يعني أنه قد نال حقه في التعليم، فذلك لا يتم ما لم تتحقق للطفل بيئة سليمة ملائمة للعملية التربوية التعليمية، لأن التربية الصحيحة تبتدئ من الأسرة وتستمر في المدرسة، فالأسرة تؤدي دورا مهما في تشجيع أطفالها على التعلم والارتقاء بشخصيتهم نحو الأفضل، وفي حال تفكك هذه الأسرة لسبب من الأسباب فإن واجب الإشراف التربوي والتوجيه الدراسي ينتقل من الأبوين إلى الحاضن[42]، الذي يجب عليه أن يكون حريصا على مواكبة المسار الدراسي للمحضون بشكل يومي لتنمية قدراته البيداغوجية[43] .

والجدير بالتنبيه أن العناية بتمدرس الطفل واجب مشترك بين أب المحضون أو نائبه الشرعي (الوصي أو المقدم) والأم الحاضنة أو الحاضن غير الأم، فانتقال الحضانة إلى الحاضنة لا يعفي الأب أو النائب الشرعي من واجب العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي، لأنه ملزم بحكم القانون بالقيام بذلك موازاة مع ما تقوم به الحاضنة، التي لا يحق لها الاستئثار بالمسار التعليمي للمحضون، وفي حالة الخلاف بين النائب الشرعي والحاضنة حول تمدرس المحضون، (كما لو أن الأم أرادت أن يلج ابنها مدرسة خصوصية و أراد النائب الشرعي خلاف ذلك، أي أن يلج المحضون مدرسة عمومية[44]) فإن الأمر يرفع إلى المحكمة للبت فيه وفق مصلحة المحضون، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 169 من مدونة الأسرة .

كل هذه الشروط وغيرها تقتضي استمرار توفرها خلال فترة الحضانة أي استقرار وضعية الحاضن لما فيه مصلحة المحضون.

رابعا : استقرار وضعية الحاضن لما فيه مصلحة المحضون

كما هو معلوم فالوضعية المادية والمعنوية للإنسان كثيرا ما لا تستقر على وثيرة واحدة حيث يتحول من الفقر إلى الغنى، ومن الصحة إلى المرض ومن الشباب إلى الشيخوخة وهكذا[45]، وتغيير وضعية الحاضن بهذا الشكل قد يؤثر سلبا على المحضون مما يتعين معه إعادة النظر في استحقاق الحضانة بالشكل الذي تحقق المصلحة الفضلى للمحضون، وعلى هذا الأساس  تدخل المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 173 من مدونة الأسرة لينص على أنه:” إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون سقطت حضانته وانتقلت إلى من يليه“، وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي:”إن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لما قضت بإسقاط الحضانة عن الأم لزواجها في المرة الثانية فقد طبقت تطبيقا سليما المقتضيات المتعلقة بأحكام الحضانة خاصة المادة 173 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون سقطت حضانته و انتقلت إلى من يليه، وراعت مصلحة المحضون التي تقتضي وجودهما في هذا السن وهما في مقتبل العمر مع والدهما الذي يستحق الحضانة مباشرة بعد الأم التي تزوجت بغير ذي محرم، وتكون بذلك قد بنت قرارها على أساس، ولم تقم بأي خرق قانوني[46].

هذا فيما يخص الشروط القانونية العامة لاستحقاق الحضانة فماذا عن الشروط القانونية الخاصة ؟

الفقرة الثانية : الشروط القانونية الخاصة لاستحقاق الحضانة

المقصود بالشروط القانونية الخاصة لاستحقاق الحضانة تلك الشروط الواجب توافرها في الحاضنة دون الحاضن، ولقد أشار إليها المشرع من خلال الفقرة الرابعة من المادة 173 من مدونة الأسرة، والتي تقضي  بعدم زواج طالبة الحضانة إلا في الحالات المنصوص عليها في المادتين 174 و175، فبمجرد زواج الحاضنة يسقط حقها في الحضانة وهي قاعة عامة مستقاة من الحديث النبوي الشريف “أنت أحق به ما لم تنكحي[47]، إلا أن مدونة الأسرة لم تأخذ بهذه القاعدة على إطلاقها، وإنما أوردت بعض الاستثناءات يتم التمييز بخصوصها بين الحاضنة غير الأم (أولا) والحاضنة الأم (ثانيا) .

أولا :  الشروط الخاصة بالحاضنة غير الأم

تنص المادة 174 من مدونة الأسرة على أن:” زواج الحاضنة غير الأم، يسقط حضانتها إلا في الحالتين الآتيتين:

1-    إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون.

2-    إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون “.

يتضح من خلال مقتضيات المادة أعلاه، أن المشرع حدد شروطا خاصة بالحاضنة غير الأم لا يمكنها في ظل غياب هذه الشروط اكتساب الحق في الحضانة أو استمراره بعد اكتسابه وتبعا لذلك فالأصل أن تسند الحضانة للمرأة غير الأم إذا كانت غير متزوجة، وإن تزوجت تسقط عنها الحضانة ما لم يكن زوجها قريبا محرما للمحضون (كما لو تزوجت عمه أو خاله)، أو لم يكن من المحارم ولكن تم تعيينه نائبا شرعيا للمحضون، كما لا تسقط الحضانة متى كانت المرأة الحاضن هي نفسها نائبا شرعيا عن الطفل المحضون، بحيث جمعت المادة 174 من مدونة الأسرة بين النيابة والحضانة لتكرس استمرار الحضانة رغم التغيير الطارئ على وضعية الحاضنة[48]، وتبعا لذلك قضت محكمة النقض في قرار لها بأنه:” يتوجب للاستفادة من الاستثناء المنصوص عليه في المادة 174 من مدونة الأسرة أن يكون زواج الحاضنة بشخص تجمعه قرابة مباشرة بالمحضون[49].

