الطعن بالاستئناف في المادة الجنائية وبعض إشكالاته العملية

29 مايو 2020
الطعن بالاستئناف في المادة الجنائية وبعض إشكالاته العملية

الطعن بالاستئناف في المادة الجنائية

وبعض إشكالاته العملية

خاطب الخليفة عمر بن الخطاب أبو موسى الأشعري “رضي الله عنها” بمناسبة توليته القضاء، بقوله “لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك، فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فالحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل  .[1]

تُجسد هذه العبارة على قِدمها غاية مراجعة الأحكام القضائية[2]، ألا وهي إحقاق الحق والعدالة وإعادة الأمور إلى نصابها، لأن القضاء عمل بشري مجبول على الخطأ بالفطرة، نازع إلى المجاملة والمؤانسة وموسوم بالاختلاف تبعا لقدرات الفهم والإدراك للقضاة وأوجه الدفوع المتفاوتة المعروضة أمام القضاء[3]، لهذا فرضية مراجعة ما تم القضاء بها تبقى قائمة في بعض الحالات التي تستوجب ذلك، لكل هذا فإن التشريعات الوضعية مؤمنة بهذه الغاية ساعية إليها، باحثة عن أفضل سبل لتحقيقها، رغم الصعوبات التي تعترض طريقها، الناتجة عن التطور الذي عرفته النظم القانونية، والمفاهيم المستحدثة لدور القضاء في حماية حقوق وحريات أفراد المجتمع.

وفي إطار هذا التنظيم، عمدت التشريعات المسطرية  إلى تنويع طرق الطعن مراعية تدرج مراتب القضاة، واختلاف أنواع تجربتهم، وتباين أوضاع المتظلمين من أحكامهم، كما وضعت لكل طعن غاية محددة، وشروطا وقواعد وإجراءات بما يخدم غايته المرجوة، ويعاقب على كلِ خرقٍ أو إخلالٍ بها من جانب المتقاضين، حتى ولو أدى ذلك إلى المساس بفكرة العدالة في صورتها المثالية، كقواعد الآجال التي يؤدي انصرامها إلى سقوط حق الطعن وحجية الأمر المقضي به التي تمنع إعادة اللجوء إلى القضاء في أمر سبق الفصل فيه[4] .

وتشكل طرق الطعن في التشريعات الوضعية تلك المكنة التي يمكن لكل طرف في الدعوى  العمومية و المدنية على حد سواء أن يقدم طعنه حسب الأحوال سواء إلى المحكمة مصدرة المقرر أو للمحكمة الأعلى درجة[5]،وهي تنقسم إلى قسمين طرق عادية وغير عادية، فالأولى أي العادية فهي تمكن أطراف الخصومة من المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عن محاكم دنيا أمام محاكم أعلى درجة، أو بمراجعة المحاكم للأحكام التي سبق أن أصدرتها ضدهم في حالة تغيبه، فبالنسبة للأولى التي لا يكون فيها الطاعن ملزما حتى يقبل طعنه أن يدلي بسبب معين قانونا بل إن طعنه يتم بناءاً على أي سبب سواءً تعلق الأمر بالواقع أو بالقانون، فهي ترمي أساسا إلى إعادة مناقشة القضية من الناحيتين الشكلية والموضوعية لفض النزاع وإصدار حكم يقضي إما بالإدانة أو البراءة،أما طرق الطعن غير العادية فهي التي تتطلب إجراءات استثنائية ،ولا تقبل إلا إذا استند الطاعن في طعنه على سبب من الأسباب ، فهي التي لا يسمح فيها للطاعن اللجوء إليها إلا بإثارة وسائل خاصة محددة على سبيل الحصر في القانون.

إذا كانت الحقيقية القضائية مطلقة فهي كذلك فقط من الناحية القانونية، ومن نتيجة الآثار المترتبة عنها كاكتساب الأحكام قوة الشيء المقضي به، وكون الأحكام تعتبر عنوانا للحقيقة،ولا يعني ذلك أن ما وصل إليه الحكم هو الحقيقة الواقعية أو الحقيقة الحقيقية والتي  لا يعلمها إلا الله وبعض أطراف  الدعوى[6]. ولمحاولة للوصول للحقيقية القضائية الحقيقية تم تكريس التقاضي على درجتين الذي يعتبر من بين أهم الحقوق المخولة للأطراف لضمان حقوقهم وحماية حربتاهم عن طريق الطعن بالاستئناف.

