قراءة تحليلية  للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالصلح الجنائي

26 يوليو 2020
قراءة تحليلية  للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالصلح الجنائي

قراءة تحليلية  للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالصلح الجنائي

تبنى المشرع المغربي نظام الصلح الجنائي في قانون المسطرة الجنائية[1] منذ سنة 2002 ضمن آليات الجديدة لمكافحة الجريمة وحماية الضحايا، وانسجاما مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي تحث على إصلاح ذات البين حيث ورد الصلح في العديد من  الآيات القرآنية وفي السنة النبوية فقد جاء في سورة الحجرات الآية 10 “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”

ومنه تبرز أهمية الصلح الجنائي في إقرار العدالة التصالحية و التسامح في بين أفراد المجتمع كما أكدت  ديباجة قانون المسطرة الجنائية  على أن “… التشريع الجنائي الدولي الحديث يولي اهتماماً كبيراً لضحايا الجرائم الذين تم تجاهلهم و إقصائهم في وقت يتنامى فيه الاهتمام بالجناة. ولذلك فإن من أسباب الاطمئنان إلى العدالة الجنائية تمكن الضحايا من الوصول إلى

حقوقهم عبر تسوية حبية دون اللجوء إلى حكم قضائي، علماً أن من أسباب استقرار الأمن واستتباب الطمأنينة بالمجتمع تحقيق تصالح بين طرفي الخصومة المباشرين. وهو ما يؤدي إلى رأب الصدع وجبر الضرر والقضاء على الفتن والاضطرابات والحد من النزعات الانتقامية لدى الضحايا. وهذا التدبير أحدث حلاً وسطاً بين قراري الحفظ والمتابعة اللذين تملكهما النيابة العامة إذ سيمكن من تجنب متابعة المتهم وفي نفس الوقت يقدم حلاً للضحية بالحفاظ على حقوقه ويصون حقوق المجتمع.

ويهم هذا التدبير جنحاً محددة على سبيل الحصر تتسم  بكونها لا تعتبر خطيرة على النظام العام ويقتصر ضررها الظاهر على أطرافها الذين يعتبر رضاهم ضرورياً لتحقيق المصالحة.

وقد قيد هذا التدبير بمراقبة القضاء الذي له أن يتأكد من وقوعه بحضور الأطراف ودفاعهم قبل إقراره بأمر قضائي يصدره رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه.. ”

ومنه تبرز أهمية الصلح الجنائي كبديل من بدائل الدعوى العمومية إذن إنطلاقا مما سبق ذكره سنحاول توضيح مفهوم الصلح الجنائي وكذا مسطرة اللجوء إليه من طرف الأطراف المعنية  على ضوء المادة 41 [2] من قانون المسطرة الجنائية الحالي.

ومن أجل ذلك سنقوم بتقسيم هذه الدراسة إلى مطلبين :

المطلب الأول: مفهوم الصلح الجنائي وأطرافه .

المطلب الثاني: مسطرة الصلح الجنائي ومراحلها .

المطلب الأول: مفهوم الصلح الجنائي وأطرافه :

من المسلم به أن هناك أسباب عامة لانقضاء الدعوى العمومية، وهذه الأسباب تتعلق بالتقادم والعفو الخاص و وموت المتهم والعفو العام، إلى غير ذلك، كما أن جميع القانون الجنائية الإجرائية تتفق عليها.

أما الصلح فهو سبب خاص لانقضاء الدعوى العمومية أخذت به بعض التشريعات الجنائية  ولم تأخذ به أخرى، وهو نظام قديم متجدد[3]، حظي باهتمام المؤثرات و المواثيق الدولية [4]ويترتب عليه انقضاء الدعوى العمومية وكل ما يترتب عليها من آثار.  ولذلك فإننا سنحاول بداية ومن خلال هذا المطلب، تعريف الصلح الجنائي (الفقرة الأولى) لندرج بعد ذلك للتطرق إلى مراحله(الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى :تعريف الصلح الجنائي :

المشرع المغربي وعلى غرار المشرع الفرنسي لم يعرف الصلح الجنائي في قانون المسطرة الجنائية، وبإطلاعنا على مشروع القانون المتمم والمعدل ل ق. م. ج رقم18.01  ، نص في المادة 41 الفقرة الأولى على أنه ” يعتبر الصلح بديلا عن الدعوى العمومية إذا توفرت شروط إقامتها. ولا يمس بقرينة البراءة”

إذن يلاحظ أن المشرع حاول إعطاء تعريف للصلح حيث إعتبره من بدائل الدعوى العمومية، وحسب رأينا فليس من الضروري أن يعرف الصلح من طرف المشرع مادام وضع شروطه المسطرية وكيفية اللجوء إليه وآثاره.