وحسب رأي “د.سعيد الوردي” فإن مقتضيات المادة 174 من مدونة الأسرة لا تثير أي إشكالات كبيرة في الواقع العملي على اعتبار أن الحالات التي تسند فيها الحضانة لغير الأم في مدونة الأسرة تنحصر في أم الأم ، وهي الجدة التي غالبا ما تكون في سن متقدمة ونادرا ما نسمع عن زواج الجدات في واقعنا المعاش، وتبقى هناك حالات أخرى يمكن للقضاء أن يسند فيها الحضانة لإمراة أخرى من الأقارب أو غيرهم إذا لم يوجد الأبوين والجدة أو لم تتوفر فيهما الشروط المطلوبة، لكنها مع ذلك تبقى حالات محدودة ولا تثير مشاكل عملية كما هو الأمر بالنسبة لزواج الحاضنة الأم[50] .

ثانيا: الشروط الخاصة بالحاضنة الأم

إذا انتهت العلاقة الزوجية وانقضت مدة العدة، يمكن للمرأة أن تتزوج، إلا أن حقها في الحضانة يسقط في هذه الحالة، ما لم يكن زواجها مقرونا بالاستثناءات التي حددتها المادة 175 من مدونة الأسرة والمتمثلة في :

1-   إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات، أو يلحقه ضرر من فراقها .

2-   إذا كان بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.

3-   إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون.

4-   إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون.

الملاحظ من خلال استقراء هذه الاستثناءات أنها تصب كلها في اتجاه مصلحة المحضون فالصغير الذي لا يتجاوز سبع سنوات، يكون في حاجة ماسة لحنان و رعاية أمه و فراقه عنها سيلحق به الأذى، وهو ما أكدته المحكمة الابتدائية بالناضور حينما قضت بما يلي:” تطبيقا للمادة 175 من مدونة الأسرة فإن زواج الأم الحاضنة لا يسقط حضانتها إذا كان المحضون لا يتجاوز سنه 7 سنوات، و حيث إن البنت موضوع الدعوى لم يتجاوز سنها بعد 4 سنوات، فإنه بالرغم من أن المدعى عليها الحاضنة امتنعت من تنفيذ الحكم القاضي بمنح الأب حق الزيارة، فإنه من شأن إسقاط حضانتها أن يشكل ضررا كبيرا بالمحضونة التي لازالت صغيرة السن وتحتاج لرعاية أمها[51].

ولكن إذا تجاوز المحضون هذا السن (7 سنوات) فإن سقوط حضانة الأم لا يتم تلقائيا، بل يتوقف على رفع دعوى أمام القضاء من طرف من له مصلحة في ذلك[52]،وجدير بالتنبيه إلى أن مسألة السن غير مطلوبة في المحضون إذا كانت به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم، حيث تستمر الحضانة في هذه الحالة لفائدة الحاضنة الأم مهما بلغ سن المحضون لأن النص القانوني لم يحدد سن معينة .

هذا فيما يخص شروط استحقاق الحضانة، فماذا عن الموجبات القانونية لإسقاطها؟

المطلب الثاني : الموجبات القانونية لإسقاط الحضانة

يرتبط موضوع إسقاط الحضانة، أشد الارتباط بشروطها وبإثبات تلك الشروط ويقصد بإسقاط الحضانة في مجالنا هذا أن يثبت الحق في الحضانة للحاضن ثم يطرأ بعد ذلك طارئ ما يسقطها عنه[53]، و لقد نظم المشرع المغربي موجبات إسقاط الحضانة في باب مستقل وهو الباب الثالث المعنون بشروط استحقاق الحضانة وأسباب سقوطها ومن أبرز أسباب سقوط الحضانة، اختلال شروط استحقاق الحضانة (الفقرة الأولى) تغيير الحاضنة لمقر إقامتها أو السفر خارج المغرب (الفقرة الثانية) الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة (الفقرة الثالثة) التنازل عن الحق في الحضانة (الفقرة الرابعة).

الفقرة الأولى: اختلال شروط الحضانة

يتوقف إسناد الحضانة على ضرورة استيفاء الشروط المطلوبة قانونا، لذلك فمتى ثبت وقوع اختلال في أحد الشروط أصبح من حق من له المصلحة والصفة، أن يتقدم أمام المحكمة الابتدائية المختصة (أقسام قضاء الأسرة) بدعوى إسقاط الحضانة، إعمالا لمقتضيات المادة 177 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه:” يجب على الأب وأم المحضون والأقارب وغيرهم، إخطار النيابة العامة بكل الأضرار التي يتعرض لها المحضون لتقوم بواجبها للحفاظ على حقوقه، بما فيها إسقاط الحضانة “.

