التأصيل الفقهي و القانوني لنظرية الدفوع في التشريع المغربي

27 أكتوبر 2020
التأصيل الفقهي و القانوني لنظرية الدفوع في التشريع المغربي

التأصيل الفقهي و القانوني لنظرية الدفوع في التشريع المغربي

يطلق اصطلاح الدفع (exception)[1] بمعناه العام على جميع وسائل الدفاع (moyen de défense ) التي يستعين بها الخصم بقصد تفادي الحكم لخصمه بما يدعيه. ويقصد به أيضا الوسائل التي يستعين بها الخصم، ويطعن بمقتضاها في صيغة إجراءات الخصومة دون أن يتعرض لأصل الحق الذي بزعمه خصمه فيتفادى  بها مؤقتا الحكم عليه بمطلوب خصمه.

ومن باب الإحاطة بالتأصيل العام لنظرية الدفوع في تشريعينا المغربي سوف نعرض لمعنى الدفع في الفقه المدني )الفقرة الأولى(، ثم نتلوه ببيان معناه في الفقه الجنائي (الفقرة الثانية)، ثم نتعرض لأساس الدفع قانونا  (الفقرة الثالثة ).

الفقرة الأولى : معنى الدفع في الفقه المدني

ذهب البعض[2] إلى القول بأن الدفع هو نوع من الدعوى يقدمه المدعي عليه للرد على الدعوى المرفوعة عليه، أو أنه رد المدعي عليه على دعوى المدعي بإنكاره عليه حقه في رفعها، أو إنكاره سلطة المحكمة عليها، أو بطعنه في صحة الإجراءات التي رفعها بها، أو بالتمسك بسقوطه أو انقضائه بالتقادم أو الوفاء أو بغيرهما من الأسباب، أو أنه جواب الخصم على ادعاء خصمه بقصد منع الحكم له بما يعنيه[3].

والدفوع بمعناها العام كثيرة ومختلفة باختلاف الغرض منها والأثر الذي يترتب عليها.

فقد ذهب البعض[4] إلى أن الدفع له معنى عام ويطلق على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للخصم أن يستعين بها ضد خصمه، بقصد تفادى الحكم لهذا الأخير بما يدعيه، سواء أكانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومة أو بعض إجراءاتها، أم موجهة إلى أصل الحق المدعى به أو إلى سلطة الخصم في استعمال دعواه منكرا إياها. ومعنى خاص بالدفوع الشكلية ويطلق على الوسائل التي يستعين بهذا الخصم ويطعن بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة دون  أن يتعرض لأصل الحق الذي يزعمه خصمه فيتفادى بها مؤقتا الحكم عليه بمطلوب خصمه، كأن يجيب بأن الدعوى قد رفعت إلى محكمة غير مختصة أو رفعت بإجراءات باطلة.

أما الدفوع الموضوعية فترتبط بوسائل الدفاع المتعلقة بأصل الحق ، أي التي توجه إلى ذات الحق المدعى به ، كأن ينكر الخصم وجود الحق أو يدعى انقضاءه ، بينما ترتبط الدفوع بعدم القبول بوسائل الدفاع التي ينكر بها الخصم سلطة خصمه في استعمال الدعوى، كأن يدعي الخصم عدم وجود صفة أو مصلحة للخصم الأخر أو سبق صدور حكم في موضوع الدعوى.[5]

فالدفع إذن هو تلك المكنات التي يمكن أن يلجأ إليها طرف الدعوى، طاعنا بمقتضاه في سلامة إجراءات الخصومة دون المساس بأصل الحق[6].

أما جانب آخر من الفقه[7] فيرى أنها الأوجه المختلفة التي يمكن للمدعي عليه أن يبديها لرد أو إبطال دعوى المدعي، وهي من وجهة نظر هذا الفقه نوعان من الدفوع׃

دفوع موضوعية ودفوع فرعية، فأما الدفع الموضوعي، فهو دفع هدفه نفي أو إنكار طلب المدعي كليا أو جزئيا، وبيان أن هذا الحق لم يوجد أصلا أو وجد ولكنه وفيّ أو سقط بالمقاصة القانونية أو بمضي المدة أو بغير ذلك.