وعليه ومما سبق يمكن القول أن الصلح الجنائي هو إتفاق بين الجاني والمجني عليه تحت رقابة القضاء يتمثل في دفع مبلغ من المال للدولة أو تعويض المجني عليه أو قبول تدابير أخرى مقابل انقضاء الدعوى العمومية وبالتالي القضاء الفوري على آثار الجريمة مع الحفاظ على العلاقات

والوضعيات التي كانت قائمة قبل ارتكاب الفعل وجبر الضرر والقضاء على الفتن والإضطرابات والحد من النزعة الانتقامية لدى الضحية.

الفقرة الثانية : أطراف الصلح الجنائي :

إلى جانب النيابة العامة كجهة مشرفة على مسطرة الصلح هناك طرفين رئيسيين المشتكى به و المتضرر وإن كان هذا الآخر يمكن أن نتصور إجراء الصلح بدونه.

أولا :المشتكى به:

يقصد به المشتكى به ذلك الشخص الذي تسبب بفعله في الإضرار بغيره على النحو الذي ينسجم مع مقتضيات القانون الجنائي،

و لقد استعمل المشرع المغربي في المادة 41 من ق.م.ج لفظة ”المشتكى به“ و ذلك للدلالة على الفاعل،أي مرتكب الفعل الجرمي، و بالتالي فإن هذا الأمر يتماشى مع وضع الماثل أمام النيابة العامة في هذه المرحلة ،و هو الطرف الذي قد يكون طرفا سلبيا في الدعوى العمومية في الحالة التي تقوم فيها هذه األخيرة بتحريكها،و يصبح الشخص مشتكى به بمجرد توصل أجهزة العدالة الجنائية

بشكاية أو وشاية في حقه.تقديم الشكاية والوشاية يكون أمام النيابة العامة أو الشرطة القضائية.

و يشترط في المشتكى به ما يلي:

– أن يكون الفعل الجرمي ثابتا في حقه وذلك بمختلف وسائل الإثبات المتعارف عليها في الميدان الجنائي طبقا للمادة [5]286 ق.م.ج ومن ذلك اعتراف المشبوه فيه بالفعل المنسوب إليه في محضر الشرطة  القضائية والذي يؤخذ بحجيته طبقا لما جاءت به المادة 290[6] ق.م.ج،أو شهادة مصرح المحضر أو محاضر المعاينة الميدانية الثبوتية وإلى غير ذلك من وسائل الإثبات .

– أن يكون المشتكى به حاضرا و ذلك بشكل إلزامي،على عكس المتضرر الذي يمكن أن يعفي نفسه من الحضور متى تقدم بتنازل مكتوب في الملف ،أو في الحالة التي ال يوجد فيها متضرر مباشر من الفعل الجرمي الذي قام به المشبوه فيه.

– أن يكون راضيا على التصالح مع المتضرر، كما جاء في المادة 41 ما يدل على ذلك، حيث يستوجب أن يُضمن ما اتفقا عليه في المحضر الذي يتم انجازه من قبل النيابة العامة وكذا في الأمر القضائي.

   ثانيا :المتضرر :

المتضرر هو الشخص الذي يلحقه ضرر من جراء الفعل الذي قام به المشبوه فيه،و المراد بالمتضرر في هذه المادة المتضرر من جرائم النتيجة،و يكفي اعتبار الشخص متضررا أن يتم الإشارة إليه في محضر الضابطة القضائية كضحية ،لكن قد يتساءل البعض حول ضرورة وجود ضحية للقيام بالإصلاح في إطار المادة 41،أي أن هناك مجموعة من الجرائم التي تستجيب للشروط المنصوص عليها في الفصل 41، لكن لا يترتب عنها مساس بشخص معين حتى يتسنى لنا الحديث عن مفهوم الضحية.