وقد سبق لنا الحديث بشيء من التفصيل عن شروط استحقاق الحضانة في الفقرة الأولى من هذا المطلب لذلك وتفاديا للتكرار سوف نقتصر فقط على معالجة أهم الأسباب المعتمدة أمام القضاء للمطالبة بإسقاط الحضانة، وعلى رأسها اختلال شرطي الاستقامة والأمانة (أولا) وزواج المرأة الحاضنة سواء الأم أو غير الأم بأجنبي عن المحضون (ثانيا).

أولا : اختلال شرطي الاستقامة والأمانة

الأصل في الحاضن صلاحيته للحضانة واستيفائه للشروط المطلوبة قانونا بما فيها شرط الاستقامة والأمانة، وعلى من يدعي اختلال هذا الشرط أن يقوم بإثبات ذلك أمام القضاء لاتخاد ما يخدم مصلحة المحضون (إسقاط الحضانة)[54].

ويعتبر إثبات اختلال شرط الاستقامة والأمانة من الأمور التي يوليها القضاء بالغ العناية خصوصا بعد أن أثبت الواقع العملي أن بعض الآباء يصرون على انتزاع الحضانة من الأمهات بأي طريقة ولو كانت غير شرعية، حيث يلجأ البعض إلى تقديم شكايات كيدية تتعلق بالتعاطي للفساد وغيره من أجل المس بشرط الاستقامة، كما أن بعض الأمهات لا يصلحن للحضانة بسبب سلوكهن غير القويم ومع ذلك يتشبثن بحقهن في الحضانة، وفي هذا الصدد رفض القضاء في إطار سلطته التقديرية اعتماد لفيف عدلي مستفسر يشهد شهوده أن المدعى عليها لا تصلح لحضانة الأولاد المذكورين لكونها دخالة خراجة، بهذه الحالة عرفوها وعليها خبروها و اختبروها لم تنتقل عنها ولا تبدلت بها حالة سواها حتى الآن كل ذلك في علمهم وصحة يقينهم، سندهم المخالطة وشدة الإطلاع التام على الأحوال، معتبرا أن تقرير شهود اللفيف في بداية شهادتهم بالقطع بأن المدعى عليها غير صالحة لحضانة الأولاد يبقى حكما تقييميا للمدعية يدخل في صميم اختصاص المحكمة التي لها وحدها تقييم صلاحية الأم من عدمها لحضانة أبنائها، وعليه تبقى هذه الوسيلة لإثبات ما يدعيه المدعي غير عاملة ولا ترقى إلى درجة الاعتبار مما يتعين معه رفض طلبه[55].

أما إذا كانت الواقعة ثابتة بحجج قاطعة تدل على انحراف الحاضن(ة) عن السلوك القويم وافتقاده للشروط الأخلاقية اللازمة لتربية المحضون فإن القاضي لا يتردد في إسقاط الحضانة عنه، وفي ذات السياق اعتبر القضاء أن إدانة الحاضنة بجنحة الخيانة الزوجية يعدم شرط الاستقامة و يبرر إسقاط حضانتها، استنادا للحيثيات التالية:” وحيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بإسقاط حضانة المدعى عليها للابن و استنادها إلى والده المدعي لعدم استقامة الحاضنة، وحفاظا على مصلحة المحضون الذي أصبح شبه مهمل ويعاني نقص التغذية، وحيث أدلى نائب المدعي بقرار استئنافي يفيد أن المدعى عليها أدينت من أجل الخيانة الزوجية، وحيث إنه من شروط استحقاق الحضانة الاستقامة والأمانة طبقا للفصل 173 من مدونة الأسرة، وحيث إن ثبوت جريمة الخيانة الزوجية بقرار نهائي في حق الأم الحاضنة يعدم استقامتها وأمانتها وأهليتها للحضانة، وحيث إنه تبعا لذلك وحفاظا على مصلحة الابن المحضون الفضلى ارتأت المحكمة الاستجابة لطلب المدعي والقول بإسقاط حضانة المدعى عليها للابن وإسنادها إلى والده المدعي[56]. 

واستنادا لما سبق ذكره يمكن القول أن استحقاق الحضانة، وضمان استمرار ممارستها رهين بتوفر الحاضنة على شرط الاستقامة والأمانة عند استفادتها من الحضانة وخلال فترة حضانتها للمحضون، ذلك أن كل تغيير من شأنه المساس بهذا الشرط يؤدي إلى سقوط الحضانة.

ثانيا: زواج المرأة الحاضنة بأجنبي عن المحضون

يعتبر زواج المرأة الحاضنة بأجنبي عن المحضون، من بين الأسباب المسقطة للحضانة[57]، وهي قاعدة تجسد الحديث النبوي الشريف ” أنت أحق به ما لم تنكحي ” غير أن مدونة الأسرة لم تأخذ الأمور على إطلاقها، بل وضعت بعض الاستثناءات التي تخرج عن هذه القاعة، حيث ميزت بين زواج الحاضنة الأم، والحاضنة غير الأم (الجدة أو غيرها من الأقارب)، وهي استثناءات رجح من خلالها المشرع المصلحة الفضلى للمحضون، وذلك ما نستشفه من المادتين 174 و 175 من مدونة الأسرة . 