وأما الدفع الفرعي، فهو أمر يرد المدعي عليه به الدعوى من غير أن يدخل في موضوعها، أو يتعرض لإنكار حق المدعي، وذلك بأن يطعن في شكل الطلب أو كيفية تقديمه أو يطلب تأجيل النظر فيه لأجل معلوم أو لحين استيفاء شروط خاصة.

والدفع بنوعيه على النحو السابق بيانه واجب البث فيه ويتعين على المحكمة أن ترد عليه في أسباب حكمها.

ومع اختلاف تسميات الفقه لمصطلح الدفوع، فقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية[8] على تعريف الدفع بأنه : » دعوى من قبل المدعي عليه، يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي، بمعنى أن المدعي عليه يصير مدعيا إذا أتى بدفع، ويعود المدعي الأول مدعيا ثانيا عند دفع هذا الدفع « .

وبهذا المعنى العام يتضح مدى أهمية الدفع في الدعوى والأثر المترتب على هذه الأهمية، إذ أن الدفع كحق من حقوق الدفاع المخولة للمدعي عليه ينشأ نتيجة لاستعمال المدعي حقه في الالتجاء إلى القضاء.

الفقرة الثانية׃ المقصود بالدفوع في الفقه الجنائي:

جرى العمل في المواد الجنائية على إطلاق كلمة الدفع على أوجه الدفاع الموضوعية أو القانونية[9] التي يثيرها الخصم لتحقيق غايته من الخصومة في الدعوى.

ولم يتفق الفقه الجنائي على تعريف محدد أو موحد لاصطلاح الدفع في قانون الإجراءات الجنائية.

فجانب من الفقه[10] يرى أن كلمة  الدفع تطلق على الدفوع الموضوعية أو القانونية التي يثيرها الخصم لتحقيق غايته من الخصومة في الدعوى[11]. بينما يرى جانب آخر من الفقه[12] أن المقصود بالدفع هو أوجه الدفاع القانونية المختلفة، التي يترتب على الأخذ بها عدم الحكم على المدعي عليه من قبل المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بناء على التهمة المنسوبة إليه.

ويعرف جانب ثالث من الفقه[13] الدفع بأنه الدفاع الجوهري الذي من شأنه ـ لو صح ـ تبرئة المتهم وتغيير وجه الرأي  في الدعوى.

كما ذهب البعض[14] إلى أن كلمة الدفع تطلق على ما انصب على أوجه الدفاع القانونية التي يبديها أحد الخصوم، أو أن الدفوع هي أوجه الدفاع القانونية المختلفة التي من مؤدى الأخذ بها عدم الحكم على المدعى عليه من قبل المحكمة المنظور أمامها الدعوى بناء على التهمة المنسوبة إليه[15].

وذهب البعض[16] الأخر إلى أن الدفوع تعني كل وجه من أوجه الدفاع المختلفة التي يجوز للخصم أن يستعين بها لتفادي الحكم لخصمه بما يدعيه، أو وسيلة دفاع يبديها المتهم والتي لو صحت لانبني عليها إسقاط التهمة المسندة إلى المتهم أو تغيير وجـه الرأي في الدعوى وتبرئة المتهم أو تخفيف مسؤوليته.

وأخيرا ذهب جانب كبير من الفقه[17] إلى تحديد المقصود بالدفع من ناحيتين: الأولى من حيث طبيعة الوسيلة التي يلجأ إليها الخصم في الدعوى، فالدفع يرتبط بطريقة مباشرة بموضوع النزاع. والثانية من حيث الهدف من إبدائه فهو يوجه مباشرة إلى أدلة الدعوى . و من أجل ذلك يرى هذا الفقه أن الدفوع باعتبارها من وسائل الدفاع لا تضيف شيئا جديدا إلى الخصومة الجنائية، وإنما تهدف فقط إلى تفادي الحكم بما يدعيه الخصم الأخر، والخصومة الجنائية على هذا النحو تتحدد بالادعاءات وليس بالدفوع.