هنا لا بد من الإشارة إلى أن المادة 41 من ق.م.ج شملت كذلك الجرائم. التي لا يوجد فيها ضحية مباشر، مثل جنحة التجاهر بالإفطار[7] في شهر رمضان من طرف مسلم- وذلك واضح من خالل الفقرة السادسة التي ورد فيها”… و في حالة عدم وجود مشتكي..”

إذن المتضرر كطرف فالصلح ليس ضروريا دائما سلوك هذه المسطرة وهذا كما سبق ذكره راجع إلى أن المشرع أجاز الصلح حتى في الجرائم التي لا يظهر فيها متضرر، لكن هذا بشرط توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 41 من ق. م. ج.

وعلى العموم يُشترط في المتضرر أساسا أن يكون راضيا على هذا الصلح الذي سيجريه مع المشتكى به.

المطلب الثاني : مسطرة الصلح الجنائي ومراحلها:

 لقد وضع المشرع المغربي مجموعة مسطرة خاصة يجب إتباعها  وفاء منه لمبدأ الشرعية الإجرائية .، بالإضافة إلى تسلسل مرحلي يحكمها، وهذا ما سنتطرق إليه بالعرض بداية لشروط مسطرة الصلح الجنائي (الفقرة الأولى) ومراحل مسطرة الصلح الجنائي (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: شروط مسطرة الصلح الجنائي :
   أولا : الشروط الموضوعية :

1 – أن تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو  بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم.

و هذا الشرط يقوم دليالا على كون الصلح كتقنية اجرائية لتحقيق العدالة الجنائية بين الأفراد لكونه ينصب فقط على الأفعال الجرمية المجمع على عدم خطورتها و نسبية آثارها وإمكانية

إعادة تأهيل مرتكبيها بسرعة و سهولة داخل الوسط المجتمعي، أما بالنسبة للجرائم التي تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية فيها هذه المدة أو تفوق الغرامة المبلغ المنصوص عليه أعلاه، فإنها

تظل محتفظة بطابعها الزجري الخطير الذي لا يتأتى إقامة الصلح بشأنها  و لو في حالة احتمال تنازل الضحايا أو الأطراف المشتكية فتظل الدعوى العمومية قائمة.

2 -أن يكون الفعل الجرمي موضوع مسطرة الصلح ثابتا في حق المشتكى به او المشتبه فيه بوسائل الإثبات المتعارف عليها في الميدان الجنائي طبقا للمادة 286 من ق.م.ج. كاعتراف الطنين المضمن بمحضر الشرطة القضائية أو غيره.

3 -ضرورة توافر رضا الأطراف  على الصلح والموافقة المبدئية لمؤسسة النيابة العامة في شخص وكيل الملك على أطوار الصلح ومضمونه ما لم يتنازل الطرفان أو احدهما عن ذلك مع

تضمين الاتفاق الودي المتضمن للصلح و تفاصيله في محضر قانوني.

4 – تذييل  محضر الصلح بالموافقة النهائية لرئيس المحكمة ، حيث يحيل وكيل الملك عليه أو من ينوب عنه محضر الصلح للمصادقة عليه بحضور ممثل النيابة العامة و المعني بالأمر أو دفاعه بغرفة المشورة ، و من هنا يتضح أن دور النيابة العامة في عملية الصلح لا يتجاوز  الاقتراح و التوفيق و الوساطة في حين أن سلطة التصديق الفعلي على المحضر تبقى بيد رئيس المحكمة بمقتضى أمر قضائي غير قابل  للطعن.

هذا الشرط أي الموافقة النهائية للرئيس المحكمة، أبان عن عدم نجاعته لكونه فقط يؤدي إلى بطئ مسطرة الصلح، وقد تراجع المشرع عنه في مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 18.01 وترك للنيابة العامة في شخص وكيل الملك التصديق على محضر الصلح بالتوقيع إلى جانب الأطراف وذلك في المادة 41-1 منه.