فما هي الإشكالات التي يطرحها الاستئناف كطريقة من طرق الطعن العادية؟ سواء على في شقه المتعلق الاستئناف الأصلي المرتبط بالدعويين العمومية والمدنية معا، وكذا الإشكال المتعلق بالاستئناف الفرعي، وكذلك رصد أهم الإشكالات المتعلقة باستئناف أوامر قاضي التحقيق؟

هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عليها وفق التصميم التالي:

النقطة الأولى : المحددات العامة المتعلقة بالاستئناف

النقطة الثانية :بعض الإشكالات المتعلقة بالاستئناف الأصلي

النقطة الثالثة : الإشكالات المتعلقة  بالاستئناف الفرعي

النقطة الرابعة : الإشكالات لمتعلقة  باستئناف أوامر قاضي التحقيق

النقطة الأولى : المحددات العامة المتعلقة بالاستئناف

يعتبر الاستئناف مثله مثل التعرض طريق من طرق الطعن العادية، ويؤدي إلى مناقشة الدعوى من الناحيتين الموضوعية والقانونية، ومع ذلك يختلفان في أن التعرض يقدم إلى المحكمة المصدرة للحكم المتعرض عليه ولا مانع من أن يفصل فيها القاضي الذي أصدر الحكم الغيابي، بينما الاستئناف يقدم إلى محكمة أعلى درجة من المحكمة المصدرة للحكم المستأنف فهو يكرس نظام التقاضي على درجتين[7]

إن الإطار القانوني المنظم للطعن بالاستئناف حسب ما جاء به المشرع في ق م ج، هو على الشكل الآتي )المواد من 396 الى 415 ( من ق م ج بالنسبة للجنح و 457 من ق م ج بالنسبة للجنايات و 222 إلى 227 من ق م ج بالنسبة لأوامر قاضي التحقيق.والاستئناف كطريقة من الطرق العادية يؤدي إلى إعادة طرح القضية على المحكمة أعلى درجة من جديد لمناقشتها.

وسنتناول أحكام الاستئناف وأثاره.

أولاً : تعريف الاستئناف

الاستئناف هو تظلم مفترض من أخطاء القاضي المصدر للحكم المستأنف أمام قاضي أعلى درجة، فهو يؤدي إلى إعادة مناقشة الدعوى من جديد من الناحيتين الموضوعية والقانونية، ويشكل بحق ضمانة إضافية لحقوق المتقاضين وفي طليعتهم المتهم[8].

ثانيا : الأحكام القابلة للطعن بالاستئناف

-الأحكام الصادرة في الجنح سواء فصلت في الدعوى العمومية والدعوى المدنية التابعة معا أو في إحداهما.

-كل الأحكام التي تصدرها غرف الجنايات في الجنايات التي أصبحت قابلة للاستئناف أمام غرفة الجنايات الاستئنافية،التي تنظرها بتشكيلة يمتنع أن يكون أحد من أعضائها قد سبق له أن حكم أو حقق  في الحكم المستأنف.

-الأحكام الفاصلة في المخالفات إذا قضت بعقوبة سالبة للحرية، أما إذا صدرت بغرامة غير مقرونة بعقوبة سالبة للحرية، فإن هذا الحكم لا يمكن أن يطعن فيه إلا بالنقض.

-القرارات الباتة في الجوهر الصادرة عن غرف الجنايات )م 457 م ج(.

-مقررات الإفراج المؤقت )م 181 م ج(.

وفيما يتعلق بالأطراف الذين يحق لهم سلوك طريق الاستئناف تتمثل في :

المتهم و النيابة العامة

المطالب بالحق المدني

المسئول عن الحقوق المدنية

النائب القانوني عن الحدث المحكوم

الإدارات التي يسمح لها القانون بإقامة الدعوى العمومية،

ثالثا : شكل الطعن بالاستئناف:

يقدم الاستئناف بتصريح إلى كتابة الضبط بالمحكمة التي أصدرت الحكم أو إلى كتابة الضبط – بمحكمة الاستئناف.أما إذا كان المحكوم عليه معتقلاً أثناء أجل الاستئناف فإنه يقدم تصريحه بمكتب الضبط بالسجن – حيث يقيد حالاً في السجل المعد لذلك ليتولى رئيس السجن نقله داخل الأربع وعشرين ساعة إلى مكتب الضبط بالمحكمة المصدرة للحكم المستأنف.

رابعا : أجل الطعن بالاستئناف:

عشرة أيام تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم بالنسبة للنيابة العامة ولمن صدر الحكم حضوريا إزاءه.

عشرة أيام تبتدئ من تاريخ التبليغ بالنسبة لمن صدر إزاءه حكم بمثابة حضوري أو غيابي.