والرأي فيما نعتقد أن التعريف الأولى بالإتباع هو القائل بأن الدفع دعوى من قبل المدعي عليه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي.

فالدفع حق للمدعي عليه يقابل حق المدعي في الالتجاء للقضاء، ويزيد من الضمانات المقررة له في هذه الخصومة أسوة بالضمانات المقررة للمدعي في ذات الخصومة، فيتحقق بذلك نوع من التوازن فيها بين الادعاء وحق الدفاع الذي يعتبر الأساس القانوني لإبداء الدفوع والطلبات.

وعليه فإن التلازم بين الدعوى والدفع يرجع إلى أنه يصدق على كليهما وصف “الوسيلة القانونية” التي يطلب بها الشخص من القضاء الحصول على تقرير حق له أو حمايته على اعتبار ما للدعوى من ارتباط وثيق الصلة بالدفع.

وأبرز مثال على ذلك فكرة المصلحة التي تسيطر على كل من الدعوى والدفع، إذ أن المصلحة هي قوام الدعوى وركنها الأول والأساسي ولذلك قيل أن المصلحة هي مناط الدعوى وأنه حيث تنعدم المصلحة تنعدم الدعوى (L’intêret est la mésure de l’action , pas d’intérêt pas d’action)[18] ونفس الأمر بالنسبة للدفع.

إلا أنه إذا كان بين الدعوى والدفع في الخصومة الجناية أوجه شبه فهناك فروق عديدة بينهما:

ٲ ـ من حيث المنشأ[19]׃ فبينما الدفوع تعتبر وليدة للنظام الإتهامي بما يكفله للمتهم من ضمانات٬ فإن الدعوى الجنائية هي ثمرة النظام التنقيبي الذي يرتبط بظهور الدولة كسلطة قوية تحرص على فرض النظام في المجتمع عن طريق أخص وظائفها الفنية وهي توجيه الاتهام، و يكون ذلك عن طريق سلطتها في  الادعاء من طرف النيابة العامة بالوسيلة المشار إليها وهي الدعوى الجنائية .

ب ـ من حيث الحق الذي تكفله كل وسيلة من هاتين الوسيلتين : فبينما الدعوى الجنائية تسعى إلى إثبات الحق للمدعي، فإن الدفع هو وسيلة المدعي عليه  في رفع الاتهام عن نفسه و إثبات براءته.

ج ـ من حيث الحق في التمسك بها׃ الدفوع وسيلة قانونية يمكن أن يتمسك بها كل من المدعي عليه ″المتهم″ أو المدعي أو أطراف الخصومة الجنائية الآخرين كالمطالب بالحق المدني، إلا أنه إذا كان للمتهم أن يتمسك بكافة أنواع الدفوع التي تمكنه من نفي الاتهام عن نفسه٬  فإن أنواعا معينة من الدفوع هي التي يجوز لباقي أطراف الخصومة الجنائية أن يتمسكوا بها٬ كالدفوع الذي يتمسك بها المدعي بالحق المدني مثلا و التي تكون مقصورة على دعواه المدنية فقط [20].