ثانيا: الشروط الإجرائية

لا يكفي لصحة اللجوء لمسطرة الصلح مجرد توافر شروط موضوعية حسبما هو مستعرض أعلاه بل يتعين أيضا احترام مجموعة من الشكليات الإجرائية يبقى أهمها تحرير محضر قانوني للصلح من طرف وكيل الملك بحضور طرفي الخصومة و كذا دفاعهم. ما لم يتنازلا أو يتنازل احدهما عن هذه ذلك و يتعين أن يشتمل هذا المحضر ما يلي :

1 -تسطير مضمون اتفاق الطرفين بخصوص أطوار الصلح و تفاصيله.

2 -تذييل المحضر بتوقيع السيد وكيل الملك و أطراف الصلح امع  مع الإشارة إلى إشعار هؤلاء و كذا دفاعهم بتاريخ الجلسة و بموعد انعقادها. وفي حالة تخلف المتضرر أمام وكيل الملك وثبت من خلال مستندات الملف وجود تنازل مكتوب فإن محضر الصلح يجب أن يتضمن مقترحا كتابيا بأداء المشتكى به و المشتبه فيه صلحا يتمثل في سداد نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصالح الضرر الناتج عن أفعاله.

3 -إحالة محضر الصلح على السيد رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بغية التصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والأطراف ودفاعهم بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن.

و يتعين أن يتضمن المحضر المذكور مجموعة من البيانات الشكلية الرئيسة:

أ- سداد غرامة مالية لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا.

و يتعين أن يراعى في تحديد مقدار الغرامة خطورة الفعل الجرمي المرتكب و مدى يسر أوعسر الذمة المالية للطرف المجبر على الأداء .

ب- تحديد  لتنفيذ الصلح .

ومن الآثار المترتبة عن مسطرة الصلح في حالة استيفائها لشروطها القانونية وشكلياتها النظامية كونها توقف إقامة الدعوى العمومية غير أن ذلك لا يمنع بأي حال من الأحوال وكيل الملك من إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح و في حالة عدم تنفيذ الإلتزامات  التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل اجل محدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ما لم تكون هذه الأخيرة قد تقادمت، و يشعر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وكيل الملك فورا بالأمر الصادر عنه و يتأكد هذا الأخير من تنفيذ الإلتزامات التي صادق عليها من قبل الأطراف .

الفقرة الثانية: مراحل مسطرة الصلح الجنائي :

تشمل مسطرة الصلح على مرحلتين( أولا ) مرحلة النيابة العامة (وثانيا )مرحلة المصادقة

القضائية.

أولا: مرحلة النيابة العامة:

تعتبر النيابة العامة هي الجهاز الذي يتلقى طلبات الصلح، و تنطلق هذه المسطرة بطلب الأطراف  أو باقتراح منها في الحالة التي لا يظهر مشتكي من الجريمة، أي الطرف المتضرر.

1-طلب محضر الصلح:

جاء في المادة 41 من ق.م.ج أنه “يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبساً أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5.000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر.” و هذا يفيد أن مسطرة الصلح في إطار المادة 41 ق.م.ج تنطلق عن طريق تقديم طلب من طرف الأطراف و يشترط لقبول هذا الطلب أن يتم قبل إقامة الدعوى العمومية وليس بعد قيامها كما ورد في مطلع  المادة 41 من ق.م.ج.

2-تضمين الصلح:

بعد تقديم الأطراف أو أحدهما الطلب إلى النيابة العامة تنظر هذه الأخيرة في الطلب،حيث يختار بعد  ذلك و كيل الملك إما الاستجابة للطلب و فتح مسطرة الصلح أو رفض القيام بذلك.

و تتلخص المهام المنوطة بوكيل الملك على مستوى هذه المسطرة التصالحية في القيام بتحرير

محضر الصلح الذي يتضمن ما اتفق عليه الطرفان بعد موافقته على طلب الأطراف ،ثم بعد ذلك

يشعر الطرفان أو دفاعهم بتاريخ انعقاد جلسة غرفة المشورة،و أخيرا يوقع وكيل الملك إلى جانب الأطراف على المحضر الذي تم تحريره. ثم إحالته على رئيس المحكمة للمصادقة عليه.[8]

ثانيا: مرحلة المصادقة القضائية:

جاء في المادة 41 من ق. م. ج أنه”… يحيل وكيل الملك المحضر على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والمعني بالأمر أو دفاعه، بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن[9].