حيث تنص المادة 174 من مدونة الأسرة على أن:” زواج الحاضنة غير الأم يسقط حضانتها إلا في الحالتين الآتيتين:

1-                إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون.

2-                إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون”.

استنادا إلى نص المادة أعلاه يتضح، أن الأصل أن تسند الحضانة للمرأة غير الأم إذا كانت غير متزوجة، وإن تزوجت تسقط عنها الحضانة ما لم يكن زوجها قريبا محرما للمحضون كما لو تزوجت عمه أو خاله مثلا، أو لم يكن من المحارم ولكن تم تعيينه نائبا شرعيا للمحضون، كما لا تسقط الحضانة متى كانت المرأة الحاضن هي نفسها نائبا شرعيا عن الطفل المحضون وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض في قرار لها بأن: “زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها ولو كانت أما للمحضون فبالأحرى غيرها[58]. 

أما بالنسبة للمادة 175 من مدونة الأسرة فقد خاطب من خلالها المشرع الحاضنة الأم، واعتبر بموجب هذه المادة زواج الحاضنة الأم مبرر لسقوط حضانتها ما لم يكن زواجها مقرونا بالحالات التالية:

1-   إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات، أو يلحقه ضرر من فراقها.

2-   إذا كان بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.

3-   إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون.

4-   إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون.

وبمفهوم المخالفة فإن زواج الحاضنة الأم مع انعدام إحدى الحالات المشار إليها أعلاه لا يدع مجالا للحكم باستمرار الحق في الحضانة، وهو بالفعل ما أكدته المحكمة الابتدائية بالعيون حينما قضت بأن:” إقرار الزوجة بزواجها من قريب غير محرم وبكون المحضون يعيش معها ببيت والدها يجعل الأب أولى بحضانة ولده سيما وأن هذا الأخير يتجاوز عمره 7 سنوات، ولا يوجد ما يفيد أنه سيلحقه الأذى من فراق والدته[59].

والجدير بالتنبيه أن الآثار المترتبة عن زواج الأم الحاضنة، لا تنحصر فقط في إسقاط الحضانة عنها وإنما تمتد إلى إعفاء الأب من تكاليف سكنى المحضون، وأجرة الحضانة باستثناء نفقة المحضون التي تبقى واجبة على الأب، وفي الصدد قضت المحكمة الابتدائية بتاوريرت بأن:” زواج الحاضنة يعفي الأب من تكاليف سكن المحضون و أجرة حضانته تطبيقا للمادة 175 من مدونة الأسرة[60].

واستنادا لمقتضيات المادة 176 من مدونة الأسرة فإن:” سكوت من له الحق في الحضانة بعد علمه بالبناء يسقط حضانته إلا لأسباب قاهرة “، وفي نفس السياق جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بصفرو بأن:” زواج الحاضنة بشخص أجنبي عن المحضون يسقط حضانتها إذا طالب بذلك من له الحق فيها خلال سنة من تاريخ علمه بالبناء[61].

غير أن سقوط الحضانة عن الأم بسبب الزواج قد يرتفع إذا ارتفع السبب وهو الزواج، طبقا للمادة 170 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي:” تعود الحضانة لمستحقها إذا ارتفع عنه العذر الذي منعه منها “.

هذا فيما يخص سقوط الحضانة لاختلال أحد شروط استحقاقها فماذا عن الأسباب القانونية الأخرى ؟

الفقرة الثانية : تغيير الحاضنة لمقر إقامتها و السفر بالمحضون خارج المغرب

مما لا شك فيه أن سقوط الحضانة أو بقاؤها مرتبط بمدى صعوبة مراقبة من له مصلحة في ذلك لأحوال المحضون، وتقدير هذه الصعوبة أمر نسبي يختلف باختلاف الحال والمكان والشخص واعتبار مصلحة المحضون، التي للمحكمة سلطة واسعة في تقديرها[62]، وهو نفس المقتضى الذي تبنته المادة 178 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي:” لا تسقط الحضانة بانتقال الحاضنة أو النائب الشرعي للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب، إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط، مراعاة لمصلحة المحضون والظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي، والمسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي “.

فمن خلال هذه المادة يتضح أن الأصل هو أن انتقال الحاضنة للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب لا يسقط حقها في الحضانة، والاستثناء هو سقوط هذا الحق متى ثبت أن هذا الانتقال لم يكن في مصلحة المحضون، ولا في مصلحة الأب أو النائب الشرعي الذي لا تسمح له ظروفه نتيجة المسافة التي تفصله عن المحضون للقيام بواجباته و حقوقه تجاه المحضون[63].

لذلك فالانتقال بالمحضون لا ينبغي استعماله من طرف الحاضنة بشكل تعسفي، و بطريقة تضر بأبيه أو نائبه الشرعي، أو تنطوي عل التحايل في ذلك لإخفاء مكان تواجد المحضون وحرمانه من والده، فكلما ثبت أن الانتقال لا يخدم مصلحة المحضون، ولا يسمح للأب أو النائب الشرعي بمراقبة المحضون وتتبع أحواله دون عسر كان مبررا للمطالبة بإسقاط الحضانة .