بقي أن نشير إلى الصلة بين الدفع والطلب٬ فالطلبات المقدمة من الخصوم أمام القضاء الجنائي تقترب وتتشابه مع أنواع الدفوع الموضوعية فكلاهما من وسائل الدفاع الموضوعية٬ و لا يقع أي منهما تحت الحصر٬ و يشتركان معا من حيث الشروط و مراحل إبدائها والتزام المحكمة بالرد عليها، لأن الطلبات والدفوع الموضوعية تتحدد بكونها وسائل دفاع موضوعية واحدة و إن اختلفت التسمية[21]. ونتيجة لذلك ذهب جانب من الفقه[22] إلى أنه إذا كانت الدفوع أداة يباشر بها الخصم حق الدعوى فإنها تعتبر في جوهرها طلبات لأنها تعبر عن استعمال حق الدعوى، ولكن يطلق عليها هذا الإسم نظرا لدورها الإجرائي و ليس لطبيعتها. فالدعوى إذا كانت حقا شخصيا للخصم في طرح الادعاء على القاضي والتزام هذا الأخير بالفصل فيه٬ فان الطلب أو الدفع هو الأداة الفنية التي يتحول بها الحق إلى واقع ملموس و يتمكن بمقتضاها الخصم من الحصول على حقه الذي يطالب به، و إذا كانت الدعوى فكرة موضوعية نظمها القانون الإجرائي كما ينظم القانون الموضوعي بعض الأمور الإجرائية فان الدفع أو الطلب فكرة إجرائية بحثه.

الفقرة الثالثة ׃ أساس الدفع[23]

نصت المادة الثانية من قانون الإجراءات الجنائية الايطالي الجديد على أنه:

″1 ـ يعمل القاضي على حل كل مسألة يتوقف عليها الحكم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

2 ـ ليس للقرار الذي يتخذه القاضي الجنائي بصورة عرضية لحسم مسألة مدنية أو إدارية أو جنائية أي أثر ملزم في أي محاكمة أخرى “.

3 ـ كما نصت المادة 846 من ذات القانون على أنه:″ يتضمن الحكم… العرض الملخص للأسباب من حيث الواقع والقانون الذين ارتكز عليهما الحكم مع الإشارة إلى الأدلة التي صدر الحكم بناء عليها٬ والأسباب التي يراها القاضي لعدم الاعتماد على الأسباب المضادة “[24].

وفي فرنسا نصت المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ″ تتولى المحكمة المختصة بنظر الدعوى الجنائية الفصل في كل الدفوع التي يثيرها المتهم إلا إذا نص على خلاف ذلك أو كان دفع المتهم يتعلق بحق عيني عقاري″.

وفي مصر فإن أساس الحق في إبداء الدفوع المختلفة بذاته لم يتضمنه تشريع الإجراءات الجنائية المصري صراحة بقدر ما تضمنه قانون المرافعات٬ وذلك لإختلاف ذاتية القانونين واعتبار أن المدعي في قانون المرافعات عندما يلجأ إلى القضاء يتعين عليه أن يتخذ الإجراءات الشكلية الصحيحة التي نص عليها قانون المرافعات٬ إذ يتعين عليه أن يستند إلى حق٬ وأن تكون له دعوى٬ أي أن يكون المشرع قد أجاز له الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق الذي يدعيه. فإذا لم تستكمل هذه الشروط فللمدعي عليه أن يجيب على ما يدعيه خصمه بدفع لا يتصور إن وجد إلا لخصومة فيكون شكليا، أو لأصل الحق الذي يدعيه خصمه فيكون موضوعيا٬ أو للدعوى فيكون دفعا بعدم القبول. ومن هنا كان النص في قانون المرافعات صراحة على الدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول . فجاء في نص المادة 108 على أن ″الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلى المحكمة الأخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو الارتباط. والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها…″.

ونصت المادة 76 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه׃

″ 1ـ في حالة الإدانة تنظر الدائرة الابتدائية في توقيع الحكم المناسب وتضع في الحسبان الأدلة والدفوع المقدمة في أثناء المحاكمة ذات الصلة بالحكم.

2 ـ باستثناء الحالات التي تنطبق عليها المادة 65 وقبل إتمام المحاكمة يجوز للدائرة الابتدائية بمبادرة منها، أو بناءا على طلب المدعي العام أو المتهم أن تعقد جلسة أخرى للنظر في أية أدلة أو دفوع إضافية بالحكم وفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات[25].

وإذا نظرنا للأساس التشريعي للطلبات والدفوع في النظام الأنجلوسكسوني- سوف نجد ׃

الاعتراضobjection ٬ والدفوع demeurer٬ والاحتفاظ بحق الطعن في القرار برفض الاعتراض أو الدفع[26] .