إذن فهذه  المرحلة ذات صبغة  قضائية   تتميز بتدخل القضاء الجالس في مسطرة الصلح الزجري وذلك من خلال غرفة المشورة.

فالأصل أن رئيس المحكمة  يبت في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصه بشكل فردي، لكن في  الحالة التي يقوم فيها بالمصادقة على الصلح يقوم بذلك بحضور النيابة العامة،و المغزى من حضور النيابة العامة في جلسة غرفة المشورة هو مساعدة رئيس المحكمة على وضع تصور  لفحوى النزاع.

و هكذا تتجلى الغاية المنشودة من المصادقة على محضر الصلح هي إعطاء هذا المحضر الحجية  الكافية عليه و كذا التأكد من سالمة مسطرة الصلح شكال و موضوعا.

كما انه إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب

صادر عنه أو في حالة عدم وجود مشتك يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو بالمشتبه به صلحا يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصالح الضرر الناتج

عن أفعاله، وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك محضرا يتضمن ما تم الاتفاق عليه وإشعار المعني بالأمر أو دفاعه بتاريخ جلسة غرفة المشورة ويوقع وكيل الملك والمعني بالأمر على المحضر ويحيل وكيل الملك على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والمعني بالأمر أو دفاعه ، بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن.

وتوقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه في الحالتين

المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية،  ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ الإلتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد و ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت ويشعر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وكيل الملك فورا بالأمر الصادر عنه.  ويتأكد وكيل الملك من تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها الرئيس. وبذلك يتبين أنه يشترط  لمصادقة رئيس المحكمة على الصلح أن يحال عليه هذا المحضر من قبل وكيل الملك،و الوقوف  على أقوال الطرفين و التأكد من اعتراف المشتكى به بما نسب إليه،و كذا التأكد من التكييف القانوني  للفعل و انسجامه مع الجنح التي أجاز المشرع الصلح فيها.

إلا أن هذه المرحلة  كما سبقت الإشارة إلى  سيتخلى عنها  المشرع  بعد التعديل المنتظر لقانون المسطرة الجنائية.

خاتمة

أخيراً وبعدا هذا التحليل المستفيض للمادة 41 من ق. م. ج المتعلقة بالصح الجنائي نخلص إلى مجموعة من الملاحظات والمقترحات :

*ملاحظات؛

1-الصلح ألية مهمة للحد من النزاعات بين الخصوم وزرع روح التسامح في المجتمع.

2- للصلح دور مهم في التخفيف على القضاء من كثرة الملفات التي تعرقل عمل المحاكم وتأثر على البث في أجل معقول  مما يكون معه من الجيد فض هذه النزاعات البسيط أمام النيابة العامة ودون سلوك مسطرة الدعوى العمومية.

3-تلعب آلية الصلح الجنائي دور مهم كذلك في التخفيف من أزمة اكتظاظ السجون وما لها من أثر على عرقلة تأهيل المحكوم عليهم بعقوبات حبسية طويلة المدة.

4-إقرار العدالة التصالحية خطوة  تحسب للمشاريع الجنائي المغربي. لكن يجب توسيعها لتشمل جرائم أخرى غير المنصوص عليها في المادة 41.

*إقتراحات:

1- على المشرع المغربي الإسراع في المصادقة على مشروع القانون المتمم والمعدل لقانون المسطرة رقم 18.01. لما فيه. من تعزيز وتوسيع دائرة الجرائم التي يجوز فيها الصلح.[10]

2-إلغاء مسطرة التصديق على الصلح من طرف رئيس الحكومة الإبتدائية، لما فيه من إبطاء لمسطرة الصلح.

3-حصر الجرائم التي يجوز فيها سلوك مسطرة الصلح.

4- إشراك المساعدين الاجتماعيين في الصلح خصوصا في النزاعات العائلية نظرا لطبيعة تكوين هذه الفئة الذي سيساعدك لا محال في توافق أطراف الصلح.

المراجع المعتمدة:

*وزارة العدل، “شرح قانون المسطرة الجنائية”، الجزء الأول، السلطات المختصة في التحري عن الجرائم، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوة والأيام الدراسية، مطبعة الفضيلة ،الطبعة الأولى، العدد 2، 2004.