الأجل الخاص بالوكيل العام للملك هو ستون يوما تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم.

الأجل الخاص بمقررات الإفراج المؤقت هو اليوم الموالي لصدورها.

الأجل الإضافي إذا استأنف فريق من المترافعين داخل الأجل المنصوص عليه وهو عشرة أيام يمنح  لآخرون ممن لهم الحق في الاستئناف أجلاً إضافيا مدته خمسة أيام لتقديم استئنافهم باستثناء الوكيل العام للملك )المادة 400 ق م ج[9].

آثار الاستئناف:

الأثر الموقف للتنفيذ:

الاستئناف وأجله موقفان للتنفيذ ما لم يكن الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل، ما عدا الأجل الخاص بالوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف.

الأثر الناقل:

ينقل الاستئناف النزاع من المحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف، ويشمل النقل كل عناصر الدعوى الواقعية منها والقانونية، إذ تنتقل كل الاختصاصات إلى مستشاريها والاستئناف لا ينقل إلا ما يملكه المستأنف من صلاحيات في الدعوى.

استئناف النيابة العامة لا ينقل إلى محكمة الاستئناف إلا الدعوى العمومية وحدها. –

استئناف المطالب بالحق المدني وكذا المسئول عن الحقوق المدنية لا ينقل إلا الجانب الخاص -بمصالحهما المدنية.  أما المتهم فهو طرف أصيل في الدعويين العمومية والمدنية، ولذلك يملك نقلهما معا إلى محكمة

النقطة الثانية :بعض الإشكالات المتعلقة بالاستئناف الأصلي

من المسلم به أن محكمة الاستئناف  هي درجة ثانية من درجات التقاضي وأن طلب الاستئناف ينقل إليها ملف النازلة بجميع عناصرها الواقعية و القانونية، بحيث تعيد محكمة الاستئناف مناقشة القضية من جديد وتمكن جميع أطراف الدعوى من إثارة جميع الدفوع حتى الجديد منها باعتبار أن محكمة الاستئناف هي محكمة موضوع وللأطراف أن يثيروا ما شأوا  أمامها من دفوع حتى التي  لم يسبق إثارتها أمام محكمة الدرجة الأولى

الأثر الواقف  لطلب  الاستئناف

القاعدة العامة أن الأحكام الزجرية لا يمكن تنفيذها إلا بعد صيرورتها باتة في مقتضيات الدعوى العمومية ونهائية في المقتضيات المدنية (المادتان 597 و 598 من قانون المسطرة الجنائية)، وهو الأمر الذي وقع تكريسه في المادة 398 التي أشارت إلى أن آجال الاستئناف، وسريان إجراءات الدعوى أمام محكمة الاستئناف يوقف الحكم المطعون فيه.

وبالتالي فإن المبدأ أو القاعدة هي أن الأحكام الزجرية لا يمكن تنفيذها إلا إذا كانت نهائية، حيث أن آجال الاستئناف وسريان إجراءات الدعوى يوقف الحكم المطعون فيه إلا في الحالات الاستثنائية التالية:

حالة صدور حكم قاضي ببراءة المتهم المعتقل أو بإعفائه أو بحبس موقوف التنفيذ، أو بغرامة فقط، أو بسقوط الدعوى العمومية، أو قضائه العقوبة الحبسية المحكوم بها، أو مُنح السراح المؤقت فيفرج عنه رغم أي طعن (المادة 404 من قانون المسطرة الجنائية)؛

حالة الأمر بإيداع المتهم بالسجن أو بإلقاء القبض عليه (المادة 392 من قانون المسطرة الجنائية)؛

يوقف تنفيذ الحكم أثناء سريان أجل الاستئناف وأثناء سريان المسطرة في مرحلة الاستئناف المادة 398 من ق.م.ج وهذا يعني  أن التنفيذ مرتبط بحيازة القرار لقوة الشيء المقضي به عملا بأحكام المادة 608 من قانون المسطرة الجنائية.