والاعتراض هو ما يبدى في طلب لاستبعاد البيانات غير السليمة عند تقديمها، والتي تخالف قواعد البيانات المعمول بها. ومهمة هذا الاعتراض هي إبداء وجود نقطة نزاع قانونية حول البيانات المقدمة وتقديم أسباب تلك المنازعة. ويقابل ذلك التعبير والذي يستخدم بالنسبة لمخالفة قواعد البيانات تعبيرdemeurer٬ الذي يعمل به عند مخالفة قواعد القانون الموضوعية ويبدى في مراحل متعددة في المحاكمة. كما توجد دفوع أخرى متعددة تبدى عند نهاية المحاكمة، كالدفع بوقف الحكم والدفع بإعادة المحاكمة motion foraneur trial  .وفي بعض الولايات الأمريكية[27] يمكن إثارة هذه الدفوع في أي وقت بين قرار الإدانة وتوقيع العقوبة على ألا يتأخر عن ذلك. والدفع بإعادة المحاكمة يرمي إلى لفت نظر المحكمة إلى الأخطاء التي ارتكبت في المحاكمة، أو إلى بعض البيانات الجديدة المكتشفة والتي لم تكن في المتناول، ويمكن للمحكمة عن طريق هذا الدفع تصحيح الأخطاء بدون تعرض المتهم للمصاريف والتأخير ومتاعب الاستئناف. ويجب أن يبدى الاعتراض على البيانات بمجرد العلم بتوافر أسبابه أو إمكانية العلم به، إلا إذا كان هناك سبب يدعو لتأجيله.[28]

هذا وقد أرجع بعض الفقه[29] أساس التزام المحكمة بالرد على الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية إلى مبدأين هامين׃

أ׃ التزام المحكمة بعرض دفاع الخصوم ومستنداتهم والرد عليها.

       ب׃ مبدأ قاضي الدعوى هو قاضي الدفع، أو بعبارة أخرى أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع[30].

وإذا كان المبدأ الأول يرتبط بضمانات تسبيب الأحكام الجنائية وأهميتها سواء بالنسبة لمصلحة الخصوم أم بالنسبة للمصلحة العامة وضمان تطبيق القانون، فإن المبدأ الثاني يقوم على اعتبارات عملية تتمثل من ناحية في فعالية الحكم الجنائي التي تتحقق بسرعة الفصل في الجريمة المقامة عنها الدعوى الجنائية، ومن ناحية أخرى وهي غاية القانون بصفة عامة والقانون الجنائي بصفة خاصة تحقيق العدالة التي لا تتأتى إلا بالسماح للمحكمة الجنائية بفحص وتقدير كل عناصر الحكم الصادر عنها وبصفة عامة ما يبديه المتهم من دفوع جوهرية يترتب عليها تقويض البنيان القانوني للجريمة[31].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإحالات:

[1] – Morel (René – ( traité élémentaire de le procédure civile . Paris 1949. p 49-50. Glasson: E précis de procédure civile .1éd 1972. n 229.p:520

[2] – عبد المنعم الشرقاوي – مذكرات في قانون المرادفات المدنية والتجارية ، دار النشر للجماعات المصرية، طبعة1949- رقم 62، ص 90 وما بعدها

[3] – أحمد مسلم ׃ أصول المرافعات،التنظيم القضائي و الإجراءات والأحكام في المواد المدنية والتجارية والشخصية ، دار الفكر العربي بالقاهرة طبعة1969/1970.رقم223،ص235.

[4] –  أحمد السيد صاوي׃ الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، طبعة 1988 رقم 158ص 241.

– أحمد أبو الوفا ׃ نظرية الدفوع في قانون المرافعات ، منشـة المعارف الإسكندرية، طبعة 1980،ص 112 وما بعدها .