*محمد الشامي ” دور النيابة العامة من خلال القانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، رسالة التدريب، فوج الملحقين القضائية 32،المعهد العالي للقضاء، 2004-2002،.

*محمد عبد النباوي، الصلح دور إنساني و إجتماعي جديد للنيابة العامة، عرض ألقي بندة الطرق البديلة لفض لتسوية المنازعات التي نظمت بتعاون مع وزارة العدل و شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق فاس و هيئة المحامين بفاس أبريل 2003.

*مديرية  الدراسات والتعاون والتحديث، وزارة العدل المملكة المغربية ” الصلح الجزري دراسة للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية الجنائية الجديد”  إعداد قسم الدراسات والتشريع، وزارة العدل المغرب. مقتبس من الموقع الإلكتروني: https://www.justice.gov.ma

 

         إنتهى بعون الله

في يوم 10 أبريل 2020

                 مراكش

الإحالات

[1]– ظهير شريف رقم 1.02.255، صادر في 25 من رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية

[2]-المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية :

يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبساً أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5.000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر.

في حالة موافقة وكيل الملك وتراضي الطرفين على الصلح، يحرر وكيل الملك محضراً بحضورها وحضور دفاعهما، ما لم يتنازلا أو يتنازل أحدهما عن ذلك، ويتضمن هذا المحضر ما اتفق عليه الطرفان.

يتضمن المحضر كذلك إشعار وكيل الملك للطرفين أو لدفاعهما بتاريخ جلسة غرفة المشورة، ويوقعه وكيل الملك والطرفان.

يحيل وكيل الملك محضر الصلح على رئيس المحكمة الابتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والطرفين أو دفاعهما بغرفة المشورة، بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن.

يتضمن الأمر القضائي ما اتفق عليه الطرفان، وعند الاقتضاء ما يلي:

– أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانوناً؛

– تحديد أجل لتنفيذ الصلح.

إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك، وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه، أو في حالة عدم وجود مشتك، يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو المشتبه فيه صلحاً يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله، وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك محضراً يتضمن ما تم الاتفاق عليه وإشعار المعني بالأمر أو دفاعه بتاريخ جلسة غرفة المشورة، ويوقع وكيل الملك و المعني بالأمر على المحضر.

يحيل وكيل الملك المحضر على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والمعني بالأمر أو دفاعه، بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن.

توقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت.

يشعر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وكيل الملك فوراً بالأمر الصادر عنه.

يتأكد وكيل الملك من تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها الرئيس.

[3]-يعتبر مبدأ الصلح او المصالحة  من التقاليد النافذة في تراثنا الديني والثقافي، لقوله تعالى في محكم كتابه ” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما”( سورة الحجرات الأية 9) كما كان رب القبيلة أو رب الأسرة  يلعب دور الوسيط في فض النزاعات العائلية و المالية والفلاحية التي تنشأ بين أفراد الأسرة والقبيلة. أنظر في ذلك، دراسة منشورة على موقع وزارة العدل والحريات المغربية  على شبكة الإنترنت بعنوان”  الصلح الجزري دراسة للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية الجنائية الجديد”  إعداد قسم الدراسات والتشريع، مديرية  الدراسات والتعاون والتحديث، وزارة العدل المغرب.

[4]-وتماشيا مع التوجه الذي تبناه القرار رقم 4/40 ⅓ الصادر عن الجمعية العام للأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر 1985، بشأن المبادئ الأساسية لتوفير  العدالة لضحايا الجريمة و استعمال السلطة، الذي نص في مادته السابعة على إعمال الآليات الغير الرسمية لحل النزاعات بما في ذلك الوساطة و التحكيم و الوسائل المعرفية لإقامة العدل، أو إستعمال الممارسات المحلية عند الاقتضاء لتسهيل استرضاء الضحايا وإنصافهم. “*محمد عبد النباوي، الصلح دور إنساني و إجتماعي جديد للنيابة العامة، عرض ألقي بندة الطرق البديلة لفض لتسوية المنازعات التي نظمت بتعاون مع وزارة العدل و شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق فاس و هيئة المحامين بفاس أبريل 2003.”