لكن الإشكال المطروح هو حينما يكون المتهم في حالة سراح، وتأمر المحكمة بإلقاء القبض عليه بالجلسة والأمر بإيداعه في السجن طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 431 من ق.م.ج، وينفذ الأمر الصادر ضده رغم كل طعن مما يطرح إشكال مع الفصل 398 الذي يوجب إيقاف تنفيذ الحكم أثناء سريان أجل الاستئناف وأثناء سريان المسطرة أمام محكمة الاستئناف

ولا ينتهي الأثر الواقف للقرار إلا بعد انتهاء أجل الاستئناف في حين أن المادة 431 التي جاء فيها على أن تنفيذ الأمر بإلقاء القبض ينفذ رغم كل طعن، بالتالي فأي من المادتين يجب تطبيقها ؟ وهل القرار بإلقاء القبض على المتهم بالجلسة يعتبر بمثابة بداية تنفيذ الحكم ويطلب إيقاف التنفيذ؟

لماذا ننفذ مقتضيات المادة 431 ونترك المادة 398 الذي يوقف تنفيذ الحكم أثناء سريان أجل الاستئناف؟ فإذا كان لابد من تطبيق مقتضيات المادة 431 فإنه بتعين طلب استئناف القرار مع طلب إيقاف تنفيذه ورفع حالة الاعتقال أمام الغرف الجنائية الاستئنافية طبقا للفقرة الثانية من أحكام المادة 457، ويبقى لهذا الغرفة أن تقرر ما هو مناسبا في موضوع طلب  إيقاف  التنفيذ ورفع حالة الاعتقال باعتبار أن الحكم بشأن الإفراج المؤقت حق يضمنه القانون وأن الحكم بشأنه هو حكم مستقل عن الحكم البات في الموضوع، إذ يمكن الطعن فيه عن طريق الاستئناف منفصلا عن الحكم البات في  الموضوع وليس من شأنه أن يؤثر على ما سيقضى له من إدانة أو براءة [10].

وفيما يخض الأثر الناقل للاستئناف فإنه يثير إشكال بالنسبة لطلب الاستئناف الناقل،و هو التقرير المكتوب الذي تقدمه النيابة العامة إلى المحكمة وتؤكده بالجلسة، هل هذا التقرير يقوم مقام التصريح بالاستئناف؟ وعلى الخصوص بأن بعض المحاكم تعتبره كذلك رغم عدم وجود صك الاستئناف؟ للجواب على هذا الإشكال فإنه لا يحق للنيابة العامة في أن تطلب تعديل الحكم المستأنف إذا لم تدل بصك الاستئناف داخل الآجل القانوني شأنها في ذلك شأن باقي الأطراف بدليل أن صك الاستئناف لا يمكن تعويضه بأي إجراء آخر كالملتمس الكتابي المهيأ من طرف النيابة العامة، وأن محكمة الاستئناف بناء على  ذلك لا حق لها في تعديل القرار المستأنف .[11]

إن القرارات الصادرة عن غرفة الجنايات الباتة في الجوهر أي بحكم نهائي ينهي الدعوى العمومية المعروضة على المحكمة فتقرر في شأنها إما البراءة أو الإدانة، ويبت كذلك في الدعوى المدنية إذا كان من بين أطرافها مطالب بالحق  المدني فإما أن تحكم  له بالتعويض في حالة الإدانة، وأما بعدم الاختصاص في حالة البراءة ويبقى لهذا الأخير اللجوء إلى القضاء  المختص قبل انصرام أجل التقادم حسب الأحوال للمطالبة بحقوقه إن كان لها موضوع وتبت الجنايات الاستئنافية التي لا يكون أحد أعضائها سبق أن قام بأي إجراء من إجراءات المتابعة أو التحقيق في  القضية أو شارك فيه تحت طائلة البطلان 417 ويستثنى من تلك القرارات التمهيدية والقرارات الصادرة في نزاع عارض، أو الدفوع المثارة التي لا يمكن استئنافها إلا بعد صدور قرار في  الجوهر، وكذا القرارات الصادرة في  مسألة الاختصاص ما لم يكن الأمر متعلقا بعدم الاختصاص النوعي وكان الدفع به قد أثير قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر 401 الإشكالية القانونية المطروحة بشأن هذه المادة  التي تتعارض مع مقتضيات المادة 418 التي  تنص على أن غرفة الجنايات تبت بصفة ابتدائية ولا يمكن لها أن تصرح بعدم الاختصاص ما عدا في  القضايا التي فيه إلى محكمة متخصصة رغم عدم الدفع بعدم الاختصاص قبل كل دفع أو دفاع وفق ما ينص على ذلك المادة 401 [12].