وبخلاف الانتقال داخل المغرب، الذي يسمح بسهولة الاتصال بالمحضون، فإن الانتقال خارج المغرب قد يقطع الصلة بين المحضون وأبيه أو نائبه الشرعي[64]، لذلك يعد سفر الحاضنة أو إقامتها الدائمة خارج المغرب من بين الأسباب القانونية لإسقاط الحضانة عنها ما لم يكن هذا السفر عرضيا لتحقيق غاية معينة (علاج المحضون مثلا) وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه:” يسقط حق الحاضنة في رعاية المحضون بسفرها به إلى الخارج، إذا تبين أنها أصبحت مقيمة خارج الوطن بصفة مستمرة ودائمة[65].

وفي حكم آخر صادر عن المحكمة الابتدائية بتاوريرت يقضي بأن:” تواجد الحاضنة رفقة ابنها خارج المغرب يتعذر معه ممارسة الأب لحقه في مراقبة ابنه و توجيهه، لأنه بمفهوم المخالفة للمادة 178 من مدونة الأسرة فإن إقامة الحاضنة خارج المغرب يسقط حضانتها وسقوط حضانة الأم يخول للمحكمة التصريح بإسنادها للأب باعتباره الأحق بها طبقا للمادة 171 من مدونة الأسرة[66].

من خلال ما ثم ذكره يتضح أن مقتضيات المادة 178 من مدونة الأسرة، قد راعت سهولة التنقل والاتصال داخل المملكة، وما نتج عنها من طي المسافات فتركت الحضانة لمستحقها، إن كان الانتقال داخلها لا يؤثر على مصلحة المحضون أو نائبه الشرعي وذلك خلافا لوضعية الانتقال بالمحضون خارج المغرب حيث التعقيدات الإدارية والحواجز التي تتعذر معها الزيارات والاطلاع على أحوال المحضون .

هذا فيما يخص سقوط الحق في الحضانة بسبب تغيير الحاضنة لمقر إقامتها والسفر بالمحضون خارج المغرب، فماذا عن سقوط هذا الحق بسبب الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة ؟

الفقرة الثالثة : الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة

تنص المادة 184 من مدونة الأسرة على أنه:” تتخذ المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة، وإسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة “.

و يثبت الإخلال بتنفيذ مقرر الزيارة متى امتنع الحاضن بشكل صريح عن تمكين من له الحق في زيارة المحضون من ممارسة هذا الحق وفقا للشروط المحددة اتفاقا أو قضاء.

أما التحايل في التنفيذ فيتحقق عندما لا يكون هناك امتناع صريح من طرف الحاضن، لكنه يلجأ بالمقابل إلى سلوك أساليب احتيالية، يقصد من ورائها حرمان من له الحق في زيارة المحضون من هذه الزيارة .

وسواء تعلق الأمر بالتحايل أو الإخلال في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة فإن المحكمة التي تنظر في القضية تبقى لها الصلاحية للحكم بإسقاط الحضانة[67]، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن:” تمادي امتناع الحاضنة عن تنفيذ مقرر الزيارة في الأوقات المحددة، يترتب عنه حرمان مفارقها من زيارة ومراقبة ولده، والمحكمة لما قضت بإسقاط حضانتها وبتسليم الولد إلى والده تكون قد قدرت مصلحة الولد التي تكمن في إشراف والده عليه ورعايته، ولم تعتبر في إطار سلطتها امتثال الطالبة لمقرر الزيارة لفترات متقطعة مبررا لنفي إخلالها[68].

ونظرا لجسامة الإجراء الذي قد تتخذه المحكمة في مواجهة الحاضن (إسقاط الحضانة)، فإنها لا تأخذ بإدعاءات الأطراف المتعلقة بالإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة، وإنما يجب أن يثبت لديها وجود فعلي لما من شأنه المساس بمصلحة المحضون، وفي هذا الصدد قضت المحكمة الابتدائية بتاوريرت بما يلي: “كون المدعي لا يؤدي مستحقات المحضون لا يخول للحاضنة الحق في منع الأب من زيارة ابنته لأن المشرع خول للحاضنة طرقا قانونية لاستخلاص مستحقات المحضونة وإجبار الأب على القيام بهذا الواجب اتجاهها، مؤاخذة الحاضنة بجنحة عدم تسليم المحضون لمن له الحق فيه، يخول للمحكمة الحكم بإسقاط الحضانة عنها نعم[69].

وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فإنه في حالة ثبوت تحايل أو امتناع صريح من طرف الحاضنة لمنع الأب من حقه في زيارة ابنه وفقا لما هو مقرر اتفاقا أو قضاء، فإن المحكمة تتخذ التدابير اللازمة لمعالجة ذلك وعلى رأسها الحكم بإسقاط الحضانة، غير أن هذه القاعدة قد ترد عليها بعض الاستثناءات مراعاة لمصلحة المحضون، ومن ذلك ما جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالناضور والذي يقضي بما يلي:” وحيث إن البنت موضوع الدعوى لم يتجاوز سنها بعد 4 سنوات وبالتالي فإنه بالرغم من أن المدعى عليها الحاضنة، امتنعت عن تنفيذ الحكم القاضي بمنح الأب حق الزيارة فإنه من شأن إسقاط حضانتها أن يشكل ضررا كبيرا بالمحضونة التي لازالت صغيرة السن و تحتاج لرعاية أمها، ويبقى من حق الأب إتباع المساطر القانونية لإجبار الحاضنة على منحه حق زيارة ابنته، مما ارتأت معه المحكمة التصريح برفض الطلب[70].