[5]-تنص المادة 286 على أنه “يمكن إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل الإثبات ، ما عدا في الأحوال التي يقضي القانون فيها  بخلاف ذلك، ويحكم القاضي حسب اقتناعه الصميم ويجب أن يتضمن المقرر ما يبرر اقتناع القاضي وفقا للبند 8 من المادة 365 الآتية بعده.

إذا ارتأت المحكمة أن الإثبات غير قائم صرحت بعدم إدانة المتهم وحكمت ببراءته.

[6]تنص المادة 290 على أن “المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات،

يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات .

[7]تنص المادة 222  من مجموعة القانون الجنائي على أن ” كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من اثني عشر إلى مائة وعشرين درهما.

[8]– للمزيد من التوسع في دور النيابة العامة في مسطرة الصلح أنظر: محمد الشامي ” دور النيابة العامة من خلال القانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، رسالة التدريب، فوج الملحقين القضائية 32،المعهد العالي للقضاء، 2004-2002،

[9]-وزارة العدل، “شرح قانون المسطرة الجنائية”، الجزء الأول، السلطات المختصة في التحري عن الجرائم، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوة والأيام الدراسية، مطبعة الفضيلة ،الطبعة الأولى، العدد 2، 2004. ص290.

 

[10]-التعديلات التي جاء  بها  مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 18.01 فيما يخص الصلح الجنائي :

-المادة 41: ” يعتبر الصلح ح بديلا عن الدعوى العمومية  إذا توفرت شروط إقامتها ، ولا يمس بقرينة

البراءة .

يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية  أن  يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح  الحاصل بينهما.

يمكن لوكيل الملك كذلك إذا بدت له مؤشرات كافية  إقامة الدعوى العمومية  و قبل تحريكها، أن يقترح الصلح على الطرفين ويسعى إلى تحقيقه بينهما أو يمهلهما لإجرائه.

كما يمكن أن يأذن  بذلك إلى وسيط أو أكثر  يقترحه الأطراف أو يختاره وكيل الملك.

يمكن كذلك أن يستعين  بالموظفين المكلفين بمهام المساعدة الاجتماعية .بخلايا التكافل بالنساء والأطفال  بالمحاكم إذا تعلق الأمر بقضايا النساء والأطفال.

-المادة 41-1 “لا يمكن سلوك مسطرة الصلح ح إلا إذا تعلق الأمر بجنحة  يعاقب عليها القانون بسنتين حبسا

أو أقل وبغرامة لا  يتجاوز حدها الأقصى مائة ألف درهم أو بإحدى القوبتين فقطَ، أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في الفصول 401 و404 (البند 1) 425 و 426 و 445 و 505 و 517 و 524 و 525 و 526 و 538  و 540 و 542 و 547 و 549 (الفقرتين الأخيرتين) و 571 من القانون الجنائي. و 316  من مدونة التجارة. او إذا نص القانون صراحة على ذلك بالنسبة لجرائم أخرى.

إذا وافق وكيل الملك و تراضى الطرفان  على الصلح ، يحرر وكيل الملك محضرا  بذلك بحضورهم  و حضور دفاعيهما ، ما لم يتنازلا أو يتنازل أحدهما عن ذلك،  ويتضمن هذا المحضر ما اتفق عليه الطرفان ويوقع إلى جانبهما وكيل الملك.

و يمكن أن يتضمن المحضر كذلك أداء المشتكى به  غرامة لا تتجاوزنصف الحد الأقصى  للغرامة المقررة قانونا للفعل بعد موافقة وكيل الملك.

إذ لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك، و تبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه،  أو في حالة عدم وجود مشتك، يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو بالمشتبه به صلحا يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله، وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك  محضراً يتضمن ما تم الاتفاق عليه، ويوقع وكيل الملك والمعني بالأمر على المحضر.

يتحقق وكيل الملك من تنفيذ  إتفاق الصلح.

توقف مسطرة الصلح في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها المشتكى به، او إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد سقطت بأحد أسباب السقوط.  تتوقف مدة تقادم الدعوى العمومية بكل إجراء من الإجراءات الرامية إلى  إجراء الصلح أو تنفيذ.