في الأخير أقر المشرع في قانون المسطرة الجنائية مبدأ عام ضمن المادتين 409 و410، حيث جاء في الفقرة الثانية من 409 “…إذا قدم الاستئناف من المتهم وحده فلا يمكن لمحكمة الاستئناف إلا تأييد الحكم أو إلغاؤه لفائدة المستأنف… وجاء في الفقرة الثانية من الفصل 410 بخصوص استئناف الطرف المدني أو المسئول عن الحقوق المدنية أنه لا يخول هذا الاستئناف للمحكمة إلا تأييد الحكم أو تعديله أو إلغاؤه لفائدة المستأنف.[13]

فهل هذا القاعدة تقتصر على الاستثناء أم أن الأمر خلاف ذلك يمكن أن يشمل التعرض النقض وقد صادفت قرار للمجلس الأعلى سابقا محكمة النقض.[14]

النقطة الثالثة : الإشكالات المتعلقة  بالاستئناف الفرعي

الاستئناف الفرعي هو حق خوله القانون للمستأنف عليه حتى ولو كان طرفا مدنيا ،يحيث يعمل بموجبه على الرد على الاستئناف الذي تقدم به خصمه،فقد يقبل أحد الأطراف بمنطوق الحكم لربح الوقت ولتفادي مصاريف التقاضي أمام محكمة الدرجة الثانية، ومن ثم يعدل على ممارسة حقه في الطعن،غير أنه إذا ارتأى أنه في جميع الأحوال سيكون ملزما بمواجهة استئناف خصمه وحضور جلسات الاستئناف بوصفه مستأنفا عليه سواء في الدعوى العمومية أو المدنية[15]، فإنه يفضل أن يحضر هو الأخر بوصف مستأنفا،حيث سيعمل هو الأخر على الحصول على فائدة أكبر من تلك التي حصل عليها في  المرحلة الابتدائية، كما أنه سيكتسب الصفة لممارسة حق الطعن بالنقض عند الاقتضاء[16].

لم  يحدد المشرع قي المادة 400 تاريخ سريان أجال 5أيام المتعلقة بالاستئناف الفرعي، غير أنها تتحدث عن إضافة 5أيم للمستأنف عليه، ويكمن أن نتسأل عن مععنى إضافة 5 أيام وهن الوقت الذي يبدأ فيه احتساب هذا الأجل الاضافي للمارسة الاستئناف  الفرعي.

ذهب البعض إلى اعتبار أجل الاستئناف الفرعي يبدأ بمجرد طعن أحد الأطراف بالاستئناف الأصلي، بل تعني أنها تضاف ابتداء من انتهاء الأجل الأصلي، وبالتالي فإن  الأجل الإضافي لا يبدأ إلا من انتهاء أجل عشرة أيام كاملة المقررة للطعن بالاستئناف وهكذا فإن أجل الاستئناف  الفرعي هو 5 أيام كاملة زائد 10 أيام المتعلقة بالاستئناف الأصلي، وعليه يمكن أن نفترض أن أجل التبليغ هو 2 أبريل 2020 فإن احتساب  الأجل يبدأ من يوم 3 أبريل ويكون تاريخ 12 أبريل هو اليوم العاشر وهو لا يحتسب ،وبالتالي يكون أخر تاريخ يمكن الطعن فيه هو 13 أبرسل 2020 ، وبعد انتهاء 13 يناير يبدأ أجل 5 أيام الإضافية المقررة للاستئناف الفرعي  وهي الأخرى أجال كاملة بحيث لا يحتسب يوم 14 أبريل، وتبدأ 5 أيام من 15 إلى 19 علما أن يوم 19 أبريل لا يحتسب لكونه أخير يوم ونخلص في الأخير  أن أخر يوم للممارسة الاستئناف  الفرعي هو تاريخ 20 أبريل.[17]

النقطة الرابعة : الإشكالات المتعلقة  باستئناف أوامر قاصي  التحقيق

يعتبر الطعن بالاستئناف أمام الغرفة الجنحية في الأوامر التي باشرها قاضي التحقيق وسيلة لبسط الرقابة القضائية على أعمال هذا الأخير أو لإصلاح الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها، وكيفما كانت هذه الرقابة، قضائية أم إدارية أم مجرد علاقة إشراف وتكامل، فهدفها واحد يتمثل في تأكيد وحماية الطابع المشروع لأوامر و إجراءات التحقيق الإعدادي ومدى ملاءمتها للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في مختلف مواد قانون المسطرة الجنائية

فالطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق يمكن أن يقدم من طرف النيابة العامة أو المتهم أو الطرف المدني وذلك كالتالي:

نص المشرع في المادة 222 للنيابة العامة الحق في استئناف كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق، باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة، في صيغة تصريح يقدم إلى كتابة الضبط في اليوم الموالي لإشعاره بصدور الأمر. ويبقى المتهم معتقلا إلى حين البت في هذا الاستئناف، أو مرور اجل الاستئناف ما لم توافق النيابة العامة على الإفراج عنه في الحال. وقد كانت المادتان 204 و205 تميزان بين وكيل الملك وبين الوكيل العام في اجل الاستئناف وفي آثره كذلك بالنسبة لقرارات الإفراج المؤقت.