[5] –  محمد عل سويلم، نظرية دفع المسؤولية الجنائية، منشأة المعارف ،الإسكندرية 2007 ، ص: 10 و11، أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات، منشأة المعارف بالإسكندرية 1990، الطبعة السادسة، ص:465 وما بعدها.

[6] – عبد الحكيم فودة- الدفوع  والدفوعات في المواد المدنية والجنائية في ضوء الفقه وقضاء النقض – دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية، 1987 ص7. وهذه هي الدفوع الشكلية أما وسائل الدفاع المتعلقة بأصل الحق مثل إنكار وجوده أو الزعم بانقضائه فهي ما تعرف بالدفوع الموضوعية وتوجد بالإضافة إلى ذلك في قانون المرافعات –ما يسمى بالدفع بعدم القبول، وتجب الإشارة إلى أن ما يجوز طلبه بطريق الدعوى يجوز نفيه بطريق الدفع- انظر أحمد أبو الوفا، مرجع سابق، ص12.

[7] –  فتحي الوالي- تنظيم القضاء المدني – دار النهضة  العربية، طبعة 1980، ص 532.

Morel( René):Op.cit, n° 48.p

[8] –  نقض مدني ،جلسة 28 نوفبر1984 مجموعة أحكام النقض المدني، ص: 1965، ونقض مدني جلسة 17 ابريل 1987، مجموعة أحكام النـقض المدني، ص 890 ،مشار إليها في كتاب الدكتور مدحت محمد سعد الدين، نظرية الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية، طبعة 2003، ص: 20 الهامش .

[9] – يجب الإشارة إلى الفرق بين الدفوع القانونية وأوجه الدفاع فهذه الأخيرة تمثل كل ما يفيد سندا لازما وضروريا لطلب أو لدفع مقدم من أحد الخصوم في الدعوى. وأوجه الدفاع الموضوعية لا حصر لها وتختلف من دعوى إلى أخرى، وتدور كلها حول عدم ثبوت الوقعة، أوعد صحتها٬ أو عدم صحة إسنادها للمتهم٬ و قد تدور حول عدم أهميتها إذ أريد بها التأثير في تقدير العقوبة فحسب.

و الدفوع القانونية التي تستند إلى نصوص خاصة في القانون ٬ تلحق بالدفوع الموضوعية  ما دامت تقتضي تحقيق في موضوع الدعوى، و ينبغي الدفع بها أمام الموضوع٬ و على المحكمة أن تعرض لها في حكمها قولا=

= أو رفضا بأسباب سائغة لها أصلها من الأوراق٬ وسندها من ظروف الدفوع .انظر عدلي خليل -الدفوع الجوهرية في المواد الجنائية ـ دار الكتب القانونية مصر ـ المجلة الكبرى 200. ص: 7.

-[10] أحمد علي الكيك، أصول تسبيب الأحكام الجنائية، دار المطبوعات الجامعية، 1986، الطبعة الثانية، ص: 163.

[11] – رؤوف عبيد، المشكلات العملية في قانون الإجراءات الجنائية، دار الفكر العربي، طبعة 1979، ص: 508.

[12] ـ مأمون سلامة، قانون الإجراءات الجنائية معلقا عليه بالفقه وأحكام النقض، دار الفكر العربية، ،طبعة 1980، ص:931.

[13] ـ نجيب حسبي، شرح قانون الإجراءات، دار النهضة العربية، طبعة 1988، ص:931. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، طبعة 1980، ص: 1090.

[14] ـ رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، دار الفكر العربي، 1985، الطبعة 7، رقم 1، ص:11 وما بعدها.

[15] ـ مأمون محمد سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار النهضة العربية القاهرة، طبعة 2001، الجزء الثاني، ص 312.

[16] –  حسن الجندي :وسائل الدفاع أمام القضاء الجنائي ( الدفوع والطلبات والطعن بالتزوير)، دراسة فقهية مقارنة، دار النهضة العربية، 1988، الطبعة الأولى، ص:69.