والواقع أن هذا الاستثناء له ما يبرره، ذلك أن الطفل عندما يكون حديث السن لا يعرف من رغباته سوى أمه، وأن حرمانه منها بسبب تعنتها في تنفيذ مقرر الزيارة، قد يلحق به ضررا نفسيا و عاطفيا ويؤثر سلبا على توازنه العاطفي، ولا يقبل منطقيا أن يزر المحضون وزر الحاضن، سيما وأن المشرع قد أقر مسؤولية جنائية عن الإخلال بضوابط تنظيم الحضانة.

الفقرة الرابعة : التنازل عن الحق في الحضانة

يعتبر التنازل عن الحضانة من بين أسباب سقوطها، بموجبه يتخلى من بيده حق الحضانة عن هذا الحق لسبب أو بدونه للحاضن الذي يليه، ومن ذلك تنازل الأم للأب عن حضانة أبنائها[71].

وإذا كان المشرع المغربي قد سكت عن مسألة التنازل في مدونة الأسرة، فإن القضاء المغربي، وفي مقدمته محكمة النقض، وانطلاقا من الإحالة على الراجح أو المشهور و ما جرى به العمل في الفقه المالكي قد سمح بذلك التنازل ولكن بشرطين[72] :

الشرط الأول: أن يكون المتنازل قد ثبت له الحق في الحضانة وأن يتم التنازل لمن يليه في المرتبة تحت إشراف من المحكمة المختص (قسم قضاء الأسرة)، وفي هذا الصدد قضت المحكمة الابتدائية بتاوريرت بأن:” تنازل الأم عن حقها في الحضانة أمام المحكمة يوجب إسقاطها عنها ومنحها للأب[73].

الشرط الثاني: ألا تأذن المحكمة بالتنازل عن الحضانة إلا عندما تتأكد من أن ذلك التنازل في مصلحة المحضون، انسجاما مع التوجه الجديد لمدونة الأسرة والمقرر ضمن المادة 186 منها، و هو بالفعل ما أكدته محكمة النقض في أحد قراراتها والذي يقضي بأنه:” لا يترتب عن تنازل الأم عن حقها في الحضانة سقوط هذا الحق إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز عمره 7 سنوات[74]

وأخيرا وليس آخرا نشير إلى أن مدونة الأسرة تطرقت في مادتها 170 إلى إمكانية استعادة الحضانة لمستحقها إذا زال عنه العذر الذي منعه منها، وهكذا إذا تنازلت الأم عن الحضانة أو سقطت عنها نتيجة زواجها، فهذا عذر بزواله (بطلاق أو تطليق أو وفاة)، تعود الحضانة إليها، ولكن يمكن للمحكمة أن تعيد النظر في الحضانة، بعدما تعاين استعادتها وتتحقق من توفر شروطها حيث تراعي في ذلك مصلحة المحضون وبالتالي يمكن لها أن ترفض تلك الاستعادة أو تخول الحضانة لطرف آخر شريطة تعليل موقفها بكيفية مقبولة[75].

 

 

 

 



[1]– ينص الفصل 32 من الدستور المغربي على ما يلي ” الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع “.

[2]– عرفت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 الطفل بأنه ” كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه “.

[3]-اتفاقية حقوق الطفل، اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها 44/25 المؤرخ يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، بدأ نفاذها يوم 2 سبتمبر/أيلول 1990 بموجب المادة 49، صادق عليها المغرب بتاريخ 12 يونيو 1993، بتحفظ وحيد على مقتضيات المادة 14 منها التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين، لتعارضها مع المقتضيات الدستورية التي تجعل من الإسلام دين للدولة .

[4]ابن منظور الإفريقي المصري:” لسان العرب “، المجلد الثاني، الطبعة الأولى، مطبعة دار صادر بيروت لبنان، 1968، ص 225 .

[5]– علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني:” بدائع الصناع في ترتيب الشرائع “، الجزء الخامس، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتب العلمية،(دون ذكر مكان الطبع و السنة)، ص 202 .     

[6]– وهو نفس التعريف الذي سبق للمشرع المغربي أن تبناه في الفصل 97 من م.ح.ش المنسوخة . 

[7]– نظم المشرع الجزائري الحضانة من خلال المواد من 62 إلى 72 من قانون الأسرة الجزائري .

[8]– سورة الإسراء، الآية 24. 

[9] محمد الكشبور:الواضح في شرح مدونة الأسرة انحلال ميثاق الزوجية  “،الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2015، ص 505 .

[10]محمد الشافعي:” الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة ” الطبعة الثالثة، مطبعة الوراقة الوطنية مراكش، 2014، ص 297 .

[11]– تنص المادة 208 من مدونة الأسرة على ما يلي” أهلية الأداء هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية و المالية و نفاذ تصرفاته ، ويحدد القانون شروط اكتسابها و أسباب نقصانها أو انعدامها “.