أما في المادة فإن المشرع 223 فلم يعط المشرع للمتهم إلا الحق في استئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد الواردة على سبيل الحصر في المادة المذكورة[18]. واجل استئنافه هو ثلاثة أيام الموالية ليوم التبليغ، في شكل تصريح لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها مقر قاضي التحقيق[19].

أما الطرف المدني  فيحق له الطعن بالاستئناف في  الأوامر الصادر بعدم إجراء تحقيق وبعدم المتابعة،والأوامر التي تمس بمصالحه المدنية، وكذلك الأمر الذي بت في شان الاختصاص  إما تلقائيا أو بناء على دفع الأطراف بعدم الاختصاص. وذلك داخل اجل ثلاثة أيام الموالية لتبليغه بالأمر في موطنه الحقيقي أو المختار ووفق الشكليات السابقة.

بالنسبة للجنح والجنايات فان صدور قرار قاضي التحقيق القاضي بعدم الاختصاص يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال وإحالة الملف على المحكمة المختصة رغم الاستئناف. وما يزكي التفسير السالف الذكر كون المشرع نص في الفصل 200 ق م ج وتحديدا في الفقرة الثانية ويبقى الأمر الصادر بإلقاء القبض على المتهم أو إيداعه في السجن ساري المفعول إلى أن تبت في أمره الغرفة الجنحية مما يفيد كون استئناف قرار قاضي التحقيق يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عنها بالحبس، كما ان المشرع لم يأت بمثل هذه الفقرة في إطار القرار القاضي بعدم المتابعة مما يجعلنا نؤيد للاتجاه القائل بوجوب الإفراج عن المتهم رغم استئناف النيابة العامة.

أولا بالنسبة لقرار قاضي التحقيق القاضي بعدم المتابعة.

يحق للنيابة العامة من حيث المبدأ أن تستأنف كل الأوامر ذات الطبيعة القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق بصريح المادة 222 ق.م.ج[20] الذي يقضي بأنه يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق، باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة  حسب المادة 192 ق.م.ج. نفس الأمر يصح في حالة إجراء خبرة تكميلية أو مضادة.

كما ينص المشرع في   المادة 196 من  قانون  المسطرة  الجنائية ”  إذا  رأى قاضي التحقيق ان الأفعال ليست لها صفة جناية أو جنحة، أو مخالفة أو انه ليست هناك دلائل كافية ضد المتهم أو ان المجرم ظل مجهولا فيصدر امراً بعدم المتابعة ويفرج عن المتهمين المتعلقين احتياطا [21].

ويلاحظ ان حصر المشرع المغربي في أسباب صدور القرار القاضي بعدم المتابعة عن قاضي  التحقيق حالة عدم التعرف على المجرم مسالة غير منطقية لان المتابعة من عدمها  تتم  في  مواجهة شخص معروف الهوية على خلاف البحث الذي يمكن أن يتم ضد مجهول ومن ثم فهذه الحالة تدخل في نطاق  قرار الحفظ الذي يصدره قاضي التحقيق وقد أحسن المشرع المصري حينما تفادى هذا الإشكال.ويثار إشكال حول الأجل الممنوح لاستئناف قرار الإفراج المؤقت من طرف النيابة العامة هل هو أجل كامل أم لا ؟ وجوابا عن هذا الإشكال يمكن القول بأنه إذا كانت الآراء الفقهية تضاربت بهذا الخصوص فإن المجلس الأعلى وضع حدا لهذه الخلافات حينما أصدر قرار قضى فيه بأن “أحكام الأجل الكامل لا تسري على أحكام استئناف قرار الإفراج المؤقت لأن الاستئناف يجب أن يقع في اليوم الموالي له وبذلك يكون المشرع قد حدد ظرفا زمنيا محصورا لا يمكن أن تضاف إليه فترة أخرى”.[22]

ثانيا : استئناف الأمر الصادر بعدم المتابعة

الأمر بعدم المتابعة الصادر عن قاضي التحقيق في حق المتهم بعد انتهائه من التحقيق في القضية هو عبارة عن أمر بواسطته يقرر انعدام الفائدة من عرض النازلة على المحكمة. ويستوي أن يكون التحقيق قد تم بمعرفة قاضي التحقيق نفسه، أو بمعرفة ضابط الشرطة القضائية بناءا على انتداب منه. ويتخذ قاضي التحقيق هذا الأمر عندما يجد بأن الأفعال المنسوبة إلى الشخص ليست لها صفة جرمية أو لها هذه الصفة لكن الأدلة غير كافية أو أن المجرم بقي مجهولا، على اعتبار أنه لا يجوز أن تحال القضية على المحكمة مع بقاء مرتكبها غير معروف.