30 أحمد فتحي سرور: مرجح سابق، الطبعة الرابعة، 1981، رقم: 65، ص: 1124 وما بعدها. حسن صادق المرصفاوي: أصول الإجراءات الجنائية، منشاة المعارف بالإسكندرية، مطبعة نادي القضاة 2003، رقم:298، ص: 770. عبد الرؤوف مهدي سراج: القواعد العامة للإجراءات الجنائية، مطبعة نادي القضاة 2003، رقم: 992، ص: 1418 وما بعدها. فوزية عبد الستار، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، طبعة 1986، رقم:559، ص:645 وما بعدها. محمود نجيب حسني: مرجع سابق، رقم:1027، ص: 931 وما بعدها.

[18] – Perrot: doit judiciaire privé,1- 1961, n°223, p :198.

[19] – نجيب حسني، مرجع سابق، ص:41.

[20] – مدحت محمد سعد الدين، نظرية الدفع في قانون الإجراءات الجنائية،الإسكندرية،الطبعة الثانية 2003، ص:53.

[21] – نفسه٬ ص: 59.

[22] – عزمي عبد الفتاح ׃ نحو نظرية عامة لفكرة الدعوى أمام القضاء المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، ،طيعة 1990، ص:127.

[23] – يعتبر مبدأ” كفالة حق الدفاع ” الأساس القانوني السليم لفكرة إبداء الدفوع والطلبات . ويتفرع هذا المبدأ عن “قرينة البراءة” والتي تفترض أن الأصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته، ولقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 عليه في المادة التاسعة منه، وكذلك أكد هذا المبدأ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 بإجماع الآراء في المادة 14. كما نصت عليه كذلك الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية سنة 1950(المادة6)׃

– J.Velu etrergec; la convention européenne des droits de l’homme, Rome 1950. p10 Bruxelles 1990 p.41.

وقبلها المادة 14 في فقرتها التالية من قانون 16-24 أغسطس 1790 الصادر في فرنسا عقب الثورة التي نصت على انه:” لكل مواطن الحق في أن يدافع عن دعواه بنفسه” وكذلك القاعدة القديمة التي أقرتها المادة الثانية من دستور فريكتيردور من السنة الثالثة للثورة إلى مصاف الحقوق الدستورية للمواطن قائلا:” لا يمكن أن يحكم على الإنسان بغير سماع أقواله أو بغير إعلان هذا الحكم وفق القانون”

-Fustin; “traite de l’instruction criminelle”, paris, 1967, p: 383.

هذا وقد أكده مشروع حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي الذي وضعه مؤتمر الخبراء العرب المنعقد في المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية في سيراكوز عام 1985 إذ نص في المادة 5/2  على أن ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي صادر من محكمة مختصة” كما عرفه الفقهاء الإسلاميين إذ قرروا قاعدة الأصل”  براءة الذمة”  وطبقوها في المجال الجنائي، انظر: محمد سليم عوا- مقال بمركز الدراسات الأمنية بالرياض ” المتهم وحقوقه في الشريعة الإسلامية”  عام 1982 جزء أول ص: 253. ولهذا حق القول بان حماية الحرية الشخصية وما يتصل بها من حقوق الإنسان الأخرى التي تتطلبها المحاكمة  القانونية هي الأساس القانوني لقرينة البراءة، احمد فتحي سرور- الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان  في الإجراءات الجنائية دار النهضة العربية طبعة، 1993 ص:170.

 

 

[24] – محمد إبراهيم زيد وعبد الفتاح الصيفي، قانون الإجراءات الجنائية الايطالي الجديد، دار النهضة العربية، ،طبعة 1990، ص:319.

[25] – محمود شريف بسيوني׃ المحكمة الجنائية الدولية مطبعة نادي القضاة 2001، ص:431 وأيضا لنفس المؤلف الانتماء في المواد الجنائية ،دراسة تأصيلية تحليلية وتطبيقية مقارنة- دار المطبوعات الجامعية- ط 2005.ص 120

[26] – حسن محمد علوب ” استعانة المتهم بمحام، أطروحة الدكتوراه، جامعة القاهرة عام 1970، ص 350.