[12]ظهير شريف رقم 1.57.343 الصادر في 28 ربيع الثاني 1377 الموافق(22 نونبر 1957) بمثابة مدونة الأحوال الشخصية والميراث منشور (الجريدة الرسمية عدد 2354 بتاريخ 6 دجنبر 1957).

[13]– ينص الفصل 98 من مدونة الأحوال الشخصية و الميراث على ما يلي” يشترط لأهلية الحاضن : 2_البلوغ” .

[14]– مجمد الكشبور :” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة “،الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،2015، ص 55.

[15]– محمد الكشبور:”الواضح في شرح مدونة الأسرة –انحلال ميثاق الزوجية “، مرجع سابق، ص 507 .

[16]– يقول ابن عاشر في منظومته المرشد المعين :  وكل تكليف بشرط العقل **** مع البلوغ بدم أو حمل .

[17]– عبد الله بن الطاهر:”شرح مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته دراسة تأصيلية مقارنة على ضوء المذاهب الأربعة “، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة  الدار البيضاء، 2010، ص 107 .

[18]– سعيد الوردي: ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي “، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية الرباط  2019، ص 21 .

[19]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بفاس، عدد 8553، بتاريخ 2014/11/19، في الملف رقم 1700/1609/14 (غير منشور) .

[20]– مجمد الكشبور:” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة “،الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،2004 ص 58 .

[21]– مجمد الكشبور:” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة “،مرجع سابق، ص 58 .

[22]محمد الشافعي:”الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 297 .

[23]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بفاس، (دون ذكر العدد) بتاريخ 2018/05/22 في الملف  رقم 761-1620/17 (غير منشور) .

[24]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 585، بتاريخ 2008/12/24 في الملف رقم 266/2/1/2008 (غير منشور).

[25]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 561، بتاريخ 2006/10/04 في الملف رقم 142/2/1/2006 (غير منشور).

[26]محمد الشافعي:” الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 300 .

[27]– قرار صادر عن محكمة النقض، بتاريخ 1994/04/01 (دون ذكر العدد ورقم الملف)، منشور بمجلة المحامي، العددان 25 و 26، ص 219 وما بعدها.

[28]– محمد الكشبور :”الواضح في شرح مدونة الأسرة انحلال ميثاق الزوجية “، مرجع سابق، ص 511 .

[29]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 3، بتاريخ 2015/01/06 في الملف الشرعي رقم 167/2/1/2014 (غير منشور). 

[30]عادل زيداني:”إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي “، رسالة  لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة  التكوين والبحث الأسرة و التنمية، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2013/2012، ص 13 .

[31]-تنص المادة 14 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على ما يلي: “تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين”.

[32]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بخريبكة، عدد 508/،12 بتاريخ 2012/11/01 ملف رقم 422/12 (غير منشور) .

[33]– محمد الشافعي:”الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 298.

[34]– من سورة النساء، الآية 141.

[35] بمعنى أن كل مولود يولد مسلمًا على فطرة الله التي فطر عليها الناس .

[36]– لا يشترط في المشهور عند المالكية إسلام الحاضنة.

[37]– مصطفى لمحمدي الشرادي :”الوضع الشرعي و القانوني للطفل القاصر”، الطبعة الأولى، مطبعة دار السلام الرباط، 2017، ص 104.

[38]– محمد الكشبور :”الواضح في شرح مدونة الأسرة –انحلال ميثاق الزوجية ” ، مرجع سابق ، ص 512 .

[39]– تنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أنه ” كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف “.

[40]عبد الله بن الطاهر:”شرح مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته دراسة تاصيلية مقارنة على ضوء المذاهب الأربعة “، مرجع سابق ، ص 106 .

[41]– سعيد الوردي : ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة والعمل القضائي المغربي “، مرجع سابق، ص 25 .

[42]– سعيد الوردي : ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي “، مرجع سابق ، ص 26 .

[43]-عادل الزيداني:” إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي “، مرجع سابق، ص  15 .

[44]­- مجمد الكشبور:” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص  68 .

[45]– محمد الكشبور:” الواضح في شرح مدونة الأسرة انحلال ميثاق الزوجية “، مرجع سابق، ص 515 .

[46]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 681، بتاريخ 2006/11/29، في الملف رقم 347/2/1/2006 (غير منشور).

[47]– جمال الدين بن يوسف الزيلعي :”نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية “، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، مطبعة دار الحديث، (د.م.ط)1995، ص 546 .

[48]– وزارة العدل:” دليل عملي لمدونة الأسرة “، الطبعة الثالثة، مطبعة إليث الرباط، 2007، ص 110 .

[49]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد28، بتاريخ 2008/01/23 في الملف الشرعي رقم 7/2/1/2007 منشور بالموقع الإلكتروني www.jurisprudencemaroc.com تم الإطلاع عليه بتاريخ 28/04/2019، على الساعة العاشرة صباحا.

[50]– سعيد الوردي: ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي “، مرجع سابق، ص 28.

[51]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالناضور(دون ذكر عدد الحكم) بتاريخ 2008/03/24 في الملف رقم 1647/11/06 (غير منشور).

[52][52]– وزارة العدل:” دليل عملي لمدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 110.