وكذلك الأمر بعدم المتابعة يمكن أن يكون كليا كما يمكن أن يكون جزئيا يتعلق ببعض الجرائم دون الأخرى، وقد يكون في متابعة بعض المتهمين دون البعض الآخر حسب المادة219 ق.م.ج.

ويترتب مبدئيا، على صدور الأمر بعدم المتابعة، أنه لا يمكن متابعة المتهم من جديد من أجل نفس الأفعال مع العلم أنه يجوز إعادة التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة وذلك طبقا للمادة 220 ق.م.ج وبناءا على ملتمس النيابة العامة، الأمر الذي ينص عليه المشرع في عليه المادة 231 ق.م.ج.

إلا أن الأمر بعدم المتابعة هو أمر قابل للاستئناف بالطعن أمام الغرفة الجنحية من طرف النيابة العامة،  والمطالب بالحق المدني، وهو وسيلة لتجنب الأخطاء وما يترتب عنها من مخاطر، فالطعن بالاستئناف وسيلة لبسط الرقابة على سلامة الإجراءات التي باشرها قاضي التحقيق، وهو فرصة لتدارك الأخطاء المحتملة الوقوع. أما المتهم، فلا يحق له استئناف هذا الأمر سوى في شقه القاضي بالنشر، وكذلك الشق المتعلق برد الأشياء المحجوزة  طبقا للمادة 223 ق.

وفي قرار آخر ذهبت نفس الغرفة إلى تأييد الأمر الصادر عن قاضي التحقيق بعدم متابعة المتهم بعلة أن قاضي التحقيق صادف الصواب في معالجته للقضية المعروضة عليه وأن الجهة المستأنفة –النيابة العامة- لم تدلي بأي جديد في النازلة يستلزم إلغاء الأمر بعدم المتابعة.[23]

ونافلة القول يرمي تعدد درجات التقاضي إلى تقوية ضمانة احترام حق الإنسان في اللجوء إلى القضاء وتحقيق المساواة.

ولا شك أن مسطرة الطعن تهدف إلى معرفة قرار الهيئة القضائية الأعلى درجة حول معنى القانون وتطبيقه وتأويله بشكل سليم ومنسجم مع مبادئ حقوق الإنسان، ولا جدال في كون هذا الطعن يرمي إلى تنوير محاكم الموضوع وتحسين اجتهادها، وإلى توحيد التأويل والتطبيق على المستوى الوطني لتحقيق المساواة أمام القضاء.وتهدف طرق الطعن  بالاستئناف إلى حماية الحقوق والحريات من خلال تطبيق مجموعة من القواعد والتي تتمثل في التقاضي على درجتين

[1] -إبراهيم ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ، المطبعة العامرية الشرفية مصر، – 1301 هجرية ،ص:56.

[2] -عبد العلي العبودي، أشغال الندوة تخليداً لذكرى الأربعين لتأسيس المجلس الأعلى، عمل المجلس الأعلى والتحولات الاقتصادية -والاجتماعية، 1413 /ه/ 1999 م، مطبعة ومكتبة الأمنية ، الرباط ، 1999 ،ص: 31

[3] -عبد العزيز حضري، استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي، الجزء الأول حق الاستئناف الأولى، مطبعة الأمنية الرباط9 200، الطبعة الأولى ص:3

[4]  عبد العزيز حضري، الجزء الأول ، م.س، ص:4

[5]  يعبر المشرع في الفقرة الأخير من المادة 364 من قانون المسطرة الجنائية يقصد بمصطلح مقرر في مفهوم هذا القانون كل حكم أو قرار أو أمر صادر عن هيئة قضائية؛

[6] – الحسين بوعيسي، الاستئناف الفرعي في المادة الجنائية ،مجلة القصر العدد 14،ص27.

[7]  – وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، منشورات جمعية نشر المعاومة الفانونية والقضائية

سلسلة الشروح والدلائل العدد7 الطبعة الخامسة شوال 1427هـ/2006م، الصفحة: 279.