[27] – أكثر أنواع الدفوع شيوعا في نطاق الإجراءات الجنائية في الولايات الأمريكية هو الدفع من المتهم بأنه غير مذنب لأسباب مثل الاختلال العقلي، أو أن يكون قد تمت محاكمته لنفس التهمة في وقت سابق، والدفع بعدم ارتكاب الجريمة. وإذا دفع المتهم بأنه غير مذنب، فان القاضي سوف يحدد ميعادا للمحاكمة، وإذا كان الدفع بأنه مذنب= =يمكن أن يحكم على المدعي عليه على الفور أو في تاريخ لاحق يحدده القاضي. ويطبق في نظام التقاضي في الولايات المتحدة الأمريكية ما يعرف بإمكانية التوصل إلى صفقة بخصوص الدفع، وتتخذ هذه الصفقة ثلاثة أنواع من الاتفاقات׃

1- تخفيف التهمة: أكثر أشكال الاتفاق الذي يحدث بين المدعي عليه هو تحفيف التهمة إلى أخرى أقل خطورة، ومن ثم  يكون من الأرجح أن يحصل حكم أخف.

2- إسقاط تهم حقيقية : والشكل الثاني من أشكال صفقات الدفع هو موافقة وكيل النيابة المركزي على أن يسقط تهما أخرى بعلمه ضد شخص، كإسقاط تهمة التزوير مقابل الدفع بالذنب بارتكاب التهمة الأخف…… وهناك طريقة أخرى كهذا النوع من صفاقات الدفع هو الاتفاق الذي يتم فيه دمج الاتهامات الموزعة في محاكم متعددة في محكمة واحدة  حتى يمكن سريان الأحكام في وقت واحد.

3-  والشكل الثالث والأخير من صفقات الدفع ׃ يتعلق بدفع المدعي عليه بأنه مذنب مقابل موافقة المدعي العام أن يسأل القاضي حكما مخففا، والمدعي العام في هذه الحالة لا يمكنه أكثر من مجرد تقديم توصية غير ملزمة للمحكمة فيما يتعلق بالحكم، وقد تستجيب المحكمة إليها أو لا تستجيب.

ـ انظر روبرت.أ. كارب، رونالد ستيدهام׃ الإجراءات القضائية في أمريكا ،الطبعة الإنجليزية الثانية، ترجمة، د. علا أبو زيد، طبعة 1997، ص:206 وما بعدها.

[28] عبد الفتاح صيفي ومحمد ابراهيم زيد، شرح قانون الإجراءات الإيطالي الجديد، دار النهضة العربية، طبعة 1990،  ص14 ومابعدها.

[29] – أحمد أبو الوفا –مرجع سابق، ص 254، أحمد فتحي سرور׃ النقض في المواد الجنائية دار النهضة العربية، طبعة 1997، ص 272 وما بعدها ، محمود نجيب حسني ، مرجع سابق رقم 161 ص 931 وما بعدها. رؤوف عبيد ׃ ضوابط تسبيب الأحكام وأوامر التصرف في التحقيق، دار الفكر العربي 1977 الطبعة 2. ص 165 وما بعدها. أحمد مليحي׃ التعليق على قانون المرافعات بآراء الفقه وأحكام النقض، 2005 الجزء الثالث، الطبعة الرابعة، ص 848.

–  Garrand:Précis de droit criminel;1921.no.351.p727 et 724.

[30] – Stefani, levasseur et Bouloc: procédure pénale. 16ed Dalloz 1996, p :434.

– عبد العظيم وزير׃ الشروط المفترضة في الجريمة، دار النهضة العربية، 1983، رقم:125، ص:316 وما بعدها.

[31] – عبد القادر قهوجي-  الدفع بالمسألة العارضة، دار الجامعة الجديدة ، طبعة 1986 ص 1.