[53]– عادل الزيداني:” إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي “، مرجع سابق، ص  39 و ما بعدها .

[54]عادل زيداني:”إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي”،مرجع سابق ، ص 50.

[55]– سعيد الوردي: ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي”،مرجع سابق ، ص 57 وما بعدها.

[56]-حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بأبي الجعد (دون ذكر عدد الحكم)،بتاريخ 2007/09/20، في الملف رقم 166/2007، (غير منشور).

[57]– Mohammed Zriouil:¨ droit de la famille¨ ; Première édition ; librairie Sijelmassa Meknés ; 2019 ; p 95 .

 

[58]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 498 بتاريخ 1992/05/12، في الملف رقم 6096/90، أورده عادل الزيداني:”إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي”، مرجع سابق، ص 84 .

[59]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالعيون، عدد 493/12، بتاريخ 2014/01/07، (دون ذكر رقم الملف)، (غير منشور).

[60]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتاوريرت،(دون ذكر عدد الحكم) بتاريخ 2013/09/25، في الملف رقم 13/396 ، (غير منشور).

[61]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بصفرو،(دون ذكر عدد الحكم)، بتاريخ 2017/12/13، في الملف رقم 1495/1609/،2016(غير منشور) .

[62][62]– وزارة العدل :” دليل عملي لمدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 111.

[63]للفقــــه الإســــلامي عــــدة آراء بشــــأن إســــقاط الحضــــانة بســــبب الانتقــــال بالمحضــــون، وقد أعطــــى للمســألة افتراضات وصــورا وقيــدها بشــروط وميــز بــين الحاضــنة الأم وغيرهــا مــن الحاضــنات، فبينمــا يــرى فريــق مــنهم رأيــا خاصــا في معــنى الســفر، يــرى غــيره رأيــا يناقضــه كــل التناقض ، ففــي رأي المالكيــة أن الحضــانة تســقط بســفر الحاضــنة ســفر نقلــة وانقطــاع إلى مكــان بعيــد، والــذي قــدره بســتة بــرود فــأكثر، وأمــا الحنفيــة فقد فرقــوا بــين الحاضــنة الأم وغــير الأم، فــإذا ســافرت الحاضنة الأم إلى بلد بعيد لا يستطيع فيه الأب زيارة ولده في نهار يرجع فيـه إلى بيتـه ويبيـت فيـه سـقطت الحضانة عنها، وأما غير الأم، فتسقط حضانتها بمجرد الانتقال هـــذا ومـــن الفقهـــاء كالحنابلـــة مـــن يـــرى بإســـقاط الحضـــانة بالســـفر لبلـــد يبعـــد بمقـــدار مســـافة القصــر فــأكثر، ومــنهم كالشــافعية مــن يــرى بإســقاط الحضــانة بالســفر لمكــان مخــوف أو بقصــد النقلــة سواء أكان طويلا أو قصير، زكية حميدو:مصلحة المحضون في القوانين المغاربية للأسرة”،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة القانون الخاص جامعة أبو بكر بلقايد كلية الحقوق تلمسان ،الجزائر السنة الجامعية 2004/2005 ، ص 547 و ما بعدها .

[64]– مجمد الكشبور :” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة ” مرجع سابق ، ص 118 .

[65]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 377، بتاريخ 2007/07/04، في الملف رقم 2007/1/2/147، منشور بالموقع الإلكتروني http://www.jurisprudencemaroc.com ، تم الإطلاع عليه بتاريخ 03/05/2019، على الساعة التاسعة صباحا .

[66]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتاوريرت،(دون ذكر عدد الحكم) بتاريخ 2011/12/02، في الملف رقم 10/477، (غير منشور).

[67]– سعيد الوردي: ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي “، مرجع سابق، ص 85 .

[68]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 165، بتاريخ 2015/04/07، في الملف الشرعي رقم 2014/1/2/312، منشور بمجلة العلوم القانونية، الجزء الأول، عدد مزدوج 4/5،( د . س ) ، ص 231 .

[69]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتاوريرت،(دون ذكر عدد الحكم)،بتاريخ 2012/06/06، في الملف رقم 143/11،(غير منشور).

[70]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالناضور،(دون ذكر عدد الحكم)،بتاريخ 2008/03/24، في الملف رقم 1647/11/06، أورده سعيد الوردي: ” الحضانة و إشكالاتها العملية على ضوء أحكام مدونة الأسرة و العمل القضائي المغربي “، مرجع سابق، ص 88 .

[71] عادل زيداني:”إسقاط الحضانة بين التشريع و العمل القضائي “، مرجع سابق ، ص 62 .

[72]-مجمد الكشبور:” أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة ” مرجع سابق ، ص 91 .

[73]– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتاوريرت،(دون ذكر عدد الحكم)، بتاريخ 2011/02/25، في الملف رقم 2010/636 ، (غير منشور).

[74]– قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 392، بتاريخ 2008/07/23، في الملف الشرعي رقم 2007/1/2/605، منشور في الموقع الإلكتروني http://www.jurisprudencemaroc.com، تم الإطلاع عليه بتاريخ 03/05/2019، على الساعة التاسعة صباحا.

[75]– محمد الشافعي:” الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة “، مرجع سابق، ص 309.