[8] أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، المغرب، مكتبة المعارف، – 1991 ص 265

[9] المادة – 400 من ق م ج ” يحدد أجل الاستئناف في عشرة أيام تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم، إذا صدر بعد مناقشات حضورية في الجلسة بحضور الطرف أو من يمثله أو إذا وقع إشعار أحدهما بيوم النطق به .

يسري هذا الأجل من يوم التبليغ للشخص نفسه أو في موطنه :

أ( إذا لم يكن الطرف حاضرا أو ممثلا بالجلسة التي صدر فيها الحكم بعد مناقشات حضورية ولم يسبق إشعاره شخصيا هو أو من يمثله بيوم النطق به؛

ب( إذا كان الحكم بمثابة حضوري حسب مقتضيات الفقرات 2 و 4 و 7 من المادة 314 أعلاه؛

ج( إذا صدر الحكم غيابيا حسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 314 أعلاه .

غير أنه إذا استأنف أحد الأطراف داخل الأجل المحدد فلغيره من الأطراف ممن لهم حق الاستئناف، باستثناء الوكيل العام للملك، أجل إضافي مدته خمسة أيام لتقديم استئنافهم

[10] قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 305 بتاريخ 25/12/63 مجلة القضاء و القانون عدد 65.67 ص:282.

[11]  – المعطي الأيوبي، استئناف قرارات غرفة الجنايات،، ص:48

[12]  – المعطي الأيوبي،استئناف قرارات غرفة الجنايات،، ص:50 ومايلها

[13]  نص المشرع المصري في المادة 43 من قانون النقض والتي جاء فيها أنه إذا كان نقض الحكم حاصلا على بناء على طلب أحد الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار أحد بطعنه.

[14]  –  وحيث إن المحكمة مصدرة القرار كان عليها إما أن تؤيد الحكم الغيابي المتعرض عليه أو تلغيه لفائدة المتعرض  عليه أو تلغيه لفائدة المتعرض وأنها برفعها للغرامة دونما بيان الأساس المعتمد مع أن من المسلم به قانونا أنه لا يضار أحد بتعرضه أو استئنافه لم تجعل لما قضت به أساسا سليما من القانون مما يجعله معرضا للنقض.قرار عدد 7885 بتاريخ 27/09/1990.

[15]  – رشيد مشقاقة،هل يجوز الاستئناف الفرعي في الدعوى المدنية التابعة، الإشعاع الحادي العشر 1999 ،ص:65،66.

[16] – محمد عبد الشافي اسماعيل ، الاستئناف الفرعي في المواد الجنائية-دراسة مقارنة الطبعة الأولى 1998،ص:11

 

 

 

[17]  – نص المشرع في المادة 750 من قانون المسطرة الجنائية “جميع الآجال المنصوص عليها في هذا القانون آجال كاملة لا تشمل اليوم الأول ولا اليوم الأخير، وتستثنى من ذلك الآجال التي تكون محددة بعدد الساعات.

إذا كان اليوم الأخير للأجل يوم عطلة امتد الاجل إلى أول يوم عمل بعده.

تعتبر أيام عطل جميع الأيام المصرح بأنها كذلك بمقتضى نص خاص

بالتالي فأجل الخمسة أيام هي أيام كاملة لا تشمل اليوم الأول ولا اليوم الأخير

[18]  جاي في الفقرة الاولى من المادة 223″ يحق للمتهم أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد94 و152 و176 و177 و179 و194 (الفقرة الأخيرة ) و208 و216 (الفقرات 2 و3 و6 و7).

[19]  * وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، منشورات جمعية نشر المعاومة الفانونية والقضائية

سلسلة الشروح والدلائل العدد7 الطبعة الخامسة شوال 1427هـ/2006م، الصفحة: 143.

[20]  – وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، منشورات جمعية نشر المعاومة الفانونية والقضائية

سلسلة الشروح والدلائل العدد7 الطبعة الخامسة شوال 1427هـ/2006م، الصفحة: 162.

 

[21]  – محمد الهيني، استئناف أوامر قاضي التحقيق،منشور في موقع https://www.bibliotdroit.com/2017/09/blog-post_34.html تم الاطلاع عليها يوم20/05/2020 على الساعة الرابعة بعد لبزوال.

[22] -قرار عدد 4934 صادر بتاريخ 24 / 15 / 1904 في الملف عدد 23120 ، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 137 ، ص242.

[23]  – قرار عدد 1140 صادر بتاريخ 17 / 11 / 2110 عن الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بطنجة في الملف عدد أشار له محمد أزراف الطعن بالاستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق أمام الغرف الجنحية. مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية،ص113.

1171 -10/2